عرض مشاركة واحدة
قديم 27-12-11, 09:13 PM   رقم المشاركة : 3
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


الوجه الرابع :

قوله صلى الله عليه وسلم ( إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض

فأقضي بنحو مماأسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلايأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار ) رواه الجماعة من حديث أم سلمة رضي الله عنها

فإن الخصمين إذا أدلى كل واحد بحجته وكان أحدهما أفصح وأغلب في ظاهر كلامه قضي له بحسب ظاهر كلامه وسلط على مايدعيه على خصمه

ولكن هذا القضاء والتسليط وإن كان من قبل الحاكم لايبيح له أخذ مايدعيه إذا كان يعلم انه لاحق له فيه .

وفي هذه الآية والحديث دليل على انه لايجوز للشعب ان يستبيح مال الغير بحجة أن الحكومة أباحته له

بل يجب عليه أن ينكر هذا الحكم

وأن يراقب الله تعالى وأن يكون أمر الله وشرعه أعظم في قلبه من كل أمر ومن كل تشريع وقانون

وليعلم أنه إذا عظم أمر الله وقام في وجه من خالفه طلباً لمرضاة الله ونصرة دينه

فإن الله سوف ينصره ويظهره على خصمه ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) ( الحج: 40)

( وماالنصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم ) ( الأنفال: 10)


الوجه الخامس :

أن النظام الاشتراكي يتضمن مضادة الله في قدره وقضائه وحكمته

فإن الله قضى بحكمته ورحمته أن يقسم الرزق بين الناس وأن يميز بينهم ويرفع بعضهم فوق بعض درجات لحكم وأسرار عظيمة :


منها : تسخير بعضهم لبعض بحيث يعمل كل منهم بمايلائم حاله هذا بالتجارة وهذا بالصناعة وهذا بالحرفة وهذا بالجيش إلى غير ذلك من المصالح المختلفة التي لاتقوم القيام التام إلا باختلاف طبقات الناس .


ومنها :أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالغنى فيقوم بالشكر والفقير يعرف قدر ابتلاء الله له بالفقر فيقوم بالصبر .


ومنها : التفكر في هذا التفاضل الحاصل في الدنيا بين الناس في الغنى فيعتبر الإنسان البصير من هذا التفاضل والتفاوت إلى التفاضل و التفاوت في الآخرة فيلتفت إليها ويزداد طلباً لها كما قال الله تعالى ( أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاًَ )


ومنها : بيان مقتضيات الربوبية التامة وأن الرب سبحانه بيده أزمة الأمور ومقاليد السماوات والأرض ( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شئ عليم )


ومنها : قيام العبادات التي لاتكون إلا بين غني وفقير كالزكاة والصدقات والكفارات والنفقات ونحوها .



ومنها : انتظام الخلق وجريانه على سنة واحدة فإن الله سبحانه بحكمته أجرى التفاوت بين خلقه في الذوات والصفات والبقاء والعدم فانظر إلى الدارين الأولى والأخرى تجد التفاوت العظيم بينهما وانظر إلى ما في هذه الدنيا من العالم العلوي والسفلي تجد التفاوت بين أجناسه وأنواعه وأفراده


وانظر إلى بني آدم تجد التفاوت بينهم في الدين والعقل والأخلاق والعلوم والآجال فقدر الله بينهم كذلك في الأرزاق قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم )


( رواه أحمد في المسند رقم 3672) .


فهذه من الحكم التي رتبها الله على تفاوت الناس وتفاضلهم في الرزق


فجاء دعاة الاشتراكية ومذيبوا الطبقات فضادوا الله في قضائه وحكمته وقالوا : نحن نرى أن هذا جور وظلم وتصرف لايصلح به العباد


وإنما العدل والحق هو إذابة الطبقات وتسوية الناس في الفقر والذلة

وأبطلوا الحكم التي تترتب على تفضيل الناس بعضهم على بعض في الرزق والله المستعان .