عرض مشاركة واحدة
قديم 21-11-13, 07:15 PM   رقم المشاركة : 2
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road


الوقفات



الوقفة الأولى: الموقِف من العُلماء والدُّعاة الربانيِّين



العلماء الرَّبانيُّون ورَثةُ الأنبياء، وهم مصابيح الهُدى في دياجيرالدُّجى، بهم يُرشَد الضالُّ، ويُهدَى الحيران، رفَعهم الله بالعِلم، وزيَّنهم بالحِلْم، وهم الذين أمَر الله بردِّ المتنازَع فيه من الأحكام إليهم، ومع ذلك فهُم غيرُ معصومين؛ فقد يُخطئ الواحد منهم، والاثنان، والثلاثة، وأكثر، وفي هذه الحالة لا نَقبل منهم خطأهم ولا نتَّبعهم فيه، لكن أن تجتمعَ كلمتُهم، أو جمهورهم في مسألةٍ ما - وقد تكون من النَّوازل - ثمَّ لا يُكترَثَ لها، ويظلَّ فِئامٌ من الناس لا يُلقوا لها بالًا، ولا يستمعوا إليهم، ويصرُّوا على التعصُّب لأقوال مَن يُوافق مراداتهم، مع تخوينٍ ظاهرٍ لعامَّة أهل العلم؛ فهذا عينُ الحِزبيَّة التي لا نرضاها لشباب هذه الأمَّة. ورأيُ جمهور أهل العلم الصَّادقين النَّاصحين في نازلةٍ من النوازل، لا شكَّ أنَّه الأقربُ للصَّواب، أمَّا اللَّهْث وراء الفتاوى الحماسيَّة العاطفيَّة - والتي تفتقِد إلى كثيرٍ من العِلم والفِقه بالواقع، ومراعاةِ مآلات الأمور، والحِلم والأناة - فهو من الجَهل والتعصُّب الذي ابتُليت به الأمَّة قديمًا وحديثًا.



وممَّا يؤدِّي إلى مِثل هذا الاحتقان والنفرة من مشايخ العِلم والحِكمة - والتي ينبغي أن يقِف عندها الشباب وقفةَ إنصافٍ - ما يُردِّدُه بعض المهتمِّين بالجهاد من أنَّ هؤلاء المشايخَ يسعَون لإسقاط رموز الجهاد، ويُسفِّهونهم، ويحقِّرون خِطابهم، وأنَّهم يَسعَون لإسقاط الجهاد نفْسه، وهذا لعمرُ الله افتراءٌ على المشايخ، والأصل: أنَّ العلماء والدُّعاة الربانيِّين يُعظِّمون الجهاد، ويَحفظون لأهله قدْرَهم، لكن ليس معنى ذلك أن يسكُتوا عن غلوٍّ أو أخطاءٍ في اجتهاداتِ بعض المجاهدين؛ فالله قد عاتَب خيرَ هذه الأمَّة - صحابةَ رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم ورضِي عنهم وأرضاهم - وهُم في ساحة المعركة،



فقال: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:152]،



كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: (نزلتْ فينا يومَ أُحُد)؛ فمِن الخطأ أن يُعدَّ الحديث عن أخطاء المجاهدين وغلوِّ بعضِهم إسقاطًا لرموز الجهاد، لكن بعض مَن يردِّد ذلك للأسف ينظُر إلى الجهاد نظرةً حزبيَّةً ضيِّقة، فالجهاد عنده هو جهادُ فصيلٍ بعينه، ورموزُ الجهاد هم فلانٌ وفلان؛ فمَن حذَّر من هذا الفصيل أو أخطاءِ بعضِ رموزه، فقد أسقط الجهادَ كلَّه، حتَّى لو دعم الفصائل الأخرى، بل لو شارَك فيها بنفْسه! وهذا من تحجيمِ الجهاد وتقزيمه في فصيلٍ بعينه، وساحاتُ الجهاد لا تتحمَّل مِثلَ هذه الحزبيات؛



{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]،



والعجيبُ أنَّك تجد بعضهم إذا أيَّد أحدُ العلماء أو طلابُ العلم الكبار حركةً جهاديَّةً صادقةً غير حركتهم، أو أثنى عليها، اتَّهموه بالحزبيَّة!










من مواضيعي في المنتدى
»» { فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صراطًا سَوِيًّا }
»» الدولة الصفوية قديمًا و حديثًا
»» مقالات شرك العبادة - فضيلة الشيخ لطف الله خوجه
»» بدائع الفوائد من تفسير سورة يوسف عليه السلام
»» العلاقة بين الصوفية والشيعة