عرض مشاركة واحدة
قديم 17-03-13, 11:47 AM   رقم المشاركة : 1
سلالة الصحابه ...
عضو ذهبي







سلالة الصحابه ... غير متصل

سلالة الصحابه ... is on a distinguished road


المرأة بين الشيعة والمجوس (2)

المرأة بين الشيعة والمجوس

إن تحقير النساء وسوء الظن بهن، وكونهن منبع الشر والفساد، يُعدّ من السمات المميزة للعادات الفارسية القديمة.

وكان على المرأة الانتحار إذا شك زوجها في خيانتها، وحصل على برهان على عدم إخلاصها. وظل هذا الأمر سارياً حتى عصر الساسانيين، حيث عمدوا إلى سجن المرأة أولاً، ثم مطالبتها بالانتحار إذا تكرر فعلها.

وشدّدت النصوص الزرادشتية على الحذر من النساء، ومراقبتهن، والحزم في التعامل معهن، وعدم الثقة برأيهن، أو الركون إليهن.

ويرى الكهنة الزرادشتيون المرأة أنها مخلوق نجس، ولا يثقون بها البتّة، وينظرون إليها بعين الشك، كونها أكثر موافقة للشيطان على غوايته، بل إنهم جعلوا للرجل الإله (ميثرا) ــ إله الشمس والحياة ــ ليرعى مصالحه، بينما للمرأة الإله (سباندارماد) مسئول عنها.

وسنعرض فيما يلي؛ بعضاً مما ورد عند الشيعة الجعفرية من رواياتٍ، ونقارنها بما ورد في التعاليم المجوسية الزرادشتية.

فقد جاء في «الكافي» في باب «ما يستحب من تزويج النساء عند بلوغهن وتحصينهن بالأزواج»، عن أبي عبدالله جعفر الصادق أنه قال: «إن الله عز وجل لم يترك شيئاً مما يحتاج إليه، إلّا علّمه نبيه صلى الله عليه وآله، فكان من تعليمه إياه أنه صعد المنبر ذات يوم، فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: أيها الناس؛ إن جبريل أتاني عن اللطيف الخبير، فقال: إن الأبكار بمنزلة الثمر على الشجر، إذا أدرك ثمره فلم يجتنى، أفسدته الشمس ونثرته الرياح، وكذلك الأبكار إذا أدركن ما يدرك النساء، فليس لهن دواء إلا البعولة، وإلا لم يؤمن عليهن الفساد، لأنهن بشر. قال: فقام إليه رجل، فقال: يا رسول الله؛ فمن نزوّج؟ فقال: الأكفاء. فقال: يا رسول الله؛ ومن الأكفاء؟ فقال: المؤمنون بعضهم أكفاء بعض»[«الكافي» حديث (٩٥١٥) ، «تهذيب الأحكام» (1588)].

وعن ابن جمهور، عن أبيه، قال:قال أمير المؤمنين في بعض كلامه: «إن السباع همها بطونها، وإن النساء همهن الرجال»[«الكافي» حديث (٩٥١٨)].

فانظر كيف يجعلون الجنس كل همّ المرأة، وتفكيرها.

ويشهد له أيضاً؛ ما روي عن أبي عبدالله أنه قال: «إن الله خلق حواء من آدم، فهمّة النساء الرجال، فحصّنوهن في البيوت»[المصدر السابق حديث (٩٥١٦)].

فالتحصين في البيوت ــ بحسب الرواية ــ إنما هو لأجل حبس المرأة عن شهواتها.

وروي عنه أيضاً أنه قال: «قال أمير المؤمنين: «خلق الرجال من الأرض، وإنما همّهم في الأرض، وخلقت المرأة من الرجال، وإنما همّها في الرجال. احبسوا نساءكم يا معاشر الرجال»[المصدر السابق حديث (٩٥١٩)].

وعن أبي عبدالله، قال: قال رسول الله: «لا تنزلوا النساء بالغرف، ولا تعلّموهن الكتابة، وعلّموهن المغزل، وسورة النور»[المصدر السابق حديث (١٠٢٢٣)].

وعنه أيضاً أنه قال: «من سعادة المرء؛ أن لا تطمث ابنته في بيته»[المصدر السابق حديث (٩٥١٤)].

بل وصل بهم الأمر؛ أن منعوا عنهن سورة يوسف، بدعوى أنها مما تثير الشهوة عندهن، فقد ورد في «الكافي» عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم ــ رفعه ــ أنه قال: «قال أمير المؤمنين: لا تعلّموا نساءكم سورة يوسف، ولا تقرؤوهن إياها، فإن فيها الفتن، وعلّموهن سورة النور، فإن فيها المواعظ»[المصدر السابق حديث (١٠٢٢٤)].

وقال ابن بابويه القمي في«الخصال»: «ولا يجوز لهن نزول الغرف، ولا تعلم الكتابة، ويستحب لهن تعلم المغزل، وسورة النور، ويكره لهن تعلّم سورة يوسف»[«الخصال» (ص 586)].

وهذا أمر عجيب، أن يخشى الرجال على نسائهم من قراءة سورة يوسف، وهو كلام الله العلي الخبير، والقرآن كله نورٌ وهدى إلا عند هؤلاء، فيخشون على نسائهم مما يعتقدون أنه مثيرٌ لهن ومفسد.

وورد في الكافي، باب «فضل شهوة النساء على شهوة الرجال»، ما روي عن الأصبغ بن نباتة أنه قال: «قال أمير المؤمنين: خلق الله الشهوة عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء في النساء، وجزءاً واحدا في الرجال، ولولا ما جعل الله فيهن من الحياء على قدر أجزاء الشهوة، لكان لكل رجل تسع نسوة متعلقات به»[«الكافي» حديث(٩٥٢٣)].

وما ذكره أيضاً عن إسحاق بن عمار، أنه قال: «قال أبوعبدالله: إن الله جعل للمرأة صبر عشرة رجال، فإذا هاجت كانت لها قوة شهوة عشرة رجال»[المصدر السابق حديث (٩٥٢٣)].

وعن أبي بصير، قال: «سمعت أبا عبدالله يقول: فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين من اللذة، ولكن الله ألقى عليهن الحياء»[المصدر السابق حديث (٩٥٢٦)].

وعن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبدالله قال: «إن الله جعل للمرأة أن تصبر صبر عشرة رجال، فإذا حصلت زادها قوة عشرة رجال»[المصدر السابق حديث (٩٥٢٧)].

وعن الحارث الأعور قال: «قال أمير المؤمنين: لا تحملوا الفروج على السروج، فتهيجوهن للفجور»[المصدر السابق (١٠٢٢٦) ، «من لا يحضره الفقيه» (٣/٤٦٩)].

وذكر ابن بابويه القمّي عن أبي عبدالله أنه قال: «إنما النساء عي وعورة، فاستروا العورة بالبيوت، واستروا العي بالسكوت»[«من لا يحضره الفقيه» حديث (٤٣٧٢)].

فانظر كيف عظّموا من شهوة المرأة، وجعلوا تفكيرها أبداً في الرجال، وهمها في إشباع شهواتها، وأساؤوا الظن بها، وكأنها نار تتأجج للشهوة، لا يطفيها إلا الجماع.

وهذه الروايات؛ تفيد النظرة السلبية التي يحملها المذهب الشيعي الجعفري عن النساء، من سوء ظن، وريبة، واعتقاد أنها منبع كبير للشهوة، لا تكاد تصبر عنها.

فنحن لا نرى في هذه النصوص ــ القذرة ــ إلّا تحفيزاً للزنا، وإثارة لشهوات المعتقدين بصحتها من أتباعهم، وتحذيراً للرجل من المرأة، وسوء نواياه، وعواقب أفعالها، وبالتالي عدم الوثوق بهن، ولا الركون إليهن.

ونحن لا نجد مثيلاً لهذه التعاليم في كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا حتى في تراث العرب وعاداتهم، إلّا أننا نجد مثيلاً لها في التعاليم الزرادشتية، والتقاليد الخاصة للفرس والمجوس، التي كانت دوماً تنظر إلى المرأة بعين الشك.

وتروي قصة الإسراء والمعراج عن القديس فيراز، كما ورد في كتاب فيراز الصالح ــ وهو يعد أحد أكثر الأدبيات الزرادشتية انتشاراً ــ قصة زيارة الكاهن فيراز للعالم العلوي، ورؤيته للمعذبين في جهنم، فيسأل الملك عن أسباب تعذيب كل منهم، فيجيبه.

فسأل فيراز عن امرأة تُعذّب، فقال له الملك: «هذه روح الآثمة؛ التي كانت جشعة شبقية، فنامت مع الغرباء، ومارست الدعارة».

وقال عن امرأة أخرى: «هذه روح الآثمة؛ التي تجاهلت في حياتها الدنيا زوجها وسيدها، وكانت سيئة التربية والأدب، وكانت تتزين، وتخرج مع الرجال الغرباء».

وقال عن أخرى: «هذه روح الآثمة؛ التي كانت متزوجة في الحياة الدنيا، ولكنها نامت مع رجال غرباء، وهي بفعلها هذا أساءت لزوجها، ودنّست فراشه».

وقال عن أخرى: «هذه روح الآثمة؛ التي حبلت ليس من زوجها، بل من رجل غريب آخر، وقالت:أنا لست بحامل، ومن ثم أجهضت».

وقال عن أخرى: «هذه روح الآثمة؛ التي كانت في حياتها الدنيوية زوجة رجل ذكي وذو أخلاق، لكنها نقضت العهد مع زوجها، ونامت مع رجل شرير وآثم».
وقال عن أخرى: «هذه روح الآثمة؛ التي فكرت في حياتها الدنيوية بالدعارة، والشعوذة».

وقال عن أخرى: «هذه روح الآثمة؛ التي حبلت في حياتها الدنيوية من رجل غريب، وقتلت وليدها».

وقال عن أخرى: «هذه روح الآثمة؛ التي تركت زوجها، وأعطت جسدها لرجل آخر، معتقدة أنها عاهرة».

وعن نساء أخريات: «هذه أرواح تلك الآثمات؛ اللواتي خالفن في حياتهن الدنيوية الواجبات الزوجية، وامتنعن عن معاشرتهم».

وعن رجل يُعذب، قال: «هذه روح السافل؛ الذي عاشر زوجات الآخرين، وأغراهن بتملقه، وفرّقهن عن أزواجهن الشرعيين».

وعن رجل آخر قال: «هذه روح السافل؛ الذي لاحق في حياته الدنيوية نساء متزوجات، غير زوجاته»[«أفستا»: آردا فيراز، (ص884 -903)].

وقد نصح زرادشت أتباعه بالامتناع عن معاشرة الزوجات الغريبات[«أفستا»: أحكام روح العقل ، (ص756)].

فانظر كيف سلّطت النصوص الضوء على المرأة، خصوصاً المتزوجة، ورذائل أفعالها، وشهواتها، وخيانتها لزوجها. وهذه هي النظرة العامة للمجوس في المرأة.

ويلاحظ في هذه النصوص، تكرار مصطلح الغريب، كقوله: «نامت مع رجال غرباء»، وقوله:«تخرج مع رجال غرباء»، وكأنه لا حرج أن تنام وتخرج مع رجل غير غريب، فمن هو الرجل الذي لا حرج على المرأة أن تخرج وتنام معه، خلافاً للزوج، ولا يعتبر غريباً؟
إنه زوج المتعة، فهو ليس زوجاً، إلّا أنه ليس برجل غريب. وهو يؤيد صحة ما ذكرناه ــ في الفصل السابق ــ عن نكاح المرأة لرجل آخر متعة بينما هي على ذمة رجل آخر، فحتى الديانة المجوسية لا تعتبر هذا الناكح متعة زوجاً ــ بالمعنى الديني ــ، وإن كانوا يعتبرونه زوجاً بالمعنى الشعبي التقليدي.

فتلك عيّنة من الروايات المجوسية، تكشف عن نظرة المجوس للمرأة، وترسّخ من اعتقاد الرجل بسوء نية المرأة، ووجوب الحذر منها، وطبع خيانتها، ومدى شبقها وتعطشها للجماع مع الرجال، وأنها لا تقدر على مقاومتهم.

ونجد هذه الروايات المجوسية، منسجمة مع ما مر معنا من روايات الشيعة الجعفرية، وتنسجم مع ما رواه النوري الطبرسي في «المستدرك» عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خان امرءاً في زوجته فليس منا، وعليه لعنة الله، ومن فجر بامرأة ذات بعل، انفجر من فروجهما واد من صديد مسيرة خمسمائة عام»[«مستدرك الوسائل» (14/331) حديث رقم (16859)].

وهذا العذاب الذي ذكره، مناسب تماماً لأنواع العذاب التي ذكرها فيراز في معراجه وتعرضت لهن النساء.

ولا بُد للمعتقد بالمجوسية، أن يحمل في قلبه هذا الشعور تجاه المرأة، ويترسّخ اعتقاده به، لا سيما أن نصوص دينه المقدسة، تزخر بالحديث عن شهوة المرأة، وخيانتها، ووجوب الحذر منها، وتعج بنصائح تحذّر فيها من المرأة، وتشدد على ضرورة مراقبتها.

ولقد جاء في قصة زيارة فيراز إلى العالم العلوي، أنه بعد الحساب، يذهب أناس إلى الجنة وأناس إلى النار، فتقول المرأة للرجل: «لقد عشنا معاً، فلماذا يقودونك الآن إلى الجنة، ويقودوني إلى النار؟ فيقول الرجل:«لأني استقبلت الأخيار، وعشت الحياة وفق الفكر الخيّر، والكلمة الخيّرة، والفعل الخيّر، آمنت بالآلهة، ونبذت الأبالسة.

أما أنتِ، فأوهنت الأخيار، ونبذت الآلهة، ومارست العبادة في معابد الأوثان، وآمنتِ بالفكر السيء، والكلمة السيئة، والفعل السيء، وساندت الإيمان بأهريمان، والأبالسة»[«أفستا»:آردا فيراز ناماك، (ص 895)].

ولعل هذه النظرة تجاه المرأة، تؤكد الدونية، والانحطاط التي كانت المرأة تعاني منه في الدين المجوسي الزرادشتي.

ونحن لا نجد مصدراً استقى منه شيوخ الشيعة الإيرانيين ــ كالكليني وابن بابويه القمي ــ رواياتهم التي أسلفنا ذكرها، خيراً من هذا المصدر، إذ لم يرد في كتاب الله، ولا في سُنّة نبيه صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأفكار، بل لم يرد عن العرب مطلقاً اعتقادهم بها لا من قبل البعثة، ولا من بعدها، مما يؤكد أن الروايات نبعت من بيئة مغايرة لبيئة العرب والإسلام، ولا بد أن تكون هي بيئة الفرس وبلاد فارس.

وروى الكليني عن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ في رسالته إلى الحسن ــ قوله: «إياك ومشاورة النساء، فإن رأيهن إلى الأفن، وعزمهن إلى الوهن، واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن، فإن شدة الحجاب خير لك ولهن من الارتياب، وليس خروجهن بأشد من دخول من لا تثق به عليهن، فإن استطعت أن لا يعرفن غيرك من الرجال فافعل»[«الكافي» حديث (٩٥٢٠)].

فانظر كيف وصل بهم الشك بالمرأة، لدرجة أنها قد توقع بكل رجل يدخل بيتها.


ونقل الحر العاملي عن الحسن الطبرسي في «مكارم الأخلاق»، وابن أبي الفتح الأربلي في «كشف الغمة»، نقلاً من كتاب «أخبار فاطمة» لابن بابويه، أن فاطمة قالت: «خيرٌ للنساء أن لا يرين الرجال، ولا يراهن الرجال»[«وسائل الشيعة» (14/172)، (14/43)]. وفي هذا الحديث ما فيه من سوء ظن بالنساء.

وذكر ابن بابويه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحرب، دعا نساءه فاستشارهن، ثم خالفهن[«من لا يحضره الفقيه» (٣/٤٦٩)].

وذكر أيضا أن أبا جعفر قال:«لا تشاوروهن في النجوى، ولا تطيعوهن في ذي قرابة»[المصدر السابق (٣/٤٦٩)].

فهذه الروايات الشيعية التي تنصح المؤمن بعدم مشاورة النساء، هي عينها النصائح الزرادشتية، التي تنصح الرجال بعدم طلب المشورة من المرأة، وتنصحه بوضع الطفل، والزوجة، والمواشي، تحت الإشراف والعناية والمراقبة[«أفستا»: أحكام روح العقل، (ص775)]، وأن المرأة، والطفل، والخادم، لا يجب أخذهم كمشاهدين[«أفستا»: أحكام روح العقل، (ص 780)].

كما أننا قد لاحظنا في ما سبق ذكره من رواياتهم، أنهم أجازوا التمتع بالكتابية، وبالمجوسية، وبالزانية، وبالبكر، إلا صنفاً واحداً من النساء، وهي المرأة العاهرة التي تمتهن الزنا، وذلك كما ورد في «الكافي»، عن محمد بن الفضيل، قال: «سألت أبا الحسن عن المرأة الحسناء الفاجرة، هل يجوز للرجل أن يتمتع منها يوماً أو أكثر؟ فقال: إذا كانت مشهورة بالزنا، فلا يتمتع منها، ولا ينكحها»[«الكافي» حديث رقم (9966)].

وروي عن ابن جرير أنه قال: «قلت لأبي عبدالله: إن عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور، أيحلّ أن أتزوجها متعة؟ قال: أرفَعَت راية؟ ــ يريد: هل تشيع أمر العهر والزنا وتمتهنه؟ ــ قلت: لا، لو رفعت راية لأخذها السلطان. قال: نعم، تزوجها متعة».

قال:ثم إنه أصغي إلى بعض مواليه، فأسر إليه شيئاً، قال: فدخل في قلبي من ذلك شيء. قال:فلقيت مولاه، فقلت له: أي شيء قال لك أبو عبدالله عليه السلام؟ قال: فقال لي: ليس هو شيء تكرهه.

فقلت:فأخبرني به. قال: فقال: إنما قال لي: ولو رفعت راية، ما كان عليه في تزويجها شيء، إنما يخرجها من الحرام إلى حلال»[«تهذيب الأحكام» (7/485) ، حديث رقم (1949)].

هذه الفكرة هي موجودة بعينها في الزرادشتية، فقد حذرت أتباعها من جماع الفاجرة العاهرة التي تكتسب من عهرها، وسكتت عما دون ذلك من النساء.

ونصح زرادشت أتباعه بعدم معاشرة الفاجرة المشهورة، وعدم الزواج من الداعرة صاحبة السمعة السيئة[«زند أفستا»: النصوص البهلوية: ارشادات حكيم (ص844)].

ونصح أتباعه كذلك، باختيار الزوجة الشريفة، صاحبة السمعة الطيبة [«زند أفستا»: أحكام روح العقل، (ص 756) ،(ص791)].

ومسألة السمعة، وما تلحقه بالرجل، أمر له شأنه الكبير في التقاليد المجوسية الزرادشتية، ونرى مثيلاً له في الروايات الشيعية التي تجيز معاشرة الداعرة، والتمتع بها، طالما أنها لا تشهّر بنفسها وتجهر بذلك، أي أن مناط الحكم في عدم الزواج بالزانية عندهم، اشتهار أمرها بالزنا، وليس مجرد زناها.

وروي في «الكافي» عن جابر بن عبدالله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بشرار نسائكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود، التي لا تورع من قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان معه إذا حضر، لا تسمع قوله، ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها بعلها، تمنعت منه كما تمنع الصعبة عن ركوبها، لا تقبل منه عذراً، ولا تغفرله ذنباً»[«الكافي» حديث رقم (9462)].

وروى حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «شرار نسائكم: المعقرة، الدنسة، اللجوجة، العاصية، الذليلة في قومها، العزيزة في نفسها، الحصان على زوجها، الهلوك على غيره»[المصدر السابق حديث (رقم 9463)].

فانظر كيف وصف المرأة الشريرة أنها تتمنّع منه، ولكنها تتبرّج في غيابه، وأنها تنفر منه، ولكنها هلوك على غيره.

ولعل لقائل أن يقول: لا بد أن مثل هذه المرأة أن تكون شريرة.

نقول: نعم، هي كذلك، إلّا أن هذه الوصف الذي وصفها به غريب، وغير مألوف. ولم يكن مألوفاً عن العرب، ولا معهوداً عن نسائهم.

ولكننا نجد لهذا الوصف مثيلاً في المجوسية، في قصة فيراز الذي زار أهل النار، فرأى امرأة، فسأل عنها، فقيل له: «هذه روح الآثمة؛ التي تجاهلت في حياتها الدنيا زوجها وسيدها، وكانت سيئة التربية والأدب، وكانت تتزين، وتخرج مع الرجال الغرباء»[«أفستا»: آردا فيراز ناماك (ص 894)].

ونلاحظ اشتراك النصين، في ذم المرأة التي تنفر من زوجها، بينما تتهالك على غيره.

فبينما لا نجد مثل هذا الأمر معروفاً عن العرب ولا معهوداً عن نسائهم، نجده مذكوراً بصراحة في النصوص المجوسية الزرادشتية ويعهده الفرس، كونهم تأثروا بالمعتقد المجوسي الزرادشتي، دهراً من الزمن، حتى غدا جزءاً من صميم عاداتهم وتراثهم.

وذكر الكليني في باب «كراهية تزويج الحمقاء، والمجنونة» ما رواه عن أبي عبدالله، أنه قال: «قال أمير المؤمنين: إياكم وتزويج الحمقاء، فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع»[«الكافي» حديث (9570)].

ومع غرابة هذا الخبر عن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ وابتعاده عن روح الإسلام، نجده منسجماً، ومتوافقاً مع التعاليم الزرادشتية، التي تنصح بعدم الزواج من المرأة الغبيّة، كما جاء في النصوص البهلوية الزرادشتية المقدسة مثلاً، عن إرشادات الحكيم، قوله: «اختر الزوجة الذكية، وإلّا فلا تختر، كي لا تلحق بك الحسرة والمصيبة»[«زند أفستا» النصوص البهلوية: ارشادات حكيم،(ص844)].

فنرى الحكيم يحذر أتباعه من معاشرة الحمقاء، التي لن يجن زوجها إلّا الحسرة والندامة.

وذكر الكليني عن علي بن أبي طالب، أنه قال: «إياكم ونكاح الزنج، فإنه خلق مشوه»[«الكافي» حديث (٩٥٦٢)].

وقوله: «لا تشتر من السودان، فإن كان لا بد، فمن النوبة».

وكذا ذكر في نفس الرواية: «لا تنكحوا من الأكراد، فإنهم جنس من الجن، كشف عنهم الغطاء».

وهم يؤمنون بهذا، ويذكرونه، فقد قال الطوسي في «النهاية»: «ولا ينبغي أن يخالط أحداً من الأكراد، ويتجنب مبايعتهم ومشاورتهم ومناكحتهم»[«النهاية في مجرد الفقه والفتاوى» (ص373)].

ونحن نجزم أن هذا مما لم يرد على لسان علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ ولا قال به أحد من المسلمين، ولا العرب قبل الإسلام، فضلاً عن عدم جواز الاعتقاد به، إلاّ أننا نجده موافقاً لنصوص الأفستا في الديانة الزرادشتية، حيث جاء فيها: «في فترة حكم أزدهاك، منحت امرأة صبية لإبليس، وشاب فتى لساحرة إبليسية، فرأوا بعضهم وجامعوا بعضهم، ومن جماعهم، ظهر الزنوج السود» [«زند أفستا»: خلق أسس الكون (فصل 23، ص 820)].

ولعل هذا ما ألهم الكليني على اختلاق أو نقل هذه الرواية عن نكاح الزنوج، باعتبارهم خلق مشوه.

وتحذير الأتباع من التزاوج مع الأكراد، هو عينه التحذير للمجوس من التناكح مع الأكراد، وحساسية الفرس تجاه الأكراد قديمة ومعلومة. ويُعتقد أن الأكراد هم أحفاد الميديين، الذين شاركوا الفرس في بناء أوّل امبراطورياتهم ــ الدولة الإخمينية ــ، وكانت لكل منهم السيادة على الآخر في زمن من الأزمان، حتى تمت السيادة والقهر للفرس، في عهد الساسانيين. والحساسية والكره متبادل بينهما حتى يومنا الحالي. ونص الكليني، إنما هو انعكاسٌ لذلك الواقع.

كان هذا بعضاً مما ذكرناه من روايات المذهب الشيعي عن النساء، ونظرته لهن.

فإن هذا ما يعلّمون أتباعهم عليه، حتى يقوّوا الداعي عندهم للجنس، ويشجّعوهم على المتعة بالنساء، إذ أن طلب مواقعة النساء أمر سهل ــ بعد كل ما عرف عنهن ــ ، فليس على الرجل إلّا الطلب، والمرأة ستجيب من فورها، وهكذا يحدّث الواحد منهم نفسه بالتمتع بما استطاع من النساء، فينتشر الزنا بينهم باسم المتعة، فينتفع شيوخهم من أعراض أتباعهم، ولعل هذا نهاية المبتغى عندهم.

ولا شك أن هذه النظرة قد أثّرت على المجتمع الشيعي، ونظرته للمرأة، ونستشهد هنا بأراء ثلاثة من الباحثين الأوربيين، الذين عاشوا في إيران، وأجروا دراسات عن الشعب الإيراني، أوّلهم الفرنسي (دي لوري) سنة (١٩٠٧م)، والثاني هو الرحالة والجغرافية (إيلا سايكس) سنة (١٩١٠م)، والثالث هي المؤرخة والباحثة البريطانية (ليدي شايل) سنة (١٨٥٦م).

فقد اتفق الثلاثة على المعاناة والإهمال التي تعاني منهما المرأة الإيرانية، والازدراء الذي تتعرض له من قبل الرجل، بشكل يفوق كل المجتمعات المحيطة بإيران، وأن خروج المرأة من البيت كان أمراً نادراً، وأنهم يزوّجون بناتهم عند البلوغ.

ويندر أن تبلغ الفتاة عندهم سن العشرين وهي في بيت أبيها. وقد ذكرنا من روايات الشيعة ما يفيد بكراهية خروج المرأة من بيتها، واستحباب تزويج الفتاة الصغيرة.

وقد لخّصت (ليدي شايل) في كتابها «لمحات من الحياة والعادات في فارس» حياة المرأة الإيرانية، ونظرة المجتمع لها، بقولها: «عندما تتكلم عن المرأة، فأنت لا تتكلم عن شيء، لأن المرأة في إيران لا أحد»[«لمحات في فارس» (ص٨٦)].

وقالت الرحّالة (سايكس): «كانت البنات في فارس تتزوج في سن الحادية عشر» [«فارس وشعبها» (ص201)].

وقالت:«لا يمكن اعتبار حياة المرأة الفارسية حياة سعيدة»[«فارس وشعبها» (ص208)].

ويقول الفرنسي دي لوري في كتابه «أمور بذيئة عن إيران»: «إن جميع الفرس يتعلمون من صغرهم، كيف يحتاط لنفسه من خيانة المرأة».

ويقول:«لا يحب الإيراني خروج امرأته من المنزل، ويفضّل أن تؤدي سائر واجباتها فيه، لأنه يشك فيها»[«أمور بذيئة عن إيران» ٩٨)].

وقد أخبر أن أحد الإيرانيين قال له: «لن أتزوج امرأة تقرأ وتكتب». فلما سأله عن السبب، قال له: «قراءة القصص وما تصفه من جمال، للشباب والفتيان الأبطال، ليس جيداً لسلامة البيت»[المصدر السابق (ص٩٣)].

وهو يقصد؛ أن من شأن قراءة هذه القصص، أن تفسد بين الرجل وزوجته، لأنها ستفكر في غيره، وتخونه.

ولا نجد أصدق من هذه التعابير، في موافقة الأخبار التي وردت في «الكافي» وغيره، عن المرأة والتحذير من قراءتها لسورة يوسف، ونسبوها إلى الإمام جعفر الصادق ــ رحمه الله ــ وهو بريء منها.

ولعل ما أوردناه منسجمٌ إلى حد كبير، مع ما ذكره المؤرخ هيرودوت عن الفرس القدماء، إذ قال: «يرى الفرس أن خطف النساء، قوة واقتداراً، عمل لا يأتيه إلا الأشرار، ولكن اشتغال الإنسان بالثأر لهن إذا اختطفن، من أعمال الحمقى. أما إهمالهن إذا اختطفن، فمن أعمال الحكماء؛ فغير خافٍ أنهن لو لم يكن راغبات، لما اختطفن»[«قصة الحضارة» (2/440)].

فهذه نظرة السوء للمرأة، والشك بها، كما رأيناها ظاهرة من خلال رواياتهم، فهم يشكّون في مسئلة خطفها، وأنها ما كانت إلّا راغبة في ذلك، مما يدل أن روايات الشيعة لم تُنقل عن أهل البيت كما يزعمون، بل استمدوها من طبائع الشعب الفارسي.

قال الإيراني مهدي ملكزاده، في كتابه «تاريخ انقلاب مشروطيت ايران»: «ودواماً كان ينظر إلى المرأة بعين التحقير، كما أنها لم تشارك على الإطلاق في الحياة الإجتماعية، وقد حرمت من الحقوق العامة، وعدمت الرعاية، والمساواة، كما أغفلت في مجال التربية والتعليم»[«تاريخ انقلاب مشروطيت ايران» (١/١٠٢)].

ويبدو هذا الأمر جليّاً، واضحاً عند الشعراء الفرس، فنرى الفردوسي، أحد أعظم شعرائهم على مر العصور ــ وهو الذي كتب قصيدة (الشاهنامة)، أعظم ملاحمهم التاريخية ــ يقول في أبياتٍ له:

مدحك للمرأة كمدحك للكلب
فالكلب أفضل من مائة امرأة زاهدة
فالمكان الأفضل للمرأة هو باطن الأرض كالأفعى
والعالم سيكون أفضل إذا كان خالياً من هذين النجسين
اعلم أن السعد حليف من لا بنت له
فمن له بنت فاعلم أن نجم حظه قد أفل حظه حتى إذا كان ملك.

والفردوسي قيل عنه أنه شيعي إمامي بالرغم من أن قصيدته تشير إلى مجوسيته، ولم يدل عليه ما يشير إلى إسلامه.

وكذلك قال الشاعر ناصر خسرو ــ وهو اسماعيلي المذهب ــ :

قدر ما استطعت اعتبر النساء كالأموات
وقدر ما استطعت اعتبرهن غير موجودات.

وقال الشاعر فخر الدين الجورجاني:

يضيّعن العالمين لأجل متعة وفي وقت اللذة تغيب عقولهن
وفاء النساء كذيل الحمار لن يطول مهما مشى
ويلاحظ مدى النفور الشديد، والتحقير الذي يحمله الشعراء الثلاثة للنساء، ومدى إساءة الظن بها.

وفي المقابل، انعكست هذه النظرة بشكل واضح، في الحركة الشعرية النسائية الايرانية الحديثة، فتقول الشاعرة الإيرانية بدري تندري [«من قضايا الشعر الفارسي الحديث» (ص 207)]:

وإذا كان بنو آدم أعضاء جنس واحد
فلم يتفاخر الرجال بتحقيرهم للنساء

وقالت الشاعرة الإيرانية توران بهرامي [المصدر السابق، (ص 209)]:

ولكنكِ يا من ربيتِ الرجال لم تجدي ممن ربيت إلا الإذلال
لقد ربيته وأصبح شيطانك وسرعان ما حوّلكِ أسيرة داركِ

وقالت الشاعرة الإيرانية ماهرخ في قصيدة «إيذاء الرجال»[المصدر السابق، (ص 318)]:

واحسرتاه على هذه المرأة المسكينة، التي تكون في إسار الرجال
إنها تعاني من الآلام والمحن، وهذه هي أفعال الرجال
ليت الحرب تشتعل بين النساء والرجال
وليكن النصر في هذا العراك للنساء على الرجال
المرأة آية للطف الحق فكيف تزج بها
أيها الرجل في الشباك والأسر
ولكن هكذا جُبل الرجال على الخداع
وطبعت أرواحهم على الشر
ما حقيقة الرجل؟ إنه بنيان ضخم من المكر والخداع
لذا قد أصابنا العناء والإهمال، على أيدي هؤلاء الأنذال
الحذر الحذر من تصرف أولئك المفعمين بالأنانية والجهل
فلا يجول في خواطرهم غير الهوى والشهوة
فالحذر الحذر يا مليحات الوجوه، من خداع الرجال
بل ليكن شعاركن بعد كل هذا، إيذاء الرجال

ولعل ما مضى من الأبيات، يرسم بوضوح هوية المرأة الإيرانية ، وسخطها من الإهمال والإزدراء التي تعاني منه.

وقالت بروين اعتصامي[المصدر السابق، (ص 218)]:

كأن المرأة في إيران قبل هذا، لم تكن إيرانية إذ لم يكن لها من نصيب، سوى سوء الحظ والاضطراب لقد كانت حياتها، وكذا مماتها، تتمان في ركن من العزلة، فماذا كانت المرأة في تلك الايام، إن لم تكن أسيرة سجينة، ما أكثر من ارتدوا ثياب الحراسة والرعاية ولكنهم كانوا جميعاً ذئاباً مفترسة، وليسوا حراساً

ونرى كيف اتفقت الشاعرات على وصف الرجل بالغش والخداع، وأن لا همّ له إلّا إطفاء شهوته، وأنه يدّعي أنه حارس، بينما هو في الحقيقة مجرد ذئب.

وكل هذا من نتائج نظرة المذهب الشيعي الجعفري للمرأة، كما ذكرنا ذلك من رواياتهم.

بين الشيعة والمجوس (النكاح في فارس القديمة):
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=160987






التوقيع :
قال ابن القيم -رحمه الله-:
احترزْ مِنْ عدُوَّينِ هلكَ بهمَا أكثَر الخَلق:
صادّ عن سبيلِ الله بشبهاتهِ وزخرفِ قولِه، ومفتُون بدنيَاه ورئاستِه .
من مواضيعي في المنتدى
»» المذهَب السني بَاطل [فرضيَّة]
»» استشهاد أسد بريدة عبدالله الدخيل رحمه الله / الرقة
»» استدراك على الإمام الألباني في تصحيحه لحديث الثقلين
»» يا إماميه هل تملكون روايه صحيحة عن المعصومين تجيز و تأمر بالبناء على القبور ؟
»» التبيان في مسألة أطيط عرش الرحمن