عرض مشاركة واحدة
قديم 28-11-13, 10:42 AM   رقم المشاركة : 3
أبو فراس السليماني
عضو ماسي








أبو فراس السليماني غير متصل

أبو فراس السليماني is on a distinguished road



ثالثا :

الحديث الذي ذكره السائل الكريم حديث ضعيف ،

لا يصح بوجه من الوجوه ،

ولم يرد من طريق صحيحة ذكر شيء من مراتب الولاية عند الصوفية .

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في "المنار المنيف" (136) :

" أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد
كلها باطلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

وأقرب ما فيها
( لا تسبوا أهل الشام ؛ فإن فيهم البدلاء ،
كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا آخر )
ذكره أحمد ، ولا يصح أيضا ، فإنه منقطع " انتهى .

( وانظر تفصيل الأحاديث المروية في ذلك وبيان نكارتها
في "المقالات القصار" لأبي محمد الألفي (69-81) )


وقد سئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :

عن الحديث المروى فى الأبدال ، هل هو صحيح أم مقطوع ،

وهل الأبدال مخصوصون بالشام
أم حيث تكون شعائر الاسلام قائمة بالكتاب والسنة يكون بها الأبدال ، بالشام وغيره من الأقاليم ،

وهل صحيح أن الولى يكون قاعدا فى جماعة ويغيب جسده ،

وما قول السادة العلماء فى هذه الأسماء
التى تسمى بها أقوام من المنسوبين إلى الدين والفضيلة ،

ويقولون هذا غوث الأغواث ، وهذا قطب الأقطاب ،
وهذا قطب العالم ،
وهذا القطب الكبير ، وهذا خاتم الأولياء ؟


فأجاب رحمه الله :

" أما الاسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة ، مثل الغوث الذي بمكة ،

والأوتاد الأربعة ، والأقطاب السبعة ، والأبدال الأربعين ، والنجباء الثلاثمائة ،

فهذه أسماء ليست موجودة فى كتاب الله تعالى ،

ولا هي أيضا مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح

ولا ضعيف يحمل عليه ،

إلا لفظ الأبدال ،

فقد روي فيهم حديث شامى منقطع الإسناد عن على بن أبى طالب رضي الله عنه

مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :

( إن فيهم - يعني أهل الشام - الأبدال الأربعين رجلا ،
كلما مات رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلا ) ،

ولا توجد هذه الأسماء فى كلام السلف كما هي على هذا الترتيب ،

ولا هي مأثورة على هذا الترتيب والمعانى عن المشائخ المقبولين عند الأمة قبولا عاما ،
وإنما توجد على هذه الصورة عن بعض المتوسطين من المشائخ ،

وقد قالها إما آثرا لها عن غيره ، أو ذاكرا ،

فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله ،

فهو غياث المستغيثين ،

فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره ،

ولا بملك مقرب ، ولا نبى مرسل ،


ومن زعم أن أهل الأرض يرفعون حوائجهم التي يطلبون بها كشف الضر عنهم ونزول الرحمة

إلى الثلاثمائة ، والثلاثمائة إلى السبعين ،

والسبعون إلى الأربعين ، والأربعون إلى السبعة ،

والسبعة إلى الأربعة ، والأربعة إلى الغوث ،

فهو كاذب ضال مشرك ،

فقد كان المشركون كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله :

( وإذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون إلا إياه )

وقال سبحانه وتعالى :

( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه )

فكيف يكون المؤمنون يرفعون إليه حوائجهم بعده بوسائط من الحُجَّاب

وهو القائل تعالى :

( وإذا سألك عبادي عني

فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان

فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي

لعلهم يرشدون ) ،


وقد علم المسلمون كلهم
أنه لم يكن عامة المسلمين ولا مشايخهم المعروفون

يرفعون إلى الله حوائجهم ،

لا ظاهرا ولا باطنا ، بهذه الوسائط والحجاب ،

فتعالى الله عن تشبيهه بالمخلوقين من الملوك

وسائر ما يقوله الظالمون علوا كبيرا ،


وهذا من جنس دعوى الرافضة أنه لا بد فى كل زمان من إمام معصوم

يكون حجة الله على المكلفين ، لا يتم الإيمان إلا به ،

بل هذا الترتيب والأعداد تشبه من بعض الوجوه ترتيب الإسماعيلية والنصيرية ونحوهم

فى السابق والتالي والناطق والأساس والجسد

وغير ذلك من الترتيب الذى ما نزل الله به من سلطان .


وأما الأوتاد فقد يوجد فى كلام البعض أنه يقول :

فلان من الأوتاد ، يعني بذلك أن الله تعالى يثبت به الإيمان والدين فى قلوب من يهديهم الله به ،
كما يثبت الأرض بأوتادها ،

وهذا المعنى ثابت لكل من كان بهذه الصفة من العلماء ،

فكل من حصل به تثبيت العلم والإيمان في جمهور الناس كان بمنزلة الأوتاد العظيمة والجبال الكبيرة ،

ومن كان بدونه كان بحسبه ،

وليس ذلك محصورا فى أربعة ولا أقل ولا أكثر ،

بل جعل هؤلاء أربعة مضاهاة بقول المنجمين فى أوتاد الأرض .

واما القطب فيوجد أيضا فى كلامهم :

( فلان من الأقطاب ) ، أو ( فلان قطب )

فكل من دار عليه أمر من أمور الدين أو الدنيا باطنا أو ظاهرا

فهو قطب ذلك الأمر ومداره ،

ولا اختصاص لهذا المعنى بسبعة ولا أقل ولا أكثر ،

لكن الممدوح من ذلك من كان مدارا لصلاح الدنيا والدين ،

دون مجرد صلاح الدنيا ، فهذا هو القطب فى عرفهم .


وكذلك لفظ البدل ، جاء فى كلام كثير منهم .


فأما الحديث المرفوع فالأشبه أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ،

فإن الإيمان كان بالحجاز وباليمن قبل فتوح الشام ،

وكانت الشام والعراق دار كفر ،

ثم لما كان فى خلافة علي رضي الله عنه ،

قد ثبت عنه عليه السلام أنه قال :

( تمرق مارقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق ) ،

فكان علي وأصحابه أولى بالحق ممن قاتلهم من أهل الشام ،

ومعلوم أن الذين كانوا مع علي رضي الله عنه من الصحابة ،

مثل : عمار بن ياسر ، وسهل بن حنيف ونحوهما ،

كانوا أفضل من الذين كانوا مع معاوية ،

فكيف يعتقد مع هذا أن الأبدال جميعهم ،

الذين هم أفضل الخلق ، كانوا في أهل الشام ، هذا باطل قطعا ،

وإن كان قد ورد فى الشام وأهله فضائل معروفة ،

فقد جعل الله لكل شىء قدرا ،

والكلام يجب أن يكون بالعلم والقسط .


والذين تكلموا باسم ( البدل ) فسروه بمعان ، منها :

أنهم أبدال الأنبياء ،

ومنها : أنه كلما مات منهم رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلا ،

ومنها : أنهم أبدلوا السيئات من أخلاقهم وأعمالهم وعقائدهم بحسنات ،

وهذه الصفات كلها لا تختص بأربعين ، ولا بأقل ولا بأكثر ،

ولا تحصر بأهل بقعة من الأرض "


انتهى باختصار من مجموع فتاوى ابن تيمية
(11/433-444)







من مواضيعي في المنتدى
»» وجوب شكر الله تعالى - فضيلة الشيخ أ. د. صالح بن عبد العزيز سِندي
»» تعريف موجز بــ Sufism
»» ذم الغناء وشطحات الصوفية / قصيدة للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى
»» شروط الدعاء وموانع الإجابة
»» معرفة المأمور به والمحذور في زيارة القبور