!
!
!
دفاع حسن نصر الله عن إيران
جمال سلطان
(المصريون) : بتاريخ 22 - 5 - 2009
خطب حسن نصر الله أمين عام تنظيم حزب الله اللبناني قبل يومين خطبة عصماء دافع فيها بحرارة شديدة عن إيران ، وتحدث طويلا عن أن بعض العرب مع الصهاينة والأمريكان يريدون أن يوجدوا عدوا وهميا بديلا لإسرائيل يسمونه إيران أو المشروع الفارسي أو الغزو الشيعي ، وطالب بالتصدي لهذا المشروع ،
خطبة حسن نصر الله هي بنصها وهيكلها نفس الخطاب التقليدي الذي تقرأه لكاتب ديني في القاهرة أو صحيفة تقول أنها "عروبية" ، فهم يؤدون دورهم بأمانة في ترويج خطاب حزب الله وإيران في المنطقة العربية وتسويق "الخديعة" ، ويدهشك أن يستمر هؤلاء في دفاعهم غير المجيد عن تلك القضية والفرضية بصورة أسبوعية ، ولا يكاد يخلو مقال لهؤلاء دون وضع "رؤية" حسن نصر الله هذه في تلافيف الموضوع ، وكأنها وظيفة مدفوعة الأجر ، ولا بد من إبراء الذمة فيها ،
نصر الله في خطابه لم يجد شيئا يبرر احتفاله الكبير بإيران وطاعة زعمائها وتقبيل أياديهم سوى أن قال بأن الخميني أعلن عن يوم القدس في الجمعة الأخيرة من رمضان ، وهذا كلام مضحك ، لكن الأهم من كونه مضحكا أن حسن نصر الله هرب من ذكر "الإنجاز" الأكثر أهمية للخميني ، وهو تأسيس جيش القدس ، الذي ضلل العالم العربي بأن هذا الجيش هو الذي سيحرر القدس ويطهر المسجد الأقصى ، وجيش القدس هذا الذي أعلنه في نفس الخطبة أصبح جنوده الآن من أصحاب المعاشات وبعضهم جاوز الستين والسبعين من عمره دون أن تتاح له فرصة تحرير القدس أو أن يطلقوا طلقة بارود واحدة باتجاه الكيان الصهيوني ، وبقية هذا الجيش قام بغزو العراق في الحقيقة وليس فلسطين ، وشارك في عملية تطهير أحياء بغداد من السنة وليس في تطهير بيت المقدس من اليهود ،
نصر الله تجاهل الحديث عن جيش القدس ، لأنه يعرف أن قصته فضيحة تكشف الدجل والاستخفاف بعقول المسلمين ، واستخدام لعبة فلسطين والقدس لتمرير مشروعات طائفية صريحة في المنطقة ، حسن نصر الله يعرف جيدا ، كما يعرف موظفوه في القاهرة وغيرها ، أن الغالبية العظمى من الحركات والتيارات والقيادات الإسلامية السنية التي تتصدى للمشروع الإيراني الطائفي وذيوله التي يمثل حزب الله أحد أبرز نماذجها هم أيضا أهم أعداء المشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة ، ولكنه يرواغ ويستخدم موقف بعض النظم السياسية الصديقة للأمريكيين والقلقة من الطموح الإيراني والتحرشات المتوالية لها في المنطقة ، يستخدمهم لتمرير تضليله للرأي العام العربي والإسلامي بحديثه عن مؤامرة استبدال عدو مكان عدو ،
بالمقابل يتجاهل نصر الله الشراكة الإيرانية مع المشروع الأمريكي في العراق وفي أفغانستان ، إنك تذهل عندما تستمع لنصر الله يتحدث ثلاث ساعات كاملة دون أن يذكر فيها كلمة واحدة عن أفغانستان ، رغم أنها تقاوم المشروع الأمريكي ، ولكن لأنها أيضا تقاوم الشريك الاستراتيجي للأمريكيين وهم الإيرانيون ، لذلك صمت صمت الحملان عن أفغانستان ويتجاهلها تماما في خطاباته وكأنها سيرلانكا مثلا ، وليست دولة إسلامية ملاصقة لإيران وشعب مسلم يقاوم ببسالة ، طبعا نصر الله مثل خامنئي ومثل بوش ومثل أوباما يكره المقاومة الإسلامية الجسورة في أفغانستان ويعاديها ، ليس لأنها تقاوم الأمريكان ، ولكن لأنها مقاومة سنية رافضة للمشروع الشيعي والتمدد الإيراني ،
يخطئ كثيرا حسن نصر الله إذا تصور أنه بذكائه ودهائه ويده السخية مع بعض الكتاب والمثقفين سينجح في غسيل مخ العرب والمسلمين تجاه مشروعه الطائفي ، خاصة وأن تنامي التناقضات والفضائح الإيرانية وفضائحه هو في لبنان ـ وآخرها تمجيده علنا بجريمة اجيتاح قواته لبيروت الغربية وحرق وتدمير المؤسسات الإعلامية المخالفة له وقتل الأبرياء واعتباره ذلك يوما مجيدا للمقاومة!! ـ أقول ، تسارع هذه التناقضات والفضائح لن يتيح له النجاح في مشروعه ، ولعله أكثر قلقا الآن بعد اتساع رقعة الناقدين لمواقفه من الذين كانوا من أبرز المؤيدين له سابقا بل والمهووسين به .
http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=64347&Page=1&Part=8