الحال في المعتقلات الحكومية حيث يقبع عشرات الالاف من السجناء وسوادهم الاعظم من اهل السنة تم اعتقالهم لاسباب طائفية من قبل القوات الحكومية ما زال مادة دسمة لوسائل الاعلام والصحف العرببية والاجنبية خاصة .
لكن الادهى والامر في هذا الملف الانساني الخطير هو ما يتعرض له المعتقلون من الاحداث الذين لاتتجاوز اعمارهم الـ (13 ) او (14 ) عاما وفيهم من هم بعمر تسع سنوات فقد كشفت صحيفة 'الغارديان' البريطانية عن انتهاكات جنسية في سجن مكتظ للاحداث في العراق. وقالت ان الاحداث تحدثوا عن انتهاكات جنسية وضرب وتعذيب وان اعمارهم لا تتجاوز التاسعة من عمرهم وتم احتجازهم في ظروف لا انسانية في زنازين غير صحية ودرجة الحرارة فيها عالية بسبب غياب التهوية الجيدة.
وقال مراسل الصحيفة ان سجن الاحداث في الكرخ مكتظ بدرجة كبيرة فسعته الحقيقية لا تتجاوز 250 سجينا اما الاحداث المحتجزون فيه فعددهم 315 حدثا. وكتب جوناثان ستيل مراسل الصحيفة من بغداد ان الاطفال ينامون في جو حار بدون تهوية او مراوح ولا يسمح لهم بالذهاب للاستحمام ويتعرضون لانتهاكات جنسية بشكل منتظم من قبل الحراس. ونقل المراسل شهادات عدد من السجناء الحاليين والسابقين. ومن ضمنها شهادة عمر علي (16 عاما) الذي قضى ثلاثة اعوام في السجن وبرزت على جسده التقيحات والبثور التي جاءت بسبب النوم على فراش مبتل بالعرق ليلة بعد ليلة. وقال عمر علي ان الطاقة الكهربائية يتم توليدها عبر مولد صغير يتم فتحه لساعتين فقط في اثناء الزيارة، ولساعتين او ثلاث اثناء الليل. واضاف قائلا ان السجناء مقتنعون بأن الحراس يقومون ببيع الوقود في السوق السوداء.
وكل هذا في درجة حرارة تتجاوز 44 مئوية في النهار ولا تتعدى عن 38 مئوية اثناء الليل وقال ان المياه مثل الكهرباء متقطعة وانه لم يكن قادرا على الاستحمام الا مرة كل ثلاثة ايام . وينام السجناء في اربعة اجنحة كل واحد منها يحتجز فيه 75 حدثا في اسرة مزدوجة ولا تتعدى مساحة كل زنزانة فيها 5 الى 10 امتار. ويقول عمر ان الحراس غالبا ما يأخذون الاحداث الى غرف منفصلة ويقومون باغتصابهم جنسيا.
ويقوم الحراس بخرق تعاليم السجن من خلال اعارتهم هواتفهم النقالة للاحداث للتحدث مع عائلاتهم على شرط قيام هذه العائلات بوضع 10 20 دولارا على بطاقات الهاتف. ولا يتوفر السجن على اية نشاطات بعد استقالة كافة طاقم المعلمين في السجن بشكل كامل، في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي بسبب الاجور القليلة، ولهذا يتجول الفتيان بلا هدف باستثناء ساحة اللعب.
ويشير التقرير الى ان الاحداث في السجن ممن صدرت عليهم احكام الا ان المعايير الدولية في المحاكمة لم تتوفر. فكل محاكمة لم تزد مدتها عن 25 دقيقة ويتم استدعاء الشهود والاعتماد على الاعترافات كدليل واحد، ولا يحصل المحامي المعين من قبل المحكمة على ملف المتهم الا في يوم المحاكمة مما لا يعطيه اية فرصة لكي يتشاور مع المتهم بشكل خاص وذلك حسب مستشار قانوني دولي في بغداد. وكان عمر في الثالثة عشرة عندما قامت 'قوى خاصة' تابعة لوزارة الداخلية بمداهمة بيتهم في حي سني، في تشرين الاول (اكتوبر) 2004. وتم اعتقاله وشقيقه البالغ من العمر 14 عاما، وبعد اسبوع جاءت نفس القوى واعتقلت والدهم ولا يزال الثلاثة يقبعون في السجن.
ونقلت الصحيفة عن والدة الحدثين انهما اخبراها في اثناء زيارتها لهما عن تعرضهما للتعذيب في الايام الاولى من الاعتقال وان المحققين امروهما بالتوقيع على ورقة بيضاء تتم تعبئة الاتهامات عليها في وقت لاحق.
وفي شهادة اخرى نقلت عن رعد جمال (17 عاما) بحضور والدته حيث نقلت عنه ان القوات الامريكية الخاصة خيرته بين الاعتراف بانه عضو في القاعدة حيث سيحتجز في معتقل بوكا الذي يديره الامريكيون او يسلم للعراقيين حيث يقومون بتعذيبه. وبعد اخذ رعد وصديقه الى قاعدة امريكية سلما للفرقة العراقية السابعة حيث تعرضا للتعذيب وعلقا بالحبال وضربا باستخدام الاسلاك الكهربائية واخذا للتحقيق.
وقال انه قضى ستة اشهر في القاعدة العسكرية بدون اعتراف، وحاول المحققون وطلبوا منه البصم ولكنه رفض ثم اجبروه على فعل هذا ولولا تعاطف قاض معه رفض التعامل مع اعترافه ولاسباب ادارية نقل لمكان اخر ثم افرج عنه.
واشار التقرير الى زيارة قام بها مسؤولون من بعثة الامم المتحدة في العراق لمعتقل توبجي حيث ينتظر الاحداث المحاكمة وقدم المسؤولون تعليقات عبرت عن قلقهم عن معاملة سيئة للاحداث الذين قالوا انهم تعرضوا للضرب والانتهاك الجنسي عندما تم احتجازهم في سجون وزارة الداخلية والدفاع قبل نقلهم لسجون الاحداث. ولاحظ وفد الامم المتحدة جروحا تؤشر لتعرض السجناء للتعذيب، وفي سجون مكتظة حيث يتم احتجاز 400 حدث في سجون تستوعب 206 فقط، وقال ان الاحداث يتناوبون على النوم على الارض بدون فراش.
وقال ان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي تدير السجون تعاني من نقص المال اللازم. ونقل عن نائب مدير دائرة الاحداث في السجن قوله ان عدد السجناء في توبجي تم تخفيضه بسبب اجراءات الاعفاء. ويتوفر الان على 260 حدثا.
ولكن سجن احداث الكرخ لا زال مكتظا. وعلى خلاف الاحداث لدى الحكومة العراقية فان من يعتقل لدى الامريكيين لا يتعرض منهم للمعاملة السيئة ومع تزايد المطالب بتسليم السجناء لديهم للحكومة العراقية، فالسلطات العسكرية الامريكية تقوم الان بالافراج عن المعتقلين تحت سن الثامنة عشرة. ونقلت عن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي قوله ان المشكلة طويلة ومعقدة ومرتبطة باصلاحات جذرية في النظام القضائي.
منقول من موقع وكالة حق .