عرض مشاركة واحدة
قديم 14-09-11, 08:55 AM   رقم المشاركة : 2
درة الايمان
أملي في الله ربي







درة الايمان غير متصل

درة الايمان is on a distinguished road


الفوائد العشر المستفادة من حديث جبريل - عليه السلام


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد، فقد سبق في المقال الذي مضى بيان منـزلة حديث جبريل - عليه السلام – مردفا بوقفات مباركة مع معاني الألفاظ وأسرار الكلمات، وهذا - بتأييدٍ من المولى - أوان سرد الفوائد العشر الموعود بها في مقدمة هذه السلسلة، والله الموفق لا رب سواه.

(1) آداب طلب العلم تسبق طلب العلم، ولذلك تأدب جبريل في جلسته ثم سأل. وأدب المتعلم بين يدي معلمه له تأثير قوي على مدى استفادته منه. فعليك بالأدب إن أردت انبساط العلماء إليك. وقد كان بعض السلف لا يعلّم من لمس منه سوء الأدب.. وفي قوله"حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه" دليل على لزوم تأدب المتعلم بين يدي من يتعلم منه. وقد يفهم من السياق أنه وضع كفيه على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم.وقد أورد الحافظ في الفتح من حديث ابن عباس، وحديث أبي عامر الأشعري رواية مصرحة بذلك. قلت: وفي هذا من الفوائد: أن على طالب العلم أن يبالغ في الإصغاء إلى معلمه، ولا ينصرف عنه بالشواغل؛ فإن وضع السائل -وهو جبريل عليه السلام- يديه على فخذ النبي صلى الله عليه وسلم صنيع منبه للإصغاء إليه. ويؤيد هذا ما جاء في رواية علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن ابن عمر عند أحمد:"ما رأينا رجلا أشد توقيرا لرسول الله من هذا"اهـ. كما ينبغي للسائل أو المستمع حين استماعه لجواب أو حديث، أن ينطقَ بما يُشعِر من يحدّثه بانتباهه وحضور قلبه، وهذا يظهر في قول جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم "صدقت" أكثر من مرّة.
(2) استحباب السؤال في العلم..وقد قال تعالى:"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
وقد قيل: السؤال نصف العلم..وحسن السؤال من أسباب تحصيل العلم النافع: قيل لابن عباس:"بم بلغت العلم؟ قال: بلسان سؤول، وقلب عقول"..وقال الزهري:"العلم خزانة مفتاحها المسألة"..وسئل الأصمعي:"بم نلت ما نلت؟ قال: بكثرة سؤالي، وتلقفي الحكمة الشرود".
- وللتعليم عن طريق السؤال والجواب أهمية كبيرة، فهو من الأساليب التربوية الناجحة قديماً وحديثاً، وقد تكرر هذا الأسلوب في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في كثير من الأحاديث النبوية؛ لما فيها من لفت انتباه السامعين وإعداد أذهانهم لتلقي الجواب الصحيح. قال القاضي عياض:" وفي جملة حديث السائل من الفقه...أمر العالم الناس سؤاله عما يحتاجون إليه ليُبيّنه لهم، وأنهم إن لم يحسنوا السؤال ابتدأ التعليم من قبل نفسه؛ كما فعل جبريل، أو يجعل من يسأل فيجيب بما يلزمهم علمه"اهـ.
(3) في هذا الحديث دليل على مشروعية الصلاة والصوم والزكاة والحج، وأنها جميعا من أركان الإسلام وأسسه العظام.
(4) وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره حُلْوِه ومُرِّه من الله تعالى. والإيمان بالله هو الإقرار بوجوده والإقرار بألوهيته وربوبيته وأنه متصف بصفات الكمال منـزّه عن صفات النقص،. والملائكة: عالم غيبي خلقوا من نور، جعلهم الله طائعين له متذللين. وعددهم كثير:قال صلى الله عليه وسلم ...فإذا البيت المعمور وإذا يدخله سبعون ألف ملك لا يعودون عن آخرهم ) .وقال صلى الله عليه وسلم أطّت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع شبر إلا ملك ساجد أو راكع). ولكل ملك وظيفة: فجبريل موكل بالوحي..وإسرافيل موكل بنفخ الصور.وميكائيل موكل بالقطر والنبات.ومالك خازن النار. قال ابن كثير: وخازن الجنة ملك يقال له رضوان، جاء مصرحاً به في بعض الأحاديث...الخ. وهم أجساد بأجنحة: قال تعالى:" جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع..".
والإيمان بالرسل يتضمن: أنهم صادقون في ما قالوه من الرسالة، ونؤمن بأسماء من علمنا اسمه منهم، ومن لم نعرف اسمه فنؤمن به إجمالاً، قال تعالى:"منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك"...أولهم نوح: قال تعالى:"إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده". وآخرهم محمد: قال تعالى:"ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين"..ومن كفر برسول كفر بجميع الرسل: قال تعالى:" كذبت قوم نوح المرسلين" مع أن قومه لم يأتهم إلا نبي واحد. والإيمان بالكتب يستلزم الإقرار بأن ما من رسول إلا أنزل الله معه كتاباً. قال تعالى:" لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان"..والكتب التي علمنا اسمها منها: القرآن، والتوراة، والإنجيل، والزبور..وأما اليوم الآخر، فإنما سمي بذلك لأنه لا يوم بعده. ويشمل كل ما يكون بعد موت الإنسان من البعث والنشور وتطاير الصحف والقبر والجنة والنار...الخ. والإيمان بالقضاء والقدر واجب، غير أنّ الخوض والتوسع في ذلك مذموم:"وإذا ذكر القدر فأمسكوا..."..

- ودرجات الإيمان بالقضاء والقدر أربعٌ:
1-العلم.
2-الكتابة.
3-الإرادة.
4-الخلق.
وللإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومرّه ثمرات طيبة منها: راحة القلب واطمئنان الضمير، عدم الاغترار بالنفس، إدراك عظيم قدرة الله،..الخ.
(5) وجوب مراقبة الله تعالى. ويتجلى ذلك في ركن الإحسان :"أن تعبد الله كأنك تراه.."..قال تعالى:" واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه"..وقال تقدست أسماؤه:" وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْءَانٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" وقال جل ثناؤه:"إنّ الله كان عليكم رقيباً".
(6) في قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الساعة: (مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ) خفاء وقت الساعة عن جميع الخلق، فعلمها عند الله، وهي من جملة ما استأثر الله بعلمه، ومفاتح الغيب خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا اللَّهُ تعالى، قال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".
وليس خفاؤها بنقص في علم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد أوتى نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم الأولين وعلم الآخرين..كما أنّ في قوله"مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ " دليلا على جواز التعريض في الكلام؛ فقد عدل عن قوله لست بأعلم بها منك إلى لفظ يشعر بالتعميم تعريضا للسامعين, أي أن كل مسئول وكل سائل فهو كذلك.
(7) فيه دلالة على فساد الزمن بين يدي الساعة، حيث تضعف الأخلاق، ويكثر عقوق الأولاد ومخالفتهم لآبائهم فيعاملونهم معاملة السيد لعبيده..وتنعكس الأمور وتختلط، حتى يصبح أسافل الناس ملوك الأمة ورؤساءها، وتسند الأمور لغير أهلها، ويكثر المال في أيدي الناس، ويكثر البذخ والسَّرف، ويتباهى الناس بعلو البنيان، وكثرة المتاع والأثاث، ويُتعالى على الخلق ويملك أمرهم من كانوا في فقر وبؤس يعيشون على إحسان الغير من البدو والرعاة وأشباههم.
(8) وفيه بيان قدرة الملك على التمثل بالصورة البشرية، وفيه أيضا جواز رؤية الملك أو سماع كلامه. قال الحافظ ابن حجر:" وفيه أن الملك يجوز أن يتمثل لغير النبي صلى الله عليه وسلم فيراه ويتكلم بحضرته وهو يسمع, وقد ثبت عن عمران بن حصين أنه كان يسمع كلام الملائكة". قال البيهقي: وروينا عن جماعة من الصحابة أن كل واحد رأى جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلبي.
وأخرج البخاري في الصحيح حديث بناء البيت الحرام... وفيه: فلمّا أشرفت ـ هاجر ـ على المروة، سمعت صوتا، فقالت: صه، تريد نفسها. ثم تسمعت، فسمعت أيضا، فقالت: قد أسمعت، إن كان عندك غواث فأغث. فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه، أو قال..بجناحيه، حتى ظهر الماء...وفيه قال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن ههنا بيتا لله، يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإنّ الله لا يضيع أهله..قال ابن القيم: رؤية الملائكة والجن، تقع أحيانا لمن شاء الله أن يريه ذلك.
(9) وجوب ردّ العلم إلى الله تعالى: وقد كان الصحابة الكرام إذا سُئلوا عن شيء لا يعلمونه، قالوا: الله ورسوله أعلم. وهذا أدب مع الله تعالى إذ يردون العلم إليه، وأدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم إذ هو مصدر التلقي والمبلغ عن ربه عزَّ وجل.
وجاء في حديث اجتماع موسى بالخضر عليهما السلام: أن موسى عليه السلام قام خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْه، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بمجْمع الْبَحْرَيْنِ، هُوَ أَعلَمُ منك، قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ بِهِ، فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ، وانطلق بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ..الحديث..وينبغي لمن سئل عن شيء لا يعلمه، أن يقول: لا أعلم، أو: لا أدري، ولا يكون في ذلك نقص من مرتبته, بل يكون ذلك دليلا على مزيد ورعه وتقواه.
وقد كان علماء السلف يرون أن "لا أدري" نصف العلم. قال ابن مسعود:”أيها الناس، من علم منكم شيئاً فليقل، ومن لم يعلم فليقل لما لا يعلم: الله أعلم“، وسئل الشعبي يوما فقال رحمه الله: لا أدري. فقيل له: أما تستحي أن تقول هذه الكلمة وأنت فلان..قال: إن الملائكة لم تستحيِ حينما قالت: لا علم لنا إلا ما علمتنا...وقال ابن وهب: لو كتبنا عن مالك لا أدري لملأت الألواح.....وقال ابن عجلان:”إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله“.
(10) فيه دليل لمن قال: إن الإسلام يغاير الإيمان. والحق ـ كما قال علماؤنا ـ أنّ فيهما اجتماعا وافتراقا، وعموما وخصوصا، فإذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا. يعني إذا ذكرا في سياق واحد؛ كان بينهما تغاير في المعنى، وهذا مقتضى حديث جبريل عليه السلام، ولقوله تعالى:"قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا".وإذا ذكر أحدهما في سياق؛ فإنه يتضمن معنى الآخر...كقوله تعالى:" إنّ الدين عند الله الإسلام". وقوله سبحانه:"ورضيت لكم الإسلام دينا".
وأما اجتماعهما مع اتفاقهما في المعنى في قوله:"فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين". فقد أجاب عنه الحافظ ابن كثير، فقال:" اتفق الاسمان ههنا لخصوصية الحال ولا يلزم ذلك في كل حال..
وقال ابن جزي الغرناطي: الإسلام معناه في اللغة الانقياد مطلقا ومعناه في الشريعة الانقياد لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالنطق باللسان والعمل بالجوارح، وأما الإيمان فمعناه في اللغة التصديق مطلقا ومعناه في الشريعة التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فالإسلام والإيمان على هذا متباينان؛ وعلى ذلك قوله تعالى:" قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا" وقد يستعملان مترادفين كقوله:"فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين"..

هذا ما تيسر بيانه من فوائد هذا الحديث، ولولا أننا وعدنا بعشر فوائد دون زيادة لسردنا العشرات من الدرر، وفي القدر المذكور غُنية وكفاية لمن أراد الصلاح والهداية..والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.






التوقيع :
...




***

قال بعض السلف :
متى أطلق الله لسانك بالدعاء والطلب فاعلم انه يريد ان يعطيك وذلك بصدق الوعد بإجابة من دعاه الم يقل الله تعالى : "فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"
من مواضيعي في المنتدى
»» إرهابي النرويج استهدف مخيما تضامن مع الفلسطينيين
»» هل الشيعة كفار؟؟؟؟
»» عائض القرني: "اللهم أرنا بشار مشنوقًا واقصم ظَهْره"
»» من حقوق العلماء الاعتذار لهم في الأخطاء
»» رمضان وقائع وأحداث