عرض مشاركة واحدة
قديم 08-01-10, 09:56 PM   رقم المشاركة : 2
النظير
شخصية مهمة







النظير غير متصل

النظير is on a distinguished road




مصالح إيران لا حق الفلسطينيين!

نأت إيران عن التدخل نسبياً أثناء مباحثات كامب ديفيد2. كالعادة، انتقدت المباحثات، وشككت في مزاعم واشنطن بالنزاهة، لكن حدث تغيّر جارف في نهج إيران مقارنة بنهجها في العامين 1994 ـ 1995. في هذا الصدد، يقول هالفي: "لا أذكر أنه كان هناك أي نشاط إيراني على الإطلاق". هناك سببان دفعا إيران إلى الإحجام عن التدخل. السبب الأول هو أن إيران عزلت نفسها عن التطورات الإسرائيلية الفلسطينية عبر تحسين علاقاتها مع الدول المجاورة القريبة ومع أوروبا. لم ترّ إيران في محادثات كامب ديفي2 خطراً استراتيجياً على وضعها، مما يجعل المعارضة الإيرانية للصفقة أمراً غير ضروري. وردّة فعل إيران تجاه انتفاضة الأقصى زادت من التأكيد على أن النهج الإيراني في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتأثر بالاعتبارات الاستراتيجية أكثر مما يتأثر بالاعتبارات الإيديولوجية. فلو أن الإيديولوجية أو المحنة التي يعاني منها الفلسطينيون كانا المحرّك للسياسة الإسرائيلية، لكانت ردّة فعل طهران على قمع الانتفاضة أشدّ قسوة.


السبب الثاني هو أن انسحاب إسرائيل من لبنان حدّ من قدرة إيران على إفشال المحادثات. كانت إيران بحاجة إلى الوقت لكي تتعافى من ذيول الانسحاب والعثور على قنوات جديدة للتواصل مع الجماعات الفلسطينية الرافضة. يقول بن عامي: "أعتقد أن إيران فوجئت بالانسحاب من لبنان، وجدوا أنفسهم في وضع لم يألفوه من قبل. فلأول مرّة، لم تعد في حوزتهم أداة لعرقلة المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

واستناداً إلى بن عامي، لو أن إسرائيل لم تنسحب من لبنان، ربما كانت إيران ستستخدم حزب الله في نشر الخراب في المنطقة. كان حرمان إيران من لعب هذه الورقة ـ بالإضافة إلى إشباع رغبة قوية تملكت جمهور الناخبين الإسرائيليين في الانسحاب ـ أحد الأسباب الرئيسية التي دعت إلى الانسحاب من لبنان.
( ص 306 ـ 307).


الدعم الكلامي لفلسطين!

كما حصل في الماضي، سعت طهران إلى استغلال التوترات بين إسرائيل والعرب عبر دعوة العالم الإسلامي إلى التوحد ضدّ إسرائيل، واصفة الدولة اليهودية "بالورم الخبيث وشجرة الشرّ" وتصويرها "بخطر يهدد العالم الإسلامي بأكمله، وحتى تلك الحكومات التي تعتقد بأن الحكومة الصهيونية الغاصبة تخدم مصالحها. لكن بالمقارنة مع منتصف التسعينيات، بدت الهجمات الكلامية الإيرانية على إسرائيل أقل تكراراً، وفي ما عدا استثناءات جديرة بالملاحظة، لم تكن تلك التهجمات تستهدف إثارة الجماهير العربية. وبذلك تكون إيرن قد فازت بالحكومات العربية؛ عززت الانتفاضةُ والفوز الانتخابي الذي أحرزه أرييل شارون في مستهل العام 2001 جهودَ المصالحة بين إيران والدول العربية، بما في ذلك الحكومات التي وقّعت على معاهدات سلام مع إسرائيل. بدأ الانفراج في العلاقات مع حركة فتح التي يترأسها عرفات، مما قرّب إيران من الجماعات الفلسطينية العلمانية أيضاً. ثم سعت طهران إلى تعبئة الرأي العام الدولي ضدّ إسرائيل عبر الدعوة، على سبيل المثال، إلى "تشكيل محكمة خاصة بجرائم الحرب للتعامل مع الجرائم الإسرائيلية في الأراضي المحتلة" ودعوة مجلس الأمن الدولي إلى إرسال مراقبين دوليين لمنع تصاعد أعمال العنف. لكن في حين اتهمت إسرائيلُ إيران بتمويل الإرهاب الفلسطيني، اشتكى الفلسطينيون أنفسهم من الوعود الإيرانية الكلامية. من الواضح أن خطاب إيران بقي محافظاً على الحس بالواجب الإيراني تجاه الفلسطينيين، فخاطب المرشدّ الأعلى زعيم حماس قائلاً: "بأن الحرب المقدسة لتحرير فلسطين حرب للدفاع عن شرف الإسلام والمسلمين، وسنواصل دعمنا الثابت للشعب الفلسطيني بالرغم من كافة الضغوط السياسية والاقتصادية، وأن مسألة القدس ليست مشكلة فلسطينية، وإنما مشكلة كافة المسلمين". غير أن توفير إيران الدعم الكلامي كان أسهل من توفير الدعم العملي. ونادراً ما أُتبعت الشعارات الإيرانية بأفعال ملموسة، حتى بعد اندلاع الانتفاضة الثانية. احتل الإيرانيون موقع الصدارة في إلقاء الخطب الرنانة التي تتحدث عن القضية الفلسطينية، لكنهم نادراً ما التزموا بالمعايير التي وصفوها في تصريحاتهم. وأشار الدبلوماسيون الأوروبيون الذين أجروا اتصالات مع ممثلين عن الجهاد الإسلامي وحماس ممن زاروا إيران بعد اندلاع الانتفاضة الثانية إلى أن كلتا المجموعتين شعرت بخيبة أمل مريرة من مضيفيهم الإيرانيين. فإيران لم تقدم لهم المال ولا الأسلحة.

وانتشرت نكتة في شوارع طهران عكست هذا الادعاء الإيراني: "لماذا لم يعد يوجد أحجار لرجم الزانية؟ وفقاً لأوامر المرشد الأعلى، تم شحن كل الأحجار إلى فلسطين كمساهمة من إيران في الانتفاضة".
(ص 308 ـ 309)

ثالثاً: إيران وأمريكا

التعاون التجاري الأمريكي – الإسرائيلي مع إيران برغم المقاطعة!

إدارة كلينتون قد تبنّت خطاب إسرائيل وموقفها المتشدد من إيران في الميدان السياسي. بلغ حجم التجارة بين البلدين 3.8 مليار دولار في العام 1994، فضلاً عن 1.2 مليار دولار على شكل سلع باعتها شركات أميركية عبر شركات تابعة أجنبية، مما جعل الولايات المتحدة أحد أكبر شركاء إيران التجاريين. لقد لفت هلموت كول، المستشار الألماني، انتباه إيباك إلى هذا التضارب والذي دافع في لقاء مع إيباك في العام 1994 عن تجارة ألمانيا مع إيران بالإشارة إلى علاقات واشنطن التجارية الواسعة مع طهران. يقول كيث وايزمان منظمة إيباك: "نظرنا إلى الأرقام، فوجدنا أنه كان محقاً. من الناحية الأساسية، كانت الأموال الأميركية التي تتدفق إلى طهران تفوق الأموال التي ترسلها أية دولة أخرى. وهذا جعلنا نهتم بالجانب الاقتصادي للمسألة". (المثير في الأمر هو أن إسرائيل لم تقرّ أية قوانين تحظر التجارة الإيرانية الإسرائيلية طوال طوال فترة التسعينيات). شنّت إيباك حملة لردم الهوة بين النهج السياسي والنهج الاقتصادي الأميركي من إيران.
(ص 261ـ 262)


التعاون الإيراني الأمريكي في أفغانستان!

في البداية، لم يحرز المحافظون الجدد سوى تقدم متواضع. لكن مع بدء الولايات المتحدة عملياتها العسكرية بأفغانستان، بدأت وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الاجتماع سرّاً بدبلوماسيين إيرانيين بباريس وجنيف في أكتوبر/ تشرين الأول2001، برعاية الأخضر الإبراهيمي، رئيس لجنة مساعدات الأمم المتحدة بأفغانستان. بدأ الاتصالات السفير جايمس دوبنز، مبعوث إدارة بوش الخاص بأفغانستان. وبدعم كامل من باول، قال دوبنز للإبراهيمي بأنه يرغب في الاجتماع بالإيرانيين. في غضون أيام قلائل، اتصل مسؤولون من وزارة الخارجية الإيرانية بدوبنز، وعرضوا عليه مساعدتهم. كما حضر الاجتماعات التمهيدية وفود ألمانية وإيطالية لتوفير الغطاء السياسي لإيران والولايات المتحدة، حيث أعطى حضورهم المحادثات ـ التي سرعان ما أُطلق عليها اسم قناة جنيف ـ مظهراً متعدد الأطراف. لكن في الحقيقة، كانت المناقشات ثنائية والاتصالات على أعلى مستوى بن مسؤولي البلدين منذ فضيحة إيران ـ كونترا.


سارت المحادثات على نحو أفضل مما كان متوقعاً. ركّزت المناقشات على "كيفية إزاحة طالبان بفاعلية، وكيفية تشكيل حكومة أفغانية بعد رحيل طالبان" لقد قدّم الإيرانيون مساعدة كبيرة للولايات المتحدة في الحرب، من غير أن يعرفوا شيئاً عما سيتكشف بعد النجاح بأفغانستان. لقد أدهش الدبلوماسيون الإيرانيون نظراءهم الأميركيين والأوروبيين بما لديهم من معارف وخبرات بشؤون أفغانستان وطالبان. لم تكن المساعدة التي قدّمتها إيران شكلية، فعرض الإيرانيون السماح للولايات المتحدة باستخدام قواعدهم الجوية، وعرضوا توفير قاعدة لتنفيذ مهام البحث والإنقاذ للطيارين الذين يتم إسقاط طائراتهم، وخدموا كجسر بين التحالف الشمالي والولايات المتحدة في قتال الطالبان. حتى أنهم استخدموا في قليل من المناسبات معلومات أميركية للعثور على زعماء تنظيم القاعدة الفارّين وقتلهم.


بالرغم من أن تكليف دوبنز اقتصر على إجراء محادثات حول أفغانستان، أعدّت مجموعة مغلقة من المسؤولين المحيطين بباول رزمة سرّية كاملة من الجزرات وعصا واحدة لعرضها على الإيرانيين. فعلى النقيض من البنتاغون، آثرت وزارة الخارجية فتح قناة اتصال استراتيجية مع إيران، وليس مجرّد محادثات تكتيكية. أدرك الدبلوماسيون الأميركيون أن التعاون بشأن أفغانستان يمكن أن يتوسّع ليشمل القاعدة والمنظمات الإرهابية الأخرى. بناء على ذلك، يمكن للولايات المتحدة وإيران توسيع تعاونهما على صعيد تقاسم المعلومات الاستخبارية، وتنسيق دوريات حدودية مكثفة لاعتقال مقاتلي القاعدة الذين يريدون الهرب إلى باكستان وإيران. عرف ريان كروكر، وكان عضواً في فريق التفاوض الأميركي ومكلفاً بمناقشة القضايا العامة، بأمر الرزمة. كان كروكر، إلى جانب زملائه الذين يتفقون معه في الرأي بوزارة الخارجية، على استعداد لتنفيذ اقتراح باول على الفور؛ في حال وافق الرئيس عليه. لكنّ المتشددين في البيت الأبيض عملوا بجدّ لمنع بوش من المضي فيه. يقول ويلكرسون: "كان نائب الرئيس تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد هناك دائماً لتخريب تعاوننا في أفغانستان إذا قطع شوطاً طويلاً".


لم تكن المصلحة المشتركة بين الولايات المتحدة وإيران على هذا القدر من الوضوح كما تبين في مؤتمر بون الذي انعقد في ديسمبر/ كانون الأول 2001، حيث التقى عدد من الأفغان البارزين ومندوبون من بلدان متنوعة، منها الولايات المتحدة وإيران، برعاية الأمم المتحدة في ألمانيا للاتفاق على خطة لحكم أفغانستان. أعدّت الولايات المتحدة وإيران بعناية الأرضية اللازمة للمؤتمر قبل انعقاده بعدة أسابيع. وأثبت النفوذ السياسي الإيراني في أوساط الجماعات الأفغانية المحاربة المتنوعة أنه كان حاسماً، فكان هذا النفوذ بين أوساط الأفغان ـ وليس تهديدات أميركا ووعودها ـ هو الذي حرّك عجلة المفاوضات إلى الأمام. كما أن الوفد الإيراني ـ وليس دوبنز ـ هو الذي أشار إلى أن مسودة إعلان بون لم تتضمن أية إشارة إلى الديموقراطية أو إلى أي التزام من جانب أفغانستان بمحاربة الإرهاب الدولي. لكن المثير للفضول هو أن تعليمات دوبنز لم تحتوِ على أي شيء يشير إلى الديموقراطية.


بحلول الليلة الأخيرة للمؤتمر، تمت الموافقة على دستور موقت، وتمّ حل كافة القضايا الأخرى باستثناء القضية الأصعب: من الذي سيحكم أفغانستان؟ أصرّ التحالف الشمالي، بوصفه المنتصر في الحرب، على أن من حقّه الاستئثار بالغنائم. بالرغم من أنه ممثَّل في حوالي 40 في المائة من البلاد، أراد أن يشغل ثمانية عشر منصباً وزارياً من أصل أربعة وعشرين. وقرابة الساعة الثانية فجراً، جمع دوبنز الأحزاب الأفغانية، والإيرانيين، والروس، والهنود، والألمان، والإبراهيمي من الأمم المتحدة لحل هذه النقطة الأخيرة العالقة. تناوبت الوفود على الكلام على مدى ساعين في محاولة لإقناع يونس قانوني، مندوب التحالف الشمالي بالقبول بعدد أقل من الوزارات، ولكن بدون جدوى. أخيراً، اجتمع كبير المفاوضين الإيرانيين ـ جواد ظريف ـ بالمندوب الأفغاني على انفراد، وبدأ يهمس في أذنه باللغة الفارسية. بعد بضع دقائق، عادا إلى الطاولة، وأذعن الأفغاني، وقال: "حسناً، أنا موافق. يمكن للفصائل الأخرى الحصول على وزارتين أخريين". كانت تلك نقطة تحوّل حاسمة لأن الجهود التي بذلتها الدول الأخرى لإقناع القانوني باءت كلها بالفشل. في هذا الصدد، يقرّ دوبنز بأن "المسألة لم تُحسم إلاّ بعد أن اجتمع به ظريف على انفراد. ربما كنا سنواجه وضعاً مثل الوضع الذي واجهناه بالعراق، حيث لم نتمكن أبداً من اتفاق على زعيم واحد وعلى تشكيل حكومة". في صباح اليوم التالي، تم التوقيع على اتفاقية بون التاريخية. النتيجة هي أن أميركا لم تنتصر في الحرب وحسب، بل وانتصرت، بفضل إيران، في السلام أيضاً.


بالنسبة إلى الإيرانيين، كانت تلك لحظة انتصار. فلم يقتصر الأمر على إلحاق الهزيمة بعدو رئيسي لإيران ـ حركة طالبان ـ بل واظهار كيف يمكن أن تساعد على إرساء دائم الاستقرار في المنطقة، وكيف يمكن أن تساعد على إرساء دعائم الاستقرار في المنطقة، وكيف يمكن أن تستفيد أميركا من بناء علاقة أفضل معها. وفي تلميح إلى استعداد إيران للتوسع في المناقشات لتشمل نواحي أخرى، قال ظريف في إحدى المراحل لكروكر ممازحاً بأنه بعد أن تم حل القضية الأفغانية، ربما آن الوقت لمعالجة النزاع النووي الذي يزرع الخلاف بين البلدين. وبدون أي تردد، أعاد كروكر الكرة إلى معلب ظريف، وسأله إن كان يجدر به التطرّق إلى التعليمات الخاصة بهذا الملف، مشيراً إلى أن وزارة الخارجية سبق أعدّت نقط بحث بشأن هذه القضية. لكن ظريف لم يكن يملك صلاحية الذهاب إلى ما هو أبعد من موضوع أفغانستان في ذلك الوقت علماً بأن الإيرانيين تعاملوا مع تلك المناقشات كقناة استراتيجية. يشرح دوبنز واقع الحال فيقول: "جاء ذلك منسجماً مع رغبتهم في إجراء محادثات استراتيجية". في إشارة إلى أن الإيرانيين لم يكشفوا عن نواياهم الكاملة إلاّ في مرحلة متأخرة جداً.


تمثل المأزق الإيراني في أن جدول أعمال المناقشات ـ أفغانستان، المسألة النووية، الإرهاب ـ تصدّى للهموم الأميركية فقط، بحيث لم يكن هناك مكان لهموم إيران المتعلقة بالسياسات الأميركية. في حين أبدى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله خامنئيي والرئيس خاتمي دعمهما الكامل للمحادثات الأفغانية ولفكرة فتح قناة اتصال استراتيجية مع واشنطن، لكنهما أصراً على أنه ينبغي أن تتضمن المحادثات الأوسع نطاقاً الهموم الإيرانية والهموم الأميركية على حدً سواء. بالنسبة إلى وزارة الخارجية الأميركية ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس، لم يكن في ذلك مشكلة. فكلاهما أراد استكشاف مزيد من الفرص مع إيران، ولكنهما كانا يتعرضان للإعاقة من بعض المسؤولين في البيت الأبيض المتحمسين لعداء إيران. يقول دوبنز: "لم ألحظ أي اهتمام خارج البلاد. بإجراء مناقشة استراتيجية مع الإيرانيين.

فعلى الرغم من المساعدة الحاسمة التي قدّمتها إيران للولايات المتحدة بأفغانستان، لم يكن يوجد تقبّل لإجراءات حسن النية الإيرانية في البيت الأبيض في عهد بوش. أي أن أحداث العام 1991 عادت لتتكرر من جديد: لا يوجد تقدير للمصلحة الاستراتيجية الإيرانية في شرق أوسط مستقر، ولإمكانية أن تكون إيران راغبة في ترقيع علاقاتها مع الولايات المتحدة. حتى أن تعهّد إيران في مؤتمر الدول المانحة بطوكيو الذي انعقد في يناير/ كانون الثاني 2002 بتقديم 500 مليون دولار إلى أفغانستان ـ وكان أكبر تعهد من جانب أية دولة شاركت في المؤتمر، بما في ذلك الولايات المتحدة ـ لم يحز على إعجاب المتشددين في البيت الأبيض.

كما لاقى عرض إيران بالمساعدة على إعادة بناء الجيش الأفغاني ـ في ظل قيادة أميركية ـ من أجل تقوية الحكومة الأفغانية إزاء أمراء الحرب المتنوعين الذين كانوا لا يزالون يسيطرون على أجزاء من البلاد، آذاناً صمّاء أيضاً. ففي أحد الاجتماعات التي عُقدت بجنيف، قال الإيرانيون لدوبنز: "نحن على استعداد لاستقبال ما يصل إلى عشرين ألف جندي، وكسوتهم، وتسليحهم، وتدريبهم ضمن برنامج واسع تحت قيادتكم". لكن دوبنز أشار إلى أنه إذا كانت إيران والولايات المتحدة ستتقاسمان المسؤولية في تدريب الجنود، فسينتهي بهم الأمر إلى العمل وفقاً لمذهبين عسكريَّين مختلفَين. عندئذٍ، ضحك قائد الجيش الإيراني، الذي صاحب الوفد الإيراني لمنماقشة العرض مع دوبنز، وقال: "لا تقلق، لا زلنا نستعمل الكتيبات التي تركتموها وراءكم في العام 1979". وأضاف بأنه لن تبرز أية مشكلات تتعلق بولاء الجنود أيضاً، لأن إيران كانت لا تزال تدفع رواتب الجنود الأفغان الذين تستخدمهم الولايات المتحدة في القضاء على عناصر القاعدة وطالبان على الحدود الأفغانية الباكستانية. ووجّه سؤاله إلى دوبنز بطريقة منمّقة وقال: "هل تواجهون أية مشكلات تتعلق بولائهم؟"
(ص 317 ـ 321)


صراع حول العلاقة بين أمريكا وإيران!

في 3 يناير/ كانون الثاني 2002، اعترض الإسرائيليون السفينة كارين أيه في المياه الدولية في البحر الأحمر. كان يقود السفينة قبطان من البحرية الفلسطينية، وكانت محمّلة بصواريخ كاتيوشا، وقذائف مورتو، وبنادق آلية، وبنادق قنص، وذخائر، وألغام مضادّة للدروع، وأنواع أخرى من المتفجرات. زعم الإسرائييون بأن السفينة قدمت من جزيرة كيش الإيرانية، وبما أن أغلب الأسلحة كانت لا تزال في صناديق المصانع التي أنتجتها، وتحمل رموزاً تشير إلى أنها من صنع إيراني، جادل الإسرائيليون بأن الاستنتاج بديهي: إيران تسعى إلى تزويد السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة عرفات بالأسلحة في خرق للاتفاقات التي أبرمتها السلطة مع إسرائيل. كان ذلك الدليل القاطع الذي احتاج إليه الإسرائيليون لوقف الحوار الأميركي الإيراني، ووضع حدّ للضغوط التي تمارسها واشنطن على إسرائيل لكي تتعامل مع الفلسطينيين. كانت العملية هدية لشارون، وتزامنت بالمصادفة مع زيارة كان يقوم بها الجنرال أنتوني زيني لإٍسرائيل، مبعوث بوش الجديد للشرق الأوسط. بالنسبة إلى العديد من المراقبين، كان الخبر من الروعة بحيث لا يمكن أن يكون صحيحاً لدرجة أنه حتى حلفاء إسرائيل بدأوا يشككون في صحته.

فالمسار المعتاد للشحنات الإيرانية المتجهة إلى وكلائها يمرّ عبر دمشق ولبنان ـ جواً، وليس بالقوارب في محيط شبه الجزيرة العربية حيث كان من المعلوم أن البحرية الإسرائيلية تسيّر دوريات هناك.

أنكر الإيرانيون أن تكون لهم أية علاقة بالسفينة، لكن لم يكن الإنكار ليوازي صورة شارون وهو يتفحص السفينة والأسلحة الإيرانية المحمّلة عليها. قبلت واشنطن بالرواية الإسرائيلية للقصة، ووصفت الدليل الإسرائيلي بأنه مقنع. بالنسبة إلى إدارة بوش، زال أي شك ربما كان يساورها في مواصلة إيران اتصالاتها مع الإرهابيين. كانت تلك نكسة كبيرة للمدافعين عن الحوار مع إيران مثل باول. يقول ويلكرسون: "بدد ذلك توقعات باول بما كان من الممكن تحقيقه مع الإيرانيين".


في إيران، أخذ الخبرُ الرئيس خاتمي على حين غرّة، فأمر بعقد اجتمع لمجلس الأمن القومي الإيراني لكي يعرف من الذي يقف خلف هذه الشحنة. كان خاتمي يعلم حق العلم بوجود عناصر شرّيرة داخل الحكومة الإيرانية تسعى متى سنحت لها الفرصة إلى إفشال سياسته القائمة على الانفتاح على الولايات المتحدة. غير أن أحداً في المجلس لم يعترف بأنه كان على علم بأمر السفينة. سارع الإيرانيون، من خلال قناة جنيف، إلى الاتصال بدوبنز وإبلاغه بأمر اجتماع خاتمي بالمجلس، وأمر الدبلوماسيون الإيرانيون بطلب الحصول على دليل من الولايات المتحدة يثبت هوية مصدر تلك الشحنة لكي تتمكن السلطات بطهران من التصرف بناء على ذلك. في نفس الوقت، بعثت حكومة خاتمي برسالة إلى واشنطن عبر السفارة السويسرية بطهران أنكرت فيها أية مشاركة إيرانية في القضية. كررت طلب الحصول على معلومات من الولايات المتحدة، وعرضت إعطاء واشنطن أية معلومات ربما تتوصل إليها إيرن. لكن لا الرسالة التي وصلت إلى دوبنز ولا المذكرة التي أُرسلت عبر السويسريين عوملت بطريقة جادّة من قبل إدارة بوش. لم تقدّم واشنطن أي دليل إلى طهران يثبت المزاعم الإسرائيلية، ولكنها ردّت على طهران بعد أسابيع قليلة، وأكدت على أن المعلومات كافية وجديرة بالاعتماد، مما يعني من الناحية العملية رفض الإنكار الإيراني.

بالنسبة إلى الإيرانيين المرتابين دوماً، كانت المسألة بأكملها ملفّقة. ورأوا أنها تحولت سياسة التعاون إلى سياسة مواجهة. ولا تزال كارين أيه لغزاً ظهر في الوقت المناسب بالنسبة إلى الأشخاص الذين أرادوا منع حدوث تقارب أميركي إيراني". ولو عدنا إلى الماضي، نجد أن بعض المسؤولين في إدارة بوش بدأوا يشككون في القضية. تكهن البعض بأنها من تدبير إسرائيل، وجادل البعض بأن عناصر شرّيرة بإيران ربما تقف خلفها. لكن ما من أحد في إدارة بوش تابع القضية إلى ما هو أبعد من ذلك. فبعد أن أكدت الاستخبارات الأميركية صحة الرواية الإسرائيلية، بات الأمر مفروغاً منه. ويعترف ويلكرسون فيقول: "لكن بالنتيجة، تساءلنا جميعاً إن كانت خدعة أم حقيقة".
(ص324ـ 326)


التعاون في العراق!

كان لا يزال في حوزة رجال الدين القليل من الأوراق القيّمة التي أملوا بأن يلعبوها لقلب الجدال الدائر بواشنطن لمصلحة وزارة الخارجية الأميركية وأولئك الذين يفضّلون الحوار. إحدى هذه الأوراق كانت المعلومات الاستخبارية الإيرانية فائقة النوعية، واطلاع الإيرانيين على الأوضاع بالعراق. بفضل سنوات الحرب الثماني في الثمانينيات، استوعب الإيرانيون، بخلاف الأميركيين، الشبكات الاجتماعية العشائرية العراقية المعقدة، وعرفوا كيفية التعامل معها. رأت طهران أن واشنطن ستكون بحاجة إلى هذه المعرفة، وهذا ما سيعطي الإيرانيين بعض النفوذ على المحافظين الجدد. فبدون قناة اتصال، يمكن أن يحدث سوء تفاهم، وهو ما سيفيد المنافسين الإقليميين لإيران، بما في ذلك إسرائيل والدول العربية. كما ضغطت جماعات المعارضة العراقية التي لديها روابط وثيقة مع طهران ـ سواء المنظمات الشيعية أم الفصائل الكردية بقيادة جلال الطالباني (الذي أصبح في وقت لاحق رئيس العراق) ـ على الإيرانيين لكي يساعدوا الأميركيين. في النهاية، احتاج الإيرانيون إلى قناة لفهم القرارات الأميركية الخاصة بالعراق والتأثير فيها، واحتاج الأميركيون إلى إيران لكي لا تعقّد الخطط الأميركية. لذلك، أعيد فتح قناة جنيف في أواخر ربيع العام 2002 بعد اتصال وزارة الخارجية الأميركية بالإيرانيين.
(ص 334 ـ 335)


الصفقة الكبري بين أمريكا وإيران!

أعدّ الإيرانيون اقتراحاً شاملاً بيّن حدود صفقة ضخمة محتملة بين البلدين تعالج كافة نقاط النزاع بينهما. كتب صادق خرازي، نجل شقيق وزير الخارجية الإيراني وسفير إيران لدى فرنسا، المسودة الأولى للاقتراح. ثم رُفعت المسودة إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية للمصادقة عليها، والذي طلب بدوره من ظريف ـ السفير لدى الأمم المتحدة ـ مراجعتها قبل إرسالها إلى الأميركيين، ووضع اللمسات الأخيرة عليها. لم يكن على علم بهذا الاقتراح ويشارك في إعداده سوى دائرة مغلقة من صنّاع القرار بطهران؛ وزير الخارجية كمال خرازي، والرئيس محمد خاتمي، والسفير لدى الأمم المتحدة ظريف، والسفير لدى فرنسا خرازي، والمرشد الأعلى للثورة علي خامنئي. بالإضافة إلى ذلك، أجرى الإيرانيون مشاورات مع تيم غالديمان، السفير السويسري لدى إيران، والذي كان سيسلّم الاقتراح في النهاية إلى واشنطن.

أذهل الاقتراحُ الأميركيين. فهو لم يكن اقتراحاً رسمياً وحسب ـ على اعتبار أنه حصل على موافقة المرشد الأعلى ـ بل إن ما تضمنه من بنود كان مدهشاً أيضاً. يقول فينت ليفيريت الذي خدم كمدير رفيع في شؤون الشرق الأوسط لدى مجلس الأمن القومي حينها: "اعترف الإيرانيون بأن أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب قضيتان هامتان بالنسبة إليهم، وأنهم على استعداد للتفاوض عليهما. لقد حضيت الرسالة بموافقة كافة المستويات العليا للسلطة". بذلك، وضع الإيرانيون كافة أوراقهم على الطاولة، وصرّحوا عن كل ما يريدونه من الولايات المتحدة، وعن الأشياء التي هم على استعداد لتقديمها بالمقابل. يقول محمد حسين عادلي الذي كان حينها نائب وزير الخارجية الإيراني: "مضت تلك الرسالة التي جرى تسليمها للأميركيين إلى حدّ القول بأننا على استعداد للتحاور، وعلى استعداد لمعالجة قضايانا".

في حوار حول الاحترام المتبادل، عرض الإيرانيون وقف دعمهم لحماس والجهاد الإسلامي ـ الإخوة الإيديولوجيون لإيران في صراعها مع الدولة اليهودية ـ والضغط على المجموعتين لكي توقفا هجماتهما على إسرائيل، وفي ما يتعلق بحزب الله؛ وليد أفكار إيران، وشريكها الأكثر جدارة بالاعتماد عليه في العالم العربي، عرض رجال الدين دعم عملية نزع سلاحه وتحويله إلى حزب سياسي صرف. في الموضوع النووي، عرض الاقتراح فتح البرنامج النووي الإيراني بالكامل أمام عمليات تفتيش دولية غير مقيدة من أجل إزالة أية مخاوف من برامج التسلّح الإيرانية. وسيوقّع الإيرانيون على البروتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة عدم الانتشار، كما سيعرضون على الأميركيين إمكانية المشاركة الكثيفة في البرنامج كضمانة إضافية وإيماءة على حسن النية. في موضوع الإرهاب، عرضت طهران التعاون الكامل في مواجهة كافة المنظمات الإرهابية؛ وأهمها القاعدة. في الموضوع العراقي، ستعمل إيران بنشاط مع الولايات المتحدة على دعم الاستقرار السياسي وإقامة مؤسسات ديموقراطية، والأهم من ذلك، تشكيل حكومة غير دينية.


ربما كان البند الأكثر إثارة للدهشة ذلك المتعلق بعرض إيران القبول بإعلان بيروت الصادر عن القمة العربية؛ أي خطة السلام التي أعلنها ولي العهد السعودي في مارس/ آذار 2002 والتي عرض العرب بموجبها إبرام سلام جماعي مع إسرائيل، مقابل موافقة إسرائيل على الانسحاب من كافة الأراضي المحتلة والقبول بدولة فلسطينية مستقلة بالكامل، والتوصل إلى حلّ عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. من خلال هذه الخطوة، ستعترف إيران رسمياً بالحل القائم على دولتين. وكان المتشددون بطهران قد رفضوا قبل سنة واحدة المبادرة العربية، مجادلين بأن عودة إسرائيل إلى حدود ما قبل العام 1967 ستكون حلاً غير عادل بالنسبة إلى الفلسطينيين.
(ص 338 ـ 340)


الأمنيات الإقليمية الإيرانية!

بالرغم من أن إيران لم تكن في وضع يمكّنها من تحدّي الولايات المتحدة أو الحلول محلها كقوة منفردة في المنطقة ـ أصبحت أميركا قوة بحكم الأمر الواقع في المنطقة من خلال تواجدها العسكري في دول مجلس التعاون الخليجي ـ فقد غذّى تصاعد إيران وسعيها إلى إيجاد نظام جديد شهية إيران بالتأكيد للعب دور سياسي واقتصادي على حساب مكانة إسرائيل. لقد رأى رجال الدين أن العزلة المفروضة على إيران غير طبيعية، وغير عادلة، ولا يمكن تبريرها. كان يجدر أن تتعلم واشنطن من فشل مؤتمر مدريد عام 1991 درساً قيّماً؛ لا يمكن أن يحدث تغير جوهري بدون تعاون من جانب إيران. يشرح هادي نجاد حسينيان، الذي خدم في وزارة الرئيس هاشمي رفسنجاني في التسعينيات، "ما من شك في أن إيران أرادت وشعرت بأنه من حقها أن تلعب دور قوة إقليمية. ينبغي أن نكون القوة الأوسع نفوذاً في المنطقة، وأن نلعب دوراً بناء على ذلك، فنحن نملك الإمكانيات وينبغي علينا أن نجسّد ذلك". وسواء راق الأمر لأميركا وإسرائيل أم لا، فليس أمامهما خيار سوى الاعتراف بحقيقة قوة إيران ونفوذها. ويجادل عباس مالكي، الذي خدم كنائب لوزير الخارجية في ذلك الوقت قائلاً: "إيران قوة إقليمية. وإيران يمكنها حل المشكلة الأرمينية أذربيجانية. وينبغي أن تكون إيران جزءاً من مؤتمر شنغهاي. وإيران جزء من منظمة التعاون الاقتصادي، وينبغي أن تكون طهران جزءاً من مجلس التعاون الخليجي".
(ص 243 ـ 244)

المصالح المتناقضة!

فلو وضعنا الإيديولوجية والخطب جانباً، نجد أن إيران والولايات المتحدة تتقاسمان العديد من المصالح المشتركة في المنطقة. فكلتاهما في حالة عداء مع العراق، وكلتاهما بحاجة إلى إرساء الاستقرار في الخليج العربي، وكلتاهما تؤيد تدفق النفط بدون إعاقة، وكلتاهما تعارض ـ بدرجات متفاوتة ـ تنامي قوة حركة طالبان بأفغانستان وتجارة المخدرات الأفغانية. خافت إسرائيل من أن تطغى هذه المصالح المشتركة بين إيران والولايات المتحدة في أي حوار أميركي إيراني على هواجس إسرائيل حيال طهران، وتترك إسرائيل بمفردها في مواجهة منافستها الفارسية.
(ص 256)


http://alrased.net/site/topics/view/1537







التوقيع :

هنا القرآن الكريم ( فلاش القرآن تقلبه بيديك )

_____________________

{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } التوبة 100
من مواضيعي في المنتدى
»» الخطة السرية لآيات الشيعة في إيران- ملف حقيقي وواقعي وخطير
»» فضائل الصحابة - للشيخ الجويني
»» صيام يوم عاشوراء
»» أهل السنة كفار والنصيرية والدروز إخوان مسلمون لدى علماء الرافضة !!
»» لزوار المنتدى ومن يحب من أعضاء المنتدى