ربما يستغرب القارئ عندما نتحدث عن ظاهرة "عبادة الشيطان" في دولة لا تمل من الاعلان عن نظامها بانه "النظام المقدس للجمهورية الاسلامية الايرانية" وعن نفسها بانها اسلامية بل و"ام القرى" في العالم الاسلامي المعاصر.
ولم نكن نحن الصحفيون اول الناس الذين انتبهوا الى هذه الظاهرة بل حذر من قبلنا الباحثون في مؤسسات الدراسات في الحوزات الدينية والجامعات منها حيث وصفوها بالحركات الفكرية المخربة.
وتتحدث وسائل الاعلام الايرانية عن انتشار ظاهرة "عبادة الشيطان" بصورة سهلة وسلسة في المجتمع الايراني. لكن الابرز في هذا المجال انجذاب الشباب الى فكرة عبادة الشيطان وهذ ما اكدت عليه صحيفة "جامَ جم" التابعة لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون والمحسوبة على التيار المحافظ في عددها الصادر يوم امس السبت.
ويقول التقرير: تعد نجمة الفجر او "بنتاغرام"، والصليب المعكوس، والصليب المعقوف او عجلة الشمس، ورأس الماعز، والرقم 666، والخفاش، والقناع الخاص بوجوه الحيوانات المفترسة، وارتداء الالبسة شبه العارية.. الخ، تعد من الرموز التي تستقطب هذه الايام الشباب الايراني وهم يبتاعونها منقوشة بالالوان الجذابة على فصوص الخواتم والقلادات والاقمصة والسراويل والاحذية والساعات اليدوية.
ويقول حميد رضا مظاهري سيف مدير مركز البحوث والدراسات الاسلامية في جامعة شريف الصناعية في طهران: "احدى اسباب الانجذاب للنزعة الشيطانية في ايران يعود الى استخدام رموز عبدة الشيطان، حيث فتحت هذه الرموز مكانها بسهولة في الثقافة العامة للناس واتسعت اثر جاذبيتها". والسبب الاخر يعود الى تقديم الشيطان كمظهر للقوة وايعاز النجاحات اليه، لكن الامر المهم هو ميل الشباب للانتقاد والاحتجاج.
ونمكث هنا على العبارة الاخيرة وهي في الحقيقة زبدة الكلام. اي ان الاسباب الحقيقية لتطور ظاهرة "عبادة الشيطان" في دولة تدعي بانها تطبق الشريعة الاسلامية في كل الامور الجزئية والعامة لحياة الناس تنشأ عن ادلجة الدين واستخدامه كأداة بيد السلطة الحاكمة المتمثلة برجال الدين واتباعهم. فالقمع الاجتماعي والسياسي والقومي والثقافي للفئات الايرانية المختلفة يؤدي الى رواج ايديولوجيات مضادة للسلطة الدينية الحاكمة ومنها الايديولوجية الشيطانية لانها سهلة الوصول وتعمل بعض المواقع الفارسية في الخارج على ترويجها مستخدمة تململ الشعب الايراني وخاصة الشباب من الخطاب الديني المهيمن على كل شيء في ايران.
50 مجموعة لعبدة الشيطان في ايران فقد وصل نشاط مجموعات عبدة الشيطان حدا ادى بمسؤول ايراني كبير ان يكشف عن وجود 50 مجموعة لعبدة الشيطان في ايران.
وتحدث النائب السابق لقوات الامن الداخلي العميد حسين ذوالفقاري قبل فترة عن وجود نحو 50 مجموعة لعبدة الشيطان في إيران "حيث قامت بترجمة ونشر وتوزيع اكثر من 200 عنوان كتاب" في مجال عبادة الشيطان.
ووصف العميد ذوالفقاري القواسم المشتركة لهذه المجموعات الفكرية بـ "الانحراف عن الاديان الالهية ومنح الوعود الكاذبة والاستغلال الجنسي للاشخاص" قائلا: "تملك هذه المجموعات كتب باللغة اللاتينية حيث تقوم عناصرها بالتحدث مع الناس في الحدائق والمنتزهات حول الشؤون اليومية والفكرية".
وفيما كشف الامين العام لاتحاد المجموعات السياسية في الجامعة الحرة في ايران مؤخرا عن انبثاق مجموعات فكرية الحادية في الجامعات الايرانية، اعرب نائب رئيس ممثلية ولاية الفقيه في الجامعات الايرانية عن قلقه ازاء نشاطات عبدة الشيطان في هذه المؤسسات.
وقامت مجموعات عبدة الشيطان في ايران بانشاء العديد من المدونات والمواقع على الانترنت لنشر افكارها ورموزها. وتدعي الصحافة الايرانية ان احد شروط الانتساب الى هذه المجموعات هو استعمال المخدرات منها الحشيشة والكوكائين وحبوب " اكس".
وتقول صحيفة "جامَ جم": "ان معتقدات عبدة الشيطان تضم الامور الصحيحة والخاطئة معا حيث ان هناك امكانية لاستمرار الايديولوجية الشيطانية وتحققها في المستقبل وانهم – اي عبدة الشيطان – يطبقون الى جانب نظراتهم الباطلة، العنف والهوس والاعمال غير الانسانية".
ويؤكد عبدة الشيطان عادة على الكرم بدل البخل وعلى الثأر والانتقام والمسؤولية امام المسؤول واللذة الجسدية والنفسية.
ولربما احد عوامل جذب الشباب الى هذه المجموعات الشيطانية في ايران يعود الى التشديدات والقيود الصعبة التي تفرضها السلطة الدينية في مجال العلاقات بين الجنسين.
لكن ليست ظاهرة عبادة الشيطان هي الوحيدة التي تشغل بال المسؤوليين والسياسيين في ايران بل فقد تحولت الخرافات والبدع الدينية ومنها موضوع ظهور المهدي المنتظر – خاصة في عهد الرئيس احمدي نجاد - تحولت الى ظاهرة منتشرة في المجتمع الايراني مما اثارت حنق بعض مراجع التقليد في قم.
(القدس العربي)
http://youkal.net/ar/الحدث/638--q-.html