عرض مشاركة واحدة
قديم 16-07-11, 08:48 PM   رقم المشاركة : 1
ابو عياض المالكي الادريسي
موقوف






ابو عياض المالكي الادريسي غير متصل

ابو عياض المالكي الادريسي is on a distinguished road


ننصح ولا نفضح نصبر ولا نُفجِّر

عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في التعامل مع الحكَّام


ننصح ولا نفضح نصبر ولا نُفجِّر




إعداد: سعد بن فتحي الزَّعتري





فعن عياض بن غُنْم –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:" من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية،وليأخذ بيده، فإن سمع منه فذاك وإلاّ كان أدَّى الذي عليه" أخرجه ابن أبي عاصم في" السُّنَّة"(2/507)وصححه الألباني


فهذا الحديث أصل في هذا الباب وبيان لطريقة المناصحة بين الرعية والإمام، وهي أن تكون سراً لا علانية ولا جهاراً .




2-قوله –صلى الله عليه وسلم-:" أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" أخرجه ابو داود والترمذي وابن ماجه"الصحيحه"(491)


فقوله:"عند" تفيد أن كلمة الحق تقال عنده لا خلفه في تجمعات الناس، فإن ذلك لا ينفع الناس شيئاً، بل يزيد من حقد الرعية على راعيها ويُنْشِىْ الفساد، وقد طبَّق السلف-رحمهم الله- هذه الأحاديث، ونُقل عنهم رفقهم بولاة الأمر ومناصحتهم :-



1- فعن أسامة بن زيد-رضي الله عنه- أنه قيل له:" ألا تدخل على عثمان لتكلِّمهُ؟فقال:أترونِ أني لا أكلمهُ إلا أسْمِعَكُم؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه"متفق عليه


وفي هذا فائدة: وهي أن للناصح أن يُظهر لبعض الناس مناصحته لولي الأمر لدفع اعتراض عدم المناصحة، وليُبيِّن لهم أنه يناصحه ، قال القاضي عياض-رحمه الله-:"مراد اسامة أن لا يفتح باب المجاهرة بالنَّكير على الإمام لِمَا يخشى من عاقبة ذلك، بل يتلطف به وينصحه سراً، فذلك أجدر بالقبول"


قال الإمام الألباني-رحمه الله-:" يعني: المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ، لأن في الإنكار جهاراً ما يُخش عاقبته،كما اتفق في الإنكار على عثمان جهاراً، إذ نشأ عنه قتله"



2-وكذلك الإمام مالك-رحمه الله-: حيث قيل له:"إنك تدخل على السلطان وهم يظلمون ويجورون، قال: يرحمك الله فاين التكلم بالحق"( " الجرح والتعديل" لابن ابي حاتم1/30)


كأنه يشير الى حديث" أفضل الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر" حيث إنه ينصحه ويقول بكلمة الحق أمامه




قال الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-:" ليس من منهج السلف التَّشْهير بعيوب الولاة، وذِكْر ذلك على المنابر، لإن ذلك يُفضي إلى الانقلابات وعدم السمع والطاعة في المعروف،ويُفضي إلى الخروج الذي يضرّ ولا ينفع، ولكن الطريقة المُتَّبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتَّصلون به حتى يُوجَّه إلى الخير"





وقال الشيخ عبد المحسن العبَّاد-حفظه الله-:"أمَّا إذا خلا النصح من الرفق ولم يكن سراً، بل كان علانية، فإنه يضُرّ ولا ينفع،ومن المعلوم أن أي انسان إذا كان عنده نقص يُحبّ أن يُنصح برفق ولِيْن، وأن يكون ذلك سراً، فعليه أن يعامل الناس بمثل ما يحب أن يُعاملوه به..." إلى أن قال :" والنصح بالطريقة الأولى-يُقصد النصح بالسر-هو المشروع، وهو الذي يُحصل به النفع والفائدة، ولا أحد يمنع هذا، بل لا يستطاع منعه لأنه من الأمور الخفية..."





ويجب التنبه إلى أن الناصح لا يكون من عامة الناس، بل لا بد أن يكون من أهل العلم .





النهي عن سبِّهم وغشِّهم ووجوب تعزيرهم وتوقيرهم





فعن أنس-رضي الله عنه-قال:"نهانا كُبراؤنا من اصحاب محمد-صلى الله عليه وسلم-قالوا: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"لا تَسبُّوا أمراءكم ولا تغشُّوهم ولا تبغضوهم ، واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب"أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة"(2/474) بإسناد حسن



وعن أبي مِجْلُز قال:"سبُّ الإمام الحالقة، لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين " أخرجه ابن زنجويه في " الأموال"(1/78) باسناد حسن


يقول الإمام البربهاري:" اذا رايت الرجل يدعو على السلطان ، فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سُنَّة إن شاء الله تعالى:"شرح السنة"(ص:116)



قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يُرَخِّصُون لأحدٍ فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عُرِف من عادات أهل السُّنَّة قديما وحديثاً ومن سيرة غيرهم"" الفتاوى"(35/12)





مسألة: لا يُعْزل الإمام إذا طرأ عليه الفسق:





من المسائل التي خالف فيها الخوارج-في باب الإمامة- مسألة الفسق الذي يحصل من الإمام، فإنهم يرون عزله بذلك، وهم بذلك يخالفون النصوص الشرعية والآثار السلفية التي تدل على خلاف ما ذهبوا إليه، حيث جاءت النصوص الشرعية ببيان وجوب الصبر على ولاة الجور وطاعتهم في المعروف:


في ذلك قوله –صلى الله عليه وسلم- من حديث ابن مسعود:" إنكم سترون بعدي أثرةً وأموراً تنكرونها" قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال:" أدُّوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم"


قال النووي-رحمه الله-:"هذا من معجزات النبوة، وقد وقع هذا الإخبار متكرراً، ووجد مخبره متكرراً، وفيه الحث على السمع والطاعة، وإن كان المتولي ظالما عسوفاً فيعطى حقه من الطاعة، ولا يُخرج عليه، ولا يُخلع ، بل يُتضرع إلى الله تعالى في كشف اذاه ودفع شره واصلاحه"




وكذلك يدل عليه حديث حذيفة:" يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يسَّتنُون بسنَّتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس" قال: كيف اصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال:" تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع"


قال ابن بطال-رحمه الله-:"ومنه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك القيام على الأئمة الجورة، ألا ترى عليه السلام وصف أئمة زمان الشر فقال: " دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها" فوصفهم بالجور والباطل والخلاف لسنتهِ، لأنهم لا يكونون دعاة على أبواب جهنم إلا وهم على ضلال...""شرح البخاري"



قال الشوكاني-رحمه الله-:" وفيه دليل على وجوب طاعة الأمراء، وإن بلغوا في العسف والجور إلى ضرب الرعية وأخذ أموالهم" وقال:"والحاصل أنه لم يقم دليل على أنه ينعزل بفعل شيىء من المحرمات، وليس عليه إذا وقع في ذلك من ذلك إلا التوبة الصحيحة الماحية للذنب وكفى بها"




وقد نهى النبي-صلى الله عليه وسلم- عن الخروج على الإمام حتى يُرى كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان، وهذا يدل على عدم عزله بفعل المعاصي .



قال شيخ الإسلام- رحمه الله-:" ومن أصول هذا الموضع أن مجرد البغي من إمام أو طائفة لا يوجب قتالهم بل لا يبيحه، بل من الأصول التي دلت عليها النصوص أن الإمام الجائر الظالم يؤمر الناس بالصبر على جوره وظلمه وبغيه، ولا يقاتلونه كما أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- بذلك في غير حديث، فلم ياذن في دفع البغي مطلقاً بالقتال، بل إذا كانت فيه فتنة نهى عن دفع البغي وامر بالصبر"" الاستقامة"(1/32)



وقال ابن كثير –رحمه الله-:" الفاسق لا يجوز خلعه، لأجل ما ثور بسبب ذلك من الفتنة ووقوع الهرج كما وقع في زمن الحرة"" البداية والنهاية"(11/652)


وانظر" السل الجرار" (4/508) للشوكاني ومؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب و" الدرر السنية" وقد نقل الإجماع على هذه المسألة طوائف من أهل العلم منهم البخاري" شرح اصول اعتقاد اهل السنة والجماعة"(1/173) للالكائي وابن ابي حاتم" المصدر السابق"(1/176) واسماعيل بن يحيى المزني في " شرح السنة"(84-85) وابن ابي زيد القيرواني وغيرهم .



وقال النووي-رحمه الله-:"وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين، وقد تظافرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق، وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض اصحابنا: أنه ينعزل، وحُكي عن المعتزلة أيضاً، فغلط من قائله مخالف للإجماع" شرح النووي على " صحيح مسلم"



وفي هذا بيان الغلط من نسب القول بالخروج على الإمام الشافعي كإبن حزم وغيره من المعاصرين اليوم! وبيَّن النووي أن هذا وجه لبعض الشافعية وليس قولاً للشافعي، وهذا الوجه ضعيف لمخالفته الإجماع، وكُتُب الشافعية تصرح بعدم انعزال الحاكم عند حدوث الفسق منه .انظر " روضة الطالبين"(7/64)وغيره






وفي هذا القدر كفاية


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم