الموضوع: سفر برلك
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-10-09, 05:58 PM   رقم المشاركة : 1
الشريف الحنبلي
متى عيوني ترى عيون غاليها ؟





الشريف الحنبلي غير متصل

الشريف الحنبلي is on a distinguished road


سفر برلك

تابعوا و شاهدوا الجرائم بحق بمدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و لنفضح الصوفية و كذبهم و إتهامهم للدولة السعودية السلفية بإنتهاك حرمة المدينة المنورة
((كل ما سيكتب بشهادة اهل المدينة الذين عاشوا الرعب))
==================================

من كتاب
طيبة و ذكريات الأحبة

الجزء الخامس
1427هـ

للأستاذ
أحمد أمين صالح مرشد
(من ابناء المدينة المنورة)
==========================
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلوات الله تترى و السلام ما اشرقت شمس و ما غنت على الآيك الحمام ما طاف بالبيت الحجيج و ما دعا فيه الأنام ما رتلوا من آية ما امنوا خلف الإمام ما ردد التكبير فوق مآذن قد عانقت كبد الغمام على النبي المصطفى الهمام ما نزل القطر من الغمام و اختلف الضياء مع الظلام و الآل و الأزواج و الأصحاب و و التابعين من أولي الألباب .


سفر برلك
كلمتين نزلت على أسماع اهل المدينة كالصاعقة خبأت بين حروفها الرعب ...
هذه الحروف السبعة زلزلت اسر المدينة داخل بيوتهم المتحصنين بها خوفاً من الخطف المباغت لم ينج من حممها إلا القليل و هذه الكلمة (سفر برلك ) تعني :
الترحيل الجماعي حسب مفهومها باللغة التركية .


لقد مرت على المدينة أيام قاسية تبعتها أشهر ثم سنة مريرة لجأ فيها الأتراك إلى استخدام كل الأساليب لإخراج أهل المدينة من دورهم ونفيهم إلى خارجها شاءوا أم أبوا بالقوة الإجبارية.
تاريخ أسود ونكبة حلت بأهل المدينة كان بطلها القائد العسكري للمدينة فخري باشا واسمه عمر فخر الدين بن محمد ناهد بن عمر كما أن هناك معلومة تقول إن ناجي كاشف كجمان عُين في حامية المدينة خلال الحرب العالمية الأولى وكتب مذكرات دقيقة عن المدينة أيام فخري وجنوده الذين بلغ عددهم خلال تلك الفترة عشرة آلاف جندي.
فمن كان مولده قبل عام 1334هـ أو بعده سواء كان رجلا أو امرأة أو طفلا أو شيخا مسنا لم يرحمه جنود فخري حيث كان الجنود منتشرين وبعدد كبير داخل أسوار المدينة الثلاثة وبين أزقتها وحاراتها ولم يسلم (حسب قول البعض) إلا من كان يسكن داخل الأحواش التي تتميز بقفل أبوابها المتينة ورغم ذلك فإن كل من حاول الخروج قُبض عليه ورُحل.. وتميز الجنود الأتراك حسب توصية قائدهم بالقوة والصلابة والشدة وعدم التهاون أو رحمة شيخ عجوز يبحث عن قطعة خبز أو امرأة تبحث عن ولدها أو شاب خرج بكل حيوية دافعه البحث عن لقمة عيش لوالديه وإخوانه الصغار..كان القطار يمتد كالثعبان من محطة العنبرية مرورا بالمناخة وحتى آخر شارع العينية يلتهم كل جسد بشري يمر من أمامه أو من خلفه.


الهدف من إنشاء سكة حديد الحجاز
كان الهدف من إنشاء السكك الحديدية لربط أجزاء الدولة العثمانية المترامية الأطراف كسياسة عليا للدولة أما في عهد السلطان عبدالحميد الثاني الذي قرر مده من إسطنبول إلى المدينة المنورة مرورا بالعراق وسوريا والأردن لخدمة حجاج بيت الله الحرام الذين كانوا يلاقون صعوبة كبيرة أثناء تأديتهم لفريضة الحج قبل إنشاء الخط، فطريق الحج العراقي حوالي 1300 كم وتستغرق الرحلة شهرا كاملا وطريق الحج المصري من سيناء حوالي 1540كم ويستغرق أربعين يوما، وطريق الحج الشامي يمتد 1302كم وتستغرق الرحلة خلاله أربعين يوما.
وكانت الدولة العثمانية حريصة أشد الحرص على سلامة الحجاج ذهاباً وإياباً لهذا فإنها لم تتردد في دفع رواتب وعطايا لوقف التهديدات المستمرة على قوافل الحجاج، ولم يشعر الحجاج بالأمان والسلام بشكل لافت إلا بعد أن تولى الملك عبدالعزيز آل سعود حكم بلاد الحجاز واستمرت هذه السياسة حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، وقد اهتمت الأسرة السعودية اهتماماً بارزا بمكة المكرمة والمدينة المنورة وإعداد كل ما يلزم لراحة الحجاج والمعتمرين القادمين من أقصى بقاع الأرض.

ومن أجل إقامة المشروع وجه السلطان عبدالحميد نداء إلى العالم الإسلامي عبر سكرتيره "عزت باشا" ولقي هذا النداء تجاوبا من مسلمي العالم الإسلامي وتبرع السلطان بمبلغ (320) ألف ليرة من ماله الخاص وتبرع شاه إيران بخمسين ألفا وساهم خديوي مصر عباس حلمي الثاني بكميات كبيرة من مواد البناء.
تشكلت لجنتان لتنفيذ المشروع الأولى في إستانبول برئاسة عزت باشا والثانية في دمشق برئاسة والي الشام وذلك تمهيدا لتتبع مد خط سكة الحديد على نفس خط قوافل الحجاج.
بدأ المشروع في شهر جمادى الآخرة عام 1318هـ، حيث بدأ العمل في منطقة المزيريب ثم إلى دمشق ودرعا بإشراف بعض المهندسين الأجانب من الألمان ماعدا المسافة التي بين العلا والمدينة فقد أشرف عليها مهندسون مسلمون.

عقبات واجهت المشروع
صادف المشروع عقبات كثيرة، كان على رأسها نقص المياه، وأمكن التغلب على ذلك بحفر آبار وإدارتها بمضخات أو طواحين هواء، وجلبت المياه في صهاريج تسير على أطراف الخط. ولمواجهة نقص العمال وتوفير النفقات استخدمت قوات من الجيش العثماني بلغ عددها زهاء 6 آلاف جندي و200 مهندس كانوا يعملون في الخط بصفة دائمة. كذلك كانت السيول الجارفة إحدى العقبات التي شكلت خطورة كبيرة وحقيقية على الخط الحجازي في مرحلتي البناء والتشغيل، لذلك قام المهندسون بإنشاء مصارف للسيول على طول الخط الرئيسي.
أما الرمال المتحركة التي تعرض صلابة الخط للخطر وتؤدي إلى انقطاع الحركة بتحرك الخط عن مكانه فأمكن التغلب عليها بتغطية منطقة الرمال المتحركة بطبقة من الصلصال، وبني سد حجري ضيق يمتد موازياً للخط الحجازي ليحول دون خطر تغطيته بالرمال المتحركة. أما مشكلة الوقود فتم استيراد الفحم من الخارج وأقيمت مستودعات ضخمه لتخزينه.
وفي عودة لأول الحدث فبعد أن كان أبناء الشريف حسين علي وفيصل على وفاق تام مع فخري باشا تمهيدا للقيام بثورة ضد السلطة العثمانية أو التركية للانفصال عنها كانت هناك مشاورات بين فخري والشريف حسين عن طريق ابنيه علي وفيصل وكان علي متواجدا بالمدينة في عهد حاكمها بصري باشا الذي كان يتضايق من تدخلات الشريف علي في بعض أمور السلطة وقد اشتكى بصري باشا الشريف علي إلى جمال باشا حاكم الشام وقام جمال بمخاطبة الشريف حسين وابنه فيصل الذي كان متواجدا في سوريا، ورحل علي من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة.
شارك في المشروع 6 آلاف جندي و200 مهندس وقد بلغت تكاليف الإنشاء 4.283.000 ليرة عثمانية، وكان العمل ينجز بطريقة سريعة حيث يكون الانتهاء من مد سكة الحديد في السنة الواحدة 182كم.
وبعد الانتهاء من ربط الشام بالمدينة أصبح القطار يقطع المسافة التي تبلغ 1320كم بين دمشق والمدينة في 72 ساعة زد عليها بعض الساعات التي تضيع بين وقوف القطار في المحطات وتغيير القاطرات.

خط سير سكة حديد الحجاز
تبدأ سكة حديد الحجاز بعد محطة مزيريب من (محطة دمشق) وتمر بعدد من المحطات في طريقها ومن أهمها: الديرة - عمان - جزا - عطرانة (القطرانة) - معان - غدير الحج - بطن الغول - مدوارة (المدورة) - تبوك - الأخضر - المعظم - الدار الحمرا - مدائن صالح (الحجر) - العلا - هدية. لتنتهي السكة بمحطة المدينة المنورة. وهناك محطات فرعية أخرى على امتداد طول السكة.
وقد وصل القطار إلى المدينة المنورة في باب العنبرية في 22 رجب 1326هـ. بينما وجد الباحث في مذكرات السيد جعفر حسين هاشم أن وصول الخط الحديدي (الشموندفير) في 16 رجب 1326هـ وفي عام 1329هـ وصل عدد ركاب القطار إلى 119000 ألف.


من ذكريات سكة حديد الحجاز
1. كان (السيد محبوب علي بن السيد فضل حسين)، المولود عام 1307هجرية المتوفى عام 1394هجرية، أصغر كابتن في سكة حديد الحجاز، ولم يكن هناك من يعمل سائقاً للقطار غيره من أهل الجزيرة العربية، إذ إن الباقين أتراك، نعم كان هناك (الشيخ عبدالمجيد خطاب) موظفاً في المحطة، وكان (السيد هاشم رشيد) مهندساً في المحطة أيضاً وكان أحد المهندسين المنفذين للمشروع، وكانت لديه مخططات المشروع محتفظاً بها أخذها منه الكاتب الرحالة (فؤاد حمزة) لأجل أن يستفيد منها في كتابته عن سكة حديد الحجاز ولكنه لم يعدها له، و(السيد هاشم رشيد) هو والد الشاعر(محمد هاشم رشيد)، وكان من النفر العاملين في سكة حديد الحجاز الوافدين على السلطان عبدالحميد العثماني.
2. أما عن الأعمال التي شغلها (السيد محبوب علي) في سكة حديد الحجاز فبدايتها أنه كان الذي يزود مقود القطار بالفحم، ثم إنه وخلال تلك الفترة القصيرة من عمر سكة حديد الحجاز ترقى حتى وصل إلى كابتن.
3. لاشك أن القطار كان طريق سيره في الحجاز شديد الخطورة، وقد انقلب القطار مرتين، مرة بسبب تخريب مفاجئ في موضع من السكة، وكادت رصاصة في هذه الحادثة أن تودي بحياة سائق القطار ولكنها أطارت بطربوشه لما أصابته، والثاني أثناء الحرب العامة.
4. عايش السيد محبوب علي أحداثاً جمة أثناء عمله سائقاً للقطار، منها السياسية والعسكرية والاجتماعية والإنسانية، فقاده القطار إلى زواجه بابنة (البنكباشي علي رمزي) الحاكم العسكري في نابلس إبان تلك الحقبة، وعايش على مضض أحداث (سفر برلك) الصعبة والمؤسفة، حيث كان أهل المدينة المنورة يُكرهون على الخروج منها وبالقوة، فقد كانوا يلوذون بالبادية أو ببعض المدن والأقاليم الإسلامية هرباً من الفتن والجوع، فكان المحظوظ من الأهالي من أقلّه القطار إلى مكان آمن، ومنهم من يضطر إلى قطع المسافات الطويلة على رجليه.
5. حين تعطلت سكة حديد الحجاز عن العمل بفعل الإنجليز إبان الثورة العربية الكبرى، أذن حاكم المدينة فخري باشا للسيد محبوب علي بالسفر إلى الهند حيث هرب أبوه إليها، ثم عادا جميعاً في زمن الشريف علي بن الحسين حيث فوجئ بنهب داره وجميع ماله في داره بحي المغيسلة .
يتبع