عرض مشاركة واحدة
قديم 22-09-13, 09:46 PM   رقم المشاركة : 7
عوض الشناوي
عضو






عوض الشناوي غير متصل

عوض الشناوي is on a distinguished road


إن النوع الخاطئ من الشفاعة الذي اعتُبر مرفوضاً لدلائل عقلية ونقلية هو أن يستطيع المذنب

الآثم أن يحرّض وسيلة ما على أن تتدخل في الحكم الإلهي بما لها من نفوذ وتمنع ذلك الحكم،

أي تماماً كما يحصل في الوساطات والمحسوبيات التي تتمّ في المجتمعات البشرية المنحطّة.

ان المعممين اوهموا الشيعه أنَّ شفاعة الأنبياء والأئمَّة -عليهم السلام- هي كذلك؛ إذ يظنون أن
النبيَّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين والزهراء
والأئمة الأطهار

لاسيما الإمام الحسين (ع) أصحاب نفوذ في حكومة الله فهم يُعْمِلُون نفوذَهُم
ويغيِّرون إرادةَ الله وينقضون قوانينه.
وهذا هو التصور ذاته الذي كان للعرب زمن الجاهلية تجاه أصنامهم التي جعلوها شركاء لله

إذْ كانوا يقولون إن الخلق منحصر بيد الله ولا شريك له فيه، أما في إدارة العالم فالأصنام تشارك
الله،

أحياناً يحصل في حياة المجتمعات البشرية أن يقوم أحد الناس بإنشاء مؤسَّسة ثمَّ َيَكِلُ إدارتها إلى
شخص آخر، أو يقوم بإدارتها بنفسه بالمشاركة مع آخرين. فكانت عقيدة المشركين في الله والعالم وإدارته على ذلك النحو.

وقد حارب القرآن الكريم هذا الشرك بشدَّة وأعلن مراراً أنه ليس لله شريك في الخلق والإيجاد
كما لا شريك له في الأمر والتدبير والربوبية، فهو وحده الذي ابتدع العالم وهو وحده المدبّر له.
هو وحده مالك العالمين وهو وحده ربّ العالمين.

كان المشركون الذين يتصورون أن «ربوبية العالم» موزعة بين الله وغيره لا يشعرون أنهم
ملزمون بالسعي للحصول على رضا «الله»، ويقولون يمكننا بتقديم القرابين للأصنام وعبادتها أن

نحصل على رضا «أرباب» آخرين وتأييدهم لنا، حتى ولو كان ذلك مخالفاً لرضا «الله»، إذ أننا
لو استطعنا الحصول على رضا تلك الأصنام الآلهة فإنها تستطيع أن تدبِّر لنا الأمر وترتِّب لنا
وضعنا مع «الله»!

إذا الشيعه كما وجدنا في ادعيتهم يعتقدوا مثل هذا الاعتقاد بأنه توجد إلى جانب نظام السلطة
الربوبية، سلطة أخرى تمتلك القدرة على التصرف مثلها فإن هذا لن يكون سوى شرك محض.


وإذا ظن رجل أن طريق الحصول على رضا الله تعالى هو غير طريق الحصول على رضا
الإمام الحسين مثلاً وأن كلاً من الاثنين يمكنه أن يؤمِّن سعادةَ الإنسان، فهو واقعٌ في ضلال كبير.
في هذا الوهم
يُقال إن الله ترضيه أشياء والإمام الحسين (ع) أشياء أخرى،

مثلاً الله يرضى عن العبد إذا أدّى فرائضه من صلاة وصوم وزكاة وحج وجهاد وصدق وأمانة
وخدمة للخلق وبرّ للوالدين وأمثالها وَتَرَكَ المعاصي مثل الكذب والظلم والغيبة وشرب الخمر
والزنا،
أما الإمام الحسين (ع) فلا شأن له بمثل هذه الأعمال والوصول إلى رضاه يتم بأن يبكي الإنسان

على ابنه علي الأكبر أو على الأقل يتباكى! ويستنتج من هذا التقسيم أن تحصيل رضا الله
صعب في حين أن الوصول إلى رضا الإمام الحسين (ع) سهل إذ يتم من خلال البكاء ولطم
الصدور.

وعندما يحصل على رضا الإمام الحسين (ع) فإنه أي الإمام يتوسط له في نظام الله ويشفع له
ويسيِّر له أمره، بل يمكنه حتى أن يصفي له حساب الصلوات والصوم والحج والجهاد والإنفاق
في سبيل الله التي لم يقم بأي شيء منها ويمحي له جميع الذنوب والآثام بجرّة قلم كما يُقال.
مثل هذا التصور للشفاعة تصوُّرٌ باطلٌ وخاطئٌ وليس هذا فحسب بل هو شركٌ وإهانةٌ للإمام

الحسين (ع) الذي كان «عبوديته» الكاملة لله عز وجل كما كان أبوه شديد
الغضب جداً على «الغلاة» ويستعيذ بالله من أقاويلهم


الخطاب في الآية - كما هو ظاهر- موجّه إلى المؤمنين،
وطبقاً للآية 285 من سورة البقرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مشمولٌ بخطاب الله للمؤمنين،
وبالطبع أئمة أهل البيت عليهم السلام أيضاً مشمولين بالخطاب،

فلنا أن نسأل إذن ما هي الوسيلة التي كان يبتغيها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى عليهم السلام للتقرّب إلى الله تعالى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

هل كانت شيئاً سوى الإيمان والتقوى والعمل الصالح؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل الوسيلة التي يجب على الإمام كما يجب على المأمومين أن يطلبوها ويتوسلوا بها إلى الله شيء سوى الجهاد في الله وفي سبيل الله؟؟؟؟؟؟؟

هل يوجد في الدين فرق بين أحكام الإمام وأحكام المأموم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


جاء
في المجلد الثاني لشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد جزءاً من خطبة النبيّ -صلى الله عليه وآله-
التي قالها في أواخر عمره:

((أيها الناس! إنه ليس بين الله وبين أحد نسب ولا أمر يؤتيه به خيراً أو يصرف عنه شراً إلا
العمل، ألا لا يَدَّعِيَنَّ مُدَّعٍ ولا يتمنَّيَنَّ مُتَمَنٍّ، والذي بعثني بالحق لا يُنْجِي إلا عملٌ مع رحمةٍ ولو
عصيتُ لهويت. اللهم هل بلّغت؟)).


وقال أمير المؤمنين عليه السلام:
«إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ المُتَوَسِّلُونَ إِلَى الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى الإيمَانُ بِهِ وبِرَسُولِهِ والْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الإسْلامِ، وكَلِمَةُ الإخْلاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ، وإِقَامُ الصَّلاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ، وإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ، وصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ، وحَجُّ الْبَيْتِ واعْتِمَارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ ويَرْحَضَانِ الذَّنْبَ، وصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي المَالِ ومَنْسَأَةٌ فِي الأجَلِ، وصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ
(( نهج البلاغة، الخطبة 110.. ))


وعليّ عليه السلام يقول:
«وأَلْجِئْ نَفْسَكَ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا إِلَى إِلَهِكَ فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلَى كَهْفٍ حَرِيزٍ ومَانِعٍ عَزِيزٍ وأَخْلِصْ فِي الْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ فَإِنَّ بِيَدِهِ الْعَطَاءَ والْحِرْمَانَ... واعْلَمْ أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ والأرْضِ قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي الدُّعَاءِ وتَكَفَّلَ لَكَ بِالإجَابَةِ وأَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِيُعْطِيَكَ وتَسْتَرْحِمَهُ لِيَرْحَمَكَ ولَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وبَيْنَهُ مَنْ يَحْجُبُكَ عَنْهُ ولَمْ يُلْجِئْكَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكَ إِلَيْهِ

(نهج البلاغة، الرسالة رقم 31 وهي وصية الإمام علي عليه السلام لابنه الحسن عليه السلام كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفين)

ويقول كذلك:

«ولا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ
(نهج البلاغة، الكلم
ات القصار، رقم 371

قال تعالي
((قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً)) [الإسراء:56-57]

ان التوسُّل إلى الله يكون بالإيمان والعمل الصالح فقط وليس باعمال الشرك