عرض مشاركة واحدة
قديم 27-06-11, 09:55 AM   رقم المشاركة : 1
المركزي
عضو ماسي






المركزي غير متصل

المركزي is on a distinguished road


كيف تعدّلون جميع الصحابة وتقبلون روايتهم مع أنهم يقعون في الكبائر والصغائر

السؤال
كيف نجيب من قال : كيف تعدّلون جميع الصحابة وتقبلون روايتهم مع أنهم يقعون في الكبائر والصغائر ، وهذا قادح في العدالة ؟ والصحيح أن يُتوقف في تعديلهم حتى تثبت العدالة أو نثبت العدالة ، ومن ظهر منه الفسق جرحناه .

الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فأنصح السائل أولاً وكل من قرأ هذا الجواب ،أو اهتم بهذا الأمر بالرجوع لماكتبه العلماء، ولا يقفوا عند حد الشبهة التي قد تورد من مغرض يعلم أن أكثر الناس لاتتسع صدورهم للبحث والقراءة فيسهل اقتناصهم ، ومن الكتب التي أنصح بالرجوع إليها (الكفاية ) للخطيب البغدادي ، و ( منهاج السنة ) لشيخ الإسلام ابن تيمية ، و (تطهيرالجنان ) لابن حجر الهيتمي ، كما أن هناك كتباً ورسائل وبحوثاً صدرت في العصرالحديث لا بد من الرجوع لها ، ومنها : ( السنة ومكانتها في التشريع ) لمصطفى السباعي ، و ( دفاع عن السنة ) لمحمد أبو شهبة و ( السنة حجيتها ومكانتها في الإسلام ) لمحمد لقمان السلفي ، و ( صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم ) لعيادةالكبيسي ، و(إسلام آخر زمن ) ، و ( براءة الصحابة من النفاق ) كلاهما لمنذر الأسعد، و ( رسائل العدل والإنصاف ) لسعود بن محمد العقيلي ، وإنما ذكرت هذه المراجع ؛لأن الأخ السائل سيجد فيها بغيته ، ويصعب في جواب مختصر كهذا الإتيان على أطراف الموضوع.

ومع هذا ألخص الجواب في النقاط الآتية :
01 هناك فرق بين من يناقش هذه القضية وهو مسيء للظن بأولئك الصحب الكرام ؛ بسبب رواسب عقدية معروفة ،وبين من ينظر إليهم نظرة محبة وإجلال ؛ بسبب مواقفهم المشرَّفة في نصرة هذا الدين ،والدفاع عنه ، وصبرهم على الأذى فيه ، وبذلهم المهج والأرواح والأموال في سبيله، أولست ترى عجب عروة بن مسعود الثقفي –حين كان مشركاً – من الصحابة في الحديبية ، وذلك حين رجع إلى قومه ، فقال : " أي قوم ! والله ! لقد وفدت على الملوك ، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله ! إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمدٍ محمداً – صلى الله عليه وسلم - ! والله إن تنخّم نخامة إلا وقعت في كفّ رجل منهم فَدَلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدّون إليه النظر تعظيماً له ... إلخ ماقال " البخاري (2731-2732) .
02 تأمل قوله – تعالى - : " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً " [الفتح:29] .
و قوله – تعالى - : " وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين* وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم " [الأنفال:62-63] .
وقوله – تعالى - :" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " [آل عمران:110] .
وقولهتعالى - : " وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً " [البقرة:143] .

ثم انظر ماذا ترى ؟ أو لست ترى تعديلهم في الجملة؟
فإن أشكل عليك العموم ، فخذ الخصوص : " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم " [التوبة:117] .
وهذه كانت عقب غزوة العسرة ( تبوك ) وكانت في آخـر حياته – صلى الله عليه وسلم -.
وقال تعالى : " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنـزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً* ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيماً" [الفتح:18-19].
وهذه تزكية عظيمة لأهل بيعة الرضوان .
وقال – تعالى - : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم " [التوبة:100] .
وهذا نص قاطع في تزكية عموم المهاجرين والأنصار ، بل ومن تبعهم بإحسان .
وقريب منه قوله – تعالى - : " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون* والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثـرون على أنفسهم ولـو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " [الحشر:8-9] .
وتأمل الآية بعدها :" والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم "[الحشر:10] .

وقال – تعالى- : " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلواوكلاً وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير " [الحديد:10].

فكم سيكون عددهؤلاء الصحابة الذين زكاهم الله – تعالى- وعدَّلهم ممن شملتهم الآيات؟ ومن الذي سيبقى ؟ أهم الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا ؟ أو ليس الله – تعالى – يقول : " وكلاً وعد الله الحسنى " ؟

03 فإن كان القصد من إيراد هذه الشبه إقصاء بني أمية عن شرف الصحبة ، فمن الذي يستطيع أن يقصي عثمان – رضي الله عنه – ؟ أو ليس دون ذلك خرط القتاد ؟
وأما معاوية وعمرو بن العاص – رضي الله عنهما – فهل كان يخفى على النبي – صلى الله عليه وسلم – أمرهما حين أمّر عَمْراً على جيش ذات السلاسل وفيهم أبو بكر وعمر [البخاري (3662) ومسلم (2384)] ؟ أو ليس هو ممن أسلم طوعاً وهاجر قبل الفتح ؟ فماذا يريد من ذلك ؟
ومثله معاوية – رضي الله عنه – كيف ائتمنه النبي – صلى الله عليه وسلم – على كتابة الوحي إن لم يكن عدلاً ؟ وكيف وثق به عمر بن الخطاب وولاه إمرة جيش الشام مع ما عرف من شدة عمر – رضي الله عنه – في الولاية حتى إنه عزل عنها سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه - ؟ وكيف سكت باقي الصحابة عن ذلك لو لم يكن عدلاً عندهم ؟ وكيف زكاه بعض الصحابة كابن عباس وغيره ؟ولماذا لم يتهمه خصومه كعلي – رضي الله عنه – ومن معه من الصحابة في دينه إذا لم يكن عدلاً ؟ وكيف قَبِلَ الحسن بن علي – رضي الله عنهما – بالتنازل عن الخلافة له مع كثرة أتباعه وأعوانه إذا كان مشكوكاً في عدالته ؟ وكيف قبل باقي الصحابة ذلك؟
04 فإن ارتضيت المهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان وبيعة العقبة والذين أسلموا قبل الفتح وأنفقوا وقاتلوا ، وظهر لك ما تقدم عن معاوية وعمرو بن العاصرضي الله عنهما- فمن بقي ؟ فليكن السؤال محصوراً إذاً في : هل ثبتت صحبة فلان وفلان؟ ممن يرى مثير الشبهة أنهم خارجون عن الأدلة السابقة .
05 ليس المراد بعدالةالصحابة – رضي الله عنهم – عصمتهم من الخطأ والنسيان والذنوب والعصيان ، فالعصمة لم تثبت لأحد بعد الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام، وإنما المراد بعدالتهم – رضي الله عنهم – براءتهم من النفاق ، وصدق محبتهم لله ورسوله، وأنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ( منهاجالسنة ) ( 1/306-307) : " الصحابة يقع من أحدهم هنات ، ولهم ذنوب ، وليسوا معصومين، لكنهم لا يتعمدون الكذب ، ولم يتعمد أحد الكذب على النبي – صلى الله عليه وسلمإلا هتك الله ستره " ا.هـ، والدليل على ذلك : ما جاء في ( صحيح البخاري (6780) ) في قصة الرجل الذي جيء به عدة مرات وهو يشرب الخمر ويجلد، فلما لعنه أحد الصحابة نهاه النبي – صلى الله عليه وسلم-، وقال : " لا تلعنوه، فو الله ما علمت إنه يحب الله ورسوله ".
وقصة حاطب بن أبي بلتعة – وهي مخرجة في الصحيحين [البخاري (4890) ومسلم (2494)] – معروفة ، فإنه اتهم بالتجسس على المسلمين ، ومع ذلك نفى عنه النبيصلى الله عليه وسلم – الكفر ، وقال : " وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر ،فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " .
06 المتتبع لسيرة الصحابة – رضي الله عنهم – يجد أن من نُقل عنه اقترافه شيئاً من الآثام قلة قليلة ، وبعض هذه القلة لايثبت عنه ذلك ، ومن ثبت عنه اعتُذر عنه ببعض الأعذار التي لو أعرضنا عنها وافترضنا ثبوت ذلك عنه لما كان له أثر في أصل القضية التي نتحدث عنها ؛ لأن القصد حماية جناب السنة بحماية جناب نقلتها وحامليها ، ومن نظر بعين الإنصاف وجد حَمَلَةَ السنة من الصحابة – رضي الله عنهم – لم يرد عنهم شيء مما ذُكر، وإنما ورد ذلك عن أناس اختلف في صحبتهم كالوليد بن عقبة ، ومع ذلك فليس لهم رواية - بحمد الله -، وأعني بذلك بعدوفاته – صلى الله عليه وسلم – ، وأما حال حياته فقد كانت تقع من بعضهم تلك الأمورلمصلحة التشريع كما لا يخفى .
يقول الألوسي – رحمه الله – في ( الأجوبة العراقية ) ( ص 23-24) : " ليس مرادنا من كون الصحابة – رضي الله عنهم – جميعهم عدولاً : أنهم لم يصدر عن واحد منهم مفسَّق أصلاً ، ولا ارتكب ذنباً قط ، فإن دون إثبات ذلك خرط القتاد ، فقد كانت تصدر منهم الهفوات .... " إلى أن قال : " ثم إن مما تجدرالإشارة إليه ، وأن يكون الإنسان على علم منه : هو أن الذين قارفوا إثماً من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم حُدّوا هم قلة نادرة جداً ، لا ينبغي أن يُغَلَّب شأنهم وحالهم على الألوف المؤلفة من الصحابة – رضي الله عنهم – الذين ثبتوا على الجادة والصراط المستقيم ، وحفظهم الله – تبارك وتعالى – من المآثم والمعاصي ، ما كبُر منها وما صغر ، وما ظهر منها وما بطن ، والتاريخ الصادق أكبرشاهد على هذا " .
ويقول الغزالي في ( المستصفى ) ( ص 189-190) : " والذي عليه سلف الأمة وجماهير الخلف : أن عدالتهم معلومة بتعديل الله – عز وجل – إياهم ،وثنائه عليهم في كتابه ، فهو معتقدنا فيهم إلا أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد لفسق مع علمه به ، وذلك لا يثبت ، فلا حاجة لهم إلى تعديل " .

07 والمقصود بالمفسَّقات التي نتحدث عنها : ما عدا الفتن التي نشبت بينهم – رضي الله عنهم – فمع كون قتل المسلم يُعد مفسَّقاً إلا أن ما كان منه بتأويل يخرج عما نحن بصدده ،والأدلة على هذا كثيرة ، ومن أهمها :
قوله - تعالى - : " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " [الحجرات:10] ، فوصفهم- سبحانه – بالإيمان مع وجود الاقتتال .
وأخرج البخاري (2704) عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال عن الحسن بن علي – رضي الله عنهما – : " إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ". ولذا عذر أهل السنة كلتا الطائفتين ، وتولّوهما ، وإن كانت واحدة أقرب إلى الحق من الأخرى .
08 مما لا شك فيه أنه لا يمكن العمل بالقرآن إلا بالأخذ بالسنة ، ولا تصح السنة ولا تثبت إلا بطريقة أهل الحديث ،وأهمها جذر الإسناد ، وهم الصحابة – رضي الله عنهم -، ولذا يقول أبو زرعة الرازيرحمه الله - : " إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاعلم أنه زنديق ؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – عندنا حق ، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحابُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ،وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى ، فهم زنادقة " أخرجه الخطيب البغدادي في ( الكفاية ) ( ص 66-67) ، وكان قد قال قبله : " على أنه لو لم يَرِد من الله – عز وجل – ورسوله فيهم – أي الصحابة – شيء مما ذكرناه، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المـُهَج والأموال، وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين ، القطع بعدالتهم والاعتقاد لنـزاهتم ، وأنهم أفضل من جميع المعدَّلين والمزكين الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين " ا.هـ.

09 هناك سؤال عكسي نوجهه لمن يثير هذه الشبهة ، فنقول : ما هو البديل في نظرك؟
أ. فهل ترى أن الإسلام يؤخذ من القرآن فقط ؟

فقل لي : من الذي نقل إلينا القرآن ؟ ومن الذي جمعه ؟ وهل تستطيع أن تقيم الإسلام بالقرآن فقط ؟ وماذا نصنع بالآيات الكثيرة الدالة على وجوب الأخذ بالسنة ،كقوله – تعالى - :" وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " [الحشر:7]،وقوله – تعالى - : "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" [النحل:44] .
ب. أو ترى أنه يؤخذ بالسنة ، ولكن من طريق صحابة بأعيانهم ثبتت لديك عدالتهم ،
ومن عداهم فلا ؟ فسمَّهم لنا وبيَّن لنا موقفك من البقيـةالباقيـة بكل وضوح ،
وسترى من الذي تنتقض دعواه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد



العنوان هل جميع الصحابة عدول؟
المجيب د. سعد بن عبد الله الحميد
التصنيف العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت
التاريخ 16/11/1422








التوقيع :
قف وانتبه
لقد جعل الله الغيظ من الصحابه عنوان للكافر فما بالك بمن يلعنهم
من مواضيعي في المنتدى
»» زميلنا احمد الحزين تفضل هنا
»» مبداء ختم النبوه والنص ألإلاهي بالإمامه
»» جزاك الله خيرا شيخنا عبد الرحمن دمشقية
»» ألكشف عن مخطط إيراني للسيطره على صنعاء
»» الفرق بين مهديهم العجيب والأنبياء