عرض مشاركة واحدة
قديم 22-07-10, 11:30 PM   رقم المشاركة : 5
مجيدي
عضو ماسي







مجيدي غير متصل

مجيدي is on a distinguished road


الفصل الثاني

فقه الحديث

أشرت من قبل إلى فقه الروايات الصحيحة،
وهو يدل على وجوب الأخذ بالكتاب والسنة،
وهما بلا خلاف المصدران الأساسيان للعقيدة والشريعة .

وما صح عن زيد بن أرقم (23) - رضي الله تعالى عنه،
يدل إلى جانب هذا على
وجوب رعاية حقوق أهل بيت الرسول -! ،
وتعرضت للحديث عن المراد بأهل البيت .


ويبقى هنا فقه الحديث الذي بينت ضعف طرقه،
والضعيف ليس بحجة،
ولكن ما دمنا وجدنا من صححه فلنبحث
في فقهه لو فرضنا صحته .


قال العلامة المناوي في فيض القدير (3/14):

" إن ائتمرتم بأوامر كتابه، وانتهيتم بنواهيه ، واهتديتم بهدى عترتي، واقتديتم بسيرتهم ، اهتديتم فلم تضلوا .

قال القرطبي : وهذه الوصية ، وهذا التأكيد العظيم، يقتضي وجوب احترام أهله، وإبرارهم وتوقيرهم ومحبتهم، وجوب الفروض المؤكدة التي لا عذر لأحد في التخلف عنها " .
ثم قال (3/15):

" لن يفترقا: أي الكتاب والعترة، أي يستمرا متلازمين حتى يردا على الحوض: أي الكوثر يوم القيامة ،
زاد في رواية كهاتين ،
(23) انظر الروايات في " ثالثا. . . ورابعا..." .

وأشار باصبعيه، وفي هذا مع قوله أولا:
" إني تارك، تلويح بل تصريح بأنهما كتوأمين ،
خلفهما ووصى أمته بحسن معاملتهما ،
وإيثار حقهما على أنفسهما،
واستمساك بهما في الدين،




أما الكتابفلأنه معدن العلوم الدينية،
والأسرار والحم الشرعية، وكنوز الحقائق وخفايا الدقائق .

وأما العترة فلأن العنصر إذا طاب أعان على فهم الدين ، فطيب العنصر يؤدي إلى حسن الأخلاق ، ومحاسنها تؤدي إلى صفاء القلب ونزاهته وطهارته .


قال الحكيم :
والمراد بعترته هنا
العلماء العاملون إذ هم الذين لا يفارقون القرآن .
أما نحو جاهل وعالم مخلط فأجنبي من هذا المقام ،

وإنما ينظر للأصل والعنصر عند التحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل، فإن كان العلم النافع في غير عنصرهم لزمنا اتباعه كائنا ما كان، ولا يعارض حثه هنا على اتباع
عترته حثه في خبر على اتباع قريش ،

لأن الحكم على فرد من أفراد العام بحكم العام
لا يوجب قصر العام على ذلك الفرد على الأصح ،

بل فائدته مزيد الاهتمام بشأن ذلك الفرد،
والتنويه برفعة قدره ،


ثم قال الشريف: هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كل زمن إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحث المذكور إلى التمسك به ،
كما أن الكتاب كذلك، فلذلك كانوا أمانا لأهل الأرض ،
فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض " . أ . ه.

وقال ابن تيمية بعد أن بين أن الحديث ضعيف لا يصح
: "وقد أجاب عنه طائفة
بما يدل على أن أهل بيته كلهم لا يجتمعون على ضلالة .
قالوا: ونحن نقول بذلك كما ذكر ذلك القاضي أبو يعلى وغيره ".

وقال أيضا:" إجماع الأمة حجة بالكتاب والسنة والإجماع، والعترة بعض الأمة، فيلزم من ثبوت إجماع الأمة إجماع العترة(24).

(24) منهاج السنة النبوية 4/105.


بالنظر في هذه الأقوال،
وبتدبر متن الحديث،
نقول:



1- يجب ألا يغيب عن الذهن المراد بأهل البيت،
فكثير من الفرق التي رزيّ بها الإسلام والمسلمون
ادعت أنها هي التابعة
لأهل البيت.

2- أهل البيت الأطهار لا يجتمعون على ضلالة. تلك حقيقة واقعة، ونلحظ هنا أنهم في تاريخ الإسلام لم يجتمعوا على شيء يخالف إجماع باقي الأمة، فلأخذ بإجماعهم أخذ بإجماع الأمة
كما أشار ابن تيمية
وكل إنسان يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله ! ،
ولذلك فعند الخلاف نطبق قول الله: ((فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)) "النساء:59".


4 - لو كان ما ذكره الشريف من الفقه اللازم للحديث لكان في هذا ما يكفي لرفض المتن،فالأيام أثبتت بطلانه،
وإلا فمن الذي نؤمر باتباعه
في عصرنا هذا على سبيل المثال ؟


أبإحدى الفرق التي تنسب لآل البيت؟
أم بجميع الفرق وكل فرقة ترى ضلال غيرها
أو كفره ؟

بنسل لآل البيت من فرق ؟
فكيف إذاً نؤمر بمن لا نعرف ؟!


5- فرق كبير بين التذكير بأهل البيت والتمسك بهم،
فالعطف على الصغير، ورعاية اليتيم . والأخذ بيد الجاهل، غير الأخذ عن العالم العابد العامل بكتاب الله وسنة رسوله-! .

وفي ختام القول عن فقه الحديث أذكر هنا
ما ذهب إليه بعض المسلمين
من أن الحديث يدل على أفراد معينين
من أهل البيت تجب طاعتهم والأخذ عنهم،

وأن أول هؤلاء علي بن أبي طالب، رضى الله عنه،
وأنه هو وصي رسول الله !.


وهذا القول جد خطير،
فإنه يؤدي إلى اتهام
الصحابة الكرام، خير أمة أخرجت للناس،
بأنهم خالفوا وصية رسول الله-!.
وإلى عدم شرعية خلافة
الخلفاء الراشدين الثلاثة -
رضي الله تعالى عنهم،

وإلى هدم أركان رئيسية في
الإسلام .


غير أننا هنا لا نحب أن نخوض
في هذا الموضوع، فالبحث لا يتسع لمثله،

وإنما نقول في فقه هذا الحديث
بأن ما ذهب إليه هؤلاء القوم مرفوض
لأن الحديث ليس بصحيح ولا صريح،
ومعارض بالصحيح الصريح .



ومن الأحاديث
الصريحة الصحيحة ما يأتي :

أولا: روى الشيخان بسندهما
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
قال: " قيل لعمر: ألا تستخلف ؟
قال : إن أستخلف فقد استحلف من هو خير منيأبو بكر،
وإن أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله -! - فأثنوا عليه فقال : راغب راهب ، وددت إني نجوت منها كفافا
لا لي ولا عليّ ، لا أتحملها حيا وميتا "
(25) .


وفي رواية أخرى لمسلم بسند آخر
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال
:
" دخلت على حفصة فقالت: أعلمت أن أباك غير مستخلف ؟ قال: قلت : ما كان ليفعل، قالت: إنه فاعل، قال: فحلفت أن أكلمه في ذلك، فسكت حتى غدوت ولم أكلمه، قال: فكنت كأنما أحمل بيميني جبلا حتى رجعت، فدخلت عليه، فسألني عن حال الناس وأنا أخبره، قال: ثم قلت: إني سمعت الناس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لك، زعموا أنك غير مستخلف، وأنه لو كان لك راعي إبل أو راعي غنم ثم جاءك وتركها رأيت أن ضيع، فرعاية

(25) راجع البخاري- كناب الأحكام، باب الاستخلاف. ومسلم: كتاب الإمارة - باب الاستخلاف وتركه للبخاري .

الناس أشد، قال: فوافقه فوافقه فوضع رأسه ساعة تم رفعه إليّ فقال: إن الله عز وجل يحفظ دينه، وإني لئن لا استخلف فإن رسول الله - !- لم يستخلف،وإن استخلف فإن أبا بكر قد استخلف . قال: فوالله ما هو إلا أن ذكر رسول الله -! - وأبا بكر فعلمت أنه لم يكن ليعدل رسول الله -!- أحدا، وأنه غير مستخلف" (26) .




وروى أحمد بسند صحيح عن الإمام علي - رضي الله عنه،
أنه قال: " لتخضبن هذه من هذا، فما ينتظر بي الأشقى؟
قالوا: يا أمير المؤمنين فأخبرنا به نبير عترته ! قال: إذاً تاالله تقتلون بي غير قاتلي، قالوا: فاستخلف علينا، قال: لا ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله -! قالوا: فما تقول لربك إذا أتيته ؟ قال: أقول: " اللهم تركتني فيهم ما بدا لك، ثم قبضتني إليك وأنت فيهم، فإن شئت أصلحتهم وإن شئت أفسدتهم " .


وفي رواية بسند آخر أن الإمام قال:" والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه، من هذه، قال الناس: فأعلمنا من هو؟ والله لنبيرن عترته!قال: أنشدكم بالله أن يقتل غير قاتلي، قالوا: إن كنت قد علمت ذلك استخلف إذاً قال: لا، ولكن أكلكم إلى ما وكلكم إليه رسول الله - (27) .



(26) انظر الوضع السابق من صحيح مسلم. وروى أبو داود بسنده عن ابن عمر أيضا قال:عمر: إني إن لا استخلف فإن رسول الله - - لم يستخلف، وإن استخلف فإن أبا بكر قد استخلف. قال: فوالله ما هو إلا أن ذكر رسول الله- - وأبا بكر فعلمت أنه لا يعدل رسول الله -- أحدا، وأنه غير مستخلف.

( انظر سنن أبي داود - كتاب الخراج
والفيء والإمارة - باب في الخليقة يستخلف).

(27) انظر المسند ج 2 الروايتين 1078 و1339،
وبالحاشية بيان الشيخ شاكر لصحة الإسناد .


فهذه الروايات تدل على
أن عمر وعليا - رضي الله عنهما -
لم يستخلفا أحدا تأسيا برسول الله - ،

أي أن الرسول -- لم يعين أحدا لخلافته،
ويؤيد هذا أيضا
ما أخرجه أحمد بسند صحيح عن قيس بن عباد

قال:" كنا مع علي فكان إذا شهدا مشهدا، أو أشرف على أكمة أو هبط واديا قال: سبحان الله ! صدق الله ورسوله،
فقلت لرجل من بني يشكر: انطلق بنا إلى أمير المؤمنين حتى نسأله عن قوله صدق الله ورسوله، قال: فانطلقنا إليه: فقلنا: يا أمير المؤمنين، رأيناك إذا شهدت مشهدا، أو هبطت واديا ، أو أشرفت على أكمة، قلت : صدق الله ورسوله،

فهل عهد رسول الله إليك شيئا في ذلك ؟

قال : فأعرض عنا، وألححنا عليه،
فلما رأى ذلك قال: والله ما عهد إلي رسول الله -- عهدا إلا شيئا عهده إلى الناس،ولكن الناس وقعوا على عثمان فقتلوا، فكان غيري فيه أسوأ حالا وفعلا منّي، ثم إني رأيت أني أحقهم بهذا الأمر فوثبت عليه، فالله أعلم أصبنا أم أخطأنا (29) .



وكذلك يؤيد ما سبق ما رواه الشيخان
وأحمد بأسانيد صحيحة
أن الرسول - -
مات ولم يوص،

وقد روى هذا عن ابن عباس،
وعبد الله بن أبي أوفى، والسيدة عائشة
(30) .


ثانيا: روى البخاري بسنده عن السيدة عائشة - رضى الله عنها أن رسول الله - صلوات الله عليه -قال: " لقد هممت أن أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد، أن يقول القاتلون أو يتمنى المتمنون ، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون أو يدفع الله ويأبى المؤمنون (31) .

(29) انظر الرواية وصحة إسنادها بالمسند ج2 رقم 1206.
(30) راجع صحيح البخاري - كتاب مرض النبي - -ووفاته. وكتاب التفسير:باب من قال لم يترك النبي - - إلا ما بين الدفتين. وباب الوصاة بكتاب الله عز وجل - وراجع كذلك صحيح مسلم- كتاب الوصية: باب ترك الوصية .
(31) البخاري- كتاب الأحكام- باب الاستخلاف .


وروى مسلم عنها أنها قالت:
قال لي رسول الله -- في مرضه:" أدعى لي أبي بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون
إلا أبا بكر
(32)
.
وأخرج أحمد في مسنده هذا الحديث الشريف
بسند صحيح كمسند مسلم ،وبسندين آخرين (33) .

وهذا الحديث الشريف
يدل على أن الخلافة لو كانت بالنص لكانت لأبي بكر الصديق - ، فهو الأولى بها، وتم ما قاله من لا ينطق عن الهوى، فقد أبي الله سبحانه والمؤمنون إلا أبا بكر .

(32) مسلم: كتاب الفضائل - باب من فضائل أبي بكر الصديق.
(33) انظر المسند1/47،106،144 .


وذكر مدرس الفلسفة الدكتور أحمد محمود صبحي الرواية الأخيرة لهذا الحديث الشريف،
ولم يذكر مصادره بل اكتفى بنسبته
لبعض أهل السنة.
ثم قال: "
ولا شك أن الوضع ظاهر في هذا الحديث، وأنه أريد به معارضة حديث الشيعة في أمر كتاب النبي الذي ينسب إلى عمر أنه منعه، ولو صح كتاب النبي إلى أبي بكر لكان نصا جليا لأبي بكر، وهو ما لم يقل به جمهور المسلمين " .


والمؤلف عند أهل السنة،
مع أن رواياته لم تصح منها واحدة كما بينا من قبل
( انظر كتابه: نظرية الإمامة ص 235-236).

الخاتمة

هذه هي روايات حديث الثقلين
التي جمعتها من كتب السنة،
وجعلت كل متن مع سنده ،
وذكرت من أخرجه،
وبذا أمكن أن نميز الصحيح من غيره .



والروايات التي صحت سندا،
قبلت متنا، ووضع فقهها،
ولا خلاف حول الأخذ به .


والرواياتالتي بينت ضعف سندها،
وصححها آخرون،
وجعلها غيرهم ضمن الأحاديث الموضوعة،
هذه الروايات وجدنا اختلافا حول فهم دلالتها.
ولعلّي بينت ما يمكن أخذه من فقه هذه الروايات .



فإن أكن أصبت فبفضل الله جلت قدرته، وبعونه وحده سبحانه، وإن أكن أخطأت فقد بذلت أقصى ما استطعت للوصول إلى الحق، ورحمة وربك وسعت كل شيء .

ومما أمرنا عز وجل أن نتلوه ما جاء ختاما لسورة البقرة :

(( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )).







من مواضيعي في المنتدى
»» أهــــداء الى الزميلــة وتــد ...
»» حديث الثقلين وفقهه
»» برنامج وثائقي عن الأحواز في قناة الصفا
»» احتفال الأيرانيون في عيد النار ومنع الأحوازيون من اقامة صلاة العيد
»» ياشيعي إرفع راسك بثورة إمامك الخميني