رسالة أمير المؤمنين عليه السلام لمعاوية بن أبي سفيان
وَأَمَّا طَلَبُكَ إِلَيَّ الشَّامَ، فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأُعْطِيَكَ الْيَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَكَلَتِ الْعَرَبَ إِلاَّ حُشَاشَاتِ أَنْفُسٍ بَقِيَتْ، أَلَا وَمَنْ أَكَلَهُ الْحَقُّ فَإِلَى الْجَنَّةِ، مَنْ أَكَلَهُ الْبَاطِلُ فَإِلَى النَّارِ.
وَأَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِي الْحَرْبِ والرِّجَالِ، فَلَسْتَ بِأَمْضَى عَلَى الشَّكِّ مِنِّي عَلَى الْيَقِينِ، وَلَيْسَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَحْرَصَ عَلَى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى الْآخِرَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّا بَنُوعَبْدِ مَنَافٍ، فَكَذلِكَ نَحْنُ، وَلكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمَ، وَلاَ حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَلاَ أَبُوسُفْيَانَ كَأَبِي طَالِبٍ، وَلاَ المُهَاجرُ كَالطَّلِيقِ ، وَلاَ الصَّرِيحُ كَاللَّصِيقِ ، وَلاَ الْمُحِقُّ كَالْمُبطِلِ، وَلاَ الْمُؤْمِنُ كَالْمُدْغِلِ. وَلَبِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ.
وَفِي أَيْدِينَا بعْدُ فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِي أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِيزَ، وَنَعَشْنَا بِهَا الذَّل ِيلَ.
وَلَمَّا أَدْخَلَ اللهُ الْعَرَبَ فِي دِينِهِ أَفْوَاجاً، وَأَسْلَمَتْ لَهُ هذِهِ الْأُمَّةُ طَوْعاً وَكَرْهاً، كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الدِّينِ: إِمَّا رَغْبَةً وَإِمَّا رَهْبَةً، عَلَى حِينَ فَازَ أَهْلُ السَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ، وَذَهَبَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ.
فَلاَ تَجْعَلَنَّ لِلشَّيْطَانِ فِيكَ نَصِيباً، وَلاَ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلاً، وَالسَّلاَمُ.
نهج البلاغة >> الكتب >> الرسالة 17 إلى معاوية جوابا عن كتاب منه
ماذا تفهم من هذا الكلام؟
أما تنازل الحسن عليه السلام بالخلافة له فما كان ذلك إلا كما فعل أبيه من قبل مع الشيخين لقلة الناصر وخذلان الجماعة