عرض مشاركة واحدة
قديم 23-12-12, 04:49 PM   رقم المشاركة : 5
منهج السالكين
(أبو معاذ) مشرف سابق







منهج السالكين غير متصل

منهج السالكين is on a distinguished road


بسم الله الرحمن الرحيم
من الأمور التي طرحها حسن المالكي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} فيقول إن هذا الفعل صدر من جمع من الصحابة بدليل أن الله عز وجل يقول: {تُسِرُّونَ} فجمع والجمع يقتضي أنه صدر من عدد من الصحابة؟!
فيقال للمالكي: لا يسلم ل بذلك بل ذكر المفسرون أن سبب نزول هذه الآية ما حصل من حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه.
وأما صيغة الجمع التي تمسكت بها فالرد عليها:
أولاً: كما قال الشيخ الفارس وفقه الله الزمن زمن تربية.
فقد يصدر الفعل من واحد فيخاطب الله جميع المؤمنين، كما حصل مع هذا الفعل، فليس من المعقول أنه كلما وقع رجل في خطأ نبه الله عز وجل ذلك الرجل ووجه الخطاب له فقط، بل يخاطب الأمة جميعا، ولنا في ذلك أدلة، منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى: { يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} هنا الله عز وجل خاطب جميع بني آدم مع أن الأكل من الشجرة والخروج من الجنة صدر من آدم وحواء عليهما السلام، فهو تنبيه لذريتهما من وسوسة الشيطان.
وقد يخاطب الله عز وجل رسله بأمر لم يقع أصلا مثل قوله تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} فلو أخذنا بمنطق المالكي وتفسيره لجاء إلينا نصراني وقال عن هذه الآية انظروا نبي الإسلام يشك في ما أنزل إليه وإلا لما خاطبه الله عز وجل بهذه الآية! وهذا لا أظن المالكي يقول به.
الخلاصة: أنه قد يقع خطأ من صحابي واحد فينبه الله عز وجل عليه الصحابة بصيغة الجمع ولا يعني هذا أن الخطأ وقع من الجميع، بل هي تربية لهم ولمن بعدهم من المؤمنون.
وقد ينبه الله لأمر لم يقع أصلا ليحذر عباده الصالحون من الوقوع فيه.
ففي قوله {تُسِرُّونَ} لا يعني أنه وقع، بل مثل قوله تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ} قطعا لم يقع الشك من النبي صلى الله عليه وسلم.