عرض مشاركة واحدة
قديم 22-06-03, 05:36 PM   رقم المشاركة : 5
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


القاعدة الثالثة:

أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ظهر على أُناسٍ متفرّقين في عباداتهم منهم مَن يعبُد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأحجار والأشجار، ومنهم مَن يعبد الشمس والقمر، وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفرِّق بينهم،

والدليل قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾[البقرة:193].



ودليل الشمس والقمر قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ﴾[فصلت:37].


ودليل الملائكة قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا﴾[آل عمران:80].
ودليل الأنبياء قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾[المائدة:116].


ودليل الصالحين قوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ... ﴾الآية[الإسراء:57].


ودليل الأحجار والأشجار قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى(19)وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾[النجم:19-20].


وحديث أبي واقدٍ الليثي t قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم الى حُنين ونحنُ حدثاء عهدٍ بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله إجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط... الحديث.

--------------------------------------------------------------------------------

قال الشيخ العلامة الفوزان :


هذه القاعدة فيها مقدمة ونتيجة؛ أما المقدمة فهي راجعة إلى معرفة حال العرب بما أخبر الله جل وعلا عنهم في عباداتهم، وآلهة العرب التي كانوا يعبدونها، كانت متنوعة، فمنهم من كان يعبد الشمس والقمر، وذكر دليل ذلك، وهو قوله تعالى: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾[فصلت:37], وهذا النوع من العرب؛ طائفة كانت تعبد الشمس والقمر، ومن غير العرب أيضا،

ومنهم من كان يعبد الشجر والحجر، ومنهم من كان يعبد الملائكة،

كما قال جل وعلا ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ ( )لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ(40)قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾[سبإ:40-41], وكان من الناس؛ من العرب وغيرهم يشرك بالملائكة ومنهم من كان يشرك بالأنبياء، عيسى عليه السلام،

قال جل وعلا في حقِّه ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾[المائدة:116], فأُشرِكَ بعيسى عليه السلام، وأشرك بالصالحين قال جل وعلا ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ(101)لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾[الأنبياء:101-102], وقد جاء في سبب نزولها، أنه لما نزل قول الله جل وعلا ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ(98)لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا﴾[الأنبياء:98], فرح العرب بذلك، وقالوا سنكون مع عيسى، وسنكون مع العزير، وسنكون مع... مع، ثم نزل قول الله جل وعلا ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ(101)لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾[الأنبياء:101-102].

فتوجهوا للصالحين بالعبادات المختلفة للرجال من الأنبياء والرسل والصالحين، وتوجهوا أيضا للأشجار والأحجار ﴿أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى(19)وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾[النجم:19-20], توجهوا إلى الشياطين والجن؛ ﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾[سبإ:41]، ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾[الجن:6] هذه الأصناف عبادات العرب جاءت في القرآن، وحال العرب ظاهرة فيها، هل فرَّق الله جل وعلا بأمره لنبيه بين فئة وأخرى؛ فقال لهم: من عبد الأشجار والأحجار والأصنام والشمس والقمر قاتلوهم، وأما من جعل الصالحين والأنبياء شُفعاء، وجعل الصالحين والأنبياء قربة وزلفى إلى الله جل وعلا هؤلاء لا تقاتلونهم؟ لم يأتي هذا التفريق؛ بل جاء الأمر واحدا وحكم على الجميع بأنهم كفار ومشركون، وقوتلوا، وأمر الله جل وعلا بقتال جميع تلك الفئات، وجميع أولئك المشركين؛ جاء الأمر بقتالهم بدون تفريق ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾[التوبة:36], وهذا عام في الجميع، وهذه هي النتيجة، وما قبلها مقدمة، وإذا كان كذلك, كان لا فرق أن يعبد نبيا، أو يعبد حجرا، أو شجرا، أو أن يعبد جنيا، أو أن يعبد ملَكا، فالحال واحدة.


فمن أتى في هذا الزمان، وفرّق، وقال الصالحون إنما هم أولياء، ولهم مقام عند الله، والأنبياء لهم مقام وجاه، فإذا استشفعنا بهم فإن لهم جاه عند الله جل وعلا.


فنقول: وأي فرق بين عبادة هؤلاء الصالحين، والتوجه إليهم، وبين عبادة من عبد عيسى، أو عَبَدَ العُزير، أو عبد الصالحين الذين كانوا يُعبدون؟ أي فرق بين هذا وهذا؟

لاشك أن الحُكم على الجميع واحد، وهذه قاعدة يقينية من أنه لا فرق بين هذا وهذا؛ لأن المدار على عبودية القلب، إذا قام في القلب التنزيه والإفراد بالله جل وعلا، فسواء أكان المشرك به صالحا أو طالحا، كان نبيا أم لم يكن نبيا، كان شجرا أو كان ملكا، الأمر واحد؛

لأن القلب يجب أن تكون عبوديته لله وحده، وأن يكون دينه لله وحده ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾[الزمر:3], ﴿قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾[الزمر:14], وهذه العبودية من جهة العابد، لا ينظر فيها إلى من توجه إليه، فإن توجه لله الواحد الأحد فهو مخلص موحد، وإن توجه إلى غيره فإنه مشرك مهما كان ذلك الغير، ولهذا قال جل وعلا ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن:18] وقوله (أَحَدًا) يعمّ الجميع كما ذكرنا ذلك مرارا، وكقوله جل وعلا ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾[المؤمنون:117], قال جل وعلا هنا ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾

لا برهان له به، هذه صفة من عبد غير الله جل وعلا؛ لأنه لا برهان له بما عبد، وليس لها مفهوم لأن هناك ما يُعبد وثَمَّ برهان عليه، بل كل من عبد غير الله، ودعا غير الله فإنه لا برهان له على أحقِّية ذلك الغير بالعبادة أو بالتوجه.



فإذا نظرنا في هذا الزمن، الذين يعبدون الأولياء، ويعبدون القبور، والمشاهد، ويتوجهون إليها، والأنبياء، والرسل ويقولون مقامات ونحو ذلك للصحابة، أو في كل بلد ثَمَّ طريق ويتوجه الناس إليه، ويشركون به، يقولون هذه ليست عبادة المشركين الأولين، لما؟ قالوا: لأن هذه عبادة الصالحين، وأولئك إنما عبدوا الأصنام، عبدوا أحجار، كيف يكون ذلك،

وقد قال جل وعلا في وصف أولئك المعبودين؛ ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾[النحل:21], قال طائفة من المفسِّرين؛ كأبي الحيّان في تفسيره البحر المحيط، وقال غيره، إن هذه الآية فيمن يُبعث لأن الله قال ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ والذي يوصف بأنه ميت من كان حيا قبل ذلك، والأصنام التي هي من الأحجار والأشجار ونحو ذلك، لا توصف بأنها أموات غير أحياء، وإنما الذي يوصف بذلك من كان تحله الحياة ثم صار ميتا، فإنه يقال أموات غير أحياء،

وبين ذلك أكثر حين قال (وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) فإنها بحق من يبعث يوم القيامة للقاء الله جل وعلا.



فإذن هذا الذي يحتج به مشركوا هذا الزمان، ومشركوا زمان الشيخ رحمه الله، وهذا في كلِّ مكان، يقولون إنما توجهنا إلى الصالحين، وأولئك الأولون إنما توجهوا أيضا إلى الصالحين، قالوا نطلب الوساطة ما طلبنا منهم استقلالا، نقول والأولون أيضا طلبوا الواسطة والقربة والشفاعة، ولم يطلبوا الاستقلال، فالحال هي الحال، وإن تغيرت الأسماء، وتغيرت الدعاوي، فالحال هي الحال، وما أشبه الليلة بالبارحة.

-------------------------------------------------------------------------------

يتبع إن شـــــــــــــــاء الله .