أقول لقد كثر الحديث عن إعتقاد الإسماعيلية بأن جزءاً من العلم الديني قد أُخفي عن العامة لسبب إلهي, ولطالما اعتبر الحديث عن هذا الجزء المخفي منقصة في عقيدتهم بحكم اكتمال الدين بالضرورة وبحجة عدالة تساوي جماعة عامة المسلمين في فهم أحكام الإسلام وسبر أغواره.
بالطبع الموضوع لا يتعدى فكرة إنكار الإحتياج إلى الإمام المعصوم صاحب العلم الديني والمرجعية النهائية, لكننا لسنا بصدد نقاش هذه النقطة في موضعٍ كهذا.
إلا أننا نجد في التراث النقلي لأهل سنة الجماعة ما يسلط الضوء عن تفاصيل دينية تتحدث عن تفاوتٍ ما في مقدار هذا الفهم بين أفراد الصف الأول من المسلمين.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُقبّل الحجر الأسود ويقول: " والله ! إني لأقبِّلك ، وإني أعلم أنك حجر ، وأنك لا تضر ولا تنفع . ولولا أني رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّلك ما قبلتُك ".
رواه البخاري ومسلم
لسنا بصدد تذكر تكملة الحديث والتي يظهر أمير المؤمنين فيه جزءاً من علمه على عمر بن الخطاب والذي ذكره السيوطي وغيره, حتى لا ندخل في متاهة التضعيف.
المهم, ممكن يا جماعة أن تتفضلوا بتبيان ما الذي جعل الحكمة من فريضة تعبدية كهذه (تقبيل الحجر الأسود) يغيب فحواها عن شخصية بمقام عمر بن الخطاب؟
فالموضوع لا يخلو من أحدى هذه الأوجه الثلاثة:
1- أما أن يكون الموضوع فيه عدم متابعة من عمر لأقوال ولعلم رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام وهذا ينال منه, كونه مطالب بعدم تفويت معلومة كهذه وهو ثاني أفضل الموجودين بعد رسول الله حينها (حسب الإعتقاد السائد).
2- أو أن يكون رسول الله قد قصّر في إيصال علمه إلى أقرب المقربين من أتباعه فأصبحوا يتبعون سنته بدون تفكير وهم في قرارة أنفسهم متيقنون من عدم نفعية هذا الفعل, كما يظهر من قول عمر.
3- أو أن تكون هذه الحكمة قد أخفيت عن شخص بقيمة عمر بن الخطاب لحكمة إلهية أنتم مطالبون بالتفكر في سببها.
مع رجاء خاص أن يكون النقاش هادئاً وبناءً, وشكراً.