عرض مشاركة واحدة
قديم 17-07-08, 01:45 PM   رقم المشاركة : 1
السليماني
عضو ماسي








السليماني غير متصل

السليماني is on a distinguished road


الحوار بين الأديان حقيقته وأنواعه

12-5-2005

بقلم أبو زيد بن محمد مكي


الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :


فإن الغرب إذا شعر بظلمه للمسلمين , وبخوفه من انتقامهم , أو ارتبطت بهم بعض مصالحه فخاف عليها , رفع مباشرة شعار التعايش السلمي , والتسامح ونسيان الماضي , والتقارب , والتحاور , ونحو ذلك من الشعارات , ليأمن على نفسه ومصالحه بذلك , وينشر دينه وثقافته كذلك .


ومما يؤسف له أن تجد بعض من ينتسب للفقه الشرعي- فضلاً عن غيرهم من العصرانيين — يسارع في الإجابة , ويتهم غيره بالتقوقع والانغلاق وضيق الأفق , ثم قد تنكشف لبعضهم الحقيقة , فيعود محذراً , وكثيراً منهم يستمر في عماه , بل ويؤول النصوص الشرعية لتوافق مراد الغرب الكافر , والله المستعان .


ولهذا أحببت أن أكتب في موضوع " الحوار بين الأديان : حقيقته وأنواعه " , وفق الخطة التالية : قسمت البحث إلى مبحثين , لكل مبحث مطالبه كما يلي :


المبحث الأول : حقيقة الحوار بين الأديان , وفيه ثلاثة مطالب :


المطلب الأول : معنى الحوار لغة و اصطلاحاً .


المطلب الثاني : معنى الحوار بين الأديان .


المطلب الثالث : حقيقة الحوار بين الأديان في المنظور الغربي .


المبحث الثاني : أنواع الحوار بين الأديان , وفيه ستة مطالب :


المطلب الأول : حوار التعايش والتسامح .


المطلب الثاني : حوار الدعوة والبلاغ .


المطلب الثالث : حوار التقريب .


المطلب الرابع : حوار الوحدة .


المطلب الخامس : حوار الاتحاد .


ثم اختتمت البحث بخاتمة , ذكرت فيها أهم النتائج ,أسأل الله تعالى بمنه وكرمه الإعانة والتوفيق والإخلاص .


المبحث الأول : حقيقة الحوار بين الأديان .


وفيه ثلاثة مطالب :


المطلب الأول : معنى الحوار لغة و اصطلاحاً .


أولاً معنى الحوار لغة :


الحِوَار في اللغة : مشتق من الحَوْر , وهو الرجوع . قال تعالى : ( إنه ظن أن لن يحور . بلى )(1)فالحوار هو : مراجعة الكلام (2) .


والمحاورة : المجاوبة (3) .


وأحار الرجل الجواب أي ردَّه .


وما أحاره أي : ما ردَّه (4) .


ثانياً : معنى الحوار اصطلاحاً .


الحوار اصطلاحاً : هو لفظ عام يشمل صوراً عديدة منها المناظرة والمجادلة (5) ويراد به : مراجعة الكلام والحديث بين طرفين , دون أن يكون بينهما ما يدل بالضرورة على الخصومة (6) .


وقد يكون مرادفاً للجدل , كقوله تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1) وقد يفترقان حين يتحول الحوار إلى لدد في الخصومة , فهو حينئذ يسمى جدالاً لا حواراً (7)وقد يكون الحوار مرادفاً للمناظرة , لأن المتناظرين يتراجعان الكلام في قضية ما , بعد النظر فيها بعين البصيرة , إلا أن المناظرة أدلُّ في النظر والتفكر , كما أن الحوار أدل في الكلام ومراجعته(8).


المطلب الثاني : معنى الحوار بين الأديان


الحوار بين الأديان من المصطلحات الحادثة المجملة , وهو يتنوع بحسب أهدافه وأغراضه إلى عدة أنواع , منها ما هو حق , إذا كان الهدف شرعياً , ومنها ما هو باطل , إذا كان الهدف مذموماً شرعاً . ولذلك فإن هذا المصطلح لا يرد مطلقاً لأننا بذلك نرد الحق الذي فيه , ولا نقبله مطلقاً لأننا بذلك نقبل الباطل الذي فيه .


ومما تقدم , يمكننا أن نقول أن للحوار بين الأديان عدة معاني بحسب أهدافه وأغراضه منها:


1-حوار الدعوة أو التنصير .


2-حوار التعايش أو التسامح .


3-حوار التقريب .


4-حوار الوحدة .


5-حوار الاتحاد(9).


وسيأتي بمشيئة الله تعالى , بيان معنى كل نوع من هذه الأنواع في العالم الإسلامي وفي العالم الغربي , وأبرز المؤسسات أو الشخصيات الداعية له .


المطلب الثالث :حقيقة الحوار بين الأديان في المنظور الغربي :

الحوار بين الأديان في المنظور الغربي بكل أنواعه وسيلة تنصيرية , واستعمارية , ومناورة سياسية لوقف القتال بعد تحقيقهم لبعض المكاسب .


ذكر دانيال آر بروستر , في محاضرة له بعنوان " الحوار بين النصارى والمسلمين " عدة حقائق توضح حقيقة الحوار عند النصارى منها :


1-في عام 196 م , رفع مجلس الكنائس العالمي الحوار مع المسلمين , وكان يعتبر هذا الحوار وسيلة مفيدة للتنصير , فإن الحوار الذي هو وسيلة لكشف معتقدات وحاجيات شخص آخر هي نقطة بداية شرعية للتنصير .



2-وفي عام 1968 م , نقل الحوار خارج محيط التنصير ,واكتفى بالإقرار بصحة الديانة النصرانية , وفتح أبواب الصداقات , والمشاركة في الحياة على وفق ما يراه النصراني .


3-إن الهدف من الحوار هو إقناع الآخرين باتخاذ قرارات معينة , فإن بدر منهم ذلك فدعهم يسمونه ما يشاءون (1).


وذكر هيوكيتسكل — زعيم حزب العمال البريطاني — في كتابه " التعايش السلمي والخطر الذي ينتابه " تعريف التعايش بأنه : " مناورة خالصة , وهي ظاهرة مؤقتة , قد تقتضي تحوير السياسة بوقف القتال , وتخفيف الضغط "(11).


ومما جاء في الكتاب الصادر عن الفاتيكان عام 1969 م :


1-هناك موقفان لا بد منهما أثناء الحوار : أن نكون صرحاء , وأن نؤكد مسيحيتنا وفقاً لمطلب الكنيسة .


2-سيفقد الحوار كل معناه إذا قام المسيحي بإخفاء أو بتقليل قيمة معتقداته التي تختلف مع القرآن.


3-لا يكفي أن نتقرب من المسلمين , بل يجب أن نصل إلى درجة احترام الإسلام على أنه يمثل قيمة إنسانية عالية وتقدماً في التطور الديني بالنسبة للوثنية .



4-إن الحوار بالنسبة للكنيسة هو عبارة عن أداة ,وبالتحديد:عبارة عن طريقه للقيام بعملها في عالم اليوم(12).


ولذلك صرح أهل العلم ممَّن درس مفهوم الحوار عند الغرب , سواء بمسمى الزمالة أو الصداقة أو التقارب أو نحو ذلك من المسميات بأن هذه الدعوى جوهرها وهدفها في الحقيقة هو أن يكسب اليهود والنصارى اعترافاً من المسلمين بصحة دينهم , وهذا له دور كبير في صد النصارى واليهود عن الدخول في الإسلام(13).


---------------------------------

(1)- سورة الانشقاق : 14


(2)- انظر: مقاييس اللغة لابن فارس ( 2 / 117 ) .


(3)- انظر : القاموس المحيط للفيروز آبادي ( 2/ 23 - 24 ).


(4) -- انظر: مختار الصحاح , للرازي ( 161 ).


(5)-انظر:لسان العرب,لابن منظور( 3 / 383 -385 ), والمصباح المنير للفيومي ( 156 ).


(6) - انظر : الحوار : أصوله المنهجية , وآدابه السلوكية , لأحمد الصويان (17) .


(7) - انظر : أصول الحوار , الندوة العالمية للشباب الإسلامي , (9) .


(8) - انظر : كيف تحاور , لطارق الحبيب ( 8 - 1 ) .


(9) - انظر : الحوار مع أهل الكتاب : أسسه ومناهجه , لخالد القاسم ( 18 ) .


(1) - انظر : الحوار مع أهل الكتاب , لخالد القاسم ( 112 - 143 ) , ودعوة التقريب بين الأديان , لأحمد القاضي ( 347 - 35 ) .


(11) - انظر : التنصير , خطة لغزو العالم الإسلامي , الترجمة الكاملة لأعمال المؤتمر التبشيري الذي عقد في مدينة جلين آيري بالولايات الأمريكية عام 1978( 767 - 783 ).


(12) - التعايش السلمي (3) .


(13) - انظر : كتاب الفاتيكان : توجيهات من أجل حوار بين المسيحيين والمسلمين , نقلاً عن كتاب " التنصير " لعبد الرحمن الصالح ( 62 - 66 ) .