عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-08, 11:58 AM   رقم المشاركة : 1
اخت المسلمين
مشرف سابق







اخت المسلمين غير متصل

اخت المسلمين is on a distinguished road


دموع حيزان الغالية

هذه ليست قصّة خرافيّة أيّها السادة والسيدات، لكنّها حقيقة نُشرت في صحيفة الرياض السعودية خلال شهر يناير الفائت. القصّة باختصار تقول: حيزان رجل مسنّ من منطقة الأسياح السعودية (قرية تبعدعن بريدة 90كم). دخل هو وشقيقه الأصغر في نزاع قضائيّ، والسبب هو تنافسهما؛ على من يظفر برعاية الأمّ؟! قد يتبادر إلى الذهن، أنّ الأمّ امرأة ثرية أو ماشابه، لكن الخبر يذكر، أنّ الأمّ التي لا يتعدّى وزنها 20 كيلو بسبب كبر السنّ، لا تمتلك شيئاً سوى خاتم نحاسي!

وتستمر القصّة الخيالية، حيث دخل الشقيقان إلى قاعة المحكمة، يتعاونان على حمل الأمّ على قطعة من الكارتون، وهناك سألها القاضي: مع من تفضلّين العيش؟ وهنا أجابت الأمّ وهي تشير إلى حيزان: هذا عيني ، وذاك عيني الأخرى - تعني أخوه الأصغر-، وليس عندي غير هذا ياصاحب الفضيلة! بعد المداولات، اضطر القاضي إلى أن يُصدر الحكم، الذي قضى بأن تنتقل الأم للعيش مع أخيه الأصغر، والسبب أنّ حيزان رجل مسنّ، وقد لا يستطيع القيام بمهمات متابعة الأمّ كما ينبغي. هنا سقطت على خدّ حيزان دموع ساخنة، تبكي حرمانه من أن يُتمّ برّه بأمّه، رغم كبر سنّه. ماذا أقول، وماذا أعلّق، وقد تداخلت الحروف في عقلي، يا الله، هل بقي في حياتنا هذا النوع من الناس، نسمع يومياً عن قضايا نزاع بين الأشقّاء، حول وِرثة الأب أو الأمّ، نسمع نزاعاً بين الأهل حول متاع الدنيا الزائل، نسمع أنّ فلاناً بكى لأنّه خسر أمواله في الأسهم، أو خسر ربحاً محققاً، لكنّي لم أسمع عن هذا النموذج، الأقرب للخيال. ما أغلى دموعك ياحيزان، ما أغلى برّك بأمّك في هذا الزمان، الذي يتسابق فيه الأبناء في الجحود والنكران. قصصٌ نسمعها مراراً، عن تجرّؤ ذاك الإبن، الذي رمى أحد أبويه في دار العجزة، لأنّ زوجته أمرته بذلك! نسمع غيرها عن الإبن الذي ترك أباه داخل «الكراج«، حتى لا يزعجه في المنزل، ولم يكتف بذلك، بل كان يشغّل المكيف ليأخذ هو الهواء المنعش البارد، وليؤذي أباه بهواء المكيف الخارجي الساخن، ليأتي قدر الله بأن يحترق ذلك الرجل في بيته! سمعنا وسمعنا، لكن لم نسمع أبداً عن قضية بهذا الشكل. إنّها دعوة إلى البرّ والرحمة بالآباء والأمهات، فهم أصحاب الفضل بعد الله سبحانه وتعالى، في وصولك لما وصلت إليه في حياتك، فلا تغرنّك قوتك، وتذكّر قول نبيك الكريم: «ويل لمن أدرك أبويه أو أحدهما ولم يُغفر له«. إنها لحظة لمراجعة علاقتنا مع آبائنا وأمهاتنا، وبرّهم إن كانوا أحياء، أو أمواتا وذلك بالدعاء والصدقة. جزاك الله عنّا كل خيرٍ يا حيزان، فقد علّمتنا أن الدنيا مازالت بخير.


الكاتب..إبراهيم الشيخ