عرض مشاركة واحدة
قديم 23-04-07, 07:27 PM   رقم المشاركة : 2
abo othman _1
مشرف بوابة الرد على الصوفية






abo othman _1 غير متصل

abo othman _1 is on a distinguished road


قال الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود في كتابه (( أبو العباس المرسي )) ما نصه : (( نريد أن نبدأ مباشرة بملاحظة تزيل – بصورة غير متوقعة – حدة المناقشة في هذا الموضوع . وذلك أننا بصدد ( وحدة الوجود ) ولسنا بصدد وحدة الموجود . والموجود متعدد : سماء وأرضا . جبالا وبحارا . لونا ورائحة وطعما . متفاوت ثقلا وخفة ... الخ

ولم يقل أحد من الصوفية الحقيقيين – ومنهم ابن العربي والحلاج – بوحدة الموجود – وما كان للصوفية ، وهم الذروة من المؤمنين أن يقولوا – وحاشاهم – بوحدة الموجود . وقد تتساءل : من أين اذن أتت الفكرة الخاطئة التي يعتقدها كثير من الناس . من أن الصوفية يقولون بوحدة الموجود ؟! وتفسير ذلك لا عسر فيه : إن فريقا من الفلاسفة في الأزمنة القديمة ، وفي الأزمنة الحديثة ، يقولون بوحدة الموجود . بمعنى أن الله – سبحانه وتعالى عن إفكهم – هو والمخلوقات شيء واحد .

قال بذلك هيراقليط في العهد اليوناني : والله عند نهار وليل صيف وشتاء ، وفرة وقلة ، جامد وسائل – أنه على حد تعبيره – كالنار المعطرة تسمى بإسم العطر الذي يفوح منها تقدس سبحانه وتنزه عما يقول

والله سبحانه وتعالى في رأي ( شلي ) في العصور الحديثة . هو هذه البسمة الجميلة على شفتي طفل باسم . وهو هذه النسائم العليلة التي تنعشنا ساعة الأصيل . وهو هذه الإشراقة المتألقة بالنجم الهادي في ظلمات الليل ، وهو هذه الوردة اليافعة تنفتح وكأنها ابتسامات شفاه جميلة . إنه الجمال إينما وجد ، ولكنه أيضا – سبحانه وتعالى – القبح أينما كان . وكما يكون طفلا فيه نضرة ، وفيه وسامة . يكون جثة ميت ، ويكون دودة تتغذى من جسد ميت . ويكون قبرا يضم بين جدرانه هذه الجثة ، وهذا الدود . أستغفرك ربي أوتوب اليك .

ولوحدة الوجود – بمعنى وحدة الموجود – أنصار في كل زمان .

ولما قال الصوفية .. بالوجود الواحد .. شرح خصومهم الوجود الواحد بالفكرة الفلسفية عن وحدة الوجود بمعنى وحدة الموجود وفرق كبير بينهما . ولكن الخصومة كثيرا ما ترضى عن التزييف وعن الكذب في سبيل الوصول إلى هدم الخصم . والغاية تبرر الوسيلة كما يقولون .

وشيء آخر في غاية الأهمية ، كان له أثر كبير في الخطأ في فهم فكرة الصوفية عن الوجود الواحد ، وهو أن الإمام الأشعري رضي الله عنه رأي في فلسفته الكلامية أن الوجود هو عين الموجود . ولم يوافقه الكثير من الصوفية على هذه الفكرة الفلسفية . ولم يوافقه الكثير من مفكري الإسلام وفلاسفته على رأيه . وهو رأي فلسفي يخطئ فيه أبو الحسن الأشعري أو يصيب , وما مثله في آرائه الفلسفية الا مثل غيره في هذا الميدان يخطئ تارة ويصيب أخرى .

وأرى مخالفوه أن الوجود غير الموجود . وأنه ما به يكون وجود الموجود . ولما قال الصوفية بالوجود الواحد . شرح خصومهم فكرتهم في ضوء رأي الأشعري ، دون أن يراعوا مذهبهم ولا رأيهم . ففسروا قولهم بالوجود الواحد على أنه قول بالموجود الواحد .

وهذا التفسير على هذه الطريقة يسحب الثقة في آراء هؤلاء الخصوم وأمر ثالث يجب ألا نعيره أدنى التفات لأنه أتفه – في منطق البحث – من أن نعيره التفاتا ، هو هذه الكلمات التي تناثرت هنا وهناك مخترعة ملفقة مزيفة ، ضالة في معناها ، تافهة في قيمتها الفلسفية غريبة على الجو الإسلامي تنادي بصورتها ومعناها : أنها اخترعت تضليلا وافتياتا

انها هذه الكلمات التي يعزونها الى الحلاج رضوان الله عليه ، أو الى غيره .. لا توجد في كتاب من كتبه ولم يخطها قلمه .. لقد اخترعوها اختراعا ثم وضعوها أساسا تدور عليه أحكامهم بالكفر والإضلال . ويكفي أن يتشبث بها انسان فيكون في منطق البحث غير أهل الثقة .

الوجود الواحد : وهل في الوجود الواحد من شك ؟

إنه وجود الله المستغني بذاته عن غيره ، وهو الوجود الحق الذي أعطى ومنح الوجود لكل كائن ، وليس لكائن غيره سبحانه . الوجود من نفسه , انه سبحانه الحالق . وهو البارئ المصور .

" هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء "

ومن بعض معاني التصوير قوله تعالى : " ولقد خلقنا الإنسان من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين . ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة ، فخقلنا المضغة عظاما ، فكسونا العظام لحما . ثم أنشأناه خلقا آخر . فتبارك الله أحسن الخالقين " .

وصلة الله بالإنسان إذن : هي أنه سبحانه يمنحه الوجود الذي يريده له في كل لحظة من اللحظات المتتابعة . فشكل حياته في كل بصورة أمده سبحانه وتعالى بها .

وصله الله بكل كائن : انما هي على هذا النمط : انه سبحانه مثلا : " يمسك السموات والأرض أن تزولا ، ولئن زالتا ان أمسكمهنا تماسكا وتناسقا . وأنه يمسك فيها الكيف والكم ، واذا ما سحب إمداده عنهما تلاشتا كما وكفيا .

إن الله سبحانه وتعالى محيط بالكون ، مهمين عليه ، قيوم السموات والأرض قائم على كل نفس بما كسبت ، وقائم على كل ذرة من كل خلية وقائم على كل ما هو أصغر من ذلك وما هو أكبر ، بحيث لا يعزب عن هيمنته وعن قيوميته مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء .

هذه القيومية أخذ القرآن والسنة يتحدثان عنها في استفاضة مستفيضة ليهزا الإنسان هزة عنيفة ، فلا يخلو على الأرض ، ولا يتبع هواه ، وانما يرتفع ببصره ، ويستشرف بكاينه الى الملأ الأعلى مستخلصا نفسه من عبودية المادة ليوحد الله سبحانه وتعالى في عبودية خالصة ، وفي إخلاص لا يشوبه شرك من هوى أو شرك من سيطرة المادة أو الغرائز

ونريد الآن أن نصور بعض مواقف القرآن في هذا الصدد : أن الله سبحانه وتعالى يوجه نظرنا في سورة الواقعة إلى مسائل نحن عنها في العادة غافلون :
" أفرأيتم ما تمنون ؟ . أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ؟! "
" أفرأيتم ما تحرثون ؟! أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ؟! "
" أفرأيتم النار التي تورون ؟ أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون ؟
وعلى العكس من ذلك : لو شاء الله لما خلق هذا الفرد ، ولجعل الزرع حطاما .

ولما أنزل الماء من المزن ، ولما أنشأ شجرة النار . انه سبحانه بيده الأمر سلبا وإيجابا ، وبيده أمر الخلق إيجاد وإعداما .

أرأيت الى هذه الرمية التي ترميها . إنك ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ..
أرأيت الى الانتصار في الجهاد ؟
إن هذا الانتصار من عند الله ، أما القتلى :
" فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم "

ورزق الإنسان هذا وطعامه :
" فلينظر الإنسان إلى طعامه ، أنا صببنا الماء صبا ، ثم شققنا الأرض شقا ، فأنبتنا فيها حبا ، وعنبا وقضبا ، وزيتونا ونخلا ، وحدائق غلبا ، وفاكهة وأبا . متاعا لكم ولأنعامكم .. "

هذه الهيمنة وهذه القيومية يمر بها قوم فلا يعيرونها التفاتا ، انهم يمرون بها مرور الحيوانات بما تدرك ولا تعقل ، ان الله سبحانه وتعالى لا يحتل من شعورهم درجة أيا كانت ، وهمهم كل همهم مصبحين ممسين ، إنما هو ملء البطن ، أو كنز الذهب والفضة ، أو النزاع على جاه ، أو العمل لتثبيت سلطان . انهم يمرون بآيات الله فلا يشهدونها ، وتحيط بهم آثاره ، فلا ينظرون اليها ، وتغمرهم نعماؤه وآلاؤه ، فلا يوجههم ذلك الى الحمد لا الى الشكر . إن الله سبحانه وتعالى لا يحتل في قلوبهم ولا في تفكيرهم ولا في بيئتهم ، قليلا ولا كسرا . والطرف الآخر المقابل لهذا هو هؤلاء الذي انغمسوا حقا في محيط الإلهية . سبحوا في بحارها ، واستشقوا نسائمها الندية ، وغمهم لألاؤها وضياؤها ؛ لقد بدأوا بحمد الله وشكره على نعماه وآلائه التي تحيط بهم من جميع أقطارهم ، فزادهم نعما وآلاء .
" لئن شكرتم لأزيدنكم "
لقد اتقوا الله حق تقاته فعلمهم الله .

لقد اكتفوا بالله هاديا ونصيرا ، فهداهم الله إلى صراطه المستقيم ، ونصرهم على أنفسهم وعلى أعائدهم . وأخذوا شيئا فشيئا يحالون تحقيق التوحيد : قولا وعقيدة ، وذوقا وتحقيقا ، وأخذوا يرون في " أشهد أن لا إله إلا الله " معاني لا يتطلع إليها غيرهم .

وبدأ معنى الشرك يتضح لهم بصورة لا تخطر على بال اللاهين الذين شغلتهم أموالهم وأهلوهم ، وبدأوا يحطمون الشرك . يحطمون أصنامه وأوهامه . ومن النفس والهوى والشيطان ، ومن الغرائز الحيوانية ، والغرائز الإنسانية . وانهار الشرك حتى همسات الفؤاد لقد انهار الشرك الواضح ، وانهار الشرك الخفي . وثبت في أذواقهم واستقر في أحوالهم ومقاماتهم أن ( لا إله إلا الله ) وأنه : " إينما تلوا فثم وجه الله " .

وأينما كانوا فالله معهم وهو أقرب اليهم من حبل الوريد . وهو أقرب اليهم من جلسائهم ومعاشريهم . انه بغمر كيانهم ، فلا يرون غيره سبحانه ، لا يرون غير قيوم السموات والأرض ، ولا يرون غيره مصرفا لليسير من الأمور وللعظيم منها ، ولا يرون غيره مالكا للملك . " يؤتي الملك من يشاء ويذل من يشاء " .

لقد أصبحوا ربانيين ، وأصبح الله في بصرهم وسمعهم وجوارحهم وفي قلوبهم من قبل ذلك ومن بعده . يشغله كله فلا يدع فيه مكانا للأغيار

وأخذ هؤلاء الصوفية يوجهون أفراد هذا القطيع من البشر اللاهي عن الله . والسادر في ضلاله .. الى الله تعالى . أخذوا في محاولة جاهدة مستمرة – لا نتزاع الإنسان من الإخلاد الى المادة ليتطلع الى السماء . لقد حالوا أن يوجهوا نظر الناي الى الله تعالى . في الزهرة تتفتح ، وفي الزرع يسقى متجها إلى السماء وفي الشمس تشرق ، وفي القمر يتألف وفي مواقع النجوم ومداراتها .

وفي كل هذا لإبداع الساري في الكون اخذوا يشرحون معنى تلك الآيات الكريمة : " تبارك الذي بيده الملك ، وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ، الذي خلث سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ، فارجع البصر هل ترى من فطور ؟ ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير !! " .

وكانت تعبيراتهم متذوقين ، وليست التبيرات الجافة لعلماء الكلام أو الفلاسفة ، وهم في تعبيراتهم يشرحون أن الله سبحانه وتعالى الممد الوجود لكل موجود . انه يمد القائم بالقيام ، ويمد الماشيء بالمشي ، والمتحرك بالحركة . انه – على حد تعبير أهل السنة والأشاعرة الذي يقطع ، وليست السكين هي التي تقطع . وهو الذي يحرق وليست النار هي التي تحرق ، وهو الذي حينما يريد ، يقول للنار : كوني بردا وسلاما ، فتكون بردا وسلاما .

ومهما عبر الصوفية في هذا الميدان عن الوجود الواحد . فقالوا في ذلك : وزعم الناي أنهم أسرفوا واشتطوا ، فافهم سوف لا يبلغون المدى الذي بلغته تلك الآية الكريمة ، التي تمثل في روعة رائعة الهيمنة المهيمنة ، والاستغراق القاهر ، والجلال الشامل ؛ والتي لا تعني وحدة متحدة ، ولا اتحادا متطابقا بين الحالق وبين المخلوق ، أو العابد والمعبود ، والآية هي : " هو الأول والآخر ، والظاهر والباطن " .

وهذه الآيات القرآنية التي ذكرناها ، هدفها أن تدفعنا دفعا إلى الشعور بقيومية الله سبحانه وتعالى مهيمنة ؛ وهيمنته مسيطرة ؛ والى الشعور بتوجيهه سبحانه وتعالى للإنسان أن يفر الى الله في كل أمر من أموره ، وأن يسمو بنفسه حتى يتحقق بأن :

( لا إله إلا الله ) وما فعل الصوفية أكثر من ذلك . انهم مهتدون بهدي القرآن والسنة . يريدون للإنسان أن يكون ربانيا . فإذا ما استمر الكثير من الناس يخلدون الى الأرض ، وينظرون دائما إلى أسفل ، فليس ذلك ذنب الصوفية ، فقد أدوا واجبهم نحو التوجيه إلى الله ، خير أداء .

أما إذا لم يكتف بعض الأفراد بالإخلاد إلى الأرض ، وبالنظر إلى أسفل . وإنما أخذوا يهاجمون من يدعوهم للتطلع إلى السماء ويوجههم إلى الله تعالى ، فهؤلاء إنما يحاربون الله ورسوله ، وجزاؤهم معروف
)) . [ ص 132-140 ] .






التوقيع :
من مواضيعي في المنتدى
»» يا معشر الصوفية لا تنتهي عجائبكم فمتى أصبحت صلاة الفاتح كلام الله عز وجل
»» شمهروش أحد ملوك الجن والصوفية [ مرئي ]
»» هدية العيد للصوفية كشف الخيانة العلمية لبعض المواقع الصوفية
»» سلسلة أعلام التصوف 25 أحمد بن هلال الحساني
»» الرد على شبهة خدرت رجل ابن عمر