عرض مشاركة واحدة
قديم 06-07-20, 01:04 PM   رقم المشاركة : 4
سيد قطب
عضو ماسي






سيد قطب غير متصل

سيد قطب is on a distinguished road


تزامن فشل الانقلاب البعثي السوري مع اندلاع الثورة الإسلامية التي أوصلت آية الله الخميني إلى السلطة بعد الإطاحة بشاه إيران. اتخذ حافظ الأسد في حينها القرار الأخطر وهو أن يكون الظهير العربي لدولة الملالي، وكانت سوريا الدولة العربية الوحيدة التي اصطفت إلى جانب إيران في حربها ضد العراق وقد امتدت ثماني سنوات ابتداء بالعام 1980 حتى 1988.

حدث ذلك في تناقض صارخ مع شعارات الأسد التي تدعو إلى الوحدة والتمسّك بشعارات القومية العربية، تلك التي يردّدها طلاب المدارس السورية في باحاتهم كل ذات صباح تماما كما يرددها أعضاء القيادتين القطرية والقومية للبعث الحاكم كل ذات ليل.

ومن أجل تعزيز موقعه ضمن دوائر نفوذ القوى الإقليمية والدولية في المنطقة، ولكي يتحوّل إلى لاعب رئيس ومؤثر فيها، دعم تأسيس حزب الله في لبنان في العام 1982، وهو الميليشيا التي ستحمل المورّثات الطائفية وأسباب الفرقة والاحتراب الأهلي إلى الساحة العربية.

وهكذا شرع الأسد الأب بالتحكّم في مواقع النفوذ الإقليمي عن طريق تركيب الفتن وإشعال الحرائق السياسية، وذلك انطلاقا من لبنان الذي أحاله حزب الله إلى بروكسي لفك شيفرة غزو إيران العقائدي، تلاه العسكري، لسوريا والمنطقة.

أما الأسد الابن فعلاقته مع إرث والده من الأحلاف كانت أقرب إلى علاقة التابع بسيّده. فمن التوغّل المخابراتي والعسكري لإيران في عهده، إلى انتشار الحلقات التبشيرية واندلاع حركة تشيّع واسعة في صفوف الطبقات الفقيرة، إلى التدخل المباشر في رسم السياسات في قصر المهاجرين وقد سيطر على مساراتها الضباط الإيرانيون بشكل كامل، قبل أن يتقاسموا مرغمين مع موسكو هذا الامتياز، إثر التدخل العسكري الروسي المباشر في العام 2015 بطلب من بشار الأسد لقمع الثورة الشعبية وقد استعاد أبناؤها 70 في المئة من الأراضي السورية، بينما اقتربت المعارضة المسلّحة من تحرير سوريا كاملة.

اليوم، وتحت وطأة الانهيارات الاقتصادية التي يعاني منها النظامان في طهران ودمشق، ومع إصرار الولايات المتحدة على رفع مستوى هذه العقوبات لتطال كل من يدعمهما بالمال أو الموارد أو السلاح، ومع دخول قانون قيصر للعقوبات الاقتصادية على النظام السوري دائرة النفاذ، قد ينقلب السحر على الساحر بسرعة قياسية غير محسوبة من الطرفين.

إن أي انهيار في هيكلية الحكم في سوريا ستتبعه حُكما انهيارات في ولاية الفقيه الإيرانية. فالارتباط العضوي بين المنظومتين، وخضوعهما معا لعقوبات قصوى من المجتمع الدولي، قد أحالهما إلى حافات الإفلاس، وجفّفا الموارد التي كانت تُنفق على الميليشيات العابرة للحدود التي شاركت في عمليات القتل والتهجير القسري الممنهج لأبناء الشعب السوري الخارج في ثورته العادلة؛ ووصل جفاف التمويل إلى الذراع الإعلامية الدولية لإيران، وهي قناة “العالم” الفضائية الناطقة بالعربية، حيث أعلنت عن قرب إقفالها لشحّ في خزينتها.

بشائر انقطاع الموارد عن أدوات القتل والتدمير الإيرانية الداعمة لاستمرار النظام السوري، واضطرارها بالتالي إلى العودة إلى داخل حدودها لإصلاح ما يمكن إصلاحه متخلية عن دعمها للأسد المتهاوي مع سقوط سعر صرف العملة إلى الدرك الأسفل، ستكون عاقبتها قريبة


م ر ح ا ل ب ق ا ع ي