{ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ *
إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا
وَنَحْنُ عُصْبَةٌ
إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ *
اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا
يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ
وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ }
{ 7 - 9 }
يقول تعالى:
{ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ }
أي: عبر وأدلة على كثير من المطالب الحسنة،
{ لِلسَّائِلِينَ }
أي: لكل من سأل عنها بلسان الحال أو بلسان المقال،
فإن السائلين هم الذين ينتفعون بالآيات والعبر،
وأما المعرضون فلا ينتفعون بالآيات،
ولا في القصص والبينات.
{ إِذْ قَالُوا } فيما بينهم:
{ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ } بنيامين، أي: شقيقه، وإلا فكلهم إخوة.
{ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ }
أي: جماعة، فكيف يفضلهما علينا بالمحبة والشفقة،
{ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }
أي: لفي خطأ بيِّن،
حيث فضلهما علينا من غير موجب نراه،
ولا أمر نشاهده.
{ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا }
أي: غيبوه عن أبيه في أرض بعيدة
لا يتمكن من رؤيته فيها.
فإنكم إذا فعلتم أحد هذين الأمرين
{ يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ }
أي: يتفرغ لكم،
ويقبل عليكم بالشفقة والمحبة،
فإنه قد اشتغل قلبه بيوسف شغلا لا يتفرغ لكم،
{ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ }
أي: من بعد هذا الصنيع
{ قَوْمًا صَالِحِينَ }
أي: تتوبون إلى الله، وتستغفرون من بعد ذنبكم.
فقدموا العزم على التوبة
قبل صدور الذنب منهم تسهيلا لفعله،
وإزالة لشناعته،
وتنشيطا من بعضهم لبعض.