لقد علم نبينا صلى الله عليه وسلم أنَّ الأمة لا تقوم لها قائمة إلا بالأخوة بين أفرادها وقبائلها..
فكانت أول خطوة بعد الهجرة من مكة إلى المدينة ..
أن آخـــى بين المهاجرين والأنصار ..
وبلغت الأخوة الإيمانية ذروتها ..
حتى غضب اعداء الله من يهود ومنافقين مما رأوه من حب ووئام بين المسلمين وكيف زالت بينهم الطبقية والعصبية تحت راية الإسلام
فحرصوا على إيقاد الفتن ، وإشعال النيران ..
وكلنا نعرف قصه اليهودي الذي اشعل الفتنه بينهم وما وجد إلى ذلك سبيلاً إلا عن طريق النعرات الجاهلية والتعصبات القبلية ..
وكاد اليهود ينجحون في أهدافهم الخبيثة لولا لطف من الله تبارك وتعالى ..
بلغ الخبر النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقام مسرعاً ، فوجد القوم قد اجتمعوا وعلى وشك الاقتتال ؛ فقام بينهم خطيباً فقال :
( يا معشر المسلمين ) _ ما قال أوس أو خزرج _ ..
قال :
( يا معشر المسلمين .. الله .. الله ..أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ..
دعوها فإنها منتنة ..
بعد أن هداكم الله للإسلام ، وأكرمكم به ..
وقطع عنكم أمر الجاهلية ..
واستنقذكم به من الكفر ..
وألَّف بين قلوبكم ) ..
فلما سمع الرجال الكلام عادوا إلى رشدهم ، وأدركوا أنها مكيدة يهودية ، فأغمدوا سيوفهم ، ونكسوا رماحهم ، ثم استرجعوا ، وبكوا ، وأخذ الرجال من القبيلتين يعانق بعضهم بعضاً ..
فأنزل الملك العلَّام :{ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } ..
نعم ..القوة ..في الاعتصام ، والاجتماع ..
والضعف ..في الفرقة ، والانشقاق ..
رفع الإسلام شعار :
●← { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} ..→●
أي في الدين والحرمة لا في النسب ..
ولهذا قالوا ..
أن أخوة الدين أثبت وأقوى من أخوة النسب ..
فإنَّ أخوة النسب ..
تنقطع بمخالفة الدين ..
وأخوة الدين ..
لا تنقطع بمخالفة النسب ..
لسان حال المسلم الصادق :
إذا اشتكى مسلمٌ في الهند أرّقـني
,,
مصر ريحانتي ، والشام نرجستي
,,
أرى بُخارى بلادي وهي نـائـيةٌ
,,
وأينما ذكر اسـم الله في بـلد
شـريـعة الله لـمّت شـملـنا
وإن بكى مسلمٌ في الصين أبكاني
,,
في الجزيرة تاريخي وعنواني
,,
وأستريح إلى ذكرى خراسانِ
,,
عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني
,,
وبَنَت لنا معالم إحسانٍ وإيمانِ
,,
القضية اخوتي.
ليست قضية من أنا ؟!..وليست قضيه هذا قبلي وهذا خضيري لكن القضية ..
قضية إسلام يُنتهك هنا وهناك ..
ونحن لا زلنا نقول : أنت ابن من ، وتنتمي إلى من ؟!..
بلال ..حبشـــي ..
وصهيب ..رومـــي ..
وسلمان ..فارســـي ..
وصلاح الدين ..كـــردي ..
والبخاري ..بخــــاري ..
وغيرهم ، وغيرهم ..
سطَّر التاريخ أسماءهم ..
ليس لانتمائهم ، ولا لأصولهم ..
ولكن لأفعالـــــــــهم ..
أما علم المتعصبون للنسب أنَّ الله خلقنا ليختبرنا على حسن أعمالنا كما قال هو سبحانه
{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ ( نسبا !!) } ..لا بل { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَــــــلاً } ..
أما علموا أنَّ الله جعل مقياس القبول هو ..
التـــقوى ..
وكما قال الله : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ..
تناسوا قوله صلى الله عليه وسلم :
( من بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبـــه ) رواه مسلم ..
فيا ليت المتعصبين للأحساب والأنســـاب ، يعرفون مضمار السباق الحقيقي لا المزيف الذي يعيشونه ..
وصدق المتنبي حين قال :
ليس الفتى من قال هذا أبي إنما الفتى من قال ها أنا ذا