ثـانياً : الصحبه
أولاً : الصحبة عارضة و لازمة
الصحبةصحبتان:
1-صحبةعارضة لسبب تزول بزواله كصحبة يوسف عليه السلام لصاحبي السجن. إنها صحبةفرضها السجن الذي جمعهم فما أن خرجا حتى نسياه وما ذكره أحدهما إلا بعد بضع سنين! وصحبة الرجلين المذكورين في سورة (الكهف) إذ جمعتهما التجارة وكان المؤمن ناصحالصاحبه مخلصا في نصيحته فلم يداهنه على كفره بل بين له حقيقة حاله ودعاه إلىالإيمان بصراحة ووضوح. وهذا هو الواجب في حقه، وهو خير - ألف مرة - من آخر يصحبكافرا طيلة حياته فلا ينصحه ولا يدعوه إلى ترك ما هو عليه. وتستمـر الصحبة بينهماإلى الممات وهو يجامله ويداريه ! كيف يتصور مثل هذا من رسول الله صلى الله عليهوسلم مع (صاحبه)!! ألا ساءت الظنون وانتكست القلوب !
وكما فعل الرجل المؤمن مع صاحبه الكافر من الدعوة والنصيحة كذلك فعليوسف عليه السلام مع صاحبيه إذ قال: [ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّاتَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ] (يوسف/40،39).
2- صحبة لازمةلاستنادها إلى سبب دائم لا يزول كصحبة
رسول الله صلى الله عليه وسلملأبي بكر الصديق . ولو كانت كصحبة الرجلين في سورة الكهف كما يقول المتهوكونلانقطعت وما دامت إلى الأبد. ثم كيف يساء الظن برسول الله ! أيتخذ النبي له صاحباًثم لا يكون هو خير الأصطحاب! ألا يحسن النبي صلى الله عليه وسلم الاختيار؟ أماختاره لأسباب دنيوية عارضة؟ فكيف دامتصحبتهما طيلة هذه المدة وهو لاينصحه ولا يردعه! أرأيت رجلاً مصاحباً لرجل صحبة دامت طيلة الحياة وبعد الممات ثمتبين لك أن مصالح دنيوية جمعت بينهما، وأن الرجل الثاني كان سيئاً في ذاته وأخلاقه ونواياه دون أن يكون ذلك السوء سبباً دافعاً لصاحبه أن يردعه أو ينصحه أو - على الأقل - يتركه. ألا تشك في صلاح الأول ؟