عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-05, 06:20 PM   رقم المشاركة : 2
النظير
شخصية مهمة







النظير غير متصل

النظير is on a distinguished road


إيران الخاتمية

من هو محمد خاتمي؟

ينتمي خاتمي إلى قلب المؤسسة الدينية الإيرانية، ولد في 1943م في بلدة أردكان قرب مدينة يزد وسط إيران، درس العلوم الدينية في مدينة قم المقدسة لدى الشيعة، حيث انضم إلى حركة الخميني ثم حصل على درجة جامعية في الفلسفة. والده روح الله خاتمي كان من المقربين إلى آية الله الخميني، الذي عينه ممثلاً له في يزد بعد الثورة، ويتمتع خاتمي بحظوة لدى الشيعة لأنه ابن أحد آيات الله!! ويحمل لقب السيد، ويرتدي عمامة سوداء إشارة إلى أنه من سلالة النبي ) صلى الله عليه وسلم (. وهو متزوج وله ثلاثة أطفال، وهو من أصهار عائلة الخميني، درس العلوم السياسية والتعليم والقانون، وتم تعيينه في 1978م عشية الثورة رئيساً للمعهد الإسلامي في هامبورج بألمانيا، بعد الثورة عمل خاتمي وزيراً للثقافة والإرشاد الإسلامي، ما بين عامي 1982-1992م قبل أن يصبح مستشاراً خاصاً للرئيس علي أكبر هاشمي رفسنجاني. يشتهر خاتمي وزير الثقافة السابق بأنه داعية قوي للإصلاح واتباع منهج أكثر انفتاحاً على الغرب، ويحظى بتأييد كبير بين النساء في إيران ومثقفيها بفضل شهرته كزعيم ديني متحرر وسياسي معتدل، وقد أكد ذلك بتعيين ثلاث نساء في مناصب عليا، منهن أول نائبة لرئيس الجمهورية وخفف الرقابة على الصحف والكتب والأفلام(1).
أي تغيير جاء به خاتمي؟
كانت الحملة الإعلامية التي صاحبت خاتمي من الخطورة بمكان، حيث إنها رسمت له صورة الرجل الذي سوف يقلب إيران رأساً على عقب، فسيسمح بحرية الصحافة والانفتاح على الغرب، وإعطاء فرصة أكبر لمشاركة النساء، وتخفيف القيود على دور النشر والسينما، وأنه يشكل رأساً لفصيل التنوير، وضُخم حجم المعاناة التي يلاقيها من تيار المتشددين، والخلاف الذي بينه وبين مرشد الثورة علي خامنئي، إلى آخر ذلك من مهاترات إعلامية، قصد من خلالها تسطيح الأفكار حول خاتمي، والالتهاء عن جوهر أفكاره، وكونه – كما سبق – له منزلة ومكانة خاصة لدى الشيعة المتشددين، وإلا لما كان سمح له بترشيح نفسه للرئاسة، خاصة في دولة مثل إيران، وقد نقل عنه في مجالسه الخاصة أنه قال: لن أنفذ إلا ما يأمر به مرشد الثورة(2).
ولقد اعتمد خاتمي في حكومته وبمساحة واسعة على وزراء ومدراء من حكومة الرئيس رفسنجاني السابقة، بل أولئك الذين مارسوا أدواراً معينة في الحكومات التي سبقت حكومة رفسنجاني، ناهيك عن أن مساعده الأول هو نفسه الذي شغل هذا المنصب منذ ثمانية أعوام، وعليه: فإن الرئيس خاتمي في الحقيقة .. يواصل السير على الأساليب السابقة(3).
الخاتمية والغرب :
سنحاول هنا بيان مدى التناقض والتحول السريع، من حالة العداء الشديد إلى حالة المودة والمحبة، وضرورة التقارب، الذي ظهر فجأة مع تسلم خاتمي القيادة، ولننظر مدى الفرق الشاسع في الخطاب، والتحول من العنتريات إلى الرومانسيات، ومن قذف البارود إلى إهداء الورود.

أ - التحول الإيراني :

1 - كان مما جاء في حوار خاتمي مع شبكة (سي إن إن) «بسم الله الرحمن الرحيم، قبل أن أوجه كلمتي أرى لزاماً بأن أهنئ جميع النساء والرجال الأحرار والشرفاء في العالم، خصوصاً أتباع النبي عيسى بمناسبة العام الميلادي الجديد وخصوصاً الأمريكيين، إن أمريكا لها حضارة تستحق الاحترام، ويزداد احترامنا لها عندما نلاحظ جذور هذه الحضارة !! ... وفيما يتعلق بحرق العلم الأمريكي، فإنني لن أرضى مطلقاً بكل شيء يتسبب في جرح مشاعر أي شعب أو الإساءة إلى رمز ونموذج أي شعب، وحسب اطلاعي فإن قائد الثورة وكبار مسئولي البلاد لا يرضون بذلك أيضاً»(4).

2 - اعتاد الإيرانيون عند الاحتفال بذكرى احتلال السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز الرهائن، اعتادوا على المسيرات العدائية لأمريكا والهتاف ضد الشيطان الأكبر وصيحات الله أكبر والموت لأمريكا. في العام 1419هـ – 1998م ومع الاحتفال بالذكرى التاسعة عشر لهذه المناسبة، قام الطلبة الذين اقتحموا السفارة والذين كانوا يطلقون على أنفسهم الطلبة السائرون على نهج الإمام قاموا بإلغاء التكبير من قاموس احتفالاتهم، وحل بدلاً منه التصفيق والصفير، واختفى شعار الموت لأمريكا وكذلك حرق العلم الأمريكي، وجاء في إحدى اللافتات التي كان يحملها الطلبة في المسيرة: نحن لا نضمر كراهية للشعب الأمريكي!! بل نعتبره في الحقيقة شعباً عظيماً!!، والأكثر من ذلك أن لافتة أخرى كان يحملها أحد الطلبة تحتوي اقتراحاً بتقديم اعتذار عن حادث احتلال السفارة الأمريكية جاء فيه: في غمرة الحماس الثوري تحدث أشياء لم يكن من الممكن احتواؤها(5).

وقد علق أحد الصحفيين على هذه التحولات فقال: هل غيّر المناضلون السابقون الذين كانوا يرفعون لواء مقارعة الشيطان الأكبر من الجماعات الثورية الإيرانية مواقفهم، ولبسوا رداءً جديداً ينسجم مع نظرية المجتمع المدني والتعايش مع العالم المتحضر؟ أم أن كل ما يجري في إيران هذه الأيام من نقاش ساخن حول العلاقات مع أمريكا لا يعدو كونه مجرد تكتيك اتخذه أبناء الثورة الإسلامية داخل النظام؟(6).

ومع الاحتفال بالذكرى العشرين على قيام الثورة (1419هـ ـ 1999م) عقد مهرجان كبير لموسيقى «البوب» استمر أحد عشر يوماً، وهو الأول من نوعه في البلاد منذ قيام الثورة!!

3 - عندما قامت إحدى المجموعات الإيرانية (فدائيو الإسلام)(*) بمهاجمة وفداً سياحياً أمريكياً، قالوا إنهم جواسيس من المخابرات الأمريكية وأجروا مباحثات سرية مع الحكومة، ندد الرئيس محمد خاتمي بشدة بهذا الهجوم واصفاً إياه بالقبيح وربما المتآمر الذي لا يليق بالشعب الأمريكي، وإهانة للحكومة لا يمكن أن تتحملها!! لن أسمح أبداً لسيادة القانون وهيبة الدولة أن يتعرضا للخطر مطالبين الجميع باحترام رأي الشعب ومؤسساته المدنية(7).

كل هذه العنتريات الخاتمية على بعض خدوش أصابت الوفد الأمريكي، أما ذبح أهل السنة في إيران، وهدم مساجدهم، فإن ذلك ليس مما لا يرضاه في جرح مشاعر أي شعب أو الإساءة إلى رمزه ونموذجه. وإنه لمن المخزي أن تطالب الحكومة الإيرانية ببناء المسجــد البابــري ـ الذي هدمه الهندوس في الهند عام 1992م ـ وتتبنى الدفاع عن مساجد المسلمين في البوسنة، ولا تتورع في الوقت نفسه عن هدم مسجد الفيض - وهو أحد مساجد أهل السنة في إيران - بالبلدوزر، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تعداه إلى الهجوم المسلح على المسلمين في حرم المسجد وقتل 60 مصلياً، وحتى الآن لم تسلم جثثهم إلى ذويهم، فضلاً عن الهجوم بالمروحيات على المسجد المكي في زاهدان(8).

بل لا يسمح ببناء أي مسجد لأهل السنة، ولا يوجد في العاصمة الإيرانية أي مسجد لأهل السنة، بالرغم من وجود كنائس وأديرة ومعابد لكل ملل الكفر.
بل والأشد خزياً ذلك الموقف الذي تبنته إيران من حركة طالبان السنية، وعقد تحالف استراتيجي مع روسيا لتطويقها، وعلى حد قول خاتمي أنهم خطيرون ويهددون أمن المنطقة، وزاد عليه في السوء، وصف مرشد الثورة علي خامنئي لهم بالحقراء!! وتأتي ثالثة الأثافي من ناطق نوري رئيس مجلس الشورى ليقول: إن حركة طالبان تشكلل خطراً على العالم بأسره!! إضافة إلى القيام بأكبر مناورات في تاريخ إيران على حدودها مع أفغانستان وشملت هذه المناورات الحربية وحدات من المشاة والمدرعات والمدفعية، إضافة إلى قوات كوماندوز تابعة للجيش، وقد حشدت إيران نحو 200 ألف جندي و70 ألفاً من الحرس الثوري والمظلات والكوماندوز في أقاليم الحدود، وأعلن قائد سلاح البر، الجنزال عبد العالي بورشاب أن هذه المناورات التي يشارك فيها سلاح الجو والسفن الحربية ستجرى في منطقة تبلغ نحو 50 ألف كم مربع منها بحيرة حامون قرب الحدود الأفغانية!!.

وما ذكر هو مجرد مقارنة لإثبات الأصول التي استندت إليها في التدليل على عداوتهم المطلقة لأهل الإسلام الصحيح، ومحبتهم ومودتهم للكفار. وسنذكر مقارنة سريعة بين ما سبق من حال أهل السنة في دولة الروافض، وحال اليهود، وذلك من خلال مقالة بعنوان: التخفيف في طهران، كتبها اليهودي إلياهو سليتر؛ يقول:

كثرت مؤخراً في الإعلام الغربي تقارير إيجابية للغاية عن أوضاع اليهود الإيرانيين، والذين تمتعوا أيضاً في عهد الرئيس رفسنجاني بحرية العقيدة. ولا يعاني اليهود من أي ضغوط كي يقوموا بتغيير ديانتهم، وحسب التقاليد هناك، يوجد ممثل للطائفة اليهودية في البرلمان الإيراني، وهذا الشخص هو منوشر الياسي زعيم الطائفة. إن السلطات تتعامل مع اليهود، بشكل أو بآخر، على أنهم أقلية دينية مثل المسيحيين، والتعامل مع اليهود، كأهل كتاب أكثر إيجابية، إن أوضاع اليهود في إيران أفضل بكثير من أوضاعهم في دول عربية كثيرة(9). وهذا طبعاً في عهد رئاسة السيد محمد خاتمي.

4 ـ في غمرة الاحتفالات بالذكرى العشرين للثورة قال آية الله!! حسين علي منتظري: إن خيار القطيعة بين إيران والولايات المتحدة منذ انتصار الثورة وضع مؤقت قابل للتغيير وفقاً للظروف السياسية والاقتصادية، إن العلاقة مع أمريكا تحددها مصالح البلاد، لا بد من مراجعة للسياسة الإيرانية تجاه الولايات المتحدة في شكل عملي، وعلى يد أصحاب الخبرة والاختصاص، وإذا توصلوا إلى وجود مصلحة في التطبيع ما عليهم إلا أن يبادروا إلى ذلك من دون تردد(10).

ب - التحول الغربي :

1 - تشكل إيران بالنسبة للولايات المتحدة خمسة مجالات للقلق العميق حسب الخطاب الإعلامي المذاع، وهي:
- محاولاتها للحصول على قدرات لاستخدام صواريخ ذات مواد كيماوية ونووية وقذائف ذاتية الدفع.
- تورط طهران في الإرهاب الدولـي وعمليات الاغتيال على نطاق عالمي.
- مساندة إيران للمعارضة العنيفة لعملية السـلام العربي – الإسرائيلي.
- ما تمثله طهران من تهديدات لجيرانها وأنشطتها التخريبية ضدهم بجانب سجل حقوق الإنسان لديها.
- سعي الحكومة الإيرانية لاستغلال الظروف الصعبة التي يعاني منها بعض أصدقاء أمريكا في المنطقة في محاولة قلب نظم الحكم الحالية(11).
2 - هذه المعضلات كفيلة بإغلاق جميع الأبواب مدى الحياة، إلا أن يحدث تحول جذري، تتوب فيه إيران عن كل هذه الكبائر التي لم تغفرها أمريكا الفترة الماضية (*)
وكان مما قالته قريباً جداً ـ قبل التحول ـ وزيرة الخارجية الأمريكية أولبرايت: إن أصدقاء الولايات المتحدة لا يدركون الوضع على حقيقته بالنسبة لإيران، وذلك لأن إيران تثير أسوأ مشكلة عالمية، كونها تجسد الدولة الشاذة ومع ذلك فإن فرنسا تضخ الأموال إليها، إن ذلك أمر يصعب فهمه(12).

ثم بعد الخطاب الذي ألقاه خاتمي والذي كان بمثابة السحر، جاءت الإشارة الأمريكية للرد على الإشارة السابقة في يونيو 1998 في خطاب لوزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت أمام جمعية آسيا في مدينة نيويورك حيث أبدت رغبة الولايات المتحدة في الوصول إلى خريطة طرق تؤدي إلى إقامة علاقات طبيعية بين البلدين، وتؤدي إلى بناء الثقة وتجنب سوء الفهم، كما امتدحت إيران على تحسينها العلاقات مع السعودية، ودعوتها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلى القمة الإسلامية في طهران، ودعمها لمبادرات السلام في أفغانستان، بل أنها زادت في الثناء على طهران لإيوائها ملايين اللاجئين العراقيين والأفغان ومكافحتها تهريب المخدرات في المنطقة.
وأعلن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في اليوم التالي مباشرة أن واشنطن تتمنى مصالحة حقيقية مع طهران على أساس المعاملة بالمثل، مؤكداً أن إيران تتغير بطريقة إيجابية وأن أمريكا تدعم هذا التغير(13).

كما قالت أولبرايت في 4/10/1419هـ ـ 21/1/1999م: فكرنا كثيراً في شأن كيفية التعامل مع إيران، لأن من المهم ألا يُعزل إلى ما لا نهاية بلد بهذا الحجم والأهمية والموقع.

ونتساءل مرة أخرى، لماذا كل هذا الترحيب الغربي بـ«آية الله» خاتمي، فهو شيخ وأصولي وذو لحية ويرتدي الملابس الرسمية للشيعة، وهي ملابس دينية، أما أربكان، رئيس وزراء تركيا السابق، فهو السني، المهندس، الحليق اللحية والذي يلبس البدلة والكرافت، لماذا أطلقوا عليه كلابهم في المؤسسة العسكرية الطورانية المعادية للإسلام ولم يحترموا كلمة الشعب الذي انتخبه؟.

3 - ولعل مما يثبت أن هذه التحولات الظاهرة المعلنة ما هي إلا خطة جديدة في التعاون، أن هناك تعاوناً مسبقاً قديماً، فكان في مايو 1994م، وبالرغم من الموقف الداعم لحظر الأمم المتحدة على الأسلحة ضد يوغوسلافيا السابقة، إلا أن الدبلوماسيين الأمريكيين قد نقلوا للكروات، والإيرانيين، والبوسنيين اقتراحاً مؤداه أن الولايات المتحدة سوف لن تتدخل في الجهود الإيرانية الرامية لنقل وتهريب الأسلحة عبر كرواتيا إلى مسلمي البوسنة. وأصبح هذا القرار، الذي حجب عن الكونجرس إلى أن كشف علانية في ربيع 1996م، يعرف باسم الضوء الأخضر الإيراني وكان موضوع تحقيق اللجنة الفرعية. وقد أبقت الطبيعة المميزة للتحقيق عدداً كبيراً من الحقائق المزعجة حول النشاطات الإيرانية في البلقان طي الكتمان خلال الحملة الرئاسية لعام 1996م. لكن نسخة غير دقيقة ولا مصنفة من تقرير اللجنة الفرعية صدرت أواخر 1996م، فقط لكي يقف عقبة رئيسية في وجه تثبيت أنطوني ليك كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية، ونظراً للنتائج المفزعة لسياسة الضوء الأخضر، التي حجب ليك بعضاً منها عن الكونجرس، لم تكن الصعوبات اللاحقة مع التثبيت مدهشة لأحد. وقد سعى الإيرانيون لتشجيع الحكومة البوسنية على تبني مفهوم أصولي بلا جدال فيما يتعلق بالتداخل ما بين الإسلام والمجتمع البوسني؛ ففي غضون الشهور القليلة الأولى من تدفق الأسلحة الإيرانية، ثبتت الحكومة البوسنية مكبرات للصوت على أركان شوارع سراييفو لإذاعة الأذان للصلاة في المساجد.

وفي صيف 1994م، تعرضت النساء البوسنيات اللواتي ظهرن بلباس البحر للتوبيخ وذكر أن أخريات قد عوقبن جراء قلة احتشامهن. وبحلول أكتوبر 1994م، قدرت مصادر الأمم المتحدة عدد المقاتلين الإيرانيين في البوسنة بحوالي 1000 مقاتل، بينما التقارير الإخبارية حددت الرقم بحوالي 4 آلاف شخص(14).

أما الشباب المجاهدين من السنة، والذين كان لهم دور قوي في الجهاد هناك، فلم يهدأ للغرب بال ولا خاطر حتى أخرجهم وسلمهم إلى دولهم الموالية له، فالقبول الغربي بالتواجد والنشاط الإسلامي في البلقان يكون يشروط محددة، على رأسها أن يكون رافضياً!!
4 - في العام 1996م صدر قانون داماتو - نسبة إلي السناتور اليهودي داماتوا - وهذا القانون يفرض عقوبات اقتصادية على أية شركة - بغض النظر عن جنسيتها - تقوم بالاستثمار في إيران بما يجاوز 40 مليون دولار!. وقال تيد فينكر، المتحدث باسم جمعية مزودي الشركات النفطية في «تكساس» إن الجميع يعتقدون أن القانون لن يكون له أي أثر على إيران!! إن القانون يستهدف المستثمرين الجدد، وهو لا يطال المستثمرين الحاليين!!(15).

وكأن هذا القانون لا يمكن التحايل عليه، أو أن الاستثمارات إلى هذا المبلغ قليلة؟!، وبرغم ذلك، فقد استثمرت شركة توتال الفرنسية، وبعض الشركات الروسية والماليزية بما يخالف هذا القانون ولم تطبق أمريكا عليها أية عقوبات، بل لقد رفض الرئيس الأمريكي مشروع قانون بفرض عقوبات على الشركات التي تتعاون مع إيران في مجال تكنولوجيا الصواريخ. وللتذكير فقط، فقد بلغت صادرات النفط الإيرانية لأمريكا ما مقداره 30% من إجمالي صادراتها النفطية بمبلغ 25،4 بليون دولار.

وفي مقال لتوماس فريدمان في جريدة هيرالدتربيون 30/3/95م ذكر أنه حتى هذا العام كانت أمريكا هي الشريك التجاري الأول لإيران!! وأن الصادرات الأمريكية إلى إيران زادت عشر مرات منذ العام 1979م(16)!!.
5 - تقدمت التحولات السريعة خطوة كبيرة، ففي 6/8/19هـ – 25/11/98م أوصت أولبرايت الرئيس كلينتون برفع اسم إيران من القائمة الأمريكية للدول الرئيسة المنتجة للمخدرات، وذلك في خطوة إيجابية تجاه هذا البلد(17).

ولم يتأخر الرئيس كلينتون في الاستجابة، فكان أن أصدر قراراً برفع اسم إيران من القائمة بتاريخ 19/8/19هـ – 8/12/98م(18).
6 – في نفس اليوم المتوافق مع الذكرى التاسعة عشر لاحتلال السفارة الأمريكية في طهران، بدأ راديو أوربا الحرة الناطق باللغة الفارسية البث الموجه إلى إيران، وهذه المحطة الإذاعية يمولها بالكامل الكونجرس الأمريكي، والتي تبث من مبنى البرلمان الألماني السابق في براغ، يقول كاتب مقال: راديو أوربا الحرة يثير الدهشة: جاء هذا البث في وقت ينتهج فيه الرئيس خاتمي سياسة الحوار بين الحضارات وهو النهج الذي يُعد تغييراًجذرياً في السياسة الخارجية الإيرانية التي كانت توصف لفترة طويلة بالعدوانية(19).

فهكذا أنشئت إذاعة في وقت قياسي!! وفي مناسبة محددة، لمساعدة الرئيس خاتمي في مسيرته للحوار والانفتاح على الغرب!!.
7 - في التقرير السنوي الذي تصدره الخارجية الأمريكية عن الإرهاب الدولي أُضيفت منظمة مجاهدي خلق إلى قائمة المنظمات الإرهابية، وهذا في حد ذاته خدمة كبيرة لطهران، لكن الهدية ليست هنا، فقد أردف التقرير هذه الإضافة بإعلان أن الولايات المتحدة الأمريكية قررت وقف جميع المساعدات المادية لتلك المنظمة.

وتعتبر هذه النقطة الأخيرة مصادقة على ما درجت عليه طهران من اتهام مجاهدي خلق بأنهم مجرد أدوات يستخدمها الشيطان الأكبر. إن ادراج اسم منظمة مجاهدي خلق، وهي المعارضة المسلحة الرئيسية للنظام الإيراني للمرة الأولى منذ 18 سنة على قائمة المنظمات الإرهابية، هو ما يجعل أي نشاط لها داخل أميركا محظوراً بحكم القانون. وفي الثلث الأخير من شهر يوليو 98م جمدت لجنة المؤسسات الخيرية البريطانية الأرصدة المصرفية التابعة لحركة مجاهدي خلق الإيرانية الموجودة في البنوك البريطانية وذلك على ذمة التحقيق في الموارد التي يتم فيها إنفاق هذه الأموال(20).

8 - خصصت لندن مبلغ مليون جنيه إسترليني لتعمير سفارتها العريقة وسط طهران مما لا يمكن معه قبول فكرة أن السفارة ستظل بدون سفير بعد كل هذا الاهتمام، وانتقد فيرلي - وهو أحد أعضاء مجلس الشيوخ البريطاني - الأسلوب الذي تتبعه الحكومة البريطانية في إصدار تأشيرات الدخول إلى الإيرانيين ووصفه بالأسلوب غير العملي وتساءل: ألم يحن الوقت لإرسال سفيرنا إلى طهران بعد أن غاب عنها ما يقرب من عشرين عاماً؟. أما عضو مجلس الشيوخ الآخر اللورد سيمونز والذي أيد المطالبات التي طرحها فيرلي، فقد شدد على أنه غير راغب في الحديث عن التهم التي توجه إلى إيران برعايتها للإرهاب أو تضييقها على الأقليات الدينية وقال: هذا الموضوع يجب أن تجيب عنه إيران نفسها!! ليحسم الجدل المتوقع في المجلس. ولعل الأمر الأشد غرابة في السياسة البريطانية الجديدة ما أعلنه مدير شركة الطيران البريطانية حينما أكد أن شركته ستمتنع عن قبول نقل سلمان رشدي على متن طائراتها. فقد قال بوب تشابلين مدير فرع الشركة في إيران في مؤتمر صحفي عقده يوم الأحد 12 أغسطس 98م بمناسبة بداية الرحلات الجوية المباشرة بين لندن وطهران: بالرغم من وجود دعايات مضادة لنا في مجال الخطوط الجوية إلا أن خطوط الطيران البريطانية تحتفظ بحقها في عدم نقل سلمان رشدي ولن نقوم بنقله(21).

9 - ركز وزير الخارجية روبن كوك خطابه أمام مؤتمر حزب العمال مطلع الشهر على مستقبل أوروبا. لكنه حرص على أن يخصص قسماً من الخطاب للعلاقات مع إيران، وكان مما قاله عن الموضوع: أحرزنا اختراقاً مهماً في مجال حرية التعبير، إذ حصلنا على إعلان من حكومة إيران عن تخليها عن التهديد المستمر منذ عشر سنوات لحياة سلمان رشدي، ويتيح هذا لسلمان رشدي الخروج من الظلال، كما يعني بالنسبة إلى بريطانيا بداية جديدة مع إيران والعالم الإسلامي ... وأنا أرفض تماماً أن الدين المختلف والثقافة المختلفة للعالم الإسلامي يحتمان علينا خوض صدام حضاري(22).

كما بحث نظيره الفرنسي أبوير فيدرين مع كمال خرازي، وزير الخارجية الإيراني موضوع سلمان رشدي كذلك إضافة إلى الاضطهاد الذي يعاني منه 350 ألف من معتنقي العقيدة البهائية !!(23). أما أهل السنة فلا بواكي لهم، حتى إخوانهم من جيرانهم لم يجرؤوا على فتح هذا الملف، خوفاً من توتر العلاقات، بعد بداية تحسنها.

9ـ ويقول السفير الأمريكي السابق لدى قطر جوزيف جوجاسيان الذي عمل في الدوحة بين عامي 1985 و 1989 إن الرئيس الأمريكي سيلغي قرار حظر تعامل الشركات الأميركية مع طهران قبل نهاية العام المقبل 1999م. ولفت إلى أن كلينتون وضع على الرف قراراً كان أصدره الكونغرس يمنع تعامل شركات غربية مع إيران، مشيراً إلى أن هذا القرار سينتهي تلقائياً عام 2001، وأعرب عن اعتقاده أنه لن يتم تجديده، وقال إن الشركات الأمريكية ستعود قريباً للعمل في إيران(24).


حوار التقرب .. دوافعه وشروطه :

سبق وأن قُدم للأصل العام والرئيس لدوافع التقرب، وهو مواجهة الإسلام الحق وأهله، ومحاولة القضاء على الحركات الإسلامية التي تريد إحياء الأمة المغيبة، إضافة إلى أحلام الروافض بتحقيق أمانيهم بالامبراطورية الفارسية. وكثيراً ما نثور ونصول ونجول في الحديث عن المؤامرة التي صنعها الغرب بزرع الدولة اليهودية في المنطقة ونغفل أشد الغفلة عن دول أخرى خطيرة كدولة يهود، بل هي المدد الحقيقي لحياتها في المنطقة، كدولة الرافضة في إيران، والدولة النصرانية في لبنان، والنظام النُصيري في سوريا، واللتان لهما تحالف استراتيجي مع إيران. فالحلم الرافضي بتحقيق الإمبراطورية الفارسية، لا يقل عن حلم إسرائيل الكبرى، والغرب يعلم ذلك جيداً، ويدرك أنه أحد الأهداف الهامة التي يسعون لتحقيقها، وكما تقدم فإن من الطبيعي أن يكون هناك تعاون بين إيران والغرب، في مجالات متعددة وتكون هناك مصالح سياسية واقتصادية وعسكرية، وغير ذلك، ويساعد هذا التعاون على الوصول للأهداف. ومن الطبيعي كذلك، وبإدراك كل طرف لأهداف الآخر، أن تحدث خلافات على هذه المصالح، وتكون خلافات حقيقية، وأحياناً تكون مصطنعة لتمرير مخططات محددة. وقد حُددت دوافع التقرب بين الغرب وإيران، وحدد كل طرف شروط الحوار مع الآخر، فالدوافع نراها حقيقية، أما الشروط لهذا الحوار، فهي من النوع المصطنع لذر الرماد في العيون، ولإحكام تنفيذ الأدوار.

أ - دوافع التقرب بين إيران والغرب :

1 - أهمية إيران الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، فهي من أكبر دول المنطقة سكاناً، وهي دولة نفطية كبيرة، وتملك ثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، كما تتزايد هذه الأهمية بالنظر إلى الأهمية المتزايدة لنفط بحر قزوين ووسط آسيا في ضوء التقدير الأمريكي الرسمي لاحتياجات العالم من البترول الذي يتوقع أن يرتفع الطلب العالمي عليه من 73 مليون برميل يومياً في عام 1997م إلى 105 ملايين برميل يومياً في عام 2015م وسيكون استهلاك الولايات المتحدة من البترول 18 مليون برميل يومياً، حيث يعد الطريق الذي يمر بإيران لنقل هذا البترول إلى الخارج من أقل الطرق تكلفة من الناحية الاقتصادية.

وتدرك إيران من ناحيتها أن الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة في العالم حالياً، وبالتالي فإن موقعها الدولي والإقليمي سيواجه صعوبات كبيرة في ظل القطيعة الأمريكية المعلنة، فالولايات المتحدة معبر إلزامي في الطريق إلى مجلس الأمن وصندوق النقد الدولي وصولاً إلى مرور أنابيب النفط، كما إنها تتحكم في ممرات مهمة لنقل التكنولوجيا المطلوبة بشدة لمشروعات التنمية وخطط التسليح الوطنية، وقد تأكد ذلك بعد نجاح ضغوطها - إلى حد ما - على روسيا والصين لتقليل التعاون التكنولوجي والنووي مع إيران.

2 - عدم تحقيق السياسات السابقة للدولتين تجاه بعضهما البعض لأهدافها، فقد أخفقت السياسة الأمريكية - أو كان المراد لها الإخفاق - في ضرب الثورة الإسلامية عسكرياً من خلال دعمها للعراق، كما أخفقت في الحظر الاقتصادي عليها بدليل أن إيران حققت مستويات تنمية عالية خلال السنوات الأخيرة وبقدرات ذاتية، واستطاعت أن تخترق هذا الحصار الاقتصادي أوروبياً وآسيوياً، كما أخفقت الولايات المتحدة أيضاً في نهج العزل السياسي لإيران وانهارت سياسة الاحتواء المزدوج، ولعل من الأمثلة على ذلك الحضور غير المتوقع من جانب الدول الإسلامية والعربية للقمة الإسلامية التي عقدت في طهران في أواخر عام 1997، والذي مثل إشارة على سقوط عزلة إيران، وإذا ما أضيف إلى ذلك التطورات الإيجابية التي حدثت في علاقات إيران بدول الخليج العربي في الآونة الأخيرة وخاصة مع المملكة العربية السعودية وقيامهما بتوقيع اتفاقية تعاون متعددة الجوانب، يمكن تصور مدى إخفاق هذه السياسة. ومن ناحية أخرى لم تفلح الجهود الإيرانية التي أعقبت قيام ثورتها الإسلامية في سعيها لإرضاء عقيدتها التاريخية للسيطرة ومد النفوذ، تارة تحت شعار تصدير الثورة وتارة تحت شعار نصرة المستضعفين في لبنان وفلسطين وغيرها، وبدأت تتبين أنه لا مناص من اتباع سياسة براجماتية تأخذ في اعتبارها المصالح الحيوية للغرب والولايات المتحدة ودورهما في المنطقة، وتغييرالنمط الوحيد لتصدير الثورة.

3 - أصبحت الولايات المتحدة تدرك أن استراتيجيتها للسيطرة على مناطق الطاقة في الخليج وآسيا الوسطى ستظل تفتقر إلى الاستقرار في غياب التفاهم مع إيران وحفظ دورها الإقليمي بذراعيه الغربية في الخليج، والشرقية والشمالية في آسيا الوسطى، فمن جهة لم تثبت تركيا قدرتها على حسم الوضع في شمال العراق، بعيداً عن أي دور لطهران ودمشق، كما لم تستطع قطع أوصال التحالف بين إيران وسوريا وإضعاف الأخيرة بما يجعلها تتقبل السياسة الإسرائيلية في التسوية الشرق الأوسطية، كما لم تثبت تركيا قدرتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية على إدخال الجمهوريات الإسلامية السوفيتية السابقة تحت جناحيها، ومن جهة أخرى لم تثبت باكستان قدرتها أيضاً على حسم الأوضاع في أفغانستان. وعلى الجانب الآخر تشعر إيران بحاجتها إلى التنسيق مع الولايات المتحدة بشأن إقليم ناجورنوكارباخ المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا لتأثيره الشديد على الأوضاع الداخلية في إيران، فالولايات المتحدة تدعم الأذاريين الأمر الذي من شأنه أن يحقق انتصارهم، وهو ما تخشاه إيران لأن هذا الانتصار من شأنه إشعال الحمى القومية بين الأذاريين المقيمين في إيران (نسبة إلى أذربيجان) والذين يبلغ عددهم 15 مليوناً تقريباً ويشكلون حوالي 25% من السكان، وهو ما قد يكون شرارة تهدد بتفكك الدولة الإيرانية المكتظة بالقوميات والإثنيات المختلفة.

4 - أن إيران تعاني وضعاً اقتصادياً متدهوراً نتج عن الهبوط الحاد في أسعار النفط التي وصلت إلى معدلات تاريخية لم يسبق لها مثيل من الانخفاض حيث هبط سعر البرميل من 22 دولاراً في أغسطس إلى أقل من 14 دولاراً في أكتوبر وإلى أقل من 10 دولارات في ديسمبر 98م مما أدى إلى الإضرار الشديد بالاقتصاد الإيراني، ولا تكفي الشراكة التجارية مع أوروبا واليابان فقط لإنقاذ اقتصادها وسداد ديونها، وبالتالي سيكون التقارب مع الولايات المتحدة مفيداً لإيران سواءً في توفير الاستثمارات اللازمة لإحداث التنمية فيها، أو التنسيق بشأن تحديد سعر عادل للبترول(25).

5 - لإيران والولايات المتحدة مصالح متوازية في المساعدة على إعادة الاستقرار وحكومة شرعية إلى أفغانستان، ويُتوقع أن تكون الضغوط الإيرانية أكثر فاعلية من أي شيء تستطيع واشنطن القيام به لكبح تجاوزات حركة طالبان والضغط عليها كي تقر بحقوق الأقليات، ولمنع أفغانستان من التحول إلى ملاذ للإرهابيين أو منطقة ضخمة لإنتاج المخدرات.

6 - هناك الكثير من القضايا الكبيرة التي تواجه الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين، ومنها ما يسمى الإرهاب الدولي ـ ومعلوم من هم الإرهابيون؟ ـ وتجارة المخدرات، وانتشار أسلحة الدمار الشامل كثلاث قضايا من ضمن الأكثر إلحاحاً، ستقتضي إيلاء الاهتمام للتعاون بين الولايات المتحدة وإيران(26).

ب - شروط حوار التقرب المزعومة :

الشروط الأمريكية :

1 - حدوث تغيير في موقف إيران من ما سموه الإرهاب واستمرار برامج أسلحة التدمير الشامل. 2 - عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة في الخليج وآسيا الوسطى وأفغانستان وفق ما كان يدعى بتصدير الثورة والاتفاق على صيغة للاستقرار وحماية طرق النفط.
3 - وقف الدعاية المعادية للولايات المتحدة وإزالة أسباب العداء.
4 - بروز موقف إيراني معتدل تجاه مسيرة السلام في الشرق الأوسط وإسرائيل.
5 - استئناف التعاون الاقتصادي وتنفيذ الاتفاقات السابقة.

الشروط الإيرانية :

حسب تصريحات القيادات الإيرانية المعتدلة !! فإن الحوار ممكن وفق شروط معينة، فيما اعتبر التيار المتشدد أنه غير مجد، مكرراً عبارات الشيطان الأكبر والعدو الدائم. لكن وزير الخارجية الإيراني دعا الولايات المتحدة إلى تحطيم جدار الشك في علاقتها مع إيران وأن تثبت ـ إن كانت جادة ـ بالأفعال لا بالأقوال ما تعلنه وتبدل موقفها المعادي من إيران. أما الشروط الإيرانية التي حددها عدد من القادة الإيرانيين في رسائل متتالية، فيمكن تلخيصها بما يلي:

- رفع الحظر على إيران وسحب قانون داماتو الذي يمنع الشركات الأجنبية من التعامل مع إيران ورفع القيود عن أرصدة إيران في الولايات المتحدة والعالم.
- احترام مبادئ الثورة الإسلامية الإيرانية والتخلي عن «السلوك المعادي للإسلام وتركنا وشأننا».
- إنهاء حال العداء ووقف تكرار الاتهامات القديمة وعدم تخريب مشروع أنابيب النفط والغاز الطبيعي بين أوروبا وإيران (خط بحر قزوين)، ووقف التدخلات الرامية لخفض أسعار النفط وغير ذلك من الأمور الاقتصادية(27).

من خلال هذا الاستعراض العام والمجمل للتحولات الإيرانية والغربية، يجد المرء نفسه في حالة شك كبير في مصداقية الأهداف المعلنة لهذا التقارب السريع جداً، وهذا التحول الأشد سرعة، فنظم الحكم في الدول الغربية وكذلك في إيران مؤسساتية، وليست ديكتاتورية، أي إن تغيرّ رأس الدولة لا يعني تغير نظام الحكم القائم، حتى ولو تغير الحزب أو المؤسسة الحاكمة، فإن هناك حفاظاً كبيراً على السياسة الخارجية، أما وأن يحدث هذا الانقلاب «العلني» فجأة، فهذا ما لا يُقبل لدى أولي الأحلام والنهى. وكما مر خلال الاستعراض، فإن هناك ترتيبات كانت تُعد في حكومات سبقت حكومة خاتمي بما يهدم «الصورة المعلنة الجديدة» وما نراه الآن، ما هو إلا مرحلة جديدة من «التقرب» انتقلت من السرية إلي العلنية، لتنفيذ مخططات تسير في تحقيق الهدف العام لكلا الطرفين، والذي عليه اتفاق عام سابق كما مر بنا، ويتوافق هذا «التقرب» الجديد كذلك مع السياسات البراجماتية لكل من إيران والغرب مع الدول الإسلامية، بعدما فشلت السياسات الأحادية الموقف.


________________________-
الهوامش :
(1)انظر : فريد هاليداي، إيران ورئيسها الفيلسوف، جريدة الحياة، العدد (13007) 23/6/19هـ – 14/10/98م، وجريدة الخليج، العدد (6809) 11/9/18هـ – 9/1/98م.
(2) أحمد بهي الدين، السياسة الدولية، العدد (134) أكتوبر 1998م، ومجلة الوسط، العدد (355) 27/8/19هـ – 16/11/98م.
(3)د. محمود كاشاني، إيران إلى أين، جريدة الأنباء، العدد (7938) 30/2/19هـ – 23/6/98م.
(4)من حوار خاتمي مع (سي.إن.إن) جريدة الخليج، العدد (6809) 11/9/18هـ – 9/1/98م.
(5) انظر : جريدة الأنباء، العدد (8076) 19/7/19هـ – 18/11/98م عن الجارديان.
(6) مجلة الوسط : العدد (355) 27/7/19هـ – 16/11/98م.
(*) تعتبر هذه المنظمة من أقدم المنظمات الثورية في إيران، فقد أسسها مجتبى نواب صفوي في الأربعينات الميلادية وقامت باغتيال عدد من القيادات التي ترى أنها علمانية أو تخالف المنهج الشيعي، فقاموا باغتيال القاضي أحمد كسروي عام 1948م واغتيال رئيس الوزراء عبد الحسين هربز في العام 1949م ثم قتلت رئيس الوزراء الجديد رزم آرا العام 1950م، وفي العام 1964م قامت باغتيال رئيس الوزراء حسن علي منصور، ويعتبر على أكبر ناطق نوري الذي تولى وزارة الداخلية ويشغل الآن رئاسة مجلس الشورى من قادتها التاريخيين. انظر مزيداً من التفاصيل: أحمد الكاتب، منظمة فدائيو الإسلام.. مجلة الوسط، العدد (359)، 14/12/1998م.
(7)جريدة الشرق الأوسط، العدد (7304) 8/8/19هـ – 27/11/98م.
(8)يراجع مزيداً من التفصيل، أحوال أهل السنة في إيران، لعبد الله الغريب.
(9)جريدة هآرتس اليهودية، 6/5/98م.
(10) جريدة الحياة، العدد: (13120)، 21/10/1419هـ ـ 7/2/1999م.
(11) ندوة الترتيبات الأمنية في الخليج، د. أحمد ثابت، معهد البحوث والدراسات العربية والتي عقدت بالقاهرة من 27-29 ديسمبر 1997م.
(*)ذكرت إذاعة طهران تأكيدها للحــوار مع الاتحاد الأوربي، وأكدت على تجنب الاتحاد الأوربي التطرق إلى مواضيع غير عقلانية مثل الإرهاب وحقوق الإنسان ومعارضة طهران لعملية السلام في الشرق الأوسط ، جريدة الحياة، العدد (12916) 21/3/19هـ – 15/7/98م.
(12)جريدة الأنباء، العدد (7685) – 9/10/98م عن نيويورك تايمز.
(13) السياسة الدولية، العلاقات الإيرانية الأمريكية بين الممكن والمستحيل، العدد: (134) أكتوبر 1998م، وجريدة الحياة، العدد (131005) 6/10/1419هـ ـ 23/1/1999م.
(14) ريتشارد بوكر، مستشار لجنة التحقيق الأمريكية في صفقات الأسلحة الإيرانية للبوسنة، جريدة الاتحاد الإماراتية، العدد (8439) عن لوس أنجلوس تايمز.
(15) جريدة الرأي العام الكويتية، اقتصاديون أمريكون ينتقدون قانون «داماتو» العدد: (10639) 22/3/1417هـ ـ 6/8/1996م.
(16)انظر : علي الدين هلال، جريدة الحياة، العدد: (13056) 13/8/19هـ – 2/12/98م.
(17)جريدة الحياة، العدد (13049).
(18)جريدة الشرق الأوسط، العدد (7315).
(19)جريدة الأنباء، العدد (8076) 19/7/19هـ – 8/11/98م، عن الجارديان.
(20)انظر : جريدة الخليج العدد (6976) وجريدة الأنباء، العدد (7995) – 19/8/98م.
(21)الأنباء، العدد (7995) - 19/8/1998م.
(22)السير : سيريل تاونسند، بداية جديدة مع إيران، جريدة الحياة، العدد (13027) 14/7/1419هـ – 3/11/1998م.
(23)جريدة الأنباء، (8003) 5/5/1419هـ – 27/8/1998م – عن لوفيجارو.
(24)جريدة الحياة، العدد (13056) 13/8/19هـ – 2/12/98م.
(25)أحمد بهي الدين، السياسة الدولية، العدد (134) أكتوبر 98م.
(26) انظر : روبرت بلليترو، مساعد وزير الخارجية السابق لمنطقة الشرق الأوسط، العقوبات الأمريكية على إيران إلام تستمر؟ جريدة الحياة، العدد (13027) 14/7/19هـ - 13/11/98م، وانظر جميل مطر، الحياة، العدد (13004).
(27)انظر : مقال عرفان نظام الدين، جريدة الحياة، العدد (12907) والسياسة الدولية، العدد (134).

يتبع .....







التوقيع :

هنا القرآن الكريم ( فلاش القرآن تقلبه بيديك )

_____________________

{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } التوبة 100
من مواضيعي في المنتدى
»» الصوفي الجفري يقول أن علي بن أبي طالب وصي الرسول كالرافضة
»» أستراحة محارب مع نكت الرافضة
»» محاضرات الشيخ إبراهيم الفارس الرفضة عقيدة وهدف على النت أخيرا
»» سلسلة مصابيح الدجى رسولنا صلِّ الله عليه وسلم والصحابة للشيخ محمد حسان على اليوتيوب
»» جرائم الرافضة عبر الأزمنة والعصور فلم وثائقي شامل