عرض مشاركة واحدة
قديم 29-12-09, 03:11 AM   رقم المشاركة : 1
المهندس احمد السامرائي
عضو ماسي







المهندس احمد السامرائي غير متصل

المهندس احمد السامرائي is on a distinguished road


ماهي عقيدة البداء

ماهي عقيدة البداء
البداء من أصول الاثني عشرية القول البداء على الله سبحانه وتعالى حتى بالغوا في أمره، فقالوا: "ما عبد الله بشيء مثل البداء" [أصولالكافي، كتاب التوحيد، باب البداء: 1/146.ويبدو أن الذي أرسى أسس هذا المعتقد عند الاثني عشريّة هو الملقّب عندهم بثقة الإسلام وهو شيخهم الكليني (ت328 أو 329ه‍) حيث وضع هذا المعتقد في قسم الأصول من الكافي، وجعله ضمن كتاب التوحيد، وخصّص له بابًا بعنوان "باب البداء" وذكر فيه ستّة عشر حديثًا من الأحاديث المنسوبة للأئمة. وجاء من بعده ابن بابويه (ت381ه‍)، وسجل ذلك ضمن عقائد طائفته، وعقد له بابًا خاصًا بعنوان "باب البداء" وذلك في كتاب "الاعتقادات" الذي يسمى دين الإمامية [الاعتقادات: ص89.]. ومثل ذلك فعل في كتابه "التوحيد" [التوحيد: ص331.].
والبداء بلغة: نشأة الراي الجديد. قال الفراء: بدا لي بداء أي: ظهر لي رأي آخر، وقال الجوهري: بدا له في الأمر بداء أي: نشأ له فيه رأي [الصحاح (6/2278)، ولسان العرب (14/66)، وانظر هذا المعنى في كتب الشيعة مثل: مجمع البحرين للطريحي: 1/45.]
وواضح أن البداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلاهما محال على الله سبحانه. ونسبته إلى الله سبحانه من أعظم الكفر، فكيف تجعل الشيعة الاثنا عشرية هذا من أعظم العبادات، وتدعي أنه ما عظم الله عز وجل بمثل البداء؟! سبحانك هذا بهتان عظيم. وهذا المعنى المنكر يوجد في كتب اليهود، فقد جاء في التوراة التي حرفها اليهود وفق ما شاءت أهواؤهم نصوص صريحة تتضمن نسبة معنى البداء إلى الله سبحانه [جاء في التوراة: "فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الأرض. فندم الرب خلقه الإنسان على الأرض وتنكد بقلبه، وقال الرب: لأمحون الإنسان الذي خلقته عن وجه الأرض.." (سفر التكوين، الفصل السادس، فقرة: 5)
وكان شيوخ الشّيعة يمنون أتباعهم بأنّ الأمر سيعود إليهم، والدّولة ستكون لهم، حتى إنّهم حدّدوا ذلك بسبعين سنة في رواية نسبوها لأبي جعفر، فلمّا مضت السّبعون ولم يتحقّق شيء من تلك الوعود اشتكى الأتباع من ذلك، فحاول مؤسّسو المذهب الخروج من هذا المأزق بالقول بأنّه قد بدا لله سبحانه ما اقتضى تغيير هذا الوعد [انظر: تفسير العياشي: 2/218، الغيبة للطّوسي: ص263، بحار الأنوار: 4/214.].
وكانت روايات الشّيعة في حياة جعفر الصّادق تتحدّث بأخبار تنسبها لجعفر أنّ الإمامة ستكون بعد موته لابنه إسماعيل، ولكن وقع ما لم يكن بالحسبان، إذ مات إسماعيل قبل موت أبيه فكانت قاصمة الظّهر لهم، وحدث أكبر انشقاق باق إلى اليوم في المذهب الشّيعي، وهو خروج طائفة كبيرة منهم ثبتت على القول بإمامة إسماعيل وهم الإسماعيليّة، رغم أنّهم فزعوا إلى عقيدة البداء لمعالجة هذه المعضلة فنسبوا روايات لجعفر تقول: "ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني.. إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنّه ليس بإمام بعدي" [التّوحيد لابن بابويه: ص336، وانظر مثل هذا المعنى في أصول الكافي 1/327.].
واستجاب لهذا التّأويل طائفة الاثني عشريّة الذين قالوا بإمامة موسى دون إسماعيل.
ومؤسسو التشيع يدعون في الأئمة أنهم يعلمون الحوادث الماضية والمستقبلة والآجال والأرزاق.. إلخ. ولكن الأتباع وسائر الناس لا يرون فيهم شيئًا من هذه الدعاوى، والأئمة لا يخبرون الناس بشيء من ذلك، لأنهم لا يملكون ذلك أصلاً ولا يدعونه في أنفسهم فلم يجد مؤسسو التشيع تعليلاً يبررون به هذا العجز إلا عقيدة البداء فنقلوا عنهم أنهم لا يخبرون عن الغيب مخافة أن يبدو له تعالى فيغيره [زعموا – مثلاً – أن علي بن الحسين قال: لولا البداء لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة. (تفسير العياشي: 2/215، بحار الأنوار: 4/118).].
وزعموا أن الأئمة يعطون علم "الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض ويشترط (لهم) فيه البداء" [تفسير القمي: 2/290، بحار الأنوار: 4/101.]. وهذه حيلة أخرى منهم ليستروا بها كذبهم إذا أخبروا خلاف الواقع.
وقد أمر الشيعة بمقتضى هذه العقيدة بالتسليم بالتناقض والاختلاف والكذب، ففي رواية طويلة في تفسير القمي تخبر عن نهاية دولة بني العباس، قال فيها إمامهم: "إذا حدثناكم بشيء فكان كما نقول فقولوا: صدق الله ورسوله، وإن كان بخلاف ذلك فقولوا: صدق الله ورسوله تؤجروا مرتين.." [تفسير القمي: 1/310-311، بحار الأنوار: 4/99.].
وقد كان لعقيدة البداء في إبان نشأتها أثرها في ظهور بوادر الشك لدى العقلاء من أتباع المذهب، وقد اكتشف بعضهم حقيقة اللعبة، فتخلى عن المذهب الإمامي أصلاً، وقد حفظت لنا بعض كتب الفرق قصة أحد هؤلاء وهو سليمان بن جرير الذي تنسب إليه فرقة السليمانية من الزيدية، فقال – كما تنقل ذلك كتب الفرق عند الشيعة نفسها -: "إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين، لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أبدًا وهما القول بالبداء وإجازة التقية" [المقالات والفرق للقمي: ص78، فرق الشيعة للنوبختي: ص64.].
ثم كشف – من خلال حياته في المجتمع الشيعي، ومخالطته لهم – كيف يتخذون من عقيدة البداء وسيلة للتستر على كذبهم في دعوى علم الأئمة للغيب فقال: "إنّ أئمّتهم لمّا أحلّوا أنفسهم من شيعتهم محلّ الأنبياء من رعيّتها في العلم فيما كان ويكون، والإخبار بما يكون في غد، وقالوا لشيعتهم إنّه سيكون غدًا وفي غابر الأيّام كذا وكذا، فإن جاء ذلك الشّيء على ما قالوه، قالوا لهم: ألم نعلّمكم أنّ هذا يكون فنحن نعلم من قبل الله عزّ وجلّ ما علمته الأنبياء، وبيننا وبين الله عزّ وجلّ مثل تلك الأسباب التي علمت بها الأنبياء عن الله ما علمت، وإن لم يكن ذلك الشّيء الذي قالوا إنّه يكون على ما قالوه، قالوا لشيعتهم: بدا لله في ذلك فلم يكوِّنه" [المقالات والفِرَق للقمي: ص78، فرق الشّيعة للنّوبختي: ص64-65، وانظر في هذا المعنى: محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين للرّازي: ص249،