عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-16, 12:53 PM   رقم المشاركة : 2
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road



التفصيل:

أولاً: لا تعارض بين الحديث وبين القرآن في مسألة علم النبي - صلى الله عليه وسلم- الغيب:


لا يوجد تعارض بين حديث رأس المائة وبين القرآن فيما يخص علم النبي - صلى الله عليه وسلم- الغيب، فالحديث ذكر علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بما سيحدث بعد مائة عام؛ فقال - صلى الله عليه وسلم:
«أَرَأَيْتُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا، لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ»
(صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعا، (2/ 53)، رقم ( 564). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: قوله، صلى الله عليه وسلم: "لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم"، (9/ 3663)، رقم (6361).

وهذا لا يتعارض مع القرآن؛ فقد قال تعالى:
۩ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) ۩ سورة الجن.
فالغيب:
هو ما غاب عن العباد، وقوله تعالى: ۩ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ... ۩ (الجن: ٢٧) استثناء لمن ارتضى من رسول، فإنه يظهره على ما يشاء من غيبه؛ لأن الرسل مؤيدون بالمعجزات، ومنها الإخبار عن بعض الغيبيات.

قال الإمام/ القرطبي:
الْمَعْنَى: أَيْ لَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى أَيِ اصْطَفَى لِلنُّبُوَّةِ، فَإِنَّهُ يُطْلِعُهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ غيبه «2»: ليكون ذلك دالا على نبوته.
الثانية- قَالَ الْعُلَمَاءُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ:
لَمَّا تَمَدَّحَ سُبْحَانَهُ بِعِلْمِ الْغَيْبِ وَاسْتَأْثَرَ بِهِ دُونَ خَلْقِهِ، كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ أَحَدٌ سِوَاهُ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مَنِ ارْتَضَاهُ مِنَ الرُّسُلِ، فَأَوْدَعَهُمْ مَا شَاءَ مِنْ غَيْبِهِ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ إِلَيْهِمْ، وَجَعَلَهُ مُعْجِزَةً لَهُمْ وَدِلَالَةً صَادِقَةً عَلَى نُبُوَّتِهِمْ.
وَلَيْسَ الْمُنَجِّمُ وَمَنْ ضَاهَاهُ مِمَّنْ يَضْرِبُ بِالْحَصَى وَيَنْظُرُ فِي الْكُتُبِ وَيَزْجُرُ بِالطَّيْرِ مِمَّنِ ارْتَضَاهُ مِنْ رَسُولٍ فَيُطْلِعَهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ غَيْبِهِ، بَلْ هُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ مُفْتَرٍ عَلَيْهِ بِحَدْسِهِ وَتَخْمِينِهِ وَكَذِبِهِ.....



وفي قوله سبحانه وتعالى:
۩ ... فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) ۩ سورة الجن،- يَعْنِي:
مَلَائِكَةً يَحْفَظُونَهُ عَنْ أَنْ يَقْرَبَ مِنْهُ شَيْطَانٌ، فَيَحْفَظُ الْوَحْيَ مِنِ اسْتِرَاقِ الشَّيَاطِينِ وَالْإِلْقَاءِ إِلَى الْكَهَنَةِ.


قَالَ الضَّحَّاكُ:
مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا وَمَعَهُ مَلَائِكَةٌ يَحْرُسُونَهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ عَنْ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِصُورَةِ الْمَلَكِ، ….


وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ زَيْدٍ:
رَصَداً أَيْ حَفَظَةً يَحْفَظُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمَامِهِ وَوَرَائِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ.
(الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (19/ 28،29).


ويقول الإمام/ البغوي في تفسيره:
۩ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ... ۩
إِلَّا مَنْ يَصْطَفِيهِ لِرِسَالَتِهِ فَيُظْهِرَهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنَ الْغَيْبِ لِأَنَّهُ يَسْتَدِلُّ عَلَى نُبُوَّتِهِ بِالْآيَةِ المعجزة التي تخبر عَنِ الْغَيْبِ
(معالم التنزيل، البغوي، تحقيق: محمد عبد الله النمر وآخرين، دار طيبة، الرياض، ط2، 1417هـ/ 1997م، (8/ 44).


ويؤكد الإمام/ الألوسي - أيضا - هذا المعنى في تفسيره، فيقول:
لكن الرسول المرتضى يظهره جل وعلا على بعض الغيوب المتعلقة برسالته، كما يعرب عنه بيان من ارتضى بالرسول تعلقا ما؛ إما لكونه من مبادئها بأن يكون معجزة، وإما لكونه من أركانها وأحكامها كعامة التكاليف الشرعية، وكيفيات الأعمال، ونحو ذلك من الأمور الغيبية"
(روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، الألوسي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت، (29/ 96).



ومن هذا التصريح القرآني وأقوال المفسرين في هذه الآية يتبين أن إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الشريف عما سيحدث بعد مائة عام، لا غرابة فيه ولا استحالة؛ إذ الرسول - صلى الله عليه وسلم- مؤيد بالمعجزات، ومنها اطلاعه على الغيب، كما قال سبحانه وتعالى:
۩ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ.. ۩ ،-
فالله تبارك وتعالى يطلعه على الغيب، فيتلقى الوحي ممن وسع كرسيه السموات والأرض، ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم.
(السنة المطهرة، د. سيد أحمد رمضان المسير، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط3، 1424هـ/ 2003 م، ص26، 27).



أما قوله تعالى:
۩ ... وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۩ سورة الأعراف: من الآية 188.

وقوله تعالى:
۩ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) ۩ سورة النمل.
فلا إشكال فيه؛ لأن:
النبي - صلى الله عليه وسلم- لا يعلم الغيب "المستقبل"، ولا اطلاع له على شيء من ذلك إلا بما أطلعه الله عليه، كما قال تعالى:

۩ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) ۩
(تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400 هـ/ 1980م، (2/ 273).

فالنبي - صلى الله عليه وسلم- لا يعلم الغيب كله كما بينا، ولكن قد يطلعه الله على بعض الغيبيات بما يؤيد رسالته فقط، وليكون معجزة له ودلالة على نبوته، كما ذكرنا آنفا.




أما بقية الأمور الغيبية فلم يطلعه الله عليها، وهذا ما جاء في قوله سبحانه وتعالى:
۩ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) ۩ سورة النمل.


وقوله، سبحانه وتعالى:
۩ ... وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۩ سورة الأعراف: من الآية 188.

وهاتان الآيتان لا تتعارضان مع حديث "رأس المائة" في شيء؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم الغيب كله كما بينا؛ ولكن قد أطلعه الله -عز وجل- على بعض الغيبيات بما يؤيد رسالته فقط، أما بقية الأمور الغيبية فلم يطلعه الله عليها كما بينت الآيات،


يقول الإمام/ محمد رشيد رضا في تفسير قولـه تعـالى:
۩ قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ۩ سورة الأنعام: من الآية 50.
أَنَّ الْغَيْبَ قِسْمَانِ:
حَقِيقِيٌّ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ، وَإِضَافِيٌّ يَعْلَمُهُ بَعْضُ الْخَلْقِ دُونَ بَعْضٍ، وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَنْفِي قُدْرَةَ الرَّسُولِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي خَلْقِ اللهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ فَوْقَ كَسْبِ الْبَشَرِ، وَتَنْفِي عَنْهُ عِلْمَ الْغَيْبِ بِهَذَا الْمَعْنَى، إِلَّا مَا أَعْلَمَهُ اللهُ تَعَالَى بِهِ بِوَحْيهِ لِتَعَلُّقِهِ بِوَظِيفَةِ الرِّسَالَةِ كَالْمَلَائِكَةِ وَالْحِسَابِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ - وَأَنَّ مَا يُطْلِعُ اللهُ عَلَيْهِ الرُّسُلَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْ عِلْمِهِمُ الْكَسْبِيِّ، بَلْ يَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ النُّبُوَّةَ غَيْرَ مُكْتَسَبَةٍ.
(تفسير المنار، محمد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت، ط1، 1342هـ، (9/ 513).


فدلت هذه الآيات على أن هناك من الغيبيات ما لا يطلع عليه أحد قط إلا الله وحده، وأن هناك بعض الغيبيات يطلع الله عليها رسله؛ فإذا كان المولى تبارك وتعالى يطلع من يشاء من رسله على بعض الغيبيات فهذا لا يعني أنه يطلعه على الغيب كله، ولهذا فإن علم النبي - صلى الله عليه وسلم- بما أخبر به في الحديث لا يتناقض مع ما أخبر به القرآن من عدم معرفة أحد من البشر الغيب كله.








التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» إلى جميع المخالفين الذين يسجلون بالمنتدى بمعرفات إسلامية
»» حديث: فأعرضوه على القرآن، وضعته الزنادقة، ويدفعه حديث: "أوتيت الكتاب ومثله معه"
»» الضمان الإلهي لأنفسنا ولـ: (أزواجنا وذرياتنا) من بعدنا بالتقوى
»» هل الرفق واللين هما الأصل الذي يحرم الخروج عنه
»» حديث: «بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ»، مداراة وليس تقية ولا مداهنة يا من أعمى الله بصائرهم