عرض مشاركة واحدة
قديم 26-02-07, 04:26 PM   رقم المشاركة : 10
المهدي بوصالح
موقوف







المهدي بوصالح غير متصل

المهدي بوصالح is on a distinguished road


ام المحرمات :

القاعدة الأولى : المحرمات متفاوتة

المحرمات ليست على درجة واحدة بل هي متفاوتة ، فبعض المحرمات أشد تحريما من بعض ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ( 17/59 ) : ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى تفاصيل أنواع الإيجاب والتحريم وقالوا : إن إيجاب أحد الفعلين قد يكون أبلغ من إيجاب الآخر ، وتحريمه أشد من تحريم الآخر ، فهذا أعظم إيجاباً ، وهذا أعظم تحريماً ، ولكن طائفة من أهل الكلام نازعوا في ذلك كابن عقيل وغيره فقالوا : التفاضل ليس في نفس الإيجاب والتحريم ، لكن في متعلق ذلك وهو كثيرة الثواب والعقاب ، والجمهور يقولون بل التفاضل في الأمرين ، والتفاضل في المسببات دليل على التفاضل في الأسباب ، وكون أحد الفعلين ثوابه أعظم وعقابه أعظم دليل على أن الأمر به والنهي عنه أوكد ، ولو تساويا من كل وجه لامتنع الاختصاص بتوكيد أو غيره من أسباب الترجيح ، فإن التسوية والتفضيل متضادان . انتهى .

القاعدة الثانية : تحريم الشيء تحريم لجميع أجزائه
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 21/85 ) : تحريم الشيء مطلقا يقتضي تحريم كل جزء منه ، كما أن تحريم الخنزير والميتة والدم اقتضى ذلك ، وكذلك تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة يقتضي المنع من أبعاض ذلك ، وكذلك النهي عن لبس الحرير اقتضى النهي عن أبعاض ذلك ، لو لا ما ورد من استثناء موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع في الحديث الصحيح .. ثم قال ( 21/86 ) : وحيث حرم النكاح كان تحريما لأبعاضه ، حتى يحرم العقد مفرداً والوطأ مفرداً كما في قوله : {ولا تنكحوا مانكح آباكم من النساء إلا ماقد سلف } النساء : 22 ] . انتهى .

القاعدة الثالثة : ما أدى إلى محرم فهو محرم
ما أدى إلى محرم فهو محرم فعله ، كما لو أدى فعل نافلة إلى ترك فريضة كالذي يصلي بالليل طويلاً وينام عن صلاة الفجر ، فإنه لا يشرع له قيام الليل إذا كان ذلك سببا لتركه صلاة الفجر .

أو أدى فعل مباح إلى فعل محرم ، كما لو إذا خلى وحده ارتكب المحرمات ، فإنه لا يشرع له أن يخلوا لوحده إذا كان ذلك سبباً للوقـوع في الحرام أو أدى فعلٌ إلى الإحتيال على أمر محرم فهو محرم ، قال ابن القيم في إغاثة اللهفان ( 1/361 ) : وإذا تدبرت الشريعة وجدتها قد أتت بسد الذرائع إلى المحرمات ، وذلك عكس باب الحيل الموصلة إليها ، فالحيل وسائل وأبواب إلى المحرمات ، وسد الذرائع عكس ذلك ، فبين البابين أعظم التناقض ، والشارع حرَّم الذرائع وإن لم يقصد بها المحرم لإقضائها إليه فكيف إذا قصد بها المحرم نفسه . انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في طريق الوصول إلى العلم المأمول ( 113 ) : إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته فإن كان مشتملا على مفسدة ظاهرة راجحة فإنه يستحيل على الشارع الأمر أو إباحته بل يقطع أن الشرع يحرمه لا سيما إذا كان طريقا مفضيا إلى ما يبغضه الله ورسوله . انتهى .


القاعدة الرابعة : يأثم الإنسان بالعزم على فعل المحرم وإن لم يفعله
عن أبي كبشة الأنماري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله ما لا وعلما فهو يتقي فيه ربه فهو بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول : لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيه فأجرهما سواء ، وعبد رزقه مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ، ولا يعلم لله فيه حقا ، فهذا بأخبث المنازل ، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته فوزرهما سواء )) أخرجه الترمذي ( 2325 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح .

هذا الحديث يدل على أن الإنسان يأثم بالعزم على فعل المعصية وإن لم يفعلها ، إذا كان سبب تركه لتلك المعصية عدم القدرة عليها وليس الخوف من الله ، وقد ذكر هذا الحديث شيخ الإسلام فقال عنه كما في مجموع الفتاوى ( 10/733 ) : هو في حكاية من قال ذلك ، وكان صادقا فيه وعلم الله منه إرادة جازمة لا يتخلف عنها الفعل إلا لفوات القدرة ، فلهذا استويا في الثواب والعقاب ، وليس هذه الحال تحصل لكل من قال : ( لو أن لي ما لفلان لفعلت مثل ما يفعل ) إلا إذا كانت إرادته جازمة يجب وجود الفعل معها إذا كانت القدرة حاصلة ، وإلا فكثير من الناس يقول ذلك عن عزم لو اقترنت به القدرة لانفسخت العزيمة .

وقال أيضا ( 10/736 ، 737 ) : ولا ريب أن ( الهم ) و ( العزم ) و ( الإرادة ) ونحو ذلك قد يكون جازما لا يتخلف عنه الفعل إلا للعجز ، وقد لا يكون هذا على هذا الوجه من الجزم .. ، وأما الهام بالسيئة الذي لم يعملها وهو قادر عليها فإن الله لا يكتبها عليه كما أخبر به في الحديث الصحيح ، وسواء سمي همه : ( إرادة ) أو ( عزماً ) أو لم يسم ، متى كان قادراً على الفعل وهم به وعزم عليه ولم يفعله مع القدرة فليست إرادته بجازمة .

القاعدة الخامسة : كل لفظ يدل على لزوم ترك فعل من الأفعال فإن ذلك اللفظ يؤخذ منه تحريم ذلك الفعل
قال ابن القيم في بدائع الفوائد ( 2/218 ) : ويستفاد التحريم من النهي ، والتصريح بالتحريم ، والحظر ، والوعيد على الفعل ، وذم الفاعل ، وإيجاب الكفارة بالفعل ، وقوله : ( لا ينبغي ) فإنها في لغة القرآن والرسول للمنع عقلاً أو سرعاً ، ولفظه ( ما كان لهم كذا ) ، و ( لم يكن لهم ) ، وترتيب الحد على الفعل ، ولفظه ( لا يحل ) و ( لا يصلح ) ، ووصف الفعل بأنه فساد وأنه من تزيين الشيطان وعمله وإن الله لا يحبه وأنه لا يرضاه لعباده ، ولا يزكي فاعله ، ولا يكلمه ، ولا ينظر إليه ، ونحو ذلك . انتهى .