عرض مشاركة واحدة
قديم 08-08-11, 03:52 AM   رقم المشاركة : 7
شعيب الاشباني
صوفي






شعيب الاشباني غير متصل

شعيب الاشباني is on a distinguished road


الأستاذ فارس الكلمة
جزاك الله خيرا سيدي الكريم و لكن إسمح لي أن أقول لك أني قرأت الموضوع و كنت أتمنى أن يرد شيخنا أبو عثمان ردا مفصلا لنسفيد منه أكثر، ثم الفيض في ذلك الموضوع يتحدث عن معنى آخر يتعلق بالغنوصية لا بالإيجاد و الموجد و الوجود. الفيض كحل فلسفي يفسر المعرفة ينفسم إلى طريقين: طريق غنوصي أو باطني أو كلاهما و آخر فلسفي مجرد. الفيض في ذلك الموضوع يتناول الجانب الغنوصي و الباطني، لا علاقة له بنظرية المعرفة بشكل كامل و إن كنت أرى أن الفيض هو أفضل تفسير لتوضيح المعرفة. خذ مفهوم "العدم" الذي يمكن لنا تصوره، و السؤال: ما مصدر هذا التصور؟ لا يمكن أن يكون الحس لأن حدود الحس كلها مناقضة للعدم، و لا يمكن أن يكون العقل لأن العقل أداة تترجم المحسوسات إلى قوانين معرفية تقيّم الحس، و يبقى الإدعاء الآخر و هو ما يسمى المعارف الباطنية أو الفطرية أو المولودة التي يتمسك بها الفلاسفة العقلانيون أصحاب العقلانية في نظرية المعرفة، لكن هذا الإدعاء ينفيه القرآن من حيث أنه أي القرآن يوضح بشكل لا شك في فحواه الظاهري أن الإنسان يخرج من بطن أمه لا يعلم شيئا. و لكم يجب أن نعير الإختلاف بين الناس في التصور لأن العدم عند المعتزلة مثلا ليس العدم في اللغة الإشارية التي يعني فيها العدم نقيض الوجود، بينما العدم عند الفيزيائيين خصوصا عند ستيفن هاويكنغ في فرضييه التي يقول من خلالها أن الكون بإستطاعته أن ينشأ من عدم دون الحاجة الضرورية لوجود علوي عدم آخر. أنا في نظريتي، و قد تكون خاطئة إذا ثبت ما ينقضها، أرى أن الفيض يحل هذه الإشكالية الفلسفية و من خلالها أفهم أن إستطاعة تصورنا للعدم نتيجة صدور أي فيض مصادر التصورات من عقل كامل مطلق يدرك بذاته المطلقة العلوية كل شيء أي ذاته و ما فاض عن وجوده الذاتي و إرادته. أشكرك و أشكر تعقيباتك و نقدك الذي أشتاق إليه لتمنو معارفي و تظهر أخطائي و تتسع نظرتي.

ملاحظة: ما عرضته في هذا الموضوع سيدي الحبيب ليس بإشكالية ((عندي)). هو موضوع مطروح للنقاش و الفيض له معاني كثيرة جدا لدى المتصوفة و الجدليون الكلاميون و الفلاسفة.

أستاذي الحبيب الثقافة الإسلامية
أشكرك على ردك القيم الذي إن لم يدل على شيء فإنه يدل على عقليتك العلمية و إطلاعك الواسع و حسك النقدي بالمنطق السليم.
إسمح لي أن أقول لك أنا أتفق معك في كل ما ذكرت و بالخصوص ما تراه قولا بلا إستدلال أو خطأ منطقي في التعبير، و هذا الإتفاق مع سيادتك الموقرة يأتي من حيث أنني لم أخاطبك في ردي بأسلوب حججابي، بل إقتصرت فيه على الخطابة العرضية بشكل مجمل و إعتراضية في أجزاء منها كلامك عن إستلزام الفيض لنفي الإرادة، الإتحاد و قدم العالم. أخيرا و بشكل موجز هناك آراء كلامية جدلية و جزء فلسفي أشرت إليه في ردك لا أتفق معه و قد أرد عليه في وقت آخر بعد إعادة توضيح فحوى الموضوع، بالإضافة إلى رد لم أفهمه نهائيا و هو:
(أنا) : إذا كانت الصفة شيء فهي موجودة أي لها وجود فعلي.
(أنت) : "لها وجود فعلي" عادة يقصد بها ان الوجود كوجودنا. وعلى ذلك كل ما يتبع هذا الافتراض باطل لانه مبني على باطل.
(أنا) : الوجود في الحقيقة وجودين منطقي و واقعي أي عين و نوع، فالوجود الفعلي يعني الوجود الحقيقي، و إذا كانت الارادة موجودة فعلا فإما أن تكون هي الذات أو شيء غير الذات و بما أن كثير من العلماء يقولون بالقول الثاني إذن الإرادة شيء موجود فعلا أي حقيقة واقعا.
(أنت) : اخي هنا انت تستدل هنا بأقوال وليس بأدلة عقلية. هذا يسمى circular reasoning اي التسبيب الدائري. لماذا تقول ان س حقيقة؟ لان العلماء قالوا ذلك. طيب لماذا قالوا ذلك؟ قيل "لأنه حقيقة".


إعادة توضيح فحوى الموضوع
أنا أختلف مع إبن رشد في رده على المتصوفة (الغنوصية و الباطنية لا السلوكيون) فيما يخص معرفة الله و الإستدلال على وجوده، و كذلك في رده على من أطلق عليهم الحشوية. المتصوفة، عنده، أصحاب عرفان أي ممن يرى حصول المعرفة بصفاء النفس و الجهاد بالعمل الصالح فيقول أن هذا ليس سببا لحصول المعرفة و إنما شرط كما أن الصحة الجسدية ليست سببا لإكتساب المعرفة و إنما شرط. أما الحشوية، عنده و بتعبيره، فهم من ينكرون إمكانية حصول معرفة الله بالعقل و يرد عليهم بالآيات القرآنية التي تؤكد على النظر العقلي و هنا يتفق مع المتكلمين في ظرورة النظر لصحة الايمان لكن يختلف معهم في المنهج و يرد أدلتهم التي تقوم على الجوهر و العرض و الإمكان و الوجوب (حيث يرد هنا أيضا على إبن سينا لكي يصفي الأرسطاطوليسية من الإضافة و التأويلات الأفلاطونية و السينوية) و غير ذلك، إلا أن البنيان الذي إعترض به على المتكلمين من حيث أنه يرى أنها جدليات لا تفيد اليقين تنطبق أيضا على أدلته هو مثل الحركة التي إنتقدها إبن تيمية فذهب أبعد مما ذهب إليه إبن رشد حيال المتكلمون حيث إن إبن تيمية لم يكتفي بالقول أن الدليل القائم على الحركة لا يفيد اليقين فقط بل لا يفيد الدليل بادئ ذي بدأ، و أدلت إبن رشد منقسمة إلى قسمين حيث يعطي هو معنى آخر لتوافق العقل و النقل و هي: العقل البرهاني من جهة و الظاهر من العقائد التي قصد الشرع حمل الجمهور عليها من جهة ثانية.

إذن،
نظريتي في هذا الموضوع لا تٌناسب الحشوية و لا المتصوفة المعرفيون (الغنوصيون و الباطنيون) و بتعبيري أنا: لا تناسب من يقول أن الإستدلال على وجود الله لا يكون بالعقل كما لا تناسب من يقول أن معرفة الله تكون بالإخلاص و الجهاد النفسي و العرفان بشكل عام.
بل تٌناسب من يرى الإستدلال على وجود الله بالعقل سواء تأكيدا و طمأنة (للنص) أو بمعزل عن النص كما هو الحال مع الفلاسفة العقلانيون في كل زمان و مكان.

و أنا آخذ بالفيض هنا، و أقصد فيض الوجود الواجب الوجود بغيره لكن وجوب وجوده لا كوجوب وجود الله كما أن وجود الله لا كوجود غيره و صفاته لا كصفات غيره، جدلا و ليس تقريرا. ما معنى "جدلا" في هذا السياق؟
إنما أرد على من يقول بالإستدلال العقلاني على وجود الذات العلوية الإلهية لأن نفس المنهج، الذي ينطلق من بين منطلقاته من قياس الشاهد على الغائب و ليس في الشاهد شيء يحدث إلا في شيء أو من شيء، يستلزم القول بالفيض و أقرب أنواع الفيض، في نظريتي هنا التي أقول بها جدلا لا تقريرا، هو فيض الوجود من إرادة الله لا من ذاته لأن أخذ الذات يعني الحلول على الأقل و غالبا يعني وحدة الوجود فلاشيء إلا هو.

الآن نأتي إلى الإشكالية (و هذا هو أصل الموضوع لمن فقهه و إستعان بملكاته العقلية الدقيقة):
- ليس في القرآن إشارة إلى أي طريق يصح كإستدلال عقلي على وجود الذات العلوية الإلهية و إنما كلها مؤكدة للألوهية فقط. إذن بطل مذهب إبن رشد في مذهبه الذي يفهم من خلاله الدليل السمعي و أخذه بالعناية و الإختراع لأن العناية و الإختراع في القرآن أدلة على الألوهية تخاطب أناسا يؤمنون أصلا بالربوبية، و تُبطل أيضا من يقول أن السمع هو طريق الدليل على الله بما في ذلك وجوده. إذن ما الحل؟ الله موجود لأنه أرسل رسول ليس بدليل بل خطاب و بيان أي إنذار و أنت حر تؤمن أو لا تؤمن.

- الإستدليل العقلي على وجود الذات العلوية الإلهية بالسببية (التي تحتاج إلى دليل أولا فليس هناك ما يدل على أن حركة الجسم أ بعد إصطدامه بالجسم ب أي شيء يستلزم أن يكون في أحد الجمسين خاصية سبب هذه الحركة) و العناية و الإختراع و الجوهر و العرض و الإمكان (لاسببية أي لا حتمية) و الوجوب و الاستحالة و الحركة و الجوهر و العرض و غير ذلك تستلزم الأخذ بالفيض أيضا، على الأقل فيض الوجود من صفة الإرادة إن كانت الإرادة شيء يتمتع بوجود حقيقي و ليست بذات أي ليس الارادة هي نفسها المريد. أو بمعنى آخر ليست الصفة الموصوف.



حياكم الله و عذرا إن وجدتم أخطاء مطبعية في ردي.







التوقيع :
الناس رجلان: رجل نام في النور، ورجل إستيقظ في الظلام! .
من مواضيعي في المنتدى
»» التوسل إلى الله بدعاء الصالح الحي
»» الفرق بين المعرفة و العلم؟
»» التصوف الإسلامي بين العقل و النقل
»» لغة الصوفي/ هكذا قال محي الدين!
»» من هو خامس الخلفاء الراشدين؟