الهدوء ما أنا إلا طويلب علم ويعلم الله ما أنا لأقارن باحد من أهل السنة , فالنصوص العلمية يجب أن تنزل منزل الحق , ولا يجب أن يفهم الحقُ باطلاً و أن يتبع الباطل فيتمسكَ بهِ دون الحق , العقيدة واضحة ولا يختلف في الإعتقاد أحد وقد خالفتم المسلمين في مسألةِ " عصمة الأنبياء " ولكن الأمر لا يكونُ بهذه الطريقة فعلى الباحث عن الحق فهم النصوص والرجوع إليها , وقد ثبت في الأحاديث أن من ذرية إبراهيم عليه السلام " ظالم " إنظر تفسير الحافظ إبن كثير رحمه الله تعالى .
ومعنى الآية على هذه القراءة: لا ينال عهدُ الله بالإمامة ظالمًا، أي: ليس لظالم أن يتولى إمامة المسلمين . ومجيء الآية على هذا التركيب يفيد معنى مهمًا، وهو أن الظالمين ولو اتخذوا الأسباب التي توصلهم إلى نيل العهد، فإن عهد الله وميثاقه يأبى بنفسه أن يذهب لظالم، أو يكون له؛ لأن الأخذ بعهد الله شرف، وهذا الشرف لا ينال الظالمين .
والآية الكريمة وإن كانت واردة بصيغة الإخبار لا بصيغة الأمر، حيث إنها تخبر أن عهد الله لا يناله ظالم، إلا أن المقصود بهذا الإخبار الأمر، هو أمر الله عباده، أن لا يولوا أمور الدين والدنيا ظالمًا. والذي يُرجح أن يكون المقصود بالآية الأمر لا الإخبار، أن أخباره تعالى لا يجوز أن تقع على خلاف ما أخبر سبحانه، وقد علمنا يقينًا، أنه قد نال عهده من الإمامة وغيرها كثيرًا من الظالمين , أما عهد الله فهو النبوة وهذا أمرٌ أخر خارج عن نطاق المبحث الذي نتكلم فيهِ , هل تعتقدون بلفظ " العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب " إن قلت نعم فقد أسقطت دينكم عن بكرةِ أبيهِ أيها المحاور المحترم .
أما الذنوب تنافي الكمال , فهذا لا خلاف فيهِ لأنهُ ما من بشر لا يخطئ وقد أشرنا إلي أن الأنبياء عصموا في التبليغ ومن الكبائر وهذا ينفي الشبهة عن شيخ الإسلام إن تيمية رحمه الله تعالى , وليس في الأمر إختلاف وأن الامر ثابت من حيث وقوع الصغائر من الأنبياء , وقد قلنا في النقطة الثانية : الثانية : أن الذنوب تنافي الكمال وأنها نقص . وهذا صحيح إن لم يصاحبها توبة ، فإن التوبة تغفر الذنب ، ولا تنافي الكمال ، ولا يتوجه إلى صاحبها اللوم ، بل إن العبد في كثير من الأحيان يكون بعد توبته خيراً منه قبل وقوعه في المعصية ومعلوم أنه لم يقع ذنب من نبي إلا وقد سارع إلى التوبة والاستغفار، فالأنبياء لا يقرون على ذنب ، ولا يؤخرون توبة ، فالله عصمهم من ذلك ، وهم بعد التوبة أكمل منهم قبلها , ثم إعلم أن الخطأ قد يقع ن الأنبياء عليهم السلام في الدنيا من دون قصد وهذا لا يختلف فيهِ احد إنظر معي فإن العصمة للأنبياء كما أشرنا في كلامنا في أمرين لا ثالث لهما وكان الكلام والمبحث حول ما قاله شيخ الإسلام إبن تيمية في تفسير آيات أشكلت.
فقد روى مسلم في صحيحه ( 6127 ) عن رافع بن خديج قَالَ: قَدِمَ نَبِيّ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم – الْمَدِينَةَ ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ النّخْلَ . يَقُولُونَ يُلَقّحُونَ النّخْلَ . فَقَالَ : "مَا تَصْنَعُونَ ؟ " قَالُوا : كُنّا نَصْنَعُهُ. قَالَ : "لَعَلّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْراً " فَتَرَكُوهُ . فَنَفَضَتْ أَوْ قال : فَنَقَصَتْ . قَالَ : فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : " إِنّمَا أَنَا بَشَرٌ ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيي ، فَإِنّمَا أَنَا بَشَرٌ" وبهذا يكون قد علم أن أنبياء الله تعالى معصومون عن الخطأ في الوحي ، ولنحذر ممن يطعنون في تبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويشككون في تشريعاته ويقولون هي اجتهادات شخصية من عنده حاشاه صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : " وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى " النجم /3-4 , أما القول في النقص والكمال فالكمال لله تبارك وتعالى , والكمال هو عدم وقوع الخطأ , والذنوب من الأخطاء ولكن كان الأنبياء عليهم السلام يسارعون للتوبة وقد ثبت عليهم الخطأ الصغير , ولكن إنتفت عنهم الكبائر كما أشرنا .
الكمالُ لله وحدهُ , وكان النبي صلى الله عليه وسلم خير الرسل ونبيُ الهدى حبيب الله جل في علاه فداه أنفسنا ومالنا وأهلنا والناس أجمعين , أيضاً يخالف مسألة عصمتهم من الخطأ فقال تعالى [ إنما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إلي ] والأنبياء بشر , والملائكة خلقت من النور , ومن طبع البشر الخطأ ولكن عصمة الأنبياء في تبليغ الرسالة والكبائر لا يختلف فيه , والقول بتناقض الكمال والذنب فهذا فاسد لا يصلح . والله أعلم