بسم الله الرحمن الرحيم
وقع الإشكال في لفظ [ لتعودنا في ملتنا ] , قال في كتاب " آيات أشكلت على العلماء " صفحة 167 : [ ليس المراد عودهم إلي الكفر , فإن الأنبياء لم يكونوا كفاراً , قال إبن عطية ( ثقة ) , العودُ أبداً إنما هو إلي حالة , قد كانت والرسلُ ما كانوا قط في ملة الكفر , أو لتعودن إلي سكوتكم عنا , { كما كنتم قبل الرسالة } , كونكم أغفالاً قال : وذلك عند الكفار كونهم في ملتهم ] . وقال [ وصاحبُ هذا القول أقر بالرجوعِ إلي المعروف , ولكن جعلهُ عوداً , إلي ترك الامر والنهي ودعوتهم إلي الإيمان كما كانوا قبل أن يرسلوا , وجعلوا هذا عودا في ملتهم عند أولئك الكفار وهذا يرد عليه في أمران :
قال المحقق وفي (د) : [ إلي ملتهم ] .
وأخدهما , أن هذا العود يكون للرسل خاصة فهم الذين امروا ونهوا ودعوا إلي إتباعهم .
وقال إبن عطية " أو لتعودن في ملتنا [ لتصيرن ] " .
وقال أبو الفرج (( أو لتعودن في ملتنا يعني : ديننا , وهو الشرك فإن قيل كيف قالوا : (( أو لتعودن )) وشعيب لم يكن في كفرٍ قط , فعنهُ جوابان .
أحدهما أنهم لما جمعوا في الخطاب معه من كان كافراً , ثم آمن خاطبوا شعيباً بخطاب أتباعهِ , وغلبوا لفظهم , على لفظه لكثرتهم وإنفرادهِ ...
أما الأخر : لتصيرن إلي ملتنا , فوقع القول على معنى الإبتداء , كما يقال : عاد علي من فلان مكروه , أي لقد لحقني منهُ ذلك , وإن لم يكن سبق منهُ مكروه , قال الشاعر :
فإن تكُ الأيام أحسن مرة *** إلي فلقد عادت لهن ذنوب .
قال إبن الجوزي في زاد المسير [ وقد شرحنا هذا في سورة البقرة في قولهِ " وإلي الله ترجع الامور " قال وقد ذكر معنى هذين الجوابين الزجاج وإبن الأنباري ] ولطلبة العلم في ملتقى أهل الحديث تحقيقاً فقول الأنباري ليس بذلك كما قالوا حسبما أذكر , ولم يذكر في آية إبراهيم شيئاً , والجواب الأول مع ضعفهِ لا يأتي في سورة إبراهيم .
وقيل أراد بهِ قوم شعيب , لأنهم كانوا كفاراً فأمنوا فأجاب شعيب عنهم (( معالم التنزيل والكشف والبيان للثعلبي )) ولم يذكر هذه التأويلات في سورة إبراهيم بل فسرها بمقتضى اللفظ , إلا أن ترجعوا أو [ حتى ترجعوا ] إلي ديننا .
قال شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله تعالى في التعليق في كتابهِ " أيات إشتشكلت على العلماء [ هؤلاء فسروا الملة بالكفر كما هو مدلول اللفظ , ولم يذكروا ما قالهُ إبن عطية , وإبن عطية فسرهُ بالعودة إلي الحال التي كانوا عليها , (( والعود إنما هو إلي حال قد كانت )) , ولم يسوغ أن يكون بمعنى الإبتداء , وبما يشهد لما قال إبن الجوزي في البيت المتقدم , قولُ لبيد :
وما المرء إلا كالشهاب وضوئهُ *** يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
أراد يصير ردمادا , لأنهُ كان رمادا , ومثله قول أمية بن الصلت :
تلك المكارم لا قعبان من لبن *** شيباً بماء فعاد بعود أبوالا ] . إنتهى الكلام .
يتبع بحول الله تعالى , وإن كان هناك خطأ فذكرونا فأنا أتكلمُ من ذاكرتي