[فتى الشرقيه]

http://www.alnajafalashraf.net/magfifteen/n15masw15.htm




السـؤال:
ذُكرت الزكاة في الذكر الحكيم في ثلاثين آية وربما في أكثر الحالات تكون متلازمة مع ذكر الصلاة مما يؤشّر أن لها أهمية بالغة في الاقتصاد الإسلامي واعتبرها ركن هام في توزيع ثروات المسلمين ووضعها موضع العدالة بين أغنيائهم وفقرائهم وهي تعتبر من العبادات المالية في الإسلام، ولكن نرى في جانب آخر ان الخمس ذكر مرة واحدة ولم يقترن بالصلاة، ولكن اقترن بذكر الغنيمة علماً أن المذهب يُقم وزناً كبيراً للخمس قد يوازي الوزن الذي يعطيه الله سبحانه وتعالى للزكاة؟

الجواب:
من الواضح أن تشريع الخمس كان بعد تشريع الزكاة،
وبالنظر إلى بعض الاعتبارات
فان المشرّع الإسلامي المتمثل آنذاك في شخص الرسول الكريم (ص)
لم يكن مأموراً بتطبيقه على أرض الواقع
ولعل من هذه الاعتبارات
تردّي الوضع الاقتصادي
وضعف الموارد المالية لغالبية المسلمين
سيّما بملاحظة
أن معظم أغنيائهم قد انفقوا جُلّ أموالهم في تقوية الدين الجديد والدفاع عنه
إذ لم تكن للدولة الفتية آنذاك ميزانية خاصة بالشؤون العسكرية، بل كان الواجب على كل مسلم قادر على القتال القيام بتجهيز نفسه للجهاد على نفقته الخاصة،
فلم يبق لديهم ما يفضل على مؤنة سنتهم حتى يطالبهم النبي (ص) بخمسه، فإذن هذا المورد - أعني ما يفضل على المؤنة - الذي هو عمدة موارد الخمس لم يكن متحققاً آنذاك.
هذا وقد يقال بأن من تلك الاعتبارات أيضاً ان الجمع بين حق الخمس والزكاة عليهم ربما يكون موجباً لارهاقهم مادياً وهم حديثوا عهد بالإسلام
مما قد يؤدي إلى ارتداد البعض منهم ونفور البعض الآخر سيّما وان الخمس يشكل نسبة عشرين في المئة، وهي نسبة عالية بالقياس إلى الزكاة الذي يشكّل نسبة 2.5 بالمئة،
فمن اجل ذلك اقتضت مصلحة الكتمان وحكمة التدرّج في تطبيق الأحكام عدم تنفيذ هذا التشريع من الناحية العملية إلاّ في مورد واحد فقط وهي غنائم دار الحرب،
ولذا لم تنقل في غير هذا المورد
ولا رواية واحدة
عن النبي (ص)
أو أمير المؤمنين
أو الحسن
أو الحسين
أو زين العابدين (ع)
مما يؤكد على أن تنفيذ هذا الحق في عهدهم يقف عند هذا الحدّ،

وأما تطبيقه في غير هذا المورد من الموارد الأخرى فيبدأ في عهد الصادقين (ع) كما يظهر من النصوص.
وبذلك يتضح الوجه في عدم تكرار الخمس في الكتاب العزيز وان مصلحة الكتمان والتدرّج في تطبيق الأحكام اقتضت ذلك