شبكة الدفاع عن السنة

شبكة الدفاع عن السنة (http://www.dd-sunnah.net/forum/index.php)
-   منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة (http://www.dd-sunnah.net/forum/forumdisplay.php?f=13)
-   -   وحدانية الله وجامع لدروس التوحيد (http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=18010)

أحمــــد 02-08-03 07:58 AM

وحدانية الله وجامع لدروس التوحيد
 


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :


فإن الكون كله خلقاً وتدبيراً يشهد بوحدانية الله .. ( ألا له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين ) الأعراف / 54 .

خلق السماوات والأرض .. واختلاف الليل والنهار .. وأصناف الجماد والنبات والثمار .. وخلق الإنسان والحيوان .. كل ذلك يدل على أن الخالق العظيم واحد لا شريك له .. ( ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون )غافر/62 .

وتنوع هذه المخلوقات وعظمتها .. وإحكامها وإتقانها .. وحفظها وتدبيرها كل ذلك يدل على أن الخالق واحد يفعل ما يشاء .. ويحكم ما يريد .. ( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل ) الزمر/62 .

وكل ما سبق يدل على أن لهذا الخلق خالقاً .. ولهذا الملك مالكاً .. ووراء الصورة مصور .. ( هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ) الحشر/24 .

وصلاح السماوات والأرض .. وانتظام الكون .. وانسجام المخلوقات مع بعضها .. يدل على أن الخالق واحد لا شريك له .. ( لو كان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) الأنبياء/22 .

وهذه المخلوقات العظيمة إما أنها خلقت نفسها وهذا محال .. أو أن الإنسان خلق نفسه ثم خلقها وهذا محال أيضاً ..( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات و الأرض بل لا يوقنون ) الطور/35 - 36 .

وقد دل العقل والوحي والفطرة على أن لهذا الوجود موجداً .. ولهذه المخلوقات خالقاً .. حي قيوم .. عليم خبير .. قوي عزيز .. رؤوف رحيم .. له الأسماء الحسنى و الصفات العلى .. عليم بكل شيء .. لا يعجزه ولا يشبهه شيء .. ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) البقرة/ 163 .

ووجود الله معلوم بالضرورة وبداهة العقول ..( قالت رسلهم أفي لله شك فاطر السماوات والأرض ) إبراهيم/10.

وقد فطر الله الناس على الإقرار بربوبيته ووحدانيته ولكن الشياطين جاءت إلى بني آدم .. وصرفتهم عن دينهم .. وفي الحديث القدسي ( إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم ) رواه مسلم برقم 2865.

فمنهم من أنكر وجود الله .. ومنهم من يعبد الشيطان .. ومنهم من يعبد الإنسان .

ومنهم من يعبد الدينار أو النار أو الفرج أو الحيوان .

ومنهم من أشرك به حجراً من الأرض .. أو كوكباً في السماء .

وهذه المعبودات من دون الله .. لم تخلق ولم ترزق .. ولا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر .. فكيف يعبدونها من دون الله .. ( أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) يوسف/ 39 .

وقد نعى الله على من عبد تلك الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل بقوله ( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين - ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها ) الأعراف/ 194 - 195 .

وقوله ( قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم ) المائدة/76 .

ألا ما أجهل الإنسان بربه الذي خلقه ورزقه .. كيف يجحده وينساه ويعبد غيره .. ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) الحج/ 46.

فسبحان الله وتعالى عما يشركون .. والحمد لله رب العالمين ..( قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون - أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أءله مع الله بل هم قوم يعدلون - أمن جعل الأرض قرراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً أءله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون - أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكرون- أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته أءله مع الله تعالى الله عما يشركون - أمن يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أءله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) النمل / 59 - 64 .



من كتاب أصول الدين الإسلامي : تأليف الشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .



موقع الإسلام سؤال وجواب

أحمــــد 02-08-03 07:59 AM

توحيد الألوهية
 


يؤمن المسلم بألوهية الله تعالى لجميع الأولين والآخرين ، وأنه لا إله غيره ، ولا معبود بحق سواه ، وذلك للأدلة النقلية والعقلية التالية ، ولهداية الله تعالى له قبل كل شيء ، إذ من يهدي الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فلا هادي له .


الأدلة النقلية :
1_ شهادته تعالى ، وشهادة ملائكته ، وأولي العلم على ألوهيته سبحانه وتعالى ، فقد جاء في سورة آل عمران قوله : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) .
2_ إخباره تعالى بذلك في غير آية من كتابه العزيز ، قال تعالى : (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم) ، وقال : (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) ، وقال لنبيه موسى عليه السلام : (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني) ، وقال لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم : (فاعلم أنه لا إله إلا الله) وقال مخبراً عن نفسه : (هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس) .
3_ إخبار رسله عليهم الصلاة والسلام بألوهيته تعالى ودعوة أممهم إلى الإعتراف بها ، وإلى عبادته تعالى وحده دون سواه ، فإن نوحا قال : ( يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) ، وكنوح هود وصالح وشعيب ما منهم أحد إلا قال : ( يا قومي اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) ، وقال موسى لبني إسرائيل : ( أغير الله أبغيكم إلهاً وهو فضلكم على العالمين ) ، قاله لبني إسرائيل لما طلبوا منه أن يجعل لهم إلهاً صنماً يعبدونه ، وقال يونس في تسبيحه : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ، وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول في تشهده في الصلاة : ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ) .


الأدلة العقلية :
1 _ إن ربوبيته تعالى الثابتة دون جدل مستلزمة لألوهيته وموجبة لها ، فالرب الذي يحيي ويميت ، ويعطي ويمنع ، وينفع ويضر هو المستحق لعبادة الخلق ، والمستوجب لتأليههم له بالطاعة والمحبة ، والتعظيم والتقديس ، وبالرغبة إليه والرهبة منه .
2 _ إذا كان كل شيء من المخلوقات مربوباً لله تعالى بمعنى أنه من جملة من خلقهم ورزقهم ، ودبر شؤونهم ، وتصرف في أحوالهم وأمورهم ، فكيف يعقل تأليه غيره من مخلوقاته المفتقرة إليه ؟ ، وإذا بطل أن يكون في المخلوقات إله تعين أن يكون خالقها هو الإله الحق والمعبود بصدق .
3 _ اتصافه عز وجل دون غيره بصفات الكمال المطلق ، ككونه تعالى قوياً قديراً ، علياً كبيراً سميعاً بصيراً ، رؤوفاً رحيماً لطيفاً خبيراً ، موجب له تأليه قلوب عباده له بمحبته وتعظيمه ، وتأليه جوارحهم له بالطاعة والإنقياد .
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها ، وخير أيامنا يوم لقائك ، واجعلنا مع الذين أنعمت عليهم في جنتك وجوارك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


(نقلا عن موقع "وحي السماء")



أحمــــد 02-08-03 08:01 AM

توحيد الأسماء والصفات
 


يؤمن المسلم بأن لله تعالى أسماء حسنى ، وصفات على ، تليق بجلاله ، فهو إنما يثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه ، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات من غير تكييف ولا تمثيل ، وينفي عنه تعالى ما نفاه عن نفسه ، ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، وذلك للأدلة النقلية والعقلية الآتية .


الأدلة النقلية :
1 _ إخباره تعالى بنفسه عن أسمائه وصفاته ، إذ قال تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) ، وقال سبحانه : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) كما وصف نفسه بأنه سميع بصير ، وعليم حكيم ، وقوي عزيز ، ولطيف خبير ، وشكور حليم ، وغفور رحيم ، وأنه كلم موسى تكليماً ، وأنه استوى على عرشه ، وأنه خلق آدم عليه السلام بيديه ، وأنه يحب المحسنين ، ويرضى عن المؤمنين ، وأنه يجيء سبحانه وتعالى يوم القيامه للفصل بين العباد ، وأنه ينزل في الثلث الأخير من كل ليلية إلى السماء الدنيا ،وجميع ماذكر من الأسماء والصفات وغيرها مما جاءت النصوص بها نثبتها على ما يليق بالله سبحانه وتعالى .
2 _ إخبار رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك فيما ورد وصح عنه من أخبار صحيحة وأحاديث صريحة كقوله صلى الله عليه وسلم : ( يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنة ) ، وقوله : ( لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها رجله - وفي رواية : قدمه- فينزوي بعضها إلى بعض ، فتقول قط قط ) وقوله صلى الله عليه وسلم (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : ( من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له )) وقوله عليه الصلاة والسلام : ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم براحلته ) الحديث ، وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية : ( أين الله ؟ فقالت في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة ) ، وقوله : ( يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ) .
3_ إقرار السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة رضي الله عنهم أجمعين بصفات الله تعالى ، وعدم تأويلهم لها ، أو ردها أو إخراجها عن ظاهرها ، فلم يثبت أن صحابياً واحداً تأول صفةً من صفات الله تعالى ، أو ردها ، أو قال فيها أن ظاهرها غير مراد ، بل كانوا يؤمنون بمدلولها ، ويحملونها على ظاهرها ، وهم يعلمون أن صفات الله تعالى ليست كصفات المخلوقين ، وقد سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن قوله عز وجل : ( الرحمن على العرش استوى ) فقال : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة .
وكان الشافعي ، رحمه الله تعالى يقول : آمنت بالله وبما جاء عن الله ، على مراد الله ، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله ، على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم .


الأدلة العقلية :
1_ لقد وصف الله تعالى نفسه بصفات ، وسمى نفسه بأسماء ولم ينهنا عن وصفه وتسميته بها ، ولم يأمرنا بتأويلها ، أو حملها على غير ظاهرها ، فهل يعقل أن يقال إننا إذا وصفناه بها نكون قد شبهناه بخلقه فيلزمنا إذاً تأويلها ، وحملها على غير ظاهرها ؟ وإن فعلنا ذلك أصبحنا معطلين نفاةً لصفاته تعالى ، ملحدين في أسمائه ، وهو يتوعد الملحدين فيها بقوله : ( وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) .
2 _ أن من نفى صفة من صفات الله تعالى خوفاً من التشبيه كان قد شبهها أولا بصفات المخلوقين ، ثم خاف من التشبيه ففر منه إلى النفي والتعطيل ، فنفى صفات الله تعالى التي أثبتها لنفسه وعطلها ، فكان بذلك قد جمع بين كبيرتين ، وهما التشبيه والتعطيل .
أفلا يكون من المعقول إذاً ، والحالة هذه ، أن يوصف الباري تعالى بما وصف بها نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم مع اعتقاد أن صفاته تعالى لا تشبه صفات المخلوقين ، كما أن ذاته عز وجل لا تشبه ذوات المخلوقين ؟ .
3 _ إن الإيمان بصفات الله تعالى ووصفه بها لا يستلزم التشبيه بصفات المخلوقين ، إذ العقل لا يحيل أن تكون لله صفات ٌ خاصة بذاته لا تشبه صفات المخلوقين ، ولا تلتقي معها إلا في مجرد الاسم فقط ، فيكون للخالق صفات تخصه ، وللمخلوق صفات تخصه .
4 _ أن التماثل في الأسماء لايستلزم التماثل في المسميات ،فمثلا عندما نقول يد الإنسان ، ويد الفيل ، فإنه لايستلزم التماثل في الإسم _ وهو اليد_ أن يكون هناك تماثل في المسمى _ وهو كيفية صفة اليد وحقيقتها بالنسبة للإنسان والفيل _ بل إن هناك فرقا كبيرا واختلافا عظبما بين يد الإنسان ويد الفيل ، فإذا كان هذا التباين موجود بين مخلوق ومخلوق ، فالتباين الموجود بين الخالق والمخلوق أعظم وأكبر وأوضح .
والمسلم إذ يؤمن بصفات الله تعالى ، ويصفه بها لا يعتقد أبداً ولا حتى يخطر بباله أن يد الله تبارك وتعالى مثلاً تشبه يد المخلوق في أي معنىً من المعاني غير مجرد التسمية ، وذلك لمباينة الخالق للمخلوق في ذاته وصفاته وأفعاله ، قال تعالى : ( قل هو الله ، أحد الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ) وقال : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .


اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها ، وخير أيامنا يوم لقائك ، واجعلنا مع الذين أنعمت عليهم في جنتك وجوارك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


(نقلا عن موقع "وحي السماء")




أحمــــد 02-08-03 08:04 AM

توحيد الربوبية
 




يؤمن المسلم بربوبيته تعالى لكل شيء ، وأنه لا شريك له في ربوبيته لجميع العالمين ، وذلك لهداية الله تعالى له أولاً ، ثم للأدلة النقلية والعقلية الأتية ثانياً .


الأدلة النقلية :
1 _ إخباره تعالى عن ربوبيته بنفسه ، إذ قال تعالى في الثناء على نفسه : ( الحمد لله رب العالمين ) ، وقال في تقرير ربوبيته : ( قل من رب السموات والأرض ؟ قل الله ) . وقال في بيان ربوبيته وألوهيته : ( رب السموات والأرض ، وما بينهما إن كنتم موقنين ، لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين ) .
وقال في التذكير بالميثاق الذي أخذه على البشر وهم في أصلاب آبائهم بأن يؤمنوا بربوبيته لهم ، ويعبدوه ولا يشركوا به غيره : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) .
وقال في إقامة الحجة على المشركين وإلزامهم بها : ( قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون ) .
2 _ إخبار الأنبياء والمرسلين بربوبيته تعالى وشهادتهم عليها وإقرارهم بها ، فآدم عليه السلام قال في دعائه : ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) ونوح قال في شكواه إليه تعالى : ( رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً) . وقال : ( رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحاً ونجني ومن معي من المؤمنين) ، وقال إبراهيم عليه السلام في دعائه لمكة حرم الله الشريف ، ولنفسه وذريته : (رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) . وقال يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام في ثنائه على الله ودعائه إياه : ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين) . وقال موسى في بعض طلبه : ( رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي ) وقال هارون لبني إسرائيل : ( وإنَّ ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري ) وقال زكريا في استرحامه : ( رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقياً ) . وقال في دعائه : ( رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين ) وقال عيسى في إجابته له تعالى : ( ما قلت لهم إلا ما امرتني به ان اعبدوا الله ربي وربكم ) . وقال مخاطباً قومه : ( يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) .
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه المرسلين ، كان يقول عند الكرب ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ، ورب العرش الكريم ) . رواه مسلم
فجميع هؤلاء الأنبياء والمرسلين وغيرهم من أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام كانوا يعترفون بربوبية الله تعالى ، ويدعونه بها وهم أتم الناس معارف واكملهم عقولاً وأصدقهم حديثاً ، وأعرفهم بالله تعالى وبصفاته من سائر خلقه في هذه الأرض .
3 _ إيمان البلايين من العلماء والحكماء بربوبيته تعالى لهم ، ولكل شيء ، واعترافهم بها ، واعتقادهم إياها اعتقاداً جازماً .
4 _ إيمان البلايين والعدد الذي لا يحصى من عقلاء البشر وصالحيهم بربوبيته تعالى لجميع الخلائق .

الأدلة العقلية :

من الأدلة العقلية المنطقية السليمة على ربوبيته عز وجل لكل شيء ما يلي :
1 _ تفرده تعالى بالخلق لكل شيء ، إذ من المسلم به لدى كل البشر أن الخلق والإبداع لم يدَّعِهما أو يقو عليهما أحدٌ سوى الله عز وجل ، ومهما كان الشيء المخلوق ، صغيراً وضئيلاً حتى ولو كان شعرة في جسم إنسان أو حيوان ، أو ريشة صغيرةً في جناح طائر ، أو ورقة في غصن مائل ، أو .. فضلاً عن خلق جسم تام أو حي من الأجسام ، أو جرم كبير ، أو صغير من الأجرام .
أما الله تبارك وتعالى فقد قال مقرراً الخالقية له دون سواه : ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) وقال : ( والله خلقكم وما تعملون ) . وأثنى على نفسه بخالقيته فقال : ( الحمد لله الذي يبدأُ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ) . أفليست إذاً خالقيته سبحانه وتعالى لكل شيء هي دليل وجوده وربوبيته ؟ بلى ، وإنا يا ربنا على ذلك من الشاهدين .
2 _ تفرده تعالى بالرزق ، إذ ما من حيوان سارح في الغبراء أو سابح في الماء ، أو مستكن في الأحشاء ، إلا والله تعالى خالق رزقه وهاديه إلى معرفة الحصول عليه وكيفية تناوله والانتفاع به .
فمن النملة كأصغر حيوان ، إلى الإنسان الذي هو أكمل وأرقى أنواعه ، الكل مفتقر إلى الله عز وجل في وجوده وتكوينه ، وفي غذائه ورزقه والله وحده موجده ومكونه ومغذيه ورازقه ، وها هي ذي آيات كتابه تقرر هذه الحقيقة وتثبتها ناصعةً كما هي . قال تعالى : ( فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً ) .
وقال تعالى : ( وأنزل من السماء ماءً فأخرجنا به أزواجاً من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم ) . وقال لا إله إلا هو ولا رب سواه : ( وأنزلنا من السماء ماءً فأسقيناكموه ، وما أنتم له بخازنين ) وقال لا رازق إلا هو سبحانه : ( وما من دابة ٍ في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها ) .
وإذا تقرر بلا منازع أنه لا رازق إلا الله كان ذلك دليلاً على ربوبيته سبحانه وتعالى لخلقه .
3 _ شهادة الفطرة البشرية السليمة بربوبيته تعالى ، وإقرارها الصارخ بذلك ، فإن كل إنسان لم تفسد فطرته يشعر في قرارة نفسه بأنه ضعيف وعاجز أمام ذي سلطان غني قوي ، وأنه خاضع لتصرفاته فيه ، وتدبيره له بحيث يصرخ في غير تردد : أن الله ربه ورب كل شيء.
وإن كانت هذه الحقيقة مسلمةً لا ينكرها ، أو يماري فيها كل ذي فطرة سليمة فإنه يذكر هنا زيادة في التقرير ما كان القرآن الكريم ينتزعه من اعترافات أكابر الوثنيين بهذه الحقيقة التي هي ربوبية الله تعالى للخلق ولكل شيء ، قال الله تعالى : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ) وقال جل جلاله : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله ) وقال عز وجل : ( قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله ) .
4 _ تفرده تعالى بالملك لكل شيء ، وتصرفه المطلق في كل شيء ، وتدبيره لكل شيء دال على ربوبيته ، إذ من المسلم به لدى كافة البشر أن الإنسان كغيره من الكائنات الحية في هذا الوجود لا يملك على الحقيقة شيئاً ، بدليل أنه يخرج أول ما يخرج إلى هذا الوجود عاري الجسم حاسر الرأس حافي القدمين ، ويخرج عندما يخرج منه مفارقاً له ليس معه شيء سوى كفن يواري به جسده . فكيف إذاً يصح أن يقال : إن الإنسان مالك لشيء على الحقيقة في هذا الوجود ؟ .
وإذا بطل أن يكون الإنسان ، وهو أشرف هذه الكائنات مالكاً لشيء منها ، فمن المالك إذاً ؟ المالك هو الله والله وحده ، وبدون جدل ، ولا شك ولا ريب ، وما قيل وسلم في الملكية يقال ويسلم كذلك في التصرف والتدبير لكل شأن من شؤون هذه الحياة ، ولعمر الله إذاً لهي صفات الربوبية : الخلق الرزق ، الملك ، التصرف التدبير . وقديماً قد سلمها أكابر الوثنيين من عبدة الأصنام ، سجل ذلك القرآن الكريم في غير سورة من سوره .قال تعالى :( قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال ) .
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها ، وخير أيامنا يوم لقائك ، واجعلنا مع الذين أنعمت عليهم في جنتك وجوارك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


(نقلا عن موقع "وحي السماء")


أحمــــد 02-08-03 08:07 AM

التوسل
 


هو في اللغة: المنـزلة، والقربة قال تعالى: (يا أيها الذين اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) .
وحقيقة الوسيلة إلى الله: مراعاة سبيله بالعلم والعبادة، وتحري مكارم الشريعة، وهي كالقربة .


والتوسل قسمان :
توسل مشروع، وتوسل بدعي غير مشروع .


والتوسل المشروع، هو الذي جاءت به النصوص الصريحة من الكتاب والسنة أو ما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم. وهذا القسم من التوسل أنواع:
1- التوسل إلى الله تعالى بأسمائه كما قال تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)
2- التوسل بصفاته سبحانه كما في قوله (ونجنا برحمتك من القوم الكافرين) وكما في سورة الفاتحة. وهذا كثير في النصوص سواء من الكتاب أو السنة.
3- التوسل بالأعمال الصالحة كما في سورة الفاتحة في (إياك نعبد وإياك نستعين. اهدنا الصراط المستقيم) وقوله تعالى: (ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار).
4- التوسل بدعاء الصالحين. ففي الصحيح عن أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون. وأمره كما في بعض الروايات بأن يقوم فيدعو ففعل ذلك فسقوا ، وليس في هذا الأثر دليل لمن أجاز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بجاه الصالحين ، لأنه كان التوسل بالجاه جائز عندهم لتوسلوا بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه أعظم من جاه العباس، ولكنهم علموا أن ذلك غير جائز، فلذلك عدل عمر -رضي الله عنه- بمحضر من الصحابة إلى التوسل بدعاء العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم،.
وهذا الحديث استدل به البعض على جواز التوسل بالجاه، ولا دلالة فيه كما سيأتي بعد قليل.
وكما في أحاديث الاستسقاء، وبعضها في الصحيح، من طلب الصحابة من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يغيثهم كما في حديث شريك بن عبد الله بن أبي نمر: أنه سمع أنس بن مالك يذكر أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما فقال يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا قال أنس ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال والله ما رأينا الشمس ستا ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر قال فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس قال شريك فسألت أنسا أهو الرجل الأول قال لا أدري. رواه البخاري ومسلم.
وهذا النوع من التوسل لا يكون إلا في حياة الداعي أما بعد موته فإنه لا يشرع البتة. لأن الميت لا يسمع الدعاء.
هذه أشهر أنواع التوسل المشروع، وقد أضاف بعض أهل العلم نوعاً خامساً: وهو التوسل إلى الله بذكر حال الداعي المبينة لاضطراره وحاجته كقول موسى عليه السلام: (رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير).


القسم الثاني: التوسل غير المشروع، وهو التوسل بوسيلة أبطلها الشارع كتوسل المشركين بآلهتهم إلى الله، وكتوسل القبوريين بأصحاب القبور، وهذا أمر ظاهر الفساد لأن التوسل نوع من الدعاء والدعاء عبادة لا يجوز صرف شيء منها لغير الله ، لأن صرف شيء منها لغير الله شرك أكبر .
ومن التوسل الممنوع التوسل بوسيلة لم يأت بها الشرع، ويسمى هذا النوع التوسل البدعي، لأنه مخترع لم يأت به الشرع مثل التوسل بالجاه كقولهم اللهم إني أسألك بجاه النبي أو بجاه الولي فلان أو نحو ذلك. وقد عده بعض أهل العلم نوعاً من أنواع الشرك.
والتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعظم الخلق، وجاهه عند الله رفيع لكن ذلك لا يسوغ لنا أن نتوسل به إلى الله، وكما لا يصح أن نتوسل بذاته -صلى الله عليه وسلم- مع أن ذاته شريفة ورفيعة، فكذلك لا يصح التوسل بجاهه. وقد انتشر -وللأسف- هذا النوع من التوسل بين الناس، وكثر في كلامهم صغاراً وكباراً ذكوراً وإناثاً. والبعض يقنن هذا النوع من التوسل ويستدل له ببعض الأدلة التي يرى أنها تدل على مشروعيته.
وما استدلوا إما صحيح غير صريح، وإما صريح غير صحيح بل باطل موضوع. وليعلم أن كل حديث ورد فيه الحث على التوسل بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم أو مقامه ونحوه فهو حديث باطل لا يصح البتة، بل موضوع مكذوب، ولا يصح نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بحال.
ومن الأحاديث التي يستدل بها من يجيز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو بجاه الصالحين : حديث الأعمى كما في حديث عثمان بن حنيف أن رجلا ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله ادع الله أن يعافيني فقال إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك وإن شئت دعوت لك قال بل ادع الله لي فأمره أن يتوضأ وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى وتشفعني فيه وتشفعه في قال فكان يقول هذا مرارا ثم قال بعد احسب أن فيها أن تشفعني فيه قال ففعل الرجل. رواه أحمد النسائي وابن حبان الحاكم.
. والآية الكريمة في سورة النساء (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً).
قالوا: هذه الآية عامة للاجئين سواءً في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعد موته، ويستحب لمن أتى قبره -صلى الله عليه وسلم- أن يقرأها.
فأما الحديث فالجواب عنه من وجهين:
1- أن بعض أهل العلم لم يصحح هذا الحديث بل ضعفه، وإذا كان ضعيفاً فلا حجة فيه.
2- أنه إذا صح فليس فيه دلالة على التوسل بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم- بل بدعائه -صلى الله عليه وسلم- والحديث ينص على هذا إذ أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتوضأ وأن يصلي، وعلمه الدعاء الذي يقوله بعد ذلك، فمن أين جاء الجاه هنا، وقوله فيه: أتوجه إليك بنبيك، يقتضي أن يوجد محذوف هنا ولابد من تقديره فإما أن يقال بذات نبيك أو جاه نبيك أو دعاء نبيك، ولا يمكن الجزم بإحدى هذه الثلاث إلا بدليل من الخارج، ولم يوجد دليل يصح على المعنيين الأولين، بخلاف الثالث: فسياق الحديث يدل عليه مثل قوله للنبي -صلى الله عليه وسلم- ادع الله أن يعافيني، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : إن شئت صبرت فهو خير لك، وإن شئت دعوت لك. فقال: ادعه. فهذا يؤكد أن الأعمى توسل بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس بذاته ولا جاهه.
وأما الآية فرد الاستدلال بها من أوجه :
1- أن سياق الآية في ذكر المنافقين الذين كانوا يزعمون الإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وبالأنبياء قبله، أرداوا التحاكم إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به فنـزل فيهم قول الله عز وجل ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً )
وقد ذكر أهل التفسير أن سبب نزول هذه الآيات ما حصل بين ذلك المنافق الذي يدعي الإيمان، وبين أحد اليهود من خصومة طلب فيها اليهودي الاحتكام إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه لا يأخذ الرشوة، وطلب المنافق الاحتكام إلى أحد اليهود لأنهم يأخذون الرشوة، فنـزلت فيه تلك الآية. ذكر ذلك القرطبي، وابن كثير، وغيرهما.
2- أن الله قال: (ولو أنهم إذ ظلموا) ولم يقل: إذا ظلموا. فـ (إذ) لما مضى وليس للمستقبل.
3- أن هذا الفهم الذي فهموه من الآية الكريمة لم يفهمه أحد من سلف الأمة (الصحابة والتابعون ومن بعدهم من أئمة الدين والهدى كالأئمة الأربعة وسفيان الثوري وابن عيينة وابن المبارك والأوزاعي، والحمدان وغيرهم) فإذا كان هؤلاء المصابيح النيرة لم يقل أحد منهم هذا القول، فمن من العلماء يجرؤ على مخالفتهم، ويفهم فهماً لم يفهمه هؤلاء الأعلام.
وهذا هو الواقع فلم يفهم أحد من أئمة الإسلام الذين يشار إليهم بالعلم والفقه في الدين لا في قديم الدهر ولا في حديثه هذا الفهم.
4- أن مقتضى هذا الفهم تعطيل التوبة التي أمر الله بها عباده وحثهم على التزامها في أي وقت وفي أي مكان، لأن هذا الفهم يعني أن إتيان قبره -صلى الله عليه وسلم- شرط من شروط قبول التوبة، فمن عجز عن الوصول إليه لم يصح له توبة . فالمسلمون الذين أذنبوا في مشارق الأرض أو مغاربها، الذين يصعب وصولهم إلى قبره لم ينتفعوا من توبتهم بشيء لأنها ناقصة الأركان فلا تقبل، ولم يقل بهذا أحد لا من قديم الدهر ولا من حديثه، حتى الذين فهموا هذا الفهم لا أظنهم يقولون هذا القول.
وإذا علمنا أن المسلم لا ينفك عن الخطأ والمعاصي سواءً كانت من الكبار أو الصغار، ثم أراد التوبة فعليه أن يشد رحاله إلى المدينة ثم يذهب إلى قبره -صلى الله عليه وسلم- ليتوب من ذلك الذنب، فإذا أذنب في يوم عشرة ذنوب أو أكثر فعليه العودة وهكذا حتى تتعطل مصالحه وأمور معاشه، وتصبح التوبة التي جعلها الله له طهارة وسلامة وعافية تصبح بهذا المفهوم وبالاً عليه، ومصدر شقاء وعناء وعنت، وهذا مما تتنـزه الشريعة الربانية عنه، ويعلم فساده من الدين بالضرورة.
5- عمل الصحابة -رضي الله عنهم- وهم أعلم الأمة بحال الرسول صلى الله عليه وسلم، وما يجب له من التقدير. وهم أدرى الناس بمنـزلته ومكانته، ومع ذلك لم يحدث أنهم كانوا إذا نزلت بهم نازلة أو أذنب منهم مذنب أنه أتى للقبر الشريف وتوسل بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم-
ولعل في هذا القدر كفاية لمن أراد الحق ورام اتباعه، ومن عاند وكابر فلا يجدي معه شيء، فهؤلاء كفار مكة طلبوا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آية تدل على صدقه فانشق لهم القمر فقالوا: سحرنا محمد، والله الهادي إلى سواء السبيل.


(نقلا عن موقع "وحي السماء")



أحمــــد 02-08-03 08:08 AM

معنى العبودية في الإسلام
 



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :


فإن عبودية المسلم لله عزّ وجلّ هي التي أمر بها سبحانه في كتابه وأرسل الرسل لأجلها كما قال تعالى ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) النحل - 36

والعبودية في اللغة مأخوذة من التعبيد تقول عبّدت الطريق أي ذللته وسهلته ، وعبودية العبد لله لها معنيان عام وخاص ، فإن أريد المُعبّد أي المذلل والمسخر فهو المعنى العام ويدخل فيه جميع المخلوقات من جميع العالم العلوي والسفلي من عاقل وغيره ومن رطب ويابس ومتحرك وساكن وكافر ومؤمن وبَرٍّ وفاجر فالكل مخلوق لله عز وجل مسخر بتسخيره مدبر بتدبيره ولكل منهم حدٌّ يقف عنده .

وإن أريد بالعبد العابد لله المُطيع لأمره كان ذلك مخصوصا بالمؤمنين دون الكافرين لأن المؤمنين هم عباد الله حقا الذين أفردوه بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ولم يشركوا به شيئاً . كما قال تعالى في قصّة إبليس : قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(39) إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ(40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ(41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ . سورة الحجر

أما العبادة التي أمر الله بها فهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة والبراءة مما ينافي ذلك فيدخل في هذا التعريف الشهادتان والصلاة والحج والصيام والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله والملائكة والرسل واليوم الآخر وقوام هذه العبادة الإخلاص بأن يكون قصد العابد وجه الله عز وجل والدار الآخرة قال تعالى { ويتجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) الليل 17-21.

فلا بد من الإخلاص ثم لا بد من الصدق : بأن يبذل المؤمن جهده في امتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه والاستعداد للقاء الله تعالى وترك العجز والكسل وإمساك النفس عن الهوى كما قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } التوبة 119.

ثم لا بد من متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيعبد العابد الله تعالى بوفق ما شَرَع عزّ وجلّ لا بحسب ما يهوى المخلوق ويبتدع وهذا هو المقصود باتّباع النبي المرسل من عند الله محمد صلى الله عليه وسلم فلا بد من الإخلاص والصدق والمتابعة فإذا عُرفت هذه الأمور تبين لنا أن كل ما يضاد هذه التعاريف فهو من العبودية للناس فالرياء هو عبودية للناس والشرك هو عبودية للناس وترك الأوامر وإسخاط الرب مقابل رضى الناس عبودية للناس وكلّ من قدّم طاعة هواه على طاعة ربه فقد خرج عن مقتضى العبودية وخالف المنهج المستقيم ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم تعس عبد الدينار وتعس عبد الدرهم وتعس عبد الخميصة وتعس عبد الخميلة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش .

والعبودية لله تجمع وتتضمن المحبة والخوف والرجاء فالعبد يحبّ ربّه ويخاف عقابه ويرجو رحمته وثوابه فهذه أركانه الثلاثة التي لا تقوم إلا بها .

والعبودية لله شرف وليست مذلّة كما قال الشاعر :

ومما زادني شرفا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيّرت أحمد لي نبيا

نسأل الله أن يجعلنا من عباده الصالحين وصلى الله على نبينا محمد .



موقع الإسلام سؤال وجواب


أحمــــد 02-08-03 08:10 AM

أنواع المحبة وأحكامها
 



تنقسم المحبّة إلى محبة خاصّة ومحبّة مشتركة والمحبّة الخاصّة تنقسم إلى محبّة
شرعية ومحبة محرمة .
فالمحبة الشرعية أقسام :
1- محبة الله : وحكمها أنها من أوجب الواجبات وذلك لأن محبته سبحانه هي أصل دين الإسلام فبكمالها يكمل الإيمان . وبنقصها ينقص التوحيد ودليل ذلك قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ )البقرة 165 ، وقوله : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة 24 . وغيرها من الأدلة في القرآن والسنة . وهي تتمثل في إيثار ما أحبه الله من عبده وأراده على ما يحبه العبد ويريده ، فيحب ما أحب الله ويبغض ما يبغضه الله ، ويوالي ويعادي فيه ، ويلتزم بشريعته والأسباب الجالبة لها كثيرة .
2- محبة الرسول صلى الله عليه وسلم : وهي أيضاً واجبة من واجبات الدين ، بل لا يحصل كمال الإيمان حتى يحب المرء رسول الله أكثر من نفسه كما في الحديث : " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ . " رواه مسلم رقم 44 وحديث عبد الله بن هشام قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآنَ يَا عُمَرُ . " رواه البخاري فتح رقم 6632 . وهذه المحبّة تابعة لمحبة الله تعالى وتتمثل في متابعته صلى الله عليه وسلم وتقديم قوله على قول غيره .
3- محبة الأنبياء والمؤمنين : وحكمها واجبة لأن محبة الله تعالى تستلزم محبة أهل طاعته وهؤلاء هم الأنبياء والصالحون ودليله قوله عليه السلام " من أحب في الله " أي أحب أهل الإيمان بالله وطاعته من أجل ذلك ، ولا يكتمل الإيمان أيضاً إلا بذلك ولو كثرت صلاة الشخص وصيامه ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لقد رأيتنا في عهد رسول الله وما منا أحد يرى أنه أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم .

والمحبة المحرمة :

منها ما هو شرك : وهو أن تحب من دون الله شيئاً كما يحب الله تعالى فهو قد اتخذ نداً وهذا شرك المحبة وأكثر أهل الأرض قد اتخذوا أنداداً في الحب والتعظيم .
ومنها ما هو محرّم دون الشرك : وذلك بأن يحب أهله أو ماله أو عشيرته وتجارته ومسكنه فيؤثرها أو بعضها على فعل ما أوجبه الله عليه من الأعمال كالهجرة والجهاد ونحو ذلك ودليله قوله تعالى : ( إن كان آباؤكم ... إلى قوله تعالى : أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره )

فهذا الذي مضى هو المحبة الخاصة بأقسامها .

أما المحبة المشتركة فهي ثلاثة أنواع :
أحدها : طبيعية : كمحبة الجائع للطعام ،والظمآن للماء وهذه لا تستلزم التعظيم فهي مباحة .
الثاني : محبة رحمة وشفقة : كمحبة الوالد لولده الطفل وهذه أيضاً لا تستلزم التعظيم ولا إشكال فيها .
الثالث : محبة أنس وألف : كمحبة المشتركين في صناعة أو علم أو مرافقة أو تجارة أو سفر لبعضهم بعضاً فهذه الأنواع التي تصلح للخلق بعضهم بعضاً وكمحبة الأخوة بعضهم لبعض ووجودها فيهم لا يكون شركاً في محبة الله تعالى .

من مراجع الموضوع : كتاب تيسير العزيز الحميد : باب ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً .


موقع الإسلام سؤال وجواب


أحمــــد 02-08-03 08:12 AM

حكـم التوسّـل بالأولياء والصالحين
 




الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد:

* فإنه نتيجة لبعد كثير من المسلمين عن ربهم وجهلهم بدينهم في هذا الزمن فقد كثرت فيهم الشركيات والبدع والخرافات، ومن ضمن هذه الشركيات التي انتشرت بشكل كبير تعظيم بعض المسلمين لمن يسمونهم بالأولياء والصالحين ودعاؤهم من دون الله واعتقادهم أنهم ينفعون ويضرون، فعظموهم وطافوا حول قبورهم.

· ويزعمون أنهم بذلك يتوسلون بهم إلى الله لقضاء الحاجات وتفريج الكربات، ولو أن هؤلاء الناس الجهلة رجعوا إلى القرآن والسنة وفقهوا ما جاء فيهما بشأن الدعاء والتوسل لعرفوا ما هو التوسل الحقيقي المشروع...

· إن التوسل الحقيقي المشروع هو الذي يكون عن طريق طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بفعل الطاعات واجتناب المحرمات، وعن طريق التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة وسؤاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، فهذا هو الطريق الموصل إلى رحمة الله ومرضاته.

· أما التوسل إلى الله عن طريق : الفزع إلى قبور الموتى والطواف حولها، والترامي على أعتابها وتقديم النذور لأصحابها ، لقضاء الحاجات وتفريج الكربات فليس توسلا مشروعا بل هذا هو الشرك والكفر بعينه والعياذ بالله .

· فكل من غلا في حي أو ميت ، أو رجل صالح، أو نحوه، وجعل له نوعا من أنواع العبادة مثل أن يقول إذا ذبح شاة: باسم سيدي، أو يعبده بالسجود له أو يدعوه من دون الله تعالى مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغفر لي أو ارحمني أو انصرني أو ارزقني أو أغثني، أو نحو ذلك من الأقوال والأفعال التي هي من خصائص الرب والتي لا تصلح إلا لله تعالى، فقد أشرك بالله شركا أكبر، فإن الله تعالى إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله وحده لا شريك له ولا نجعل مع الله إلها آخر.

· والذين كانوا يدعون مع الله آلهة أخرى مثل اللات والعزى وغيرها لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق، أو أنها تنزل المطر، وإنما كانوا يعبدونها ويقولون: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ويقولون: هم شفعاؤنا عند الله.

· فأرسل الله رسله تنهى أن يُدعى أحدٌ من دونه لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة، وقال تعالى :} قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا{ ] الإسراء: 56[ وقال تعالى:} قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عند إلا لمن أذن له{ ] سبأ :22[ فأخبر سبحانه: أن ما يُدعى من دون الله ليس له مثقال ذرة في الملك وأنه ليس له من الخلق عون يستعين به.

· ولقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، فقال في مرض موته: (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا) وكان ذلك سدا لذريعة الوقوع في الشرك فإن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كان بسبب تعظيم القبور بالعبادة ونحوها.

· وأما ما جاء في توسل عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنهما، الذي قد يحتج به البعض، فإن عمر توسل بدعاء العباس لا بشخصه، والتوسل بدعاء الأشخاص غير التوسل بشخصهم بشرط أن يكونوا أحياء، لأن التوسل بدعاء الحي نوع من التوسل المشروع بشرط أن يكون المتوسل بدعائه رجلا صالحا. وهذا من جنس أن يطلب رجل الدعاء من رجل صالح حي ثم يطلب من الله أن يقبل دعاء هذا الرجال الصالح الحي له.

· أما الميت الذي يذهب إليه السائل ليسأل الله ببركته ويطلب منه العون قد أصبح بعد موته لا يملك لنفسه شيئا ولا يستطيع أن ينفع نفسه بعد موته فكيف ينفع غيره ؟ ولا يمكن لأي إنسان يتمتع بذرة من العقل السليم يستطيع أن يقرر أن الذي مات وفقد حركته وتعطلت جوارحه يستطيع أن ينفع نفسه بعد موته فضلا عن أن ينفع غيره، وقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم قدرة الإنسان على فعل أي شيء بعد موته فقال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية أو علم ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له)فتبين من الحديث أن الميت هو الذي بحاجة إلى من يدعو له ويستغفره له، وليس الحي هو الذي بحاجة إلى دعاء الميت، وإذا كان الحديث يقرر انقطاع عمل ابن آدم بعد موته، فكيف نعتقد أن الميت حي في قبره حياة تمكنه من الاتصال بغيره وإمداده بأي نوع من الإمدادات؟ كيف نعتقد ذلك؟ وفاقد الشيء لا يعطيه والميت لا يمكنه سماع من يدعوه مهما أطال في الدعاء قال تعالى: }والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القامة يكفرون بشرككم{ ]فاطر:13،14[ فنفى الله عنهم الملك وسماع الدعاء ومعلوم أن الذي لا يملك لا يعطي ، وأن الذي لا يسمع لا يستجيب ولا يدري، وبينت الآية أن كل مدعو من دون الله كائنا من كان فإنه لا يستطيع أن يحقق لداعيه شيئا .

· وكل معبود من دون الله فعبادته باطلة، قال تعالى:} ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين، وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله {الآية ]يونس: 106،107[ ويتبين من هذه الآية أن كل مدعو من دون الله لا ينفع ولا يضر، فإذاً ما الفائدة من عبادته ودعائه، وهذا فيه تكذيب لأهل الخرافة الذين يقولون ذهبنا للقبر الفلاني أو دعونا الولي الفلاني وتَحَصَّل لنا ما نريد، فمن قال ذلك فقد كذب على الله، ولو فُرض أن حصل شيء مما يقولون فإنه حصل بأحد سببين:

1- إن كان الأمر مما يقدر عليه الخلق عادة فهذا حصل من الشياطين لأنهم دائما يحضرون عند القبور، لأنه ما من قبر أو صنم يعبد من دون الله إلا تحضره الشياطين لتعبث في عقول الناس.
وهؤلاء المتوسلون بالأولياء لما كانوا من جنس عباد الأوثان صار الشيطان يضلهم ويغويهم كما يضل عباد الأوثان قديما فتتصور الشياطين في صورة ذلك المستغاث به وتخاطبهم بأشياء على سبيل المكاشفة، كما تخاطب الشياطين الكهان وقد يكون بعض ذلك صدقاً، ولكن أكثره كذب، وقد تقضي بعض حاجاتهم وتدفع عنهم بعض ما يكرهون مما يقدر عليه البشر عادة، فيظن هؤلاء السذج أن الشيخ، أو الولي هو الذي خرج من قبره وفعل ذلك، وإنما هو في الحقيقة الشيطان تمثل على صورته ليضل المشرك المستغيث به، كما تدخل الشياطين في الأصنام وتكلم عابديها وتقضي بعض حوائجهم.

2- أما إن كان الأمر مما لا يقدر عليه إلا الله كالحياة والصحة والغنى والفقر، وغير ذلك مما هو من خصائص الله، فهذا انقضى بقدر سابق قد كتبه الله ولم يحصل ذلك ببركة دعاء صاحب القبر كما يزعمون.

فينبغي على الإنسان العاقل ألا يصدق مثل هذه الخرافات، وأن يعلق قلبه بالله وينزل حاجته به حتى تُقضى ولا يلتفت إلى الخلق لأن الخلق ضعفاء مساكين فيهم الجهل والعجز، وكيف يطلب الإنسان حاجته من مخلوق مثله؟ وقد يكون ذلك المخلوق ميتا أيضا لا يسمع ولا يرى ولا يملك شيئا، ولكن الشيطان يزين للناس ما كانوا يعملون.

الكرامات المزعومة :

لقد اختلطت الأمور على كثير من الناس اختلاطا عجيبا جعلهم يجهلون حقيقة المعجزات والكرامات، فلم يفهموها على وجهها الصحيح، ليفرقوا بين المعجزات والكرامات الحقيقية التي تأتي من الله وحده إتماما لرسالته إلى الناس وتأييدا لرسله أو إكراما لبعض أوليائه الصالحين الحقيقيين، لم يفرقوا بينها وبين الخرافات والأباطيل التي يخترعها الدجالون ويسمونها معجزات وكرامات ليضحكوا بها على عقول الناس وليأكلوا أموالهم بالباطل .



· ولقد ظن الجهلة من الناس أن المعجزات والكرامات من الأمور الكسبية والأفعال الاختيارية التي تدخل في استطاعة البشر، بحيث يفعلونها من تلقاء أنفسهم وبمحض إرادتهم، وبهذا الجهل اعتقدوا أن الأولياء والصالحين يملكون القدرة على فعل المعجزات والكرامات في أي وقت يشاءون، وما ذلك إلا بجهل الناس بربهم وبحقيقة دينهم.

· ونقول لهؤلاء إن تصوير ما يحدث من هؤلاء الدجالين على أنها معجزة أو كرامة لهذا الولي أو ذلك كذب، وإنما هذه الحوادث كلها من عبث الشياطين أو من اختراع عقلية ماكرة اصطنعت تلك الحوادث الوهمية وسمّتها كرامات ومعجزات لتضفي على أصحاب هذه القبور مهابة وإجلالا فتجعل لهم بركات ليعظمهم الناس.

· ولا يمكن لأي عاقل يحتفظ بفطرته السليمة أن يصدق أن الميت يمكنه القيام بأي عمل بعد أن خرجت روحه من بدنه وبطلت حركته وأكل الدود جسمه وأصبح عظاما بالية، من الذي يصدق مثل هذه المزاعم المفضوحة إلا إنسان جاهل ساذج!! لأن هذه المزاعم التي يزعمونها مما يستحيل أن يفعلها الأحياء فضلا عن الأموات! فهل نلغي عقولنا التي منحنا الله لنصدق مثل هذه الخرافات؟ إن العقول المستنيرة والفطرة السليمة ترفض بشدة تصديق مثل هذه الخرافات لما في ذلك من مخالفة لسنن الله الشرعية والكونية. قال تعالى }: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقولَ للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كمنتم تدرسون، ولا يأمرَكم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون { ]آل عمران: 79،80[

المشركون قديما وحديثا :

· إن الكثيرين من الناس من مرتادي القبور والمزارات يقولون: إن المشركين في الجاهلية كانوا يعبدون الأصنام، أما نحن فلا أصنام عندنا نعبدها، بل لدينا قبور لبعض المشايخ والصالحين لا نعبدها ولكننا فقط نسأل الله أن يقضي حاجاتنا إكراما لهم، والعبادة غير الدعاء.

· ونقول لهؤلاء إن طلب المدد والبركة من الميت هو في الحقيقة دعاء ، كما كانت الجاهلية تدعو أصنامها تماما ولا فرق بين الصنم الذي يعبده المشركون قديما وبين القبر الذي يعبد الناس ساكنه حديثا، فالصنم والقبر والطاغوت كلها أسماء تحمل معنى واحدا وتطلق على كل من عُبد من دون الله سواء كان إنسانا حيا أو ميتا أو جمادا أو حيوانا أو غير ذلك ، ولما سُئل المشركون قديما عن سبب توسلهم بالأصنام ودعائهم لها كان جوابهم }: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ] { الزمر:3[ أي وسطاء بيننا وبين الله لقضاء حاجتنا، ومن ذلك يتبين أنه لا فرق بين دعوى الجاهلية الأولى وبين عباد القبور الذين ينتسبون إلى الإسلام اليوم فغاية الجميع واحدة وهي الشرك بالله ودعاء غير الله.

شرك المحبة

· إن مجرد انصراف القلب والمشاعر كلها إلى مخلوق بالحب والتعظيم فيما لا يجوز إلا لله يُعتبر عبادة له، فالذين يزعمون أنهم يحبون الموتى من الأولياء والصالحين لكنهم يعظمونهم ويقدسونهم بما يزيد عن الحد الشرعي هم في الحقيقة يعبدونهم لأنهم لما أفرطوا في حبهم لهم انصرفوا إليهم فجعلوا لهم الموالد والنذور وطافوا حول قبورهم كما يطوفون حول الكعبة واستغاثوا بهم وطلبوا المدد والعون منهم، ولولا التقديس والغلو فيهم ما فعلوا كل ذلك من أجل الموتى.

· ومن غلوهم فيهم أيضا أنهم يحرصون على أن يحلفوا بهم صادقين بينما لا يتحرجون من أن يحلفوا بالله كاذبين هازلين ، والبعض منهم قد يسمع من يسب الله تعالى فلا يغضب لذلك ولا يتأثر بينما لو سمع أحدا يسب شيخه لغضب لذلك غضبا شديدا أليس في ذلك غلواً في أوليائهم ومشايخهم أكثر من تعظيمهم لله؟ وأن محبتهم لهم غلبت محبة الله، قال تعالى }: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله] {البقرة:165[

الله قريب من عباده :

· إن الله تعالى قريب من عباده :} وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون{ ]البقرة: 186[ فليس بين الله وبين عباده ما يمنع من مناجاته واللجوء إليه وطلب الحاجة منه مباشرة حتى يلجأ الإنسان إلى قبور الموتى يتوسل بهم ويدعوهم ليشفعوا له عند الله ويسألهم مالا يملكون ويطلب منهم ما لا يقدرون عليه .

· بل يجب على الإنسان أن يلجأ إلى ربه مباشرة، ويتوسل إليه التوسل المشروع وذلك بالتقرب إليه بالطاعات والأعمال الصالحة ودعائه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا وأن يكون معتقدا تمام الاعتقاد أن الله تعالى هو المعز المذل المحيي المميت الرازق النافع المدبر لشؤون الحياة كلها وأن بيده وحده النفع والضر، قال صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) فالفرد سواء كان حيا أو ميتا من باب أولى لن ينفع ولن يضر أحداً إلا بشيء قد كتبه الله.

· لذا فيجب على كل من ابتُلي بمثل هذه الشركيات وهذه البدع والخرافات من طواف حول القبور وتعظيمها وسؤال أصحابها الحاجات وتفريج الكربات أن يتوب إلى الله من هذا العمل الفاسد الذي هو في الحقيقة شرك بالله وصاحبه مخلد في النار والعياذ بالله . قال تعالى: }إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ] { المائدة 72 [وأن يخلص العبادة لله وحده لا شريك له في كل شأن من شؤون حياته وأن يعبد الله بما شرعه إن كان صادقا في إسلامه وألا يلتفت لأحد من الخلق كائنا من كان لا في دعاء ولا غيره مما لا يقدر عليه إلا الله وأن يلتزم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وألا يخالط أهل البدع وأهل الشرك لئلا يتأثر بهم ويقلدهم فيهلك معهم ويخسر الدنيا والآخرة والله أعلم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



موقع طريق الإسلام





الساعة الآن 05:21 PM.

Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "