شبكة الدفاع عن السنة

شبكة الدفاع عن السنة (http://www.dd-sunnah.net/forum/index.php)
-   منتدى الحديث وعلومه (http://www.dd-sunnah.net/forum/forumdisplay.php?f=66)
-   -   إتحاف النبيل بفوائد حديث جبريـل _ عليه السلام _ (http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=135836)

درة الايمان 13-09-11 09:53 AM

إتحاف النبيل بفوائد حديث جبريـل _ عليه السلام _
 
الشيخ ابو زكريا بن عاطي الجزائري
(المقال الأول)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده..أما بعد فهذا –بعون الرحمن الرحيم- هو المقال الأول في شرح حديث جبريل -عليه السلام- ضمن سلسلة المقالات التي تعنى بشرح بعض أحاديث الحبيب الشفيع والوقوف عند فوائدها ودررها والاستمتاع بلآلئها وكنوزها...فعلى الله الكريم اعتمادي وإليه تفويضي واستنادي

1- نص الحديث: عن عمر -رضي الله عنه- قال:"بينما نحن جلوس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه..فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟، قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه!فقال: فأخبرني عن الإيمان؟، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت..قال: فأخبرني عن الإحسان؟، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.قال: فأخبرني عن الساعة؟، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل..قال: فأخبرني عن أماراتها؟، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رِعاءَ الشاءِ يتطاولون في البنيان..ثم انطلق فلبثت مليًّا، ثم قال: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم"...رواه مسلم.

2- صحابي الحديث: هو عمر بن الخطاب القرشي، صحابي جليل مشهور، ثاني الخلفاء الراشدين المهديين، أول من لقب بأمير المؤمنين، وزير النبي –صلى الله عليه وسلم- وصهره....أدركه دعاء النبي–صلى الله عليه وسلم-:"اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك.."..وقد كان من صناديد قريش حتى قال بعض الصحابة:"لا يسلم ابن الخطاب حتى يسلم حمار الخطاب..فلما أكرمه الله بالإسلام اعتـز المسلمون وقوي جانبهم، كما قال عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-:"لا زلنا أعزة منذ أسلم عمر"...هو المحدّث الملهم كما ثبت بذلك النص عن النبيّ –صلى الله عليه وسلم-...وموافقاته لربه مشهورة معروفة..كانت تهابه شياطين الإنس والجنّ...ومع ذلك: ارتسم على وجهه خطان أسودان من شدّة البكاء..حكم فعدل..وروي له خمسمائة وتسعة وثلاثون حديثا...استمرت خلافته عشر سنين وستة أشهر ومات كصاحبيه وعمره ثلاث وستون سنة...رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة داره ومثواه...

3- منـزلة الحديث:
- هذا الحديث من معين النبوة الصادقة؛ يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانيةٌ من أصحابه الكرام رضي الله عنهم، وهم: عمر بن الخطاب، وولده عبد الله، وأبو هريرة، وأبو ذر الغِفاري، وعبدُ الله بن عباس، وأنس بن مالك، وأبو عامر الأشعري، وجرير بن عبد الله البجلي، وعنهم خلق كثير، حتى عدّه صاحب "نظم المتناثر" من المتواتر. - كما أنّ الحديث فيه بيان العقيدة، والعقيدة مبنية على أركان الإيمان الستة، وفيه بيان الشريعة، وذلك بذكر أركان الإسلام الخمسة، و فيه ذكر الآداب والسلوك، والعبادة، وتوجيه القلب إلى الله -جل وعلا- بذكر الإحسان، وفيه ذكر الساعة وأمارتها، وهذا نوع من المغيبات...
- وقد تضمن الحديث ذكر الإسلام والإيمان والإحسان، وفيه أن هذه الثلاثة هي الدين؛ لأنه في آخرها قال -عليه الصلاة والسلام-:"أتاكم يعلمكم دينكم" ..إذًا فالدين الذي هو خير الأديان وخاتمتها منقسم إلى ثلاث مراتب: الإسلام، والإيمان، والإحسان...ولهذا نقول: لم يبعد النجعة من سمى هذا الحديث (أم السنة) لأن السنة كلها راجعة إليه..أو هو أصلها كأمّ الكتاب وأمّ القرى...

4- معاني الكلمات:
طلع علينا: أي ظهر علينا.
لا يرى عليه أثر السفر: أي لا يرى عليه علامة السفر وهيئته.
أماراتها: علاماتها.
الحفاة: جمع حاف، وهو من لا نعل له في رجليه.
العراة: جمع عار، وهو من لا ثياب على جسده.
العالة: جمع عائل، وهو الفقير.
رعاء:جمع راع، وهو الحافظ للشيء القائم على شؤونه
والشاء: جمع شاة، وهي واحدة الضأن وفي لفظ صحيح: رعاة الشاة.
الساعة: القيامة.
فأخبرني عن أماراتها:الساعة لها أمارات، وهي الدلائل والعلامات والأشراط، قال -جل وعلا-:"فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا"
وأمارات الساعة قسمها العلماء إلى قسمين: أشراط وأمارات صغرى، وأشراط وأمارات كبرى، والمذكور هنا هو بعض الأمارات الصغرى، وهي تلك التي تحصل قبل خروج المسيح الدجال، ذكر منها:"أن تلد الأمَةُ ربَّتها"...وتطاول الرعاة والفقراء في البنيان.
قال:" ثم انطلق، فلبثت مليًّا"انطلق يعني: جبريل، "فلبثتُ": أي عمر -رضي الله عنه- مليًّا: جاء في بعض الروايات أنها ثلاثة أيام، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"يا عمرُ أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم.

5-من فوائد الحديث:
(1) الإيمان قول وعمل ونيّة. وهذه كلّها قد اشتمل عليها الحديث الذي بين أيدينا. فالإيمان عند أهل الحق: قول باللسان، وتصديق بالجَنَان (اعتقاد جازم بالقلب)، وعمل بالجوارح والأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان...
(2) استنبط منه الإمام القرطبي-رحمه الله-: استحباب جلوس العالم بمكان يختص به ويكون مرتفعا إذا احتاج لذلك لضرورة تعليم ونحوه.فقد جاء في بعض روايات هذا الحديث: عن أبي ذر وأبي هريرة - رضي الله عنهما- قالا: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجلس بين ظهري أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل. فطلبنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه. قال: فبنينا له دكانا من طين فجلس عليه وكنا نجلس بجنبتيه. وذكر نحو هذا الخبر فأقبل رجل فذكر هيئته حتى سلم من طرف السماط فقال: السلام عليك يا محمد قال فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم...الحديث.(صحيح سنن النسائي).
(3) وفيه أنه ينبغي للإمام ونوابه، وكذا العالم أن يبرزوا بعض الأوقات للناس لقضاء حوائجهم والنظر في مصالحهم؛ وفي بعض روايات هذا الحديث كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس).. قال الحافظ ابن حجر: أي ظاهرا لهم غير محتجب عنهم ولا ملتبس بغيره, والبروز الظهور.
(4) بيان تواضع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه وغيرهم. وكيف لا يكون كذلك وهو الذي قال فيه ربه:"وإنك لعلى خلق عظيم"؟!
(5) وفيه إشارة لما ينبغي للمسئول من العفو والصفح عما يبدو من جفاء السائل؛ لصنيعه المتقدم في جلوسه، ولتخطيه الرقاب حتى جلس إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولكونه ناداه باسمه المجرد، مع أن ربه لم يناده باسمه المجرد خلافا لغيره من إخوانه الأنبياء والرسل –عليهم السلام-..
(6) وفيه أنه ينبغى للعالم أن يرفق بالسائل ويُدْنِيه منه ليتمكن من سؤاله غير هائب ولا منقبض، قاله النووي-رحمه الله-.
(7) قد يفهم من السياق أن السائل وضع كفيه على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم.وقد أورد الحافظ في الفتح من حديث ابن عباس، وحديث أبي عامر الأشعري رواية مصرحة بذلك. وفي هذا من الفوائد: أن على طالب العلم أن يبالغ في الإصغاء إلى معلمه، ولا ينصرف عنه بالشواغل؛ فإنّ وضعَ السائلِ -وهو جبريل عليه السلام- يديه على فخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- صنيع منبه للإصغاء إليه والاهتمام الزائد بما يقوله.
(8) وفيه إجابة السائل بأكثر مما سأل.فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجاب السائل عن الساعة؟ بجواب جامع "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل"..لم يكتف بذلك وإنما زاده أن بين له بعض أماراتها، فقال"وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتْ الأَمَةُ رَبَّتهَا، وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإِبِلِ الْبُهْمُ فِي الْبُنْيَانِ، فِي خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ"، ثُمَّ تَلا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ.."الآيَةَ.
وحديث عمر هذا يرويه عنه ولدُهُ عبدُ الله: فعن يحيى بن يعمر قال كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي فقلت أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف قال فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل ...فذكر الحديث.
ولقد تضمن الجواب زيادة على السؤال للاهتمام بذلك إرشادا للأمة لما يترتب على معرفة ذلك من المصلحة. فأنت ترى أنهم سألاه عن علم الله، وعن القَدَرِ؟ فكان يكفيه أن يبيّن لهما معنى الإيمان، وأن القَدَرَ من الإيمان. لكنه أخبرهما عن معنى الإيمان والإسلام والإحسان وغير ذلك. وليس في هذا خروج عن النهج السَّويِّ، لعلم ابن عمر مدى ترابط هذه الأصول الثلاثة، والواجب معرفتها جميعا.
ودليل فعل ابن عمر من السنة: ما جاء عن أبي هريرة قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هو الطهور ماؤه الحل ميتته" رواه الخمسة.
(9) الحث على السؤال عن العلم النافع في الدنيا والآخرة، وترك السؤال عما لا فائدة فيه. وقد قال تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).وقد قيل: حسن السؤال نصف العلم. فحسن السؤال من أسباب تحصيل العلم. قيل لابن عباس:"بما بلغت العلم؟ قال: بلسان سؤول، وقلب عقول".وقال الزهري:"العلم خزانة مفتاحها المسألة".وسئل الأصمعي:"بم نلت ما نلت؟ قال: بكثرة سؤالي، وتلقفي الحكمة الشرود".
(10) آداب طلب العلم تسبق الطَّلَبَ نفسه، ولذلك تأدب جبريل في جلسته ثم سأل. وهذا له تأثير كبير على مدى استفادته من معلمه. فعليك بالأدب إن أردت انبساط العلماء إليك. وقد كان بعض السلف لا يعلّم من لمس منه سوء الأدب..
(11) أهمية التعليم عن طريق السؤال: طريقة السؤال والجواب، من الأساليب التربوية الناجحة قديماً وحديثاً، وقد تكررت في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في كثير من الأحاديث النبوية؛ لما فيها من لفت انتباه السامعين وإعداد أذهانهم لتلقي الجواب الصحيح. قال القاضي عياض –رحمه الله-:" وفي جملة حديث السائل من الفقه...أمر العالم الناس سؤاله عما يحتاجون إليه ليُبيّنه لهم، وأنهم إن لم يحسنوا السؤال ابتدأ التعليم من قبل نفسه؛ كما فعل جبريل، أو يجعل من يسأل فيجيب بما يلزمهم علمه". كما ينبغي لمن حضر مجلس علم، ورأى أنّ الحاضرين بحاجة إلى معرفة مسألة ما، ولم يسأل عنها أحد، أن يسأل هو عنها ـ وإن كان هو يعلمها ـ لينتفع أهل المجلس بالجواب كما فعل جبريل في هذه القصة. فقد كان غرض جبريلَ عليه السلام من أسئلته هذه أن يتعلم المسلمون، وهذا ما بينه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أتاكم يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ. وفي رواية أبي هريرة عند البخاري ومسلم: هَذَا جِبْرِيلُ أَرَادَ أَنْ تَعَلَّمُوا إِذْ لَمْ تَسْأَلُوا).
وهذا الأسلوب يعتبر من أبرز الأساليب التي اتبعها نبيُُّنا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -في تعليم الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
ونضرب لذلك مثالين:أحدهما: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".
والآخر: عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المسلم حدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة، قال عبد الله: فاستحييت، فقالوا: يا رسول الله أخبرنا بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة. قال عبد الله: فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا".
(12) استحباب الأبيض من اللّباس: فسياق هذا الحديث يقتضي مدح من كان على هذه الصفة –شدّة بياض الثياب-، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب الثياب البيض، وكان يلبسها، وأمر بتكفين الموتى فيها..
وقد كان الإمام مالك –رحمه الله- لا يجلس مجلس الحديث حتى يتطهر ويتطيب ويلبس أحسن الثياب احتفاء بحديث النبي –صلى الله عليه وسلم-..
(13) مشروعية الرحلة في طلب العلم: وفي ذلك –زيادة على حديثنا- قصة موسى مع الخضر -عليهما السلام-. وهي قصة شهيرة معروفة ماتعة، وردت تفاصيلها في القرآن والسنة.
وقد رحل جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- شهراً كاملاً في مسألة واحدة.وكان سعيد بن المسيب –رحمه الله- يقول:" إن كنت لأسهر الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد".
(14) اليقظة في مجلس العلم تفيد في حفظه ونشره: ولذلك حفظ عمر –رضي الله عنه-الأسئلة بأجوبتها.
(15) وجوب ردّ العلم إلى الله تعالى. وقد كان الصحابة الكرام إذا سُئلوا عن شيء لا يعلمونه، قالوا: الله ورسوله أعلم. وهذا أدب مع الله تعالى إذ يردون العلم إليه، وأدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم إذ هو مصدر التلقي والمبلغ عن ربه عزَّ وجل.
وجاء في صحيح البخاري في حديث اجتماع موسى بالخضر عليهما السلام: أن موسى عليه السلام قام خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بمجْمع الْبَحْرَيْنِ، هُوَ أَعلَمُ منك، قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ بِهِ، فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ، وانطلق بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَحَمَلا حُوتًا فِي مِكْتَلٍ حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ...الحديث.
(16) من أخطأ "لا أدري" أصيبت مقاتله: فينبغي لمن سئل عن شيء لا يعلمه، أن يقول: لا أعلم، أو: لا أدري، ولا يكون في ذلك نقص من مرتبته, بل يكون ذلك دليلا على مزيد ورعه وتقواه.
وقد كان علماء السلف يرون أنّ "لا أدري" نصف العلم.وقد قال الشعبي رحمه الله: لا أدري. فقيل له: أما تستحي أن تقول هذه الكلمة وأنت فلان..قال: إن الملائكة لم تستحيِ حينما قالت: لا علم لنا إلا ما علمتنا...وقال ابن وهب: لو كتبنا عن مالك لا أدري لملأت الألواح...وقال ابن عجلان:”إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتلة“.
قال ابن مسعود:”أيها الناس، من علم منكم شيئاً فليقل، ومن لم يعلم فليقل لما لا يعلم: الله أعلم“..وفي هذا إشارة إلى أنه المسؤول عن الشيء بعد وفاة النبي –صلى الله عليه وسلم- لا ينبغي أن يقول:"الله ورسوله أعلم" وإنما كان ذلك أدبا في حياة المصطفى-صلى الله عليه وسلم-.
(17) ذكاء الصحابة الكرام: فقد تعجبوا لتصديقه مع أنه سائل، ثمّ عدم إنكار النبي –صلى الله عليه وسلم- عليه..كما تعجبوا من عدم معرفتهم بالسائل من جهة وعدم ظهور آثار السفر عليه من جهة أخرى..
(18) سؤال القادم، أو السائل عن اسمه ليس على سبيل الوجوب: ففي حديث ابن عباس في خبر وفد عبد القيس، قال:"من القوم؟ أو من الوفد؟" -الشك من الراوي-، وفي هذا الحديث لم يسأل السائل عن اسمه أو ما يعرف به؛ فيحمل فعله الأول على الاستحباب.
(19) ينبغي للسائل أو المستمع حين استماعه لجواب أو حديث، أن ينطقَ بما يُشعِر -من يحدّثه- انتباهه وحضور قلبه، وهذا يظهر في قول جبريل -عليه السلام- للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-"صدقت"، أكثر من مرّة.
(20) إذا كان السؤال عاماً، فالأفضل أن تقتصر الإجابة على أهم المهمات، فالسؤال عن الإسلام وخصاله سؤال عام يدخل تحته أعمال الجوارح كلّها، لكنه اقتصر على أهم المهمات وهي الأركان.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
انتهى –بفضل الله وكرمه- المقال الأول في شرح حديث جبريل –عليه السلام-، ويليه –بإذن الله تعالى- المقال الثاني، فترقبوه - رعاكم الله وأيّدكم-.

درة الايمان 14-09-11 08:55 AM

الفوائد العشر المستفادة من حديث جبريل - عليه السلام


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد، فقد سبق في المقال الذي مضى بيان منـزلة حديث جبريل - عليه السلام – مردفا بوقفات مباركة مع معاني الألفاظ وأسرار الكلمات، وهذا - بتأييدٍ من المولى - أوان سرد الفوائد العشر الموعود بها في مقدمة هذه السلسلة، والله الموفق لا رب سواه.

(1) آداب طلب العلم تسبق طلب العلم، ولذلك تأدب جبريل في جلسته ثم سأل. وأدب المتعلم بين يدي معلمه له تأثير قوي على مدى استفادته منه. فعليك بالأدب إن أردت انبساط العلماء إليك. وقد كان بعض السلف لا يعلّم من لمس منه سوء الأدب.. وفي قوله"حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه" دليل على لزوم تأدب المتعلم بين يدي من يتعلم منه. وقد يفهم من السياق أنه وضع كفيه على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم.وقد أورد الحافظ في الفتح من حديث ابن عباس، وحديث أبي عامر الأشعري رواية مصرحة بذلك. قلت: وفي هذا من الفوائد: أن على طالب العلم أن يبالغ في الإصغاء إلى معلمه، ولا ينصرف عنه بالشواغل؛ فإن وضع السائل -وهو جبريل عليه السلام- يديه على فخذ النبي صلى الله عليه وسلم صنيع منبه للإصغاء إليه. ويؤيد هذا ما جاء في رواية علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن ابن عمر عند أحمد:"ما رأينا رجلا أشد توقيرا لرسول الله من هذا"اهـ. كما ينبغي للسائل أو المستمع حين استماعه لجواب أو حديث، أن ينطقَ بما يُشعِر من يحدّثه بانتباهه وحضور قلبه، وهذا يظهر في قول جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم "صدقت" أكثر من مرّة.
(2) استحباب السؤال في العلم..وقد قال تعالى:"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
وقد قيل: السؤال نصف العلم..وحسن السؤال من أسباب تحصيل العلم النافع: قيل لابن عباس:"بم بلغت العلم؟ قال: بلسان سؤول، وقلب عقول"..وقال الزهري:"العلم خزانة مفتاحها المسألة"..وسئل الأصمعي:"بم نلت ما نلت؟ قال: بكثرة سؤالي، وتلقفي الحكمة الشرود".
- وللتعليم عن طريق السؤال والجواب أهمية كبيرة، فهو من الأساليب التربوية الناجحة قديماً وحديثاً، وقد تكرر هذا الأسلوب في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في كثير من الأحاديث النبوية؛ لما فيها من لفت انتباه السامعين وإعداد أذهانهم لتلقي الجواب الصحيح. قال القاضي عياض:" وفي جملة حديث السائل من الفقه...أمر العالم الناس سؤاله عما يحتاجون إليه ليُبيّنه لهم، وأنهم إن لم يحسنوا السؤال ابتدأ التعليم من قبل نفسه؛ كما فعل جبريل، أو يجعل من يسأل فيجيب بما يلزمهم علمه"اهـ.
(3) في هذا الحديث دليل على مشروعية الصلاة والصوم والزكاة والحج، وأنها جميعا من أركان الإسلام وأسسه العظام.
(4) وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره حُلْوِه ومُرِّه من الله تعالى. والإيمان بالله هو الإقرار بوجوده والإقرار بألوهيته وربوبيته وأنه متصف بصفات الكمال منـزّه عن صفات النقص،. والملائكة: عالم غيبي خلقوا من نور، جعلهم الله طائعين له متذللين. وعددهم كثير:قال صلى الله عليه وسلم ...فإذا البيت المعمور وإذا يدخله سبعون ألف ملك لا يعودون عن آخرهم ) .وقال صلى الله عليه وسلم أطّت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع شبر إلا ملك ساجد أو راكع). ولكل ملك وظيفة: فجبريل موكل بالوحي..وإسرافيل موكل بنفخ الصور.وميكائيل موكل بالقطر والنبات.ومالك خازن النار. قال ابن كثير: وخازن الجنة ملك يقال له رضوان، جاء مصرحاً به في بعض الأحاديث...الخ. وهم أجساد بأجنحة: قال تعالى:" جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع..".
والإيمان بالرسل يتضمن: أنهم صادقون في ما قالوه من الرسالة، ونؤمن بأسماء من علمنا اسمه منهم، ومن لم نعرف اسمه فنؤمن به إجمالاً، قال تعالى:"منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك"...أولهم نوح: قال تعالى:"إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده". وآخرهم محمد: قال تعالى:"ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين"..ومن كفر برسول كفر بجميع الرسل: قال تعالى:" كذبت قوم نوح المرسلين" مع أن قومه لم يأتهم إلا نبي واحد. والإيمان بالكتب يستلزم الإقرار بأن ما من رسول إلا أنزل الله معه كتاباً. قال تعالى:" لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان"..والكتب التي علمنا اسمها منها: القرآن، والتوراة، والإنجيل، والزبور..وأما اليوم الآخر، فإنما سمي بذلك لأنه لا يوم بعده. ويشمل كل ما يكون بعد موت الإنسان من البعث والنشور وتطاير الصحف والقبر والجنة والنار...الخ. والإيمان بالقضاء والقدر واجب، غير أنّ الخوض والتوسع في ذلك مذموم:"وإذا ذكر القدر فأمسكوا..."..

- ودرجات الإيمان بالقضاء والقدر أربعٌ:
1-العلم.
2-الكتابة.
3-الإرادة.
4-الخلق.
وللإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومرّه ثمرات طيبة منها: راحة القلب واطمئنان الضمير، عدم الاغترار بالنفس، إدراك عظيم قدرة الله،..الخ.
(5) وجوب مراقبة الله تعالى. ويتجلى ذلك في ركن الإحسان :"أن تعبد الله كأنك تراه.."..قال تعالى:" واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه"..وقال تقدست أسماؤه:" وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْءَانٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" وقال جل ثناؤه:"إنّ الله كان عليكم رقيباً".
(6) في قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الساعة: (مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ) خفاء وقت الساعة عن جميع الخلق، فعلمها عند الله، وهي من جملة ما استأثر الله بعلمه، ومفاتح الغيب خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا اللَّهُ تعالى، قال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".
وليس خفاؤها بنقص في علم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد أوتى نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم الأولين وعلم الآخرين..كما أنّ في قوله"مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ " دليلا على جواز التعريض في الكلام؛ فقد عدل عن قوله لست بأعلم بها منك إلى لفظ يشعر بالتعميم تعريضا للسامعين, أي أن كل مسئول وكل سائل فهو كذلك.
(7) فيه دلالة على فساد الزمن بين يدي الساعة، حيث تضعف الأخلاق، ويكثر عقوق الأولاد ومخالفتهم لآبائهم فيعاملونهم معاملة السيد لعبيده..وتنعكس الأمور وتختلط، حتى يصبح أسافل الناس ملوك الأمة ورؤساءها، وتسند الأمور لغير أهلها، ويكثر المال في أيدي الناس، ويكثر البذخ والسَّرف، ويتباهى الناس بعلو البنيان، وكثرة المتاع والأثاث، ويُتعالى على الخلق ويملك أمرهم من كانوا في فقر وبؤس يعيشون على إحسان الغير من البدو والرعاة وأشباههم.
(8) وفيه بيان قدرة الملك على التمثل بالصورة البشرية، وفيه أيضا جواز رؤية الملك أو سماع كلامه. قال الحافظ ابن حجر:" وفيه أن الملك يجوز أن يتمثل لغير النبي صلى الله عليه وسلم فيراه ويتكلم بحضرته وهو يسمع, وقد ثبت عن عمران بن حصين أنه كان يسمع كلام الملائكة". قال البيهقي: وروينا عن جماعة من الصحابة أن كل واحد رأى جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلبي.
وأخرج البخاري في الصحيح حديث بناء البيت الحرام... وفيه: فلمّا أشرفت ـ هاجر ـ على المروة، سمعت صوتا، فقالت: صه، تريد نفسها. ثم تسمعت، فسمعت أيضا، فقالت: قد أسمعت، إن كان عندك غواث فأغث. فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه، أو قال..بجناحيه، حتى ظهر الماء...وفيه قال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن ههنا بيتا لله، يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإنّ الله لا يضيع أهله..قال ابن القيم: رؤية الملائكة والجن، تقع أحيانا لمن شاء الله أن يريه ذلك.
(9) وجوب ردّ العلم إلى الله تعالى: وقد كان الصحابة الكرام إذا سُئلوا عن شيء لا يعلمونه، قالوا: الله ورسوله أعلم. وهذا أدب مع الله تعالى إذ يردون العلم إليه، وأدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم إذ هو مصدر التلقي والمبلغ عن ربه عزَّ وجل.
وجاء في حديث اجتماع موسى بالخضر عليهما السلام: أن موسى عليه السلام قام خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْه، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بمجْمع الْبَحْرَيْنِ، هُوَ أَعلَمُ منك، قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ بِهِ، فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ، وانطلق بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ..الحديث..وينبغي لمن سئل عن شيء لا يعلمه، أن يقول: لا أعلم، أو: لا أدري، ولا يكون في ذلك نقص من مرتبته, بل يكون ذلك دليلا على مزيد ورعه وتقواه.
وقد كان علماء السلف يرون أن "لا أدري" نصف العلم. قال ابن مسعود:”أيها الناس، من علم منكم شيئاً فليقل، ومن لم يعلم فليقل لما لا يعلم: الله أعلم“، وسئل الشعبي يوما فقال رحمه الله: لا أدري. فقيل له: أما تستحي أن تقول هذه الكلمة وأنت فلان..قال: إن الملائكة لم تستحيِ حينما قالت: لا علم لنا إلا ما علمتنا...وقال ابن وهب: لو كتبنا عن مالك لا أدري لملأت الألواح.....وقال ابن عجلان:”إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله“.
(10) فيه دليل لمن قال: إن الإسلام يغاير الإيمان. والحق ـ كما قال علماؤنا ـ أنّ فيهما اجتماعا وافتراقا، وعموما وخصوصا، فإذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا. يعني إذا ذكرا في سياق واحد؛ كان بينهما تغاير في المعنى، وهذا مقتضى حديث جبريل عليه السلام، ولقوله تعالى:"قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا".وإذا ذكر أحدهما في سياق؛ فإنه يتضمن معنى الآخر...كقوله تعالى:" إنّ الدين عند الله الإسلام". وقوله سبحانه:"ورضيت لكم الإسلام دينا".
وأما اجتماعهما مع اتفاقهما في المعنى في قوله:"فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين". فقد أجاب عنه الحافظ ابن كثير، فقال:" اتفق الاسمان ههنا لخصوصية الحال ولا يلزم ذلك في كل حال..
وقال ابن جزي الغرناطي: الإسلام معناه في اللغة الانقياد مطلقا ومعناه في الشريعة الانقياد لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالنطق باللسان والعمل بالجوارح، وأما الإيمان فمعناه في اللغة التصديق مطلقا ومعناه في الشريعة التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فالإسلام والإيمان على هذا متباينان؛ وعلى ذلك قوله تعالى:" قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا" وقد يستعملان مترادفين كقوله:"فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين"..

هذا ما تيسر بيانه من فوائد هذا الحديث، ولولا أننا وعدنا بعشر فوائد دون زيادة لسردنا العشرات من الدرر، وفي القدر المذكور غُنية وكفاية لمن أراد الصلاح والهداية..والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

درة الايمان 29-09-11 12:16 AM

(المقال الثالث -الأخير- )

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده..أما بعد فهذا –بتأييد الكبير المتعال- هو المقال الثالث الذي يتضمن تكملة الفوائد المرجوة من حديث جبريل -عليه السلام- ضمن سلسلة المقالات التي تعنى بشرح وتجلية أحاديث المصطفى الكريم –عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- والوقوف عند فوائدها ودررها والاستمتاع بلآلئها وكنوزها...وفقني الله وإياكم لخير العلم وخير العمل، إنّه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل..

(41) وفي الحديث الذي بين أيدينا من الفوائد: أن الذي يعلم من الخبر بداهة - أو يدل عليه سياق الكلام- لا إلزام في ذكره، ويجوز حذفه للاختصار، فبعض الرواة ذكر أن جبريل –عليه السلام-حينما دخل سلّم على القوم، وبعضهم لم يذكر السلام في روايته.
(42) كلام العاقل يحمل على الحقيقة. لذا وقع الاستغراب من الصحابة –رضي الله عنهم- من قول السائل "صدقت" وهو جواب العارف، ولم يعتبروه لغوا مع كونه - في الظاهر- جاء سائلا ليتعلم..
(43) زرع روح التنافس بين المؤمنين، والحث على علو الهمة، ويتجلى ذلك في ذكر النبيّ –صلى الله عليه وسلم- أنّ الإحسان على درجتين إحداهما أكمل من الأخرى.
(44) إذا تحقق في القلب الإيمان انقادت الجوارح لأعمال الإسلام، ولذلك قال أهل التحقيق:"كلّ مؤمن مسلم". فالمؤمن هو من حقّق الإيمان الباطن، وإذا حقق ذلك انقادت جوارحه فعمل صالحاً.
(45) أدلة وجوب الصلاة تأتي دائماً بلفظ "تقيم" وليس بلفظ "تؤدي" أو"تصلي"..ونحوها من الألفاظ، وهذا أمر مقصود لأن القصد من الصلاة أن تكون صلاة لا اعوجاج فيها، قائمة بجميع أركانها وواجباتها وسننها حتى تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربها.
(46) الواجبات كلّها داخلة في معنى الإسلام، قال – صلى الله عليه وسلم-:"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"...كما أن ترك المحرمات داخل في مسمى الإسلام، لقوله:"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه."
(47) عقيدة أهل الحق أنّ المؤمنين يتفاضلون في الإيمان:"ما سبقكم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في قلبه" وسئل ابن عمر: هل كان أصحاب الرسول يضحكون؟ قال: نعم، والإيمان في قلوبهم كالجبال" فأين هؤلاء ممن ليس لهم سوى ذرة من إيمان كالذين يخرجون من النار من أهل التوحيد؟!
(48) بيان سعة رحمة الله سبحانه. ويتجلى ذلك في تنوع أدلّة هدايته للناس، فأحياناً يوحي مباشرة إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأحياناً يرسل جبريل -عليه السلام-، وأحياناً يبعث الملك على صورة أعرابي، وأحياناً على صورة دحية الكلبي -رضي الله عنه- وهكذا.
(49) في قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الساعة: "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ" خفاء وقت الساعة عن جميع الخلق، فعلمها عند الله، وهي من جملة ما استأثر الله بعلمه، فلم يطلع على ذلك ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً..ومفاتح الغيب خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا اللَّهُ تعالى، قال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"..فإذا كانت الساعة خافية عن سيد الخلق وسيد الملائكة –عليهما السلام- فكيف يعلمهما غيرهما؟! فالذي نعلمه منها أنها قريبة:قال تعالى:" اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون". وقال تعالى:"اقتربت الساعة وانشق القمر". كما أنّ لها علامات تدل على قربها..
(50) في قوله:"مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ" دليل على جواز التعريض في الكلام؛ فقد عدل عن قوله "لست بأعلم بها منك" إلى لفظ يشعر بالتعميم تعريضاً للسامعين, أي أنّ كلّ مسئول وكلّ سائل عن الساعة فهو كذلك.
(51) وفيه مُستند لمن قال (إنّ أقلّ الجمع اثنان) فإنه لما قَالَ له جبريل -عليه السلام-: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ:"مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا" وذكر له أمارتين، وهما:"أن تلد الأمة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان".
والصحيح أنّ المذكور من الأشراط ثلاثة. قال الحافظ ابن حجر:" وإنما بعض الرواة اقتصر على اثنين منها لأنه هنا ذكر الولادة والتطاول, وفي التفسير ذكر الولادة وترؤس الحفاة"..أن تصير الحفاة ملوك الأرض، وفي رواية "رؤوس الناس".
(52) فيه دلالة على فساد الزمن بين يدي الساعة، حيث تضعف الأخلاق، ويكثر عقوق الأولاد ومخالفتهم لآبائهم فيعاملونهم معاملة السيد لعبيده..وتنعكس الأمور وتختلط، حتى يصبح أسافل الناس ملوك الأمة ورؤساءها، وتسند الأمور لغير أهلها، ويكثر المال في أيدي الناس، ويكثر البذخ والسَّرف، ويتباهى الناس بعلو البنيان، وكثرة المتاع والأثاث، ويتعالى على الخلق ويملك أمرهم من كانوا في فقر وبؤس، من البدو والرعاة وأشباههم.
وفي معنى قوله إذا ولدت الأمة ربها ) أقوال، منها: ما قاله الإمام الخطابي: معناه اتساع رقعة الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرك وسبي ذراريهم, فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها كان الولد منها بمنـزلة ربها لأنه ولد سيدها.قال النووي وغيره:إنه قول الأكثرين..وقال الحافظ في الفتح: لكن في كونه المراد نظر؛ لأنّ استيلاد الإماء كان موجودا حين المقالة, والاستيلاء على بلاد الشرك وسبي ذراريهم واتخاذهم سراري وقع أكثره في صدر الإسلام, وسياق الكلام يقتضي الإشارة إلى وقوع ما لم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة.
ومنها: أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام. فأطلق عليه ربها مجازا لذلك. أو المراد بالرب المربي فيكون حقيقة.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا أوجه الأوجه عندي لعمومه, ولأن المقام يدل على أنّ المراد حالة تكون مع كونها تدل على فساد الأحوال مستغربة. ومحصله الإشارة إلى أنّ الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور بحيث يصير المربى مربيا والسافلُ عاليا, وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى أن تصير الحفاة ملوك الأرض".
(53) في قوله:"أن تلد الأمة ربتها" جواز إطلاق الرب على السيد المالك، أو المربي.
(54) وفيه بيان قدرة الملك على التمثل بالصورة البشرية.
(55) وفيه أيضا جواز رؤية الملك أو سماع كلامه. قال الحافظ ابن حجر:" وفيه أن الملك يجوز أن يتمثل لغير النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فيراه ويتكلم بحضرته وهو يسمع, وقد ثبت عن عمران بن حصين أنه كان يسمع كلام الملائكة". قال البيهقي: وروينا عن جماعة من الصحابة أنّ كل واحد رأى جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلبي..وأخرج أحمد، والبخاري تعليقا، ومسلم وغيرهم عن أسيد بن حضير أنه رأى شيئا كهيئة الظلة فيه مثل المصابيح مقبلا من السماء. قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:"تلك الملائكة دنت لصوتك". وأخرج الحاكم مثله وزاد:"إنك لو مضيت لرأيت العجائب".
وأخرج البخاري في الصحيح حديث بناء البيت الحرام...وفيه: فلمّا أشرفت –هاجر- على المروة، سمعت صوتا، فقالت: صه، تريد نفسها. ثم تسمعت، فسمعت أيضا، فقالت: قد أسمعت، إن كان عندك غواث فأغث. فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه، أو قال..بجناحيه، حتى ظهر الماء...وفيه قال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإنّ ههنا بيتا لله، يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإنّ الله لا يضيع أهله"..فممّا يؤخذ من القصة أنّ الملك قد يظهر للشخص الصالح ويكلمه، فقد ظهر جبريل عليه السلام لهاجر، وكلّمها مبشرا لها بأنّ ابنها سيبني البيت مع أبيه وتلك كرامة أكرمها الله بها، ولم يصب من قال: إنها كانت نبية..وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وابن جرير في تفسيره وغيرهما عن أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه أنه قال بعدما عمي: لو كنت معكم ببدر الآن ومعي بصري لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت علينا منه الملائكة عيانا لا أشك ولا أتمارى.
قال ابن القيم: "رؤية الملائكة والجن، تقع أحيانا لمن شاء الله أن يريه ذلك". وقال الحافظ ابن حجر:" وفيه أن الملك يجوز أن يتمثل لغير النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فيراه ويتكلم بحضرته وهو يسمع, وقد ثبت عن عمران بن حصين أنه كان يسمع كلام الملائكة".
(56) قال ابن المنيّـر-رحمه الله-: في قوله " يعلمكم دينكم " دلالة على أن السؤال الحسن يسمى علما وتعليما, لأن جبريل لم يصدر منه سوى السؤال, ومع ذلك فقد سماه معلما, وقد اشتهر قولهم: حسن السؤال نصف العلم, ويمكن أن يؤخذ من هذا الحديث لأن الفائدة فيه إنما نشأت عن السؤال والجواب معاً.
(57) الإيمان أعلى من الإسلام، والإحسان أعلى منهما؛ فكل مؤمن مسلم، ولا ينعكس، قال تعالى:"قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم"وكل محسن مسلم ومؤمن، وليس كل مؤمن محسنا، قال تعالى:"وقليل من عبادي الشكور".
(58) في الحديث دليل لمن قال: إنّ الإسلام يغاير الإيمان. والحق -كما قال علماؤنا- أنّ فيهما اجتماعاً وافتراقاً، وعموماً وخصوصاً، فإذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا..يعنى إذا ذكرا في سياق واحد؛ كان بينهما تغاير في المعنى، وهذا مقتضى حديث جبريل -عليه السلام-، ولقوله تعالى:"قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا".وإذا ذكر أحدهما في سياق؛ فإنه يتضمن معنى الآخر...كقوله تعالى:"إنّ الدين عند الله الإسلام". وقوله سبحانه:"ورضيت لكم الإسلام دينا".
(59) قوله - صلى الله عليه وسلم-:"أتاكم يعلمكم دينكم" فيه أنّ الإيمان والإسلام والإحسان تسمى كلّها ديناً.
(60) وفيه جواز رواية الحديث بالمعنى، ففي بعض الروايات " يا محمد" وفي غيرها " يا رسول الله " وفي أخرى " يا نبي الله "...لكن ذلك مقيد بشروط، أهمّها: أن يكون الراوي عالما بمدلولات الألفاظ..أن لا يكون الحديث مما يتعبد بلفظه...أن لا يكون من جوامع الكلم..
(61) وفيه بيان واضح -كما قال ابن حزم في الإحكام-: أنّ كلّ خطاب منه -صلى الله عليه وسلم- لواحد فيما يفتيه به ويعلمه إياه؛ هو خطاب لجميع أمته إلى يوم القيامة، وتعليم منه -عليه السلام- لكل من يأتي إلى انقضاء الدنيا؛ لأن ذلك الحديث إنما خرج بلفظ تعليم الواحد في قوله - صلى الله عليه وسلم-:" أن تعبد الله كأنك تراه". ثم ختم الحديث بقوله:"يعلمكم دينكم"
(62) وقع في رواية سليمان التيمي عند ابن حبان:"وأن تعتمر وتغتسل من الجنابة " وفيه مستمسك لمن قال بوجوب العمرة مع الحج مرّة في العمر، قاله الحافظ ابن حجر. وفيه دليل على فرضية الطهارة"، خاصة مع رواية:"وتتم الوضوء".
(63) في قول السائل " أخبرني عن الإسلام، وقوله " أخبرني عن الإيمان"...دليل على أن للسائل أن يزيد على سؤال واحد حتى يتحصل له الفهم، أو يستزيد من العلم...لكن دون إحراج للمسؤول..
(64) وفيه أنّ للسائل أن يأتي بأسئلته مجتمعة، ثمَّ بعد تمام الخطاب يستمع إلى الجواب، وله أن يفرّق سؤالاته واستفهاماته حسب ما تقتضيه الحال، أو وفق ما تمليه المناسبة.
(65) بيان منـزلة البشر إذ تتشبه الملائكة بهم دون غيرهم من المخلوقات، كما في هذا الحديث وحديث قاتل المائة، والذي زار أخا له في قرية...الخ.
(66) وفي مبالغة جبريل -عليه السلام- في تعمية أمره، حيث ظهر بمظهر الأعراب الجفاة، ونادى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- باسمه من طرف البساط، وتخطى الرقاب حتى جلس بين يدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ دليل على لزوم الأخذ بالوسائل من أجل تحقيق المقاصد؛ إذ لو عَلِمَ الصحابة حقيقته، لربما انشغلوا به عن الفائدة التي جاء من أجلها.
(67) وفيه احتجاج الصحابة بالسنة الصحيحة في بيان العقائد ولو كانت آحادا، حيث استدل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما- وهو من علماء الصحابة وفقهائهم- بهذا الحديث في الرد على القَدَرية..وفيه قبول خبر الواحد لأن الذي أجاب يحيى بن يعمر وصاحبه واحد وهو ابن عمر رضي الله عنهما.
(68) تظهر فيه فصاحة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وبلاغته، حيث أجاب السائل بكلمات يسيرة، ولكنها تحمل في طياتها المعاني الغزيرة..والاختصار غير المخل معيار البلاغة والفصاحة.
(69) الحديث من جوامع الكلم، فإنه على وجازته اشتمل على فوائد كثيرة، وعوائد وفيرة، حتى اعتبر أصلا لعلوم الشريعة.
(70) ذم التطاول في البنيان لغير حاجة: وقد جاء في ذمِّه أحاديث كثيرة معروفة، وفي ذاك التطاول دليل على تغير الناس وكثرة المال، وأن يكون المال في أيدي مَن ليس له بأهل، مع شيوع المفاخرة والمباهاة وبناء ما لا يسكنه المرء.. وكل بناء لا حاجة فيه فهو مذموم، قال - صلى الله عليه وسلم-:"كل دينار ينفقه ابن آدم يؤجر عليه إلا ما يجعله في هذا التراب" صحيح الجامع..
(71) أهل السنة والجماعة يخصون جبريل -عليه السلام- بمحبة زائدة من بين الملائكة الكرام لأنه:-
أ- ينقل الوحي إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وغيره من الأنبياء - عليهم السلام-:"نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ".
ب- ثناء الله عليه سبحانه:"إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ"..
ج- مواقفه مع المؤمنين في المعارك ضد الكفار..
د- حرصه على تعليم المسلمين دينهم" فإنّه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم"..
هـ- وقد اتفق على بغضه اليهود وأحفادهم الرافضة..
(72) بيان نوع من أنواع الوحي، ومن أنواع الوحي: الرؤيا الصادقة، الإلقاء في الروع، أن يراه على صورته التي خلق عليها، أن يكلمه من وراء حجاب..

ختاماً، هذه بين يديك أخي الفاضل جملة من الفوائد فاقت السبعين، أسأل الله تعالى أن ينفعني وإياك بها، ويجعل عملنا هذا في كفة حسناتنا يوم تعزّ الحسنات، إنّه نعم المولى ونعم النّصير.
وكتب راجي رحمة ربه الغفور: أبو زكريا يوسف بن عاطي الجزائري – غفر الله له ولوالديه ولسائر المسلمين-

سمر التميمي 08-10-11 08:06 PM

جزيت خيرا اختي الفاضلة وبورك فيك

درة الايمان 09-10-11 06:25 PM

اللهم آآآمين
أسعدني مرورك أختي سمر
جزاك الله كل خير


الساعة الآن 01:10 PM.

Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "