شبكة الدفاع عن السنة

شبكة الدفاع عن السنة (http://www.dd-sunnah.net/forum/index.php)
-   الحـــــــــــوار مع الإسـماعيلية (http://www.dd-sunnah.net/forum/forumdisplay.php?f=33)
-   -   سؤال للفرقة الاسماعيلية / 6 (http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=113243)

نصير الفاروق 27-11-10 05:55 PM

سؤال للفرقة الاسماعيلية / 6
 
السلام على من اتبع الهدى

كثير ما يتشدق الاسماعيليه بقولهم انهم يتبعون ال البيت عليهم السلام وانهم يسيرون على نهجهم .... الخ

وقد سالناهم اكثر من سؤال عن ال البيت عليهم السلام ولم نجد اجابه

الان يوجد لدي سؤال خفيف اتمنى ان اجد له اجابه لديهم

السؤال

اذكروا لي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مراجعكم؟؟


اريد منكم ان تنسوا ما درستوه في المدراس لانه كله من اثبات الوهابيه ونحن عندكم مارقين من الدين محرفين له فلا يجوز لكم الاستدلال بما لدينا

اذكرو لنا ماذا علمكم دينكم الاسماعيلي عن الرسول صلى الله عليه وسلم

اذكروا لنا لو اتاكم يهودي او نصراني وطلب منكم ان تعرفوا له رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ماذا ستقولون ؟؟؟

اعتقد سؤال مثل هذا لا يوجد به باطن ولا اسرار وتستطيعون ان تاتوا من كتبكم بالادله

أبو خليل الحساوي 27-11-10 06:04 PM

موضوع قيم


يرفع

نصير الفاروق 27-11-10 06:08 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسطفانوس السنة (المشاركة 1078227)
موضوع قيم


يرفع

شرفني مرورك الكريم اخي الغالي

أبو ياسين 27-11-10 06:12 PM

جميل جدا .............بارك الله فيك ..............متابع .......

نصير الفاروق 27-11-10 06:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو ياسين (المشاركة 1078236)
جميل جدا .............بارك الله فيك ..............متابع .......


اشكرك على مرورك اخي ابو ياسين ... واسال الله ان يبارك لك في امرك كله

وذادني شرفا مرورك العطر

سيف يام 28-11-10 09:16 AM

يرررررررررفع ب لا اله الا الله محمد رسول الله ...........

محمد
رسول
الله

سيف يام 28-11-10 09:21 AM

معقووووله يتبعون نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ..

ولا عندهم كتاب يتكلم عن سيرته صلى الله عليه وسلم ...؟؟؟؟؟؟؟

يالجهلهم .. يا لقلوبهم العمياء .... ياربي ياربي لا تبتليني ياربي ياربي ارفع عنهم...
ياربي ارحم واغفر لشيباننا وأهلنا اللي ماتوا على هذي العقيده يالله

حتى نبيهم ما يفخرون فيه ..

من يتبعون هؤلاء القوم .؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ترا النبي محمد صلى الله علي وسلم اخر الانبياء.. عندكم علم؟؟؟؟؟؟
.................................

يعطيك العافيه اخونا نصير الفاروق وجميع الاخوان من اهل السنه

جميعنا متابعين(( الحق دائما يدعس على الباطل دعس ))

حنيفاً مسلماً 28-11-10 01:48 PM

الرسول الاعظم (ص)
 
الرســـــــــــــــول الأعظم


وما كانت الجزيرة العربية - بل الإنسانية - يوماً بأحوج منها إلى موعد، كالموعد الذي وافاها به هذا الفجر البازغ من اليوم السابع عشر من ربيع الأول من السنة الموافقة لعام الفيل.
لقد تمت، مع هذا الصباح الأبلج، ولادةُ طفلٍ سوف يعجن الجزيرة بعضها ببعض، وليطل بها على العالم أفقاً تتوزع عليه قبب المنائر.
ونما الفتى، ونمت معه غُلفُ الأسرار، ونما معه السكون، وعمق السكون، وأخذ يستقطب إليه النظرات، لقد اشتدت حوله علائم الاستفسار: هل هو عاصفةٌ تسير من بعيد؟
أم أنه هدوءٌ يحوم في عاصفة؟
أم سحاباً يتكاثف؟
لقد شب الفتى. لقد أصبح غزير الرؤى، عميق الغور، بعيد اللفتات. لقد أصبح تتفتق خلف جبينه أثقال المجاني، لقد أصبح تلمعُ في عينيه شهبُ المعاني، لقد تكسرت على شفتيه أبعاد الخيال، كما تتكسر على الشاطئ كرات الأمواج.
فهي إذاً أمام رجل تتراءى عليه الانعكاسات: سريرةٌ بيضاء على بشرةٍ بيضاء، عين دعجاء تحت بصيرة فيحاء، عنق كأبريق فضَّة كأن يداً تناوله منهلاً من كوثر، كفَّ من ندى، قدم من صخر، عينٌ من بريق، كتفان من أثقال، مشية إلى هدف، قامةُ إلى تطاول، فمٌ إلى صدق ودعاء وابتهال، تلك أبرز المظاهر كانت تتراءى على محمد (صلى الله عليه وآله) منذ الطفولة.
محمد (صلى الله عليه وآله) ذلك الإنسان العظيم... خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين، خيرة الله من خلقه، حبيبه وصفيه، وأمينه، وربيبه.
تلك الشخصية الفذة التي لا يمكن لأي من عظماء البشر الرقي إلى مصافها وعظمتها، ولا حتى محاولة المقارنة بها، ابتداءً من بدء الحياة في هذا الكون، إلى ما ينتهي إليه.
الصادق الأمين، الذي جاء لخير البشرية جمعاء، دون تخصيص فئوي، دون حصر بجماعة محدودة، أو مجتمع معين.
ذلك العظيم الذي قال - وقوله صدق - وفي قوله نفحات سماوية وسمات ربانية.. قال (صلى الله عليه وآله): (خير الناس من نفع الناس) نعم كل الناس.. لأنه أرادها مطلقة لكل الناس. لم يقل خير الناس نفع المسلمين فقط!! أراد (عليه الصلاة والسلام) النفع والخير للناس عامة دون استثناء لدين أو لقومية أو لعرق..
أراد الخير لكل البشر على اختلاف معتقداتهم ومللهم ودياناتهم، كيف لا، وهو رسول الإنسانية.. رسول المحبة.. رسول السلام.. رسول الله لكل خلق الله.. هذا العظيم الذي استمد عظمته من عظمة الله سبحانه وتعالى.. الذي علّمه وأدّبه.. فأحسن تأديبه، وأجاد تعليمه، حتى كان حقاً ربيباً لوحيه.
هذا الإنسان الذي لم ينجب كوكبنا هذا نظيراً له.. ولا مثيلاً لإنسانيته، ولا قريناً لخلقه، حتى خاطبه خالقه قائلاً: (وإنك لعلى خلقٍ عظيم) [سورة القلم: الآية 44] وتلك شهادة ما بعدها شهادة، لم يقلها سبحانه وتعالى لأي من أنبيائه ورسله الكرام، لم يخاطب بها أو بمعناها، إلا خاتم أنبيائه.. محمد بن عبد الله.. حبيبه وصفيه.. ومبلغ آخر رسالاته وأتمها.
ولا يمكن إعطاء هذا العظيم حقه، بما هو فيه من شأن عظيم، مهما كتبنا عنه، عمّا يتحلّى به من روائع الصفحات، وما يتصف به من معجزات السمات، ذلك العظيم الخالد في القلوب المؤمنة، وبالأنفس التقية، وفي الأرواح الطاهرة النقية.

http://www.najran999.com/vb/images/myframes/7_cdr.gifhttp://www.najran999.com/vb/images/myframes/7_cdl.gif



التعريف بأسلاف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)




كان من الواجب التحدّث عن أحوال أجداد النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» لما كان لهم من نصيب هام في تاريخ العرب والمسلمين . ولما كان نسب النبيُ (صلى الله عليه وآله وسلم) ينتهي إلى النبي إسماعيل بن إبراهيم «عليهما السلام» فإنّه من المستحب أن نتناول أسلاف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالعرض والدراسة بدءاً منه (عليه السلام) .



النبي إبراهيم (عليه السلام)



هو بطل التوحيد، جاهد في سبيل إرساء قواعد التوحيد، واقتلاع جذور الوثنية. ولد في بابل ـ التي تعد إحدى عجائب الدنيا السبع ـ التي حكمها «نمرود بن كنعان» الذي أمر الناس بعبادته إضافة إلى عبادة الاَصنام، ولمّا ذكر له أنّ عرشه سينهار على يد رجل يولد في بيئته، أمر بعزل الرجال عن النساء، في نفس الليلة التي انعقدت فيها نطفة النبي إبراهيم «عليه السلام» ، وهي الليلة التي تكهَّن بها المنجمون والكهنة من أنصار نمرود، ممّا دفع جلاوزته إلى قتل كلّ وليد ذكر. وقد حملت به أُمّه ـ أُمّ إبراهيم ـ مثلما حملت أُمّ موسى (عليه السلام) به، فأمضت فترة حملها في خفاء وتستر، ثمّ وضعته في غار بجبل قريب من المدينة للحفاظ عليه، وقضى في هذا الغار فترة ثلاث عشرة سنة، ثمّ انخرط في المجتمع الذي استغرب وجوده فأنكروه. ورأى في مجتمعه ظواهر التعبد لغير اللّه، من نجوم وكواكب وأصنام وعبادة الاِنسان، ممّا دعاه إلى أن يحارب في هذه الجبهات، التي أوضحها القرآن الكريم في سوره وآياته الشريفة. وقد بدأ عمَلَه بمكافحة ما كان عليه أقرباوَه، وعلى رأسهم عمه آزر، وهو عبادة الاَصنام والاَوثان، ثمّ اتَّجه إلى جبهة أُخرى أكثر ثقافة وعلم، وهي التي عبدت الكواكب والنجوم والاَجرام السماوية.
وقد أعطى النبي إبراهيم (عليه السلام) سلسلة من الحقائق الفلسفية والعلمية، لم يصل إليها الفكر البشري يوم ذاك، في حواره العقائدي مع عبّاد الاَجرام السماوية، مدعمة بأدلّة لا تزال إلى اليوم،موضع إعجاب كبار العلماء وروّاد الفلسفةوالكلام. وقد نقل القرآن الكريم في هذا المجال أدلّة النبي إبراهيم (عليه السلام) باهتمام خاصّ وعناية بالغة. فقد اتّخذ إبراهيم (عليه السلام) هيئة الباحث عن الحقيقة بدون أن يصدم تلك الفرق المشركة ويجرح مشاعرها. وركّز في عمله على التوحيد في الربوبية، والتدبير وإدارة الكون، وأنّه لا مدبّر ولا مربّي للموجودات الاَرضية إلاّ اللّه سبحانه و تعالى، فأبطل ربوبية الاَجرام السماوية بقوله: (وَجَّهْتُ وَجْهِي للّذي فَطَرَ السَّمواتِ وَالاََرض حَنيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكين)
أمّا بالنسبة إلى عمّه آزر الذي كان ذا مكانة اجتماعية عالية بين قومه، وصانعاً ماهراً ومنجماً، له رأيه وأفكاره في الاَُمور الفلكية في بلاط نمرود، فإنّه ليس أبوه بل عمّه، وذلك أنّ علماء الشيعة قد اتّفقوا على أنّ آباء الاَنبياء كانوا موَمنين باللّه موحّدين به، وأكّد الشيخ المفيد ذلك في كتابه: «أوائل المقالات» بل إنّ كثيراً من علماء السنّة قد وافقهم في ذلك أيضاً،ولعلّ مناداته بالاَب، نظراً لكونه الكافل لاِبراهيم (عليه السلام) ردحاً من الزمن، فنظر إليه بمنزلة الاَب.
وأمّا بخصوص عقابه، وإلقائه في النار، وعدم تأثّره بها وخروجه سالماً منها، فإنّ السلطات الحاكمة قررت نفيه من البلاد فغادرها إلى الشام، ثمّ إلى الحجاز مع زوجته هاجر وابنه إسماعيل، حينما أسكنهما في مكّة، وظهرت بفضلهما عين زمزم، ووفدت جماعات من القبائل لتسكن في تلك البقعة، وأشهرها قبيلة «جرهم» التي تزوّج منها إسماعيل وصاهرهم، ومنذ ذلك الوقت أصبحت مكة من المدن العامرة، بعد أن كانت صحراء قاحلة وواد غير ذي زرع.


قصيّ بن كلاب:


هو الجدّ الرابع للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأُمّه فاطمة التي تزوّجت برجل من بني كلاب ورزقت منه بولدين: زهرة وقصيّ. و قد توفّي أبوه فربّاه زوجُ أُمّه ربيعة، إلاّ أنّ خلافاً وقع بين قصيّ وقوم ربيعة، أدى إلى طرده من قبيلتهم،ولكن أُمّه تمكنت من إرجاعه إلى مكة، فعاش فيها متفوقاً في أعماله ومراكزه، فشغل المناصب الرفيعة، مثل حكومة مكة، وزعامة قريش، وسدانة الكعبة المعظمة، فأصبح رئيس تلك الديار دون منازع. ومن أهمّ أعماله:
أ: تشجيع الناس على البناء حول الكعبة.
ب: تأسيس مجلس شورى يجتمع فيه روَساء القبائل في حلّ مشكلاتهم، وهو دار الندوة. وأمّا من الاَولاد فقد ترك: عبد الدار وعبد مناف.




عبد مناف:



هوالجدّالثالث للنبي الاَكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) واسمه: «المغيرة»، ولقبه قمر البطحاء. و مع أنّه كان أصغر من أخيه، إلاّ أنّه حظي بمكانة خاصة عند الناس، فقد اتخذ التقوى شعاراً، ودعا إلى حسن السيرة وصلة الرحم، ولكن الزعامة والقيادة كانت لاَخيه عبد الدار، حسب وصية أبيهما. إلاّ أنّ الوضع تبدّل بعد وفاتهما، فقد وقع الخصام والتنازع بين أبنائهما على المناصب، فانتهى الاَمر إلى اقتسامها بينهم، حيث تقرّر أن يتولّى أبناء عبد الدار سدانة الكعبة وزعامة دار الندوة، ويتولّى أبناء عبد مناف سقاية الحجيج وضيافتهم ووفادتهم.


هاشـــــــم:


وهوالجدّ الثاني للرسول الاَعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) واسمه: عمرو و لقبه العُلاء، ولد مع عبد شمس توأماً له، وله أخوان آخران هما: المطلب ونوفل.
ومن الاَُمور المميزة لاَبناء عبد مناف، إنّهم تُوفُّوا في مناطق مختلفة، فهاشم تُوفّي في غزّة، وعبد شمس في مكّة، ونَوفَل في العراق،والمطلب في اليمن.
كان يدعو الناس إلى الترحيب بضيوف اللّه وزوّاره وتكريمهم بالمال والحلال في غرّة كلّ شهر ذي الحجة:«وأسألُكُم بحرمة هذا البيت ألاّ يُخرج رجلٌ منكم من ماله لكرامة زوّار بيت اللّه وتقويتهم إلاّطيباً لم يوَخذ ظلماً، ولم يقطع فيه رحم، ولم يوَخذ غصباً».
ومن أهمّ آثاره: أنّ زعامته لمكّة كانت لمنفعة أهلها وتحسين أوضاعهم، فقد ساهم كرمُه في عدم انتشار القحط والجدب، كما أنّه حسّن من الحالة الاقتصادية في البلاد عندما عقد معاهدة مع أمير الغساسنة، ممّا دفع أخاه عبد شمس إلى أن يعاهد أمير الحبشة، وأخويه نوفل والمطلب أيضاً أن يعقدا معاهدات مع أمير اليمن وملك فارس، وذلك لتجنب الاَخطار وتأمين الطرق و سير القوافل التجارية. وقد عُرِفَ عنه أنّه الموَسس لرِحلتي الشتاء والصيف إلى الشام واليمن.
إلاّ أنّ كل ّتلك الاِسهامات من جانب هاشم، كانت دافعاً إلى أن يحسده أُميّة بن عبد شمس ابن أخيه، وذلك لما حظي به من مكانة وعظمة وتقرّب إلى قلوب الناس، الاَمر الذي أجبرهم على الحضور عند كاهن من كهنة العرب، فقضى لهاشم بالغلبة، فأخذ منه الاِبل وأخرج أُمية إلى الشام نافياً لمدّة عشرة سنين، حسب الشروط التي تمت بينهما.وتبيّن هذه القصة جذورَ العداء بين بني هاشم وبني أُميّة من ناحية، وعلاقات الاَمويين بالشام وارتباطهم بها حين اتخذوها عاصمة لدولتهم بعد ذلك من ناحية أُخرى.
ومن أشهر أولاده : شيبة، الذي عُرِفَ بـ«عبد المطلب» لاَنّه تربى وترعرَعَ في حجر عمّه المطلب، حيث كان العرب يسمّون من تَرعرَعَ في حجر أحد، وينشأ تحت رعايته، عبداً لذلك الشخص.



عبد المطلب:


وهو الجدّ الاَوّل للنبي العظيم ورئيس قريش وزعيمها. وأودعت يدُ المشيئة الربانية بين حنايا شخصيته نور َالنبي الاَكرم «صلى الله عليه وآله وسلم» ولذا كان إنساناً طاهر السلوك، نقيّ الجيب، منزّهاً عن أيّ نوع من أنواع الانحطاط والفساد، وأحد المعدودين الذين كانوا يوَمنون باللّه واليوم الآخر.
وقد اشتهر موقفه الاِيماني في عام الفيل، حينما أمر جماعته بالخروج من مكة إلى الجبال والشعاب، ونزل إلى الكعبة يدعو اللّه ويستنصره على أبرهة وجنوده مناجياً: «اللّهمّ أنت أنيسُ المستوحشين، ولا وحشة معك، فالبيت بيتُك والحرمُ حرمُك والدار دارُك، ونحن جيرانُك، تمنع عنه ما تشاء، وربّ الدار أولى بالدار».
وفي الصباح خرجت أسرابٌ من الطيور من جهة البحر يحمل كل واحد منها ثلاثة أحجار، حجر في منقاره،وحجر في كلّ من رجليه وحلّقت فوق روَوس الجند، ورجمتهم بالاَحجار بأمر من اللّه محطمة روَوسهم وممزقة لحومهم، وقد أصاب حجر منها رأس أبرهة القائد، فأمر جنوده بالتراجع والعودة إلى اليمن، إلاّ أنّهم أُهلكوا في الطريق، حتى أبرهة نفسه مات قبل وصوله صنعاء.
وقد نتج من هذه العملية، أن تحطّم جيش أبرهة، وانهزم أعداء قريش، وعظم شأن المكيّين،وشأن الكعبة المشرفة في نظر العرب وغيرهم، فلم يجرأ أحد بعد ذلك على غزو مكة، أو الاِغارة على قريش، أو التطاول على الكعبة. كما أنّها من جانب آخر، أحدثت في نفوس القرشيين حالات جديدة خاصة، فقد زادت من غرورهم وعنجهيتهم واعتزازهم بعنصرهم، فقرروا تحديد شوَون الآخرين والتقليل من وزنهم، على أساس أنّهم فقط الطبقة الممتازة من العرب.
كما دفعتهم إلى التصور بأنّهم موضع عناية الاَصنام (الـ 360 ) إذ أنّهم فقط الذين تحبهم تلك الاَصنام وتحميهم وتدافع عنهم!!
وقد دفعهم كلّ ذلك إلى التمادي في لهوهم ولعبهم، والتوسع في ممارسة الترف واللّذات، وإظهار الولع بشرب الخمر، حتى أنّهم مدّوا موائد الخمر في فناء الكعبة، وأقاموا مجالس أنسهم إلى جانب تلك الاَصنام، متصورين أنّ حياتهم الجميلة هذه هي من بركة تلك الاَصنام والاَوثان!!
كما أنّهذه الحالة جعلت قريش تقوم بإلغاء أيّ احترام وتقدير للغير فقالوا: إنّ جميع العرب محتاجون إلى معبدنا، فقد رأى العرب عامةً كيف اعتنى بنا آلهة الكعبة خاصةً، وكيف حَمَتنا من الاَعداء.
ومن ذلك بدأت قريش تضيّق على كلّ من يدخل مكة للعمرة أو الحجّ، وتعاملهم بخشونة وأسلوب ديكتاتوري، وفرضت عليهم ألا يصطحب أحد منهم طعاماً معه من خارج الحرم ولا يأكل منه، بل عليه أن يقتني من طعام أهل الحرم ويأكل منه، وأن يلبس عند الطواف بالبيت من ثياب أهل مكّة التقليدية القومية، أو يطوف عرياناً بالكعبة إذا لم يكن في مقدوره شراوَها. و من رفض الخضوع للاَمر من روَساء القبائل وزعمائها، كان عليه أن ينزع ثيابه بعد الانتهاء من الطواف ويلقيها جانباً، دون أن يكون لاَحد الحقّ في مسّها حتى صاحبها.
أمّا النساء فكان عليهن إذا أردن الطواف أن يطفُن عراة، ويضعن خرقة على روَوسهن. كما أنّه لم يكن يحق لاَي يهوديّ أو مسيحيّ أن يدخل مكة، إلاّ أن يكون أجيراً لمكيّ، وعليه ألاّ يتحدث في شيء من أمر دينه وكتابه.
بالاِضافة إلى ذلك، فإنّهم أنفوا منذ ذلك اليوم أن يأتوا بمناسك عرفة، كما يفعل بقية الناس، حيث تركوا الوقوف بها والاِفاضة منها، بالرغم من أن ّآباءهم ـ من ولد إسماعيل ـ كانوا يقرّون أنّها من المشاعر والحج.
إنّ كل ّذلك الانفلات الاَخلاقي والترف والانحراف، قد هيّأ الاَرضية وأعدها لظهور مصلح عالميّ.
أمّا بالنسبة لابن عبد المطلب، عبد اللّه، فقد سعى إلى أن يزوّجه، فاختار له: «آمنة بنت وهب بن عبد مناف» التي عُرِفت بالعفّة والطهر والنجابة والكمال. كما اختار لنفسه «دلالة» ابنة عم آمنة، فرزق منها حمزة، عمّ الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» الذي كان في نفس عمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و قد تمّ حفل الزفاف في منزل السيدة آمنة طبقاً لما كان عليه المتعارف في قريش، ثمّ بقي «عبداللّه» مع زوجته ردحاً من الزمن حتى سافر في تجارة إلى الشام، وتوفّي في أثناء الطريق.


ويرتبط بموضوع أسلاف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، طهارته «صلى الله عليه وآله وسلم» من دَنَس الآباء وعهر الاَُمّهات، إذ لم يكن في أجداده وجدّاته، سفاح وزنا، وهو ما اتّفق عليه المسلمون، وصرّح به الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» في أحاديث رواها السنة والشيعة. فقد جاء عنه «صلى الله عليه وآله وسلم» إنّه قال: «نُقلتُمن الاَصلاب الطاهرة إلى الاَرحام الطاهرة نكاحاً لا سِفاحاً».
وقال الاِمام علي (عليه السلام) :«وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله وسيد عباده كلّما نسخ اللّه الخلق فِرقتين، جعله في خيرهما، لم يسهِم فيه عاهرٌ ولاضربَ فيه فاجر».
كما ذكر الاِمام الصادق (عليه السلام) ذلك مفسراً الآية: (وتقلّبك في الساجدين) : «أي في أصلاب النبيّين، نبي بعد نبي، حتى أخرجه من صلبِ أبيه عن نكاحٍ غير سفاح من لدن آدم».



مولـــــــــــــده (صلى الله عليه وآله وسلم)



ولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في عام الفيل (570م) بإتّفاق كتّاب السيرة، ورحل عن الدنيا في (632م) عن 62 أو 63 عاماً، كما اتّفقوا على أنّه ولد في شهر ربيع الاَوّل، يوم الجمعة السابع عشر منه، عند الشيعة، أمّا السنّة فقد عيّنوا يوم الاِثنين الثاني عشر من الشهر نفسه.
ولمّا كان الشيعة ينقلون أخبار أهل البيت عنهم، فلابدّ من الاِقرار بأنّ ما ينقله هوَلاء ويكتبونه من تفاصيل تتعلّق بحياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هي أقرب من غيرها إلى الحقيقة، لاَنّها مأخوذة عن أقربائه وأبنائه.
وقد حملت به أُمّه «السيدة آمنة بنت وهب» في أيّام التشريق من شهر رجب، فإذا اعتبرنا يوم ولادته، 17 من ربيع الاَوّل، فتكون مدّة حملها به ثمانية أشهر وأيّاماً.
وقد وقعت يوم ولادته أحداث عجيبة، فقد وُلِد مختوناً مقطوع السرة، وهو يقول: «اللّه أكبر والحمد للّه كثيراً، سبحان اللّه بكرةً وأصيلاً» كما تساقطت الاَصنام في الكعبة على وجوهها، وخرج نورٌ معه أضاء مساحة واسعة من الجزيرة العربية، وانكسر إيوان كسرى، وسقطت أربعة عشر شرفة منه، وانخمدت نار فارس التي كانت تعبد،وجفت بحيرة ساوة.



وهدفت هذه الاَحداث الخارقة والعجيبة إلى أمرين موَثرين:



(1) فهي تدفع الجبابرة والوثنيين إلى التفكير فيما هم فيه من أحوال،فيتساءلون عن الاَسباب التي دعت إلى كلّ ذلك لعلهم يعقلون. إذ أنّ تلك الاَحداث كانت في الواقع تبشر بعصر جديد هو عصر انتهاء الوثنية وزوال مظاهر السلطة الشيطانية واندحارها.
(2) ومن جهة أُخرى، تبرهن على الشأن العظيم للوليد الجديد، على أنّه ليس عادياً، بل هو كغيره من الاَنبياء العظام الذين رافقت ولادتُهم أمثالَ تلك الحوادث العجيبة والوقائع الغريبة.
وفي اليوم السابع لمولده المبارك، عقّ عبد المطلب عنه بكبش شكراً للّه تعالى، واحتفل به مع عامة قريش.
وقال عن تسميته النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن سببه: أردت أن يُحمَد في السماء والاَرض
وكانت أُمّه (عليها السلام) قد سمّته أحمد قبل أن يسمّيه جدّه وكان هذا الاسم نادراً بين العرب فلم يسم به منهم سوى 16 شخصاً، ولذا فإنّه كان من إحدى العلامات الخاصّة به.



أمّا عن رضاعته (صلى الله عليه وآله وسلم)



فقد ارتضع من أُمّه ثلاثة أيّام ثمّ أرضعته امرأتان هما:
ـ ثويبة: مولاة أبي لهب، إذ أرضعته لمدّة أربعة أشهر فقط، وقد قدّر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وزوجته خديجة(عليها السلام) هذا العمل لها حتى آخر حياتها، فأكرمها وأراد أن يعتقها فأبى أبو لهب، وكان يبعث إليها بالصلة حتّى وفاتها.
كما أنّها أرضعت من قبل حمزة، وأبا سلمة بن عبد اللّه المخزومي، فكانوا إخوة في الرضاعة.
ـ حليمة السعدية، بنت أبي ذوَيب. وكان لها من الاَولاد: عبد اللّه ، أنيسة، شيماء. وقامت «شيماء» بحضانة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً.
وقد استلمت حليمة السعديةُ النبيّ الكريم في عمر لم يتجاوز أربعة أشهر، في عام قحط وجدب،فأصابها الرخاء وازدهرت حياتها بعد ذلك. ومن المعروف أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقبل في ذلك الزمان أي ثدي من المرضعات إلاّ ثدي حليمة.




فترة طفولته (صلى الله عليه وآله وسلم)



استقر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في قبيلة«بني سعد» خمسة أعوام زارته أُمّه خلالها ثلاث مرّات، وقامت حليمة برعاية شوَونه خير قيام،وبالغت في كفالته والعناية به، كما حافظ فيها (صلى الله عليه وآله وسلم) على فصاحته و بلاغته، وعندما رجع إلى أُمّه(عليها السلام) فكّرت بزيارة المدينة وقبر زوجها عبداللّه، ورافقتهم «أُمّ أيمن» حيث أمضوا هناك شهراً، رأى فيه النبيّ «صلى الله عليه وآله وسلم» بيت أبيه الذي توفّي فيه ودفن. إلاّ أنّ أُمّه العزيزة توفّيت أيضاً في الطريق إلى مكة بمنطقة الاَبواء ممّا دفع الجميع إلى إظهار المحبة له والعناية به، خاصةًجدّه «عبد المطلب» الذي أحبه أكثر من أولاده.
كان أبو طالب أخاً لوالد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أُم ّواحدة، وقد تقبّل كفالة النبي الكريم وتحمّل المسوَولية بفخر واعتزاز.
وفي العاشرة من عمره، شارك النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عمّه في إحدى الحروب التي وقعت في الاَشهر الحرم فسمّيت بحرب الفجار.
ورافق عمّه في سفره إلى الشام وهو في ربيعه الثاني عشر، شاهد فيها «مدين، ووادي القرى، وديار ثمود»، واطّلع على مشاهد الشام وطبيعتها الجميلة.



فترة شبـــــــــــــابه



كانت آثار الشجاعة والقوة باديةً على جبينه (صلى الله عليه وآله وسلم) منذ طفولته وصباه، ففي الخامسة عشرة من عمره قيل انّه شارك في حرب الفجّار بين قريش و هوازن، وهي حرب الفجّار الرابعة التي استمرّت أربع سنوات، كان يناول فيها أعمامه النبال. وتكشف مشاركته في تلك العمليات العسكرية وهو في تلك السن، عن شجاعته وقدرته الروحية الكبرى، ولهذا كان المسلمون ـ فيما بعد ـ يحتمون بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند اشتداد المعركة.




فترة عمـــــــــــــله



أمضى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) شطراً من حياته قبل البعثة، في رعي الغنم في الصحارى، لعلّه ليصبح بذلك صبوراً في تربية الناس الذين سيُكلف بقيادتهم وهدايتهم، ويستسهل كلّ صعب في هذا المجال. إذ كان لابدّ أن يتسلّح بسلاح الصبر، ويتجهّز بأداة التحمّل، ويتزوّد بقدرة الاستقامة على طريق الهدف، وذلك حتى يمكنه إدارة البشر في المستقبل. إذ أنّ ذلك لا يكون إلاّ بتعويد النفس على هذه الصفات وحملها على مشاق الاِعمال. كما أنّ عمله في الصحراء والجبال، ساعده في التخلّص بعض الشيء من آلامه الروحية الناشئة من روَية الاَوضاع المزرية والاَحوال المشينة التي كان عليها أهل مكة وما كانوا فيه من عادات سيئة وظلم وانحراف وطغيان. كما أنّعمله في تلك البقاع، أعطاه فرصة طيبة للنظر في خلق السموات والتطلع في النجوم والكواكب وأحوالها، ثمّ الاِمعان في الآيات الدالة على وجود اللّه سبحانه و تعالى، وقدرته و حكمته وعلمه وإرادته.
فبالرغم من أنّ قلوب الاَنبياء تكون منورة بمصابيح المعرفة، ومضاءة بأنوار الاِيمان والتوحيد، إلاّأنّهم لا يرون أنفسهم في غنى عن النظر في عالم الخلق والتفكّر في الآيات الاِلهية، إذ أنّه من خلال هذا الطريق يصلون إلى أعلى مراتب الاِيمان،ويبلغون أسمى درجات اليقين،وبالتالي يتمكّنون من الوقوف على ملكوت السماوات والاَرضين.
وبعد هذا العمل الصحراويّ الجبلي، تعاطى (صلى الله عليه وآله وسلم) العمل التجاري، باقتراح من عمّه أبي طالب، الذي أرشده بالتوجه للعمل في تجارة السيدة «خديجة بنت خويلد» التي كانت تعمل بالتجارة الواسعة، فأصبحت غنيةً ذات مال كثير وذات شرف عظيم، استخدمت الرجال في إدارة أعمالها الكثيرة. فقال أبو طالب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : «يابن أخي، هذه خديجة بنت خويلد قد انتفع بمالها أكثر الناس، وهي تبحث عن رجل أمين،فلو جئتها فعرضتَ نفسك عليها لاَسرعتْ إليك،وفضّلتك على غيرك، لما يبلغها عنك من طهارتك».
إلاّ أنّ إباء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلوّ طبعه منعاه من الاِقدام بنفسه على ذلك فردَّ عليه :«فلعلّها أن ترسل إليّفي ذلك» لاَنّها تعرف أنّه المعروف بالاَمين بين الناس. وقد حدث ماأراده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد بعثت إليه قائلةً:«إنّي دعاني إلى البعثة إليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك وكرم أخلاقك،وأنا أعطيك ضعف ما أعطي رجلاً من قومك، وأبعث معك غلامين يأتمران بأمرك في السفر».
ولمّا علم عمّه أبو طالب بذلك قال له: «إنّ هذا رزق ساقه اللّه إليك».
وهكذا تمّ الاتفاق على أن يقوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالعمل في أموالها وتجارتها على نحو المضاربة لا الاِجارة، فقد ذكر «اليعقوبي»: إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كان أجيراً لاَحد قط.
ولذا فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حصل على أرباح وفيرَة من أوّل تجارته إلى الشام. ولما مرّ في الطريق على ديار عاد وثمود، تذكر سفره الاَوّل مع عمّه إلى تلك المناطق. وعند وصولهم إلى مكّة، قال «ميسرة» غلام السيدة خديجة: يا محمّد لقد ربحنا في هذه السفرة ببركتك ما لم نربح في أربعين سنة، فاستقبلْ بخديجة وأبشرها بربحنا. فأسرع النبي ص وسبق القافلة متوجهاً نحو بيت خديجة، التي استقبلته بحفاوة كبيرة، وسرّت بحديثه وأخباره عن رحلته ومكاسبه التجارية. ثمّ إنّ «ميسرة» أخبرها بكل ّما حدث وحصل لهم في السفر، منذ خروجهم ودخولهم إلى البلاد، وخاصةً ما جرى، بين النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» وأحد التجّار الذي جادله في البيع طالباً منه أن يحلف باللات والعزّى، فرد عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) : ماحلفت بهما قط، وإنّي لاَمرُّ فأعرض عنهما. كما أخبرها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما استراح في ظلّ شجرة عندما كانوا في بصرى، فشاهده راهب فقال: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلاّ نبي.ولما سأل عن اسمه من ميسرة فقال: هو نبيّ وهو آخر الاَنبياء، إنّه هو هو ومنزِّلُ الاِنجيل،وقد قرأتُ عنهُ بشائر كثيرة.
وقد سلّم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّ ما ربحه واستلمه من مال إلى عمّه أبي طالب، ليوسّع به على أهله، ممّا جعله فرِحاً مسروراً بما قام به ابن أخيه تجاهه.



زواجه (صلى الله عليه وآله وسلم)



في هذا الوقت، فكّر (صلى الله عليه وآله وسلم) جدياً في أن يتّخذ شريكة لحياته ويكوّن أُسرة، فكيف وقع اختياره على السيدة خديجة التي رفضت كلّ مَن تقدّم إليها من كبار الشخصيات القرشية، أمثال: عقبة بن أبي معيط، وأبي جهل، وأبي سفيان؟ وكيف أدّى الارتباط بينهما والعلاقة العميقة و الاَُلفة والمحبة، إلى درجة أنّها وهبت كلّ ثروتها للنبيحتى ينفقها في نشر الاِسلام؟
كانت السيدة خديجة من خيرة نساء قريش شرفاً وأقواهن عقلاً وأكثرهن فهماً، وقد قيل لها: سيدة قريش، وسمّيت الطاهرة لشدة عفافها، وذلك في أيّام الجاهلية.
وحين رفضت الزواج من سادة القوم قَبِلت بسيد البشر لما عرفت عنه من كرم الاَخلاق، وشرف النفس، والسجايا الكريمة، والصفات العالية. وهي المرأة الثرية التي وإن عاشت في الترف وأفضل العيش، إلاّ أنّها أصبحت في بيت زوجها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الزوجة المطيعة الخاضعة الوفية المخلصة، و سارعت إلى قبول دعوته واعتناق دينه بوعي وبصيرةٍ، مع علمها بما ينطوي ذلك على مخاطر ومتاعب. ثمّ جعلت كلَّ ثروتها ومالها في خدمة العقيدة والمبدأ، مشاطرة زوجها بذلك آلامَه ومتاعبَه ، وراضية بمرارة الحصار في شعب أبي طالب ثلاث سنوات، وهي في سن الرابعة والستين.
وقد بلغ من خضوعها للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وحبها له، أنّها بعد أن تم الزواج بينهما قالت له: إلى بيتك، فبيتي بيتك وأنا جاريتك.
ويوَكد الموَرّخون أنّها هي التي اقترحت على النبي الزواج، وكما يعتقد أكثر الموَرّّخين، أنّ «نفيسة بنت عليّة» بلّغت رسالتها إلى النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» الذي تقبّل عرضها، فأخبرت السيدة خديجة بذلك، فأرسلت بوكيلها «عمرو بن أسد» لتحديد ساعة مراسم الخطبة في محضر الاَقارب.
فشاور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعمامه وعلى رأسهم «أبو طالب»الذي خطب في القوم يمدح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويطلب الزواج له من السيدة خديجة قائلاً: «وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة، والصداق ما سألتم عاجله وآجله من مالي، ومحمّد من قد عرفتم قرابتَه».
ثمّ أجرى عقد النكاح، ومهرها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 400 دينار، وقيل أصدقها عشرين بكرة.
وكان عمرها في هذا الوقت أربعين عاماً، إذ أنّها وُلدت قبل عام الفيل بخمسة عشر عاماً، كما جاء عنها أنّها تزوجت قبل النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» برجلين، أوّلهما: «عتيق ابن عائذ»، ثمّ بعده: «أبو هالة التميمي». وقد توفي كلٌّ منهما بعد زواجه منها.
وقد تميّزت السيدة خديجة من نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه لم يتزوّج عليها مدّة حياتها، وبلغت لديه مالم تبلغه امرأة قطّ من زوجاته. وممّا يدل على سموّ مقامها وعلو ّمنزلتها، أنّ أهل البيت «عليهم السلام» طالماً افتخروا بأن ّخديجة منهم، وإنّهم من خديجة، فكانوا يعتزون بها ويشيدون بمكانتها. فالسيدة خديجة (عليها السلام) هي مثال الشرف والعقل، والحبّ العميق للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والوفاء والاِخلاص، والتضحية بالغالي والنفيس في سبيل الاِسلام الحنيف، فهي أوّل من آمنت باللّه ورسوله،وصدقت محمّداً «صلى الله عليه وآله وسلم» وآزرته، فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يسمع من المشركين شيئاً يكرهه، من إيذاء وتكذيب، إلاّ وفرّج اللّه عنه بخديجة التي خفّفت عنه، بلطفها وعطفها وعنايتها به في غاية الإخلاص والود.
لقد اكتسبت السيدة خديجة بفضل إيمانها العميق بالرسالة المحمّدية، وتفانيها في سبيل الاِسلام، وحرصها العجيب على حياة صاحب الرسالة، مكانةً ساميةً في الاِسلام، حتى أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذَكَرَها في أحاديثه الكثيرة، وأشاد بفضلها ومكانتها وشرفها، وذلك لاِلفات نظر المرأة المسلمة إلى القدوة التي ينبغي أن تقتدي بها في حياتها وسلوكها في جميع المجالات والحالات، بالاِضافة إلى ما يمكن أن تقدمه المرأة ـ و هي نصف المجتمع ـ من دعم جدّىٍّ للرسالة، مادياً كان أم معنوياً.
ومن أشهر الاَحاديث التي نُقلت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال عنها:«أتاني جبرائيل (عليه السلام) فقال يا رسول اللّه، إذا أتتك خديجة فاقرأ عليها السلام من ربها ومنّي، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نصب».
وقال عنها (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لا واللّه ما أبدلني اللّه خيراً منها، آمنَت بي إذ كفر الناس، وصدّقتني إذ كذبني الناس، وواسَتْني في مالها إذ حَرمني الناس، ورزقني اللّه منها أولاداً إذ حرَمَني أولاد النساء».
كما روى أنس بن مالك، أن ّالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتى بهدية قال:« اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنّها كانت صديقة لخديجة، إنّها كانت تحبّ خديجة».
كما قال عنها الاِمام علي (عليه السلام) : «كنتُ أوّل من أسلم، فمكثنا بذلك ثلاث حِجَج وما على الاَرض خلق يصلّي ويشهد لرسول اللّه «صلى الله عليه وآله وسلم» بما أتاه، غيري، وغير ابنة خويلد رحمها اللّه، وقد فَعَلَ».
وقد تحدّث عنها أيضاً الكثير من الشخصيات الاِسلامية المتقدمة والمتأخرة، فقد ذكر عنها «محمد بن إسحاق»: «إنّ خديجة بنت خويلد وأبا طالب، ماتا في عام واحد، فتتابع على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) هلاك خديجة وأبي طالب، وكانت خديجة وزيرة صدق على الاِسلام، وكان رسول اللّه يسكُن إليها».
ولكلّ ذلك، فإنّ وفاتها كانت من أعظم المصائب التي أحزنت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ممّا دفعه أن يسمّي العام الذي توفّي فيه ناصراه وحامياه ورفيقا آلامه ـ: زوجته خديجة، وعمّه الموَمن الصامد أبو طالب ـ بعام الحداد أو عام الحزن . فينزل عند دفنها في حفرتها، ويُدخلُها القبر بيده في الحجون، فيلزم بيته و يقل الخروج.




أولاد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)



لقد أنجبت خديجة لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ستة من الاَولاد، اثنين من الذكور، أكبرهما القاسم وعبداللّه، وأربعة من الاِناث. وذكر ابن هاشم، انّ أكبر بناته: رقية ثم ّزينب ثمّ أُم كلثوم ، ثم ّفاطمة، وكلّهن أدركنَ الاِسلام، أمّا الذكور فقد ماتوا قبل البعثة.
وفاة ابنه إبراهيم
و بعد 18 شهراً من ولادته، توفّي إبراهيم ابن النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» فحزن عليه. و كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد فَقَد خلال السنوات الماضية، ثلاثة من أولاده: القاسم و الطاهر والطيّب. وثلاثة من بناته: زينب ورقية و أُمّ كلثوم. وبقيت له بنت واحدة هي السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) من خديجة (عليها السلام) .
واعتبر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الحزنَ على الميت رحمةً إذ قال: «إنّما هذا رحمة، ومن لا يرحم لا يُرحَم،ولكن نُهيت عن خمش الوجوه، وشقّ الجيوب، ورنّة الشيطان».


تبنّي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لزيد بن حارثة:


كان ممّن سباه العرب من حدود الشام وباعوه في أسواق مكة رقيقاً لاَحد أقرباء السيدة خديجة ويدعى حكيم بن حزام. وقد أحبه النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» لذكائه وطهره،فوهبته خديجة له، حينما تزوّجت به «صلى الله عليه وآله وسلم» ، إلاّ أنّ أباه حارثة الذي كان يبحث عنه لقيه عند النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» فطلبه منه، الاَمر الذي جعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخيّره بين المقام معه (صلى الله عليه وآله وسلم) والرحيل إلى وطنه، فاختار المقام مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أخرجه إلى الحجر الاَسود وأعتقه ثمّ تبناه أمام الملاَ قائلاً: «يامن حضر اشهدوا أن ّزيداً ابني».




بعثة الرسول الاعظم




في السابع والعشرين من شهر رجب، وكان (ص) كعهده دائماً مشغولاً بعبادته في الغار، وإذا بجبرائيل - ملاك الرحمان - يظهر أمامه، وما إن تطلع إليه حتى بادره قائلاً: (اقرأ). لكنّ محمداً الكريم والذي لم يكن قد تلقّى أيّ تعليمٍ، وهو لا يحسن القراءة أو الكتابة، أجاب متعجّباً: وماذا أقرأ؟ فأنا لا أحسن القراءة قال جبرائيل مكرّراً أمره: «اقرأ» لكنّه وللمرة الثانية سمع الرد نفسه، وحين كرر قوله للمرة الثالثة، أحسّ محمد (ص) أنّ باستطاعته أن يقرأ.(اقرأ باسم ربّك الذي خلق). وهكذا اختار الله سبحانه محمداً (ص) للنبوّة، وهو في سن الأربعين، وكلّفه بأن يقوم بهداية الناس، وإخراجهم من الظلمات والشرك والجهل الذي هم فيه، إلى رحاب العلم ونور الإيمان، وأن يرشدهم إلى طريق السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.
(وما أرسلناك إلاّ رحمةً للعالمين) (الأنبياء – 10) نزل الرسول (ص) من الجبل مضطرباً وتوجّه إلى بيته، وهناك كانت أوّل امرأة آمنت به، وهي زوجته خديجة، وأوّل رجلٍ مد يده إليه بالبيعة، ابن عمه الفتى علي بن أبي طالب، الذي تربّى في بيت الرسول (ص) منذ نعومة أظفاره.


وأنذر عشيرتك الأقربين


كان النبي (ص) حين يقوم للصلاة، يقف عليّ (ع) عن يمينه وتقف خديجة من ورائه، واستمر الأمر كذلك، حتى أمر أبوطالبٍ ولده جعفر باتّباع الرسول (ص). ثم نزل إليه أمر الله تعالى، بأن يقوم بدعوة أهله وعشيرته الأقربين إلى الإسلام (وأنذر عشيرتك الأقربين) (الشعراء - 214).

فدعا (ص) إلى بيته ما يزيد على أربعين فرداً من بني هاشمٍ، وبعد أن تناولوا الطعام، وقف بينهم، وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابّاً في العرب، جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟
ومن بين الحضور جميعهم، وقف عليّ (ع) وهو ما يزال ابن عشر سنواتٍ، وأعلن استعداده لمؤازرة الرسول (ص). كرّر الرسول (ص) قوله ثلاث مراتٍ، وكان الوحيد الذي استجاب له في المرّات الثلاث هو عليّ(
بقي الرسول (ص) يدعو إلى الإسلام سرّاً، لمدّة ثلاث سنوات، واستجاب لدعوة الإيمان عدد قليل من الناس.



محاربته للشرك :



في تلك الأيّام، كان الناس يفدون إلى مكّة من بلادٍ وأماكن بعيدةٍ للحج، وكانوا يحضرون معهم بضائع يحتاجها أهل مكة، فيتّجرون بها معهم، وكان هذا العمل مصدر ربح وفير يجنيه أثرياء مكة ، والربح هو همهم ومحورتفكيرهم.
كان الرسول (ص) يدعو الناس إلى ترك العادات السيئة، كالزنا وشرب الخمر ووأد البنات وقتلهم، وأكل مال اليتيم وأكل الميتة وشهادة الزور، وغير ذلك من الفواحش. وكان يدعوهم بالمقابل إلى الأمر بالمعروف والإحسان إلى الأرامل واليتامى والمساكين، وصلة الرحم وحسن الجوار.
وكان (ص) يجلس إلى أولئك الزوار القادمين من بعيد، ويتحدّث إليهم، وينصحهم بترك عبادة الأصنام، التي صنعها الكفّار بأيديهم من الخشب والحجارة، ونصبوها في المسجد الحرام فوق الكعبة، ينصحهم بترك عبادتها لأنّها لا تنفعهم ولا تضرّهم. وأن يتّجهوا بالعبادة إلى الإله الواحد، خالق كلّ شيءٍ.
كان أثرياء مكّة يتساءلون: ماذا لو استمع الناس إلى محمد وتركوا عبادة الأصنام، إذن لا نقطع قدومهم إلى مكة، وانقطع معهم مورد رزقنا ومصدر أرباحنا، لذلك شرعوا في إعلان الخصام الشديد لمحمد (ص) ولتابعيه من المسلمين الأوائل، ورغم ذلك فقد كان عدد المؤمنين يزداد يوماً عن يوم، كما كانت معاملة قريش له ولأصحابه، تزداد قسوةً ووحشيةً. وكان مشركو قريش ينزلون بالمسلمين الأذى والضرر، ويوجّهون لهم السباب والشتائم، كي يمنعوا انتشار الإسلام بين الناس، غير أنّهم لم يجرؤوا على توجيه الأذى لجميع المسلمين، لأنهم ينتسبون الى قبائل عديدة، تحسب قريش حسابها، وأمام عجزهم ذاك، فقد توجّه نفر من أعيانهم إلى بيت أبي طالب، عمّ الرسول وحاميه، وسيد بني هاشم، وشكوا إليه أمرهم مع محمد قائلين:
يا أبا طالب إنّ ابن أخيك محمداً قد عاب آلهتنا، وسفه أحلامنا وسخر من عقائدنا، واتّهم آباءنا بالضلال، ونحن على استعداد لكي نقدم إليه كل ما يطلب، لو ترك هذا الأمر، فإمّا أن تمنعه أنت، وإمّا أن تسلمه إلينا فنرى فيه رأينا.
قال أبوطالب: سأتحدث إليه في هذا الأمر. وعند ما نقل أبوطالب أقوال قريش إلى النبي (ص) أجابه: «والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي، على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه». فلمّا سمع أبوطالب مقالة النبي (ص) وردّه على العرض الذي تقدمت به قريش، أخذ يده بقوة وحرارة قائلاً: وأنا أيضاً أقسم بالله، أنّي لن أرفع يدي عنك، فسر في طريقك.
رأى كبار قريش أن يلجأوا إلى الخديعة والمكر، بعد أن رأوا فشل تخطيطهم، فقالوا له: يا أبا طالب، إنّ محمداً قد شتت جموعنا وسخر منا ومن أصنامنا التي نحن لها عابدون، حتى أغرى بنا غلماننا، وشجّعهم على العصيان والتمرد، ونحن لا نرى تفسيراً لسلوكه ولا ندري ما هو غرضه. فإن كان فقيراً أغنيناه، وإن كان يريد الملك والجاه، أمرناه علينا وله منا الطاعة، وكل ما نطلبه منه، هو أن يتخلّى عن هذه الدعوة ويتركنا لحالنا وأمورنا. لكنّ الرسول (ص) نظر إلى عمّه وقال: يا عمّاه، أنا لا أريد من هؤلاء الناس شيئاً ولا أطلب منهم إلا أن يؤمنوا بالله الواحد العظيم، ويتركوا معبوداتهم وأصنامهم الحقيرة تلك، فإنّها لا تغني عنهم شيئاً. سمع رجال قريش جواب الرسول (ص) فامتلأوا غضباً وغيظاً وخرجوا وقد صمّموا على أن يستعملوا معه الشدّة والقسوة منذ ذلك اليوم.
عقب هذه الحادثة، ضاعفت قريش من إيذائها للرسول، وتعذيبها لأصحابه، حتى أن بعض أقارب النبي (ص)، كأبي لهب، غدوا من أعدى أعدائه. فكانوا يرمونه بالأقذار، ويسخرون منه ويوجّهون إليه السباب على مرأى من الناس، حتى أنّهم اتّهموه بالخبل والجنون. لكنّهم كانوا عبثاً يحاولون، فلم يفوزوا من أفعالهم هذه بطائل، وكم كانوا يتمنون لو يقتلوه ويتخلّصوا منه، لو لا خوفهم من عزيمة أبي طالب، وسيف حمزة، وانتقام بني هاشم. وكم من مرّة رسموا خططاً لقتله، لكنهم كلما حاولوا تنفيذ خططهم الشريرة، كان الله سبحانه لهم بالمرصاد، فأبطل أعمالهم وسفّه أحلامهم.
كان نصيب بعض المسلمين من الأذى قليلاً، لأنّهم ينتمون إلى قبائل كبيرةٍ ومشهورة، وكان المشركون يخافون من قبائلهم تلك، لكنّ أكثر أتباع الدين الإسلامي، كانوا من الفقراء المستضعفين، أو من العبيد الأرقّاء، فكان الأذى الذي ينزل بهم أقوى وأشدّ، كبلال الحبشيّ، وكان عبداً أسود البشرة، فقد طرحه سيّده فوق الأحجار الملتهبة تحت شمس مكة الحارقة، كما طرحت فوق صدره صخور كبيرة الحجم، وترك ساعات يعاني من العذاب والحرّ، والجوع والعطش، كانوا يطلبون منه الابتعاد عن محمد ودعوته. لكن جواب بلال لهم كان قوله . . أحد، أحد، الله واحد. فما كان من المشركين أخيراً إلاّ أن ربطوه بحبل. وصاروا يجرونه في أزقّة مكة، فوق الأحجار والرّمال، لكنّ بلالاً كان مسلماً حقّاً، ولم تكن شدّة العذاب إلا لتزيده قوّةً وإيماناً.
أحس مشركو قريش أن خططهم لم تصل إلى نتيجةٍ، ورأوا الخطر يزداد عليهم بازدياد انتشار الإسلام، فلجأوا إلى تدبير خسيس، بعيد عن الإنسانية، وقرّروا مقاطعة المسلمين، وفرض الحصار الاقتصادي عليهم،
وأصدروا وثيقةً تتضمّن أربع نقاطٍ للمقاطعة:
- منع الشّراء والمبيع من المسلمين.
- مناصرة خصوم محمدٍ، والالتزام بها، واجب في جميع النزاعات.
- لا حقّ لأحد في الزواج من المسلمين أو تزويجهم.
- يمنع أيّ شكل من أشكال التعامل أو العلاقة مع المسلمين.

وعلّقوا صحيفة المقاطعة هذه على الكعبة وامتدت مقاطعة قريش لبني هاشم ثلاث سنوات، كانت من أشدّ الفترات قسوةً على المسلمين،بعد مقاطعةٍ دامت ثلاث سنواتٍ دون طائلٍ، وحين ثبت لقريش أنّ الحصار الاقتصادي بدوره لم يأت بنتيجةٍ، ولم يفت من عزيمة المسلمين، بل زادهم إيماناً، ندم بعض القرشييّن على ما أقدم عليه ومهم، وبدأوا شيئاً فشيئاً يخفّفون الحصار، حتى انتهى الأمر بأن أصبح المسلمون أحراراً في المجيء إلى مكة. واستطاعوا أن يعودوا ثانية إلى بيوتهم، وكان ذلك بمعجزة من الله تعالى، إذ بعث الأرضة (وهي حشرة صغيرة تقرض الأخشاب وغيرها) إلى صحيفة المقاطعة، فأكلت كلّ ماكتب فيها من كلمات الظلم والمقاطعة، وأبقت على غيرها من الكلمات، فلمّا رأى الناس ذلك، عرفوا أنّ الله سبحانه لا يقبل بهذه المقاطعة، فمزّقوا الصحيفة وأسلم عدد كبير منهم بعد زمن قصير فارق أبوطالب عمّ الرسول (ص)، وخديجة زوجته الحياة، واحداً إثر الآخر، فكان لفقدهما أسوأ الوقع والأثر على الرسول (ص)، وهما ظهيراه وناصراه، واشتدّت بعد موتهما ضغوط قريش على المسلمين، وبخاصّة على رسول الله (ص). فأمر المسلمين أن يهاجر من يريد الهجرة منهم إلى الحبشة.
ثم لقد كانت هجرة الرسول (ص) إلى المدينة المنوّرة، ذات أثر كبيرٍ وأهميّة فائقة، حتى اعتبرت سنة الهجرة بداية للتاريخ الإسلامي،



فتـــــــــــح مكة



في السنة الثامنة للهجرة، نشب قتال بين المسلمين وجيش الروم، فخسر المسلمون المعركة واضطرّوا للتراجع. وحين علمت قريش بانكسار جيش المسلمين، سوّلت لهم أحلامهم أنّ قوّة المسلمين قد ضعفت، وأنّ القضاء عليهم أصبح سهلاً، فنقضوا لذلك عهدهم، وهاجموا قبيلةً من القبائل الموالية للمسلمين، ووقع أفرادها في أيديهم بين قتيل وأسير، بينما استطاع البعض النجاة بالفرار، ونقلوا خبر الهجوم إلى رسول الله (ص) انزعج الرسول لنقض قريش عهدها. وتعهّد لهم بتأديب عبدة الأصنام المارقين. عمّ القلق قريشاً لقرار الرسول (ص) وفوّضت جماعةً، بالتوسط معه على تجديد العهد السابق، لكنّ رجاءهم هذا قد رفض، وعاد رسلهم من مسعاهم خائبين. وفي الوقت الذي رآه الرسول (ص) ملائماً لخططه، أعلن التّعبئة العامة في المدينة، وأمر بأن توضع كافّة مداخلها ومخارجها تحت المراقبة، وأن تضبط تحرّكات الناس بشدةٍ، كي يحول دون وصول أنباء التعبئة إلى قريشٍ. وكان (ص) يدرك أنّه إن وفّق المسلمون في فتح مكّة، وإرغام العدوّ على نزع سلاحه، فإنّ كثيراً من أعداء اليوم، يصبحون مسلمين غداً بتأثير تعاليم الإسلام السّمحة، ولتحقيق ذلك يجب إنجاز هذا العمل الكبير دون إراقة دماء.
وفي العاشر من شهر رمضان المبارك. من السنة الثامنة للهجرة، أصدر الرسول (ص) أوامره بالتحرّك، ووصل جند الإسلام إلى مكانٍ قريبٍ من مكة ليلاً، فأقاموا معسكرهم هناك، وأمر الرسول بنيران كثيرةٍ فأضرمت، وكان أبوسفيان وعدد من مرافقيه خارج مكة، وإذا به يفاجأ بالنيران تشعّ قرب مكّة، فأخذه العجب والحيرة، وتسمّر في مكانه مندهشاً من كثرتها. تصادف في هذا الوقت مرور العباس عم الرسول (ص) من هذا المكان، فرأى أبا سفيان وناداه قائلاً: أي أبا سفيان أتدهشك هذه النيران؟ إنّها لجيش محمد (ص)، وقد أقاموا ينتظرون الصّباح ليدخلوا مكة، ولن يكون في طاقة أحدٍ صدّهم عمّا اعتزموا.
ارتجف أبوسفيان لدى سماعه أقوال العباس، وراح يرجوه أن يأخذه معه إلى الرسول، ناسياً صلفه وكبرياءه.
وبحضرة الرسول الأعظم (ص) تظاهر أبوسفيان بالإيمان، وأعلن إسلامه، متأثّراً ممّا رآه من قوّة واقتدار جيش المسلمين. في حين رأى الرسول الكريم (ص) في استسلام أبي سفيان دون إراقة الدماء، خير خاتمة تحمل من الفوائد الكثير. وأصدر قراره قائلاً: أعلن عن لساني لأهل مكة، أنّ كلّ من دخل المسجد الحرام، أو دخل بيته وأغلق بابه، أو لجأ إلى بيت أبي سفيان، فهو آمن.
عاد أبوسفيان إلى مكة، ونقل إلى الناس فيها كل ما رأى وسمع وهو يرتجف، فتسارع الناس إلى الهرب دون تفكير، ولجأ كلّ منهم إلى ملجأٍ. وبنداء الله أكبر، دخل جيش المسلمين الظافر مكة، واتجهوا شطر البيت الحرام، وتقدّم الرسول (ص): على ناقته، تحفّ به جموع المسلمين من كلّ جانب، لأداء طوافه حول بيت الله. ولما لاحظ أهل مكّة أنّ الرسول (ص) لا يلتفت إليهم، شرعوا يخرجون من بيوتهم بحذرٍ، ويتجمعون قرب المسجد الحرام، وبعد أن انتهى (ص) من تحطيم الأصنام، وقف عند باب الكعبة المشرّفة، وبعد أن حمد الله وشكره على فضله تلا بعضاً من آيات القرآن الكريم، ثم التفت إلى عبدة الأصنام قائلاً: «ما تظنون أني فاعل بكم»؟ قالوا بصوت تخنقه العبرات ويغلب عليه الضعف «أخ كريم وابن أخٍ كريم»، لقد أسأنا إليك كثيراً يا محمد، ولم نر منك إلاّ الخير، فأنت أخ كريم عطوف، ونطلب منك العفو والغفران.
قال النبي (ص): إنكم لم تعاملوني بالحسنى، كما يعامل المرء ابن بلده، لقد اتّهمتموني بالكذب والجنون، وأخرجتموني من داري وبلدي، ووقفتم منّي موقف الحرب والخصومة.



بعد فتــــــــــــح مكة :




أصبح الإسلام قوّةً كبيرةً، وحان وقت غروب شمس الطغيان، ومع انتشار الإسلام في الجزيرة العربية، وانتصارات المسلمين المتوالية في اليمن وحنين وغيرهما، خيّم القلق على قوى الاستكبار، وكان الفرس والرّومان في تلك الأيام، أكبر دولتين على وجه الأرض، وتحت تصرّف كلّ منهما قوة نظاميّة كبيرة. كان الروم قد انتصروا حديثاً على الفرس، وغدوا أكثر إحساساً بقوّتهم وجبروتهم، وإذا بهم يفاجؤون بقوّة أخرى تقف في وجوههم و تتحّداهم، ألا وهي قوّة الإسلام
في السنة العاشرة للهجرة، أتى أمر الله تعالى إلى رسوله (ص) بأن يذهب للحجّ هذا العام، ويعلن ذلك لسائر المسلمين. واستجابةً لدعوته (ص) تحرّك الآلاف من كل فجٍّ، متّجهين نحو مكّة، ليؤدّوا مناسك الحجّ بصحبة رسول الله (ص). وكانت مناسك الحج لهذا العام قد بلغت الغاية في الجلال، ولما انتهت وعزم الناس على التوجّه إلى مواطنهم، وقبل أن يتفرّقوا كل إلى وجهته، أمر الرسول (ص) الناس بالتوقّف في مكان يدعى «غدير غم»، ثم اعتلى مكاناً عالياً هيّئ له. وشرع يتحدث إليهم بأعلى صوته بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه بقوله: أيّها الناس، لقد دعيت وسألبّي قريباً. ونزولاً عند أمر الله سبحانه أوصيكم فاستمعوا، أيّها الناس إني راحل من بينكم، وتارك لكم وديعتين ثمينتين، إحداهما القرآن كتاب الله، والثانية أهل بيتي، واعلموا أنّهما لن يفترقا حتى يوم الدين. ثم أخذ بيد عليٍّ بن أبي طالب (ع) ورفعها قائلاً: «من كنت موالاه فهذا عليّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.





مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)



وبعد يوم من إعداد الجيش ، مَرِض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بصداع شديد تركه طريحَ الفراش، وهو المرض الذي قضى فيه «صلى الله عليه وآله وسلم» .وقد علم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّهناك من تخلّف عن الجيش، ومن يعرقل التوجه إلى موقعه، ومن يطعن في قيادة أُسامة، فغضب لذلك بشدّة وخرج معصّباً جبهته إلى مسجده، يحذرهم من عواقب أعمالهم غير السليمة وخاطبهم بقوله:
«لئن طَعنتم في إمارتي لاَُسامة، فقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وأيمُ اللّه كان للاِمارة خليقاً، وأنّ ابنه من بعده لخليق للاِمارة، وإنَّه كان لمن أحبّ الناس إليّ، واستوصُوا به خيراً فإنّه من خياركم».
ونظراً لاَهمية هذا الجيش، فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول و هو في الفراش: «جهّزوا جيش أُسامة، لَعَنَ اللّهُ من تخلّف عنه».
وفي الوقت الذي استعدّ فيه أُسامة وآخرون من المهاجرين والاَنصار للسير نحو الجرف، انتشر بينهم خبرُ تدهورِ صحّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ممّاجعلهم يعدلون عن قصدهم حتى يوم الاِثنين، إلاّ أنّه «صلى الله عليه وآله وسلم» حثّه على الخروج قائلاً: «اغدُ على بركة اللّه». فتهيّأ الجيشُ للتحرّك والمغادرة، إلاّ أنّ خبر احتضارالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جعلهم يعودون إلى المدينة متجاهلين أوامرَ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
وقد ذكر الموَرخون أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج في الليلة التي توفّي في صبيحتها، مع الاِمام علي (عليه السلام) إلى البقيع مع عدد آخر، فقال لهم: «إنّي أمرت أن استغفر لاَهل البقيع»، و عندما وصل إلى المكان سلّم على أهل القبور قائلاً:
«السّلامُ عليكم أهل القبور، ليهنئكم ما أصبحتم فيه ممّا أصبح الناس فيه، أقبَلَت الفتن كقِطَع اللّيل المظلم يتبع بعضها بعضاً، يتبع آخرها أوّلها». ثمّ التفت إلى الاِمام علي (عليه السلام) و قال:
«يا علي، إنّي خيـّرت بين خزائن الدنيا والخلود فيها أو الجنة، فاخترت لقاء ربّي والجنّة. إنّ جبرائيل كان يعرض عليّ القرآن كل ّسنة مرّة، وقد عرضه عليّ العام مرّتين،ولا أراه إلاّ لحضور أجلي».





الكتاب الذي لم يكتب




قرر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بهدف الحيلولة دون انحراف مسألة الخلافة عن محورها الاَصلي، والحيلولة دون ظهور الاختلاف و الافتراق، أن يعزز مكانة علي (عليه السلام) ويدعم إمارته وخلافته، و أهل بيته، بإثبات ذلك في وثيقة خالدة تضمن بقاء الخلافة في خطها الصحيح.
ففي خلال زيارة بعض الصحابة له أثناء مرضه قال: «إئتوني بدواة وصحيفة، أكتب لكم كتاباً لا تضلّون بعده». فبادر عمر قائلاً: إنّ رسول اللّه قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب اللّه. فكثر اللغَط والنقاش حول إحضار ما طلبه النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» أو عدمه، ممّا أغضب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: «قوموا عنّي لا ينبغي عندي التنازع»، وقال ابن عباس: الرزية كل ّالرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول اللّه.
وقد نَقل هذه الواقعة فريقٌ كبيرٌ من محدّثي الشيعة والسنة وموَرخيهم، وتُعتَبر من الروايات الصحيحة. وإذا سأل أحد عن عدم إصرار النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» على كتابة ذلك الكتاب، فذلك لاَنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أصرّ على موقفه، لاَصرّ هوَلاء في الاِساءة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخاصة أنّهم قالوا عنه، أنّه غلبه الوَجَع أو هجر، ثمّ قيامهم بعد ذلك بإشاعة الاَمر بين الناس.
وقد روى ابن حجر العسقلاني، أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لاَصحابه وقد امتلاَت بهم الحجرة وهو في مرضه: «أيّها الناس يوشك أن أُقبضَ سريعاً فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القولَ معذرةً إليكم، إلاّ أنّي مخلفٌ فيكم كتابَاللّه ربّي عزّوجلّ وعترتي أهل بيتي».
ثمّ أخذ بيد علي (عليه السلام) وقال :«هذا عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ، خليفتان نصيران لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض فاسألهما ماذا خلفت فيهما».
ومن الواضح أن ّالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لفت الاَنظار إلى حديث الثقلين مرّة أُخرى، برغم ما ذكره في مواضع متعدّدة، حتّى يوَكد أهمية الثَّقلين، وتدارك ما فات من كتابة الكتاب الذي لم يوفّق لكتابته.
وفي هذه اللحظات، طلب بعضاً من الدنانير كان قد وضعها عند إحدى زوجاته، وأمر علياً (عليه السلام) ليتصدّق بها.
وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سُقي دواءً خطأً في علاجه،فقد تخيلت «أسماء بنت عميس» أنّ مرضَه ـ ذات الجنب ـ تعلمت علاجه من عقار مركب من نبات وأعشاب من الحبشة، إلاّ أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لما عَلِمَ بالدواء، ذكر بأنّ مرضه ليس ذات الجنب.



اللحظات الاَخيرة



في هذه الفترة الحرجة، كانت السيدة الزهراء(عليها السلام) تلازم فراش والدها (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تفارقه لحظة، وفجأة طلب منها أن تقرب رأسها إلى فمه ليحدّثها، فراح يكلّمها بصوت خفيفٍ لم يُعرَف،ولكن الزهراء(عليها السلام) بكت بشدّة، إلاّ أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أشار إليها مرّة أُخرى فحدّثها بشيء آخر، فرحت به وتبسمت مستبشرة. ولم تكشف عن ذلك إلاّ بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بناء على إصرار عائشة: «أخبرني رسول اللّه ص أنّه قد حضر أجلُه وأنّه يُقبَض في وجعه، فبكيت، ثمّ أخبرني أنّي أوّل أهله لحوقاً به فضحكت».
وفي آخر لحظة من حياته الشريفة طلبَ الاِمام عليّاً (عليه السلام) قائلاً: «أُدعوا لي أخي». فعرف الجميع بأنَّه يريد عليّاً (عليه السلام) فدعَوا له عليّاً، فقال له: «أُدن منّي فدنا منه، فاستند إليه فلم يزل مستنداً إليه يكلّمه».
وسأل رجل ابن عباس: هل توفّي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) في حِجر أحد؟ قال: توفّي وهو مستند إلى صدر علىٍّ،وهو الذي غسَّله وأخي الفضلُ بن عباس.
وقيل إنّ آخر جملة نطق بها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هي:«لا، إلى الرفيق الاَعلى». فكأنّ ملك الموت خيّره عند قبض روحه الشريفة في أن يصح من مرضه أو يلبّي دعوة ربّه، فاختار اللحاق بربّه.
وسأل كعب الاَحبار عن آخر كلمة قالها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال الاِمام علي (عليه السلام) : أنّه قال: الصلاة الصلاة.
وقد ترك الدنيا (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الاِثنين 28 صفر، فَسُجّي ببرد يماني، ووُضع في حجرته بعض الوقت، وارتفعت صرخات العيال، وعلا بكاء الاَقارب، وانتشر نبأ وفاته في كلّ أنحاء المدينة التي تحولت إلى مأتم كبير.
وقام الاِمام علي (عليه السلام) بغسل جسده الشريف وكفّنه، إذ أنّه كان قد ذكر: «يغسّلني أقربُ الناس إليّ». وصلّى عليه مع المسلمين، وتقرر دفنُه في حجرته المباركة. وحفر قبره أبو عبيدة بن الجراح وزيد بن سهل، ودفنه الاِمام علي (عليه السلام) يساعده الفضل بن العباس.
و لمّا فرغ الاِمام (عليه السلام) من غسله (صلى الله عليه وآله وسلم) كشف الاِزار عن وجهه (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال والدموع تنهمر من عينيه: بأبي أنت و أُمّي، طبت َحيّاً وطبتَ ميّتاً، انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ممّن سواك من النبوة والاَنباء. ولولا أنّك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع، لاَنفدنا عليك ماءَ الشوَون، ولكان الداءُ مماطلاً، والكمَدُ محالِفاً وقلاّ لك، ولكنّه ما لا يُملَك ردّه ولا يستطاع دفعه! بأبي أنت و أُمّي أُذكرنا عند ربّك واجعلنا من بالك».
وهكذا غربت شمس أعظم شخصية غيّرت مسار التاريخ البشري بتضحياته الكبرى وجهوده المضنية، وأعظم رسولٍ إلهيٍ فتح أمام الاِنسانية صفحات جديدة ومشرقة من الحضارة والمدنية.
ومن هنا فإنّنا نختم حديثنا هذا بالشكر للّه تعالى على هذه النعمة الكبرى، والحمد للّه رب ّالعالمين.

سيف يام 28-11-10 02:13 PM

من أي كتاب للاسماعيليه جبت كلامك .؟؟؟؟
لاني بفتح الكتاب واقرأ منه سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من دون اختصار




معليش للتدخل يا أهل السنه

وليد الخالدي 28-11-10 02:26 PM

أين المصادر!!

طالبك الأخ الحبيب نصير الفاروق بالأدلة من كتبكم أتعجز عن هذا يا هذا؟!

أعانك الله أخي الحبيب نصير الفاروق على كل باطني


الساعة الآن 11:41 AM.

Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "