عالم دين شيعي يسخر من أيام عاشوراء , ويرى أنها شرك بالله
عبد الكريم آل شمس الدين رسالة إلى قرَّاء العزاء وخطباء عاشوراء * : إيـاكــم... بسم الله الرحمن الرحيم . بسم الله وبالله و { .. الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ . سورة النمل الآية 59 } { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَءِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ . سورة النمل الآية 62} وبعد ، أخي في الله قارىء العزاء ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . قبل أن أبدأ بجوهر الموضوع ، أحب أن أنبه إلى أني بعد حرصي على توحيد الله وحرصي على مضامين كتابه ، تراني ولعلي أشد حرصاً من أي إنسان في الدنيا على إقامة المجالس الحسينية وعلى إحياء ذكرى عاشوراء وما فيها من الوقائع الكربلائية . لأسباب كثيرة قد لا يتسع لها كتاب واحد . من أبرزها قناعتي بأن عاشوراء هي من نعم الله العظمى على الإنسانية جمعاء ، لتتعلم منها رفض الظلم والانفة والعنفوان ودروس البطولة والفداء والتضحيات في سبيل الله ، فتكون بعد التوحيد واللجوء إلى الله والتوكل عليه وحده سبحانه ، من أسرار ثبات المؤمنين المظلومين وانتصاراتهم على جميع أنواع الطواغيت ، فيما تبقى من عمر البشرية وإلى قيام الساعة ، والآن نبدأ بجوهر الموضوع وحسبنا الله ونعم الوكيل : كنت أسعى ـ منذ صباي ـ في العشر الأول من كل محرم ، لأستمع إليكم وإلى أمثالكم ، تدفعني محبة ما زالت تكبر معي، أختزنها للبطولات الرائعة التي أستعرضها بين كتاب أقرأه أو خطيب أسمعه ، ولا سيما بطولة سيد الشهداء الحسين بن علي (ع) وأخيه العباس ، وكذلك بقية أفذاذ الفدائيين الكربلائيين . ولكنني في هذه الأيام ، بعد أن كبرت وعقلت ، وآتاني الله سبحانه من لدنه علماً ، أسعى لسماعكم ويدي على قلبي ، شأني مع أكثر قراء العزاء ، خشية أن يكون القارىء غير خالص لله ، فيكون خطراً أو مرضاً من جملة الأخطار والأمراض و مسببي الدمار لهذه الأمة ، ويرتفع على أكتاف الجهلة، ويرتفع سعيداً ، إنما كلاحس المبرد . ففي هذه الأيام ، أستمع إليكم ، وأنظر إلى الجمهور ، فتبرز أمامي ، وبقوة الواقع ، هذه الصورة الحية : خطيب متخصص بإقامة العزاء ، متعمم أو غير متعمم ، رشيق الحركة ، ساحر الكلمة ، يتحدث بصوت شجي ، عن أغلى وأحب وأهم ما في نفوس وقلوب الجماهير ، ليس هو الله كما هو مفروض ، إنما هو الحسين بن علي وعامة أهل بيت النبوة عليهم السلام . فهم الأحب على الإطلاق ، وذلك بخلاف قول الله عز وجل : { .. وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ .. . سورة البقرة الآية 165} . بل هم قد جاوزوا قوله تبارك وتعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ .. . سورة البقرة الآية 165 } . فسبحانه يقول: { .. يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ .. } وقومنا يحبونهم أكثر مما يحبون الله ، هذا إذا كانوا يحبون الله أو يفكرون بحبه أو يعرفون كيف يحب سبحانه وتعالى عما يشركون . أنا أحب الحسين (ع) حباً عظيماً ، ولكني أحب الله الحب الأعظم . فهل أنتم أيها القراء الأعزاء هكذا ؟ وهل تقولون للناس هذه الضرورة وتنبهونهم إلى هذا الأساس ؟ وأنت أيها المستمع الكريم ، وبشرفك هل تفطن إلى وجوب هذا التفريق بين الحب الأعظم لله سبحانه ، الذي لا إلـٰه إلاَّ هو ، وبين حب الحسين وغير الحسين (ع) ؟ أما من جهة ثانية ، أي بخصوص الجمهور ، فتراه أبداً كأنما هو مشدود إلى ساحر أو إلى إلـٰه صغير ، يتحدث إليهم عن إلـٰه كبير ، عن إلـٰه ليس بشراً كمحمَّد (ص) الذي ركز القرآن على بشريته ، وإنما عن إلـٰه نوراني ، غدوا لا يستطيعون أن يقلدوه في بطولته ولا في فدائه ، ولا في حبه لربه ، ولا في جهاده في سبيل الله سبحانه . فكان الذي ارتسم في أذهانهم وتربيتهم هو خلاف المطلوب ، والمطلوب ، هو العمل بقول الله عز وجل : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ .. . سورة الكهف الآية 110 } قل يا محمَّد، وطبعاً يا آل بيت محمَّد ، صلوات الله عليهم . ثم قوله سبحانه : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ .. . سورة آل عمران الآية 31 } يعني من البديهيات أن يكون حبكم الأعظم هو لله عز وجل ـ ومع ذلك ، أي مع كونكم تحبون الله ، فليس بالضرورة أن يحبكم الله ، فلكي يحبكم سبحانه ، فاتبعوا محمَّداً (ص) في حبه لربه وتفانيه في سبيله . وهذا خطاب هو كذلك لأهل البيت ، كما هو لعامة الناس . أما أهل البيت عليهم السلام فقد اتبعوا محمَّداً في حبه لربه وتفانيه في سبيله ، فبقي علينا نحن أن نتبع محمَّداً وأهل البيت في حبهم لربهم وتفانيهم في سبيله ، فأين نحن ـ عبر مجالس العزاء ـ من هذه الحقيقة ؟! إذا أردنا الإجابة مختصرة مع الحجة الدامغة ، فلنستعرض كلمات ( اللطميات ) التي نسمعها منكم ـ وضمن إهتمامي بما وهبكم الله ، وإنطلاقاً من خالص محبتي ـ فإني لأربأ بكم أن تقفوا على المنابر بعد مجالسكم الوقورة ، لتقودوا صبية في ( لطمية ) دائماً أو غالباً لا يكون فيها أي ذكر لله تبارك وتعالى . والمطلوب ، كما عن القرآن وكما عن محمَّد وآل بيته ، أن يكون محور الذكر كله هو الله سبحانه . قال تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُُوْلِي الألْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .. . سورة آل عمران الآيات ( 190 ـ 191 ) } . ثم تصعد المواقف ، حيث يأخذ الشباب ، وبحكم التقليد والتوارث ، يضربون أنفسهم أمامكم ضرباً شديداً ، كأنما هو إنتقام من أنفسهم ، لا أدري لماذا ينتقمون من أنفسهم ، ولا أحد يدري ، إذ المعروف أن يكون الإنتقام من أعداء الله المتربصين كما في أيام الحسين (ع) كذلك في هذه الأيام ، وفي ذلك حجة بالغة على من عاين أوضاعنا أو ألقى السمع وهو شهيد ـ ونحن من الشهداء غداً امام الله ـ سواء كان في جنوب لبنان أو جنوب العراق . فإلى أين نحن ماضون في التعامل مع غير الله ، ونحن الذين يجب أن يقرع سمعنا أكثر من غيرنا قوله تبارك وتعالى :{ إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ .. . سورة آل عمران الآية 160 } . فالنبي والإمام وجبرائيل ، لا ينصرون أحداً ولا يخذلون أحداً ، إذ أن الخطاب في الآية يعمهم كما يعم جميع خلق الله . بدلالة أن محمَّداً (ص) جرح جرحاً بليغاً في ( أحد ) وكسرت رباعيته . وعلي عليه السلام ناله كثيراً من الجراح ، وكانت الفتنة التي أمضته لدرجة تكاد تساوي بوطأتها علينا وطأة كربلاء أو تزيد ، والحسين عليه السلام ، ما رأينا في وقائع الطف المفجعة : فلا الحسين (ع) أحب أو اراد لنفسه ولصحبه تلك الفجيعة ، ولا علي (ع) إستطاع أن يضبط مسار الحرب في ( صفين ) كما يتمنى هو ويحب . ولا محمَّد (ص) تمكن أن يدفع عن نفسه الجـراح أو الأذى الشديد الذي لحقه في ( أُحد) وفي غير أُحد ، يعني بإختصار ، أن هؤلاء الأخيار الأبرار الملهمين ، الذين جعلهم الله للناس قادة وقدوات ، ما داموا لم يستطيعوا أن يدفعوا عن أنفسهم ما يكرهون . فهم من البديهي لا يستطيعون أن يدفعوا عن غيرهم شراً ولا ضراً ، ولا أن يؤمنوا لغيرهم كفاية ولا نصراً . بل الله عز وجل هو القاهر فوق عباده ، فوق جميع عباده ، وهو المهيمن وهو المرجع وهو الملجأ ، قوله تعالى لرسوله محمَّد (ص) : {قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا .. . سورة الجن الآية 22 } . والملتحد في اللغة هو الملجأ ، فلا ملجأ إلاَّ الله . ووجب على محمَّد (ص) أن يلجأ إليه سبحانه فلجأ ، ووجب على علي (ع) أن يلجأ إليه عز وجل فلجأ ، ووجب على الحسين (ع) أن يلجأ إليه عزت عظمته فلجأ ، وغيرهم وغيرهم من الأنبياء والأئمة وأولياء الله الصالحين . فألجأهم جميعاً إليه لا إلـٰه إلاَّ هو ، ونصرهم جميعاً ، كلاً بطريقة أو بمعنى من المعاني العالية السامية التي لا يجادل فيها من أوتي إيماناً راسخاً وفهماً وعلماً . وبقي علينا نحن أن نلجأ إليه سبحانه لا أن نلجأ إلى غيره ، أن نلجأ إليه وحده لا شريك له . لأننا إذا لجأنا إليه نأمن البوائق . هكذا علمنا سبحانه ، وبذلك أمرنا : { فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ . وَلاَ تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ .. سورة الذاريات ( 50 ـ 51) } . ولذلك نلفت نظركم إلى المقدمة التي تقولونها متوارثة قارئاً عن قارىء ، وأظن أنكم لا تلتفتون إلى معانيها ـ ولقد تفاداها بعض النيرين الورعين منكم بعد أن أُلفتوا إليها ـ وهي عبارة " فاز من تمسك بكم وأمن من لجأ إليكم " . أما القسم الأول : فاز من تمسك بكم ، فكلام صحيح ، لا سيما إذا أكملت بناء على الحديث المشهور : ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض) . فتكمل العبارة : فاز من تمسك بكتاب الله وبكم . أما مقولة : وأمن من لجأ إليكم ، فمردودة بالنصوص القرآنية ، إذ لا ملجأ إلاَّ إلى الله : { .. وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ... سورة الجن 22 } وقوله تعالى : { وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ .. . سورة التوبة الآية 118 } وظنوا هنا بمعنى أيقنوا . وهذه الآية نزلت وكان محمَّد (ص) بين ظهرانيهم ، فلم يلجأوا إلى محمَّد (ص) ، لأنه علمهم أن يلجأوا إلى الله وحده، ولم يكن بإستطاعة محمَّد (ص) أن يفعل لهم شيئاً بل انتظروا وانتظروا حتى تاب الله عليهم ليتوبوا .. |
نسال الله الهداية والثبات على الحق ليت الشيعة يفكرون بعقولهم
|
الساعة الآن 11:24 AM. |
Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "