بسم الله الرحمـن الرحيم وبه نستعيــن؛
(ما تريدون من علي ما تريدون من علي ما تريدون من علي, إن علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي)
يا فاضل .. هذا الحديث صحيح ولكن استدلالكم بهِ بـاطـل,
وكـان له مناسبة كمـا أخبرتك من قبل, وهو أن بعض الصحابة الذين استعمل رسول الله علياً رضي الله تعالى عنه عليهم شكوهـ إلى رسول الله, فغضب رسول الله لـذلك وقال هذا الحديث, إذ هو ليس في معرض ليحدد الخليفة بعـدهـ صلى الله عليه وسلم كمـا تتوهمون !!
بل ليـرد على من وقع في علي ويبين أهميــة محبته رضوان الله تعالى عليه, وأنه محبته من محبة ابن عمه عليه الصلاة والسلام,
ولفظة "بعدي" تفرّد بها جعفر بن سليمان وهو شيعي بل غالٍ في التشيع,
وقوله ‘بعدي’ في هذا الحديث مما يقوى به معتقد الشيعة, وقد تقرر أن المبتدع إذا روى شيئا يقوي به بدعته فهو مردود
وأيضاً لم يتفرد بزيادة قوله بعدي جعفر بن سليمان, بل تابعه عليها أجلح الكندي,
فروى الإمام أحمد في مسنده هذا الحديث من طريق أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين إلى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد الحديث وفي آخره : " لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي وإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي " أجلح الكندي هذا أيضا شيعي,
في التقريب : أجلح بن عبد الله بن حجية يكنى أبا حجية الكندي يقال اسمه يحيى صدوق شيعي, وكذا في الميزان وغيره , والظاهر أن زيادة بعدي في هذا الحديث من وهـم هذين الشيعيين, و (بعدي) في هذا الحديث ليست بمحفوظة بل هي مـــردودة, ويؤيد ذلك أن الإمام أحمد روى في مسنده هذا الحديث من عدة طرق ليست في واحدة منها هذه الزيادة !
وأحسن الرد عليهـا هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في منهاج السنة:
وكذلك قوله : " هو ولي كل مؤمن بعدي " كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو في حياته وبعــد مماته ولي كل مؤمن وكل مؤمن وليه في المحيا والممات , فالوَلاية التي هي ضد العــداوة لا تختص بزمان ,
وأما الوِلاية التي هي الإمارة فيقال فيها والي كل مؤمن بعدي كما يقال في صلاة الجنازة إذا اجتمع الولي والوالي قدم الوالي في قول الأكثر, وقيل يقدم الولي وقول القائل "علي ولي كل مؤمن بعدي" كلام يمتنع نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه إن أراد الموالاة لم يحتج أن يقول بعدي وإن أراد الإمارة كان ينبغي أن يقول ‘وال على كل مؤمن’ انتهى.
ولا ننسى أيضاً أنه لا أحرص على رسول الله بــأمته وبما يُهمهم في أمر دينهم ودنيـاهم, ولا أحرص منه صلى الله عليه وسلم في إحــقاق الحق وتبيينه بالاستعـآنة بأســـاليب التوضيح وتبليغه للناس كــآفة, وتكرارهـ والتذكــير به .. لا سيمـا في الأمور الكبار كالعقيدة والفرائض وغيرهـا ..
أما حديث أبو بكر الصديق رضوان الله تعالى عليه بحثت عن شرحه فلم أجد, ولو أنه لا يحتاج إلى شرح, لأن المعنى واضح من السيـاق ومن مناسبة ورود هذا القول ..
عمومـاً؛ إذا كان ما ذهبتم إليه صحيحـاً .. فأنا أريد الدليل الصريح من صاحب الشـأن نفسه .. فلستم أحرص منه عليه, فهل فهم علياً رضي الله عنه وأرضاهـ من هذا الحديث أنه الخليفة الشرعي بعد رسول الله وأن الإمارة لا تجوز لغيرهـ رضوان الله تعالى عليه وأنها من أركـان الإسـلام وأن من لا يعتقد بهذا فهو كـآفر مرتد عاصٍ لله ورسـوله ؟!
فهــم السلف الصالح لهذا الحديث وتطبيـقهم له يُهمنـا وذلك ليتضح لنـا المعنى .. لا سيما أنهم هم الذين سمعوهـ مباشرة من رسول الله, فهم بالتأكيد أكثر الناس معرفـةً بمقصدهـ, وتداولـوهـ فيما بينهم, ونقلوهـ إلينـا,
فتفضــل يا هـدآك الله وأعطنـا دليلاً على أن أحداً من هؤلاء الصحابة أو علي نفسه احتج بهذا الحديث على كونه الخليفة بعد رسول الله مبـــآشرة.. أمـا الآراء السبئيـة فلا يُحتـج بهـا ..