عن أبي جعفر (ع) قال: كان رسول الله (ص) إذا دخل الحسين (ع) اجتذبه إليه، ثم يقول لأمير المؤمنين (ع): "أمسكه"، ثم يقع عليه فيقبّله ويبكي، فيقول: يا أبه، لم تبكي؟ فيقول: "يا بنيَّ، اُقّبل موضع السيوف منك وأبكي". قال يا أبه، وأُقتل؟ قال: "إي والله، وأبوك وأخوك وأنت". قال: يا أبه، فمصارعنا شتّى؟ قال: "نعم، يا بني"، قال: فمن يزورنا من أُمتك؟ قال: "لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلاّ الصديقون من أُمّتي".
المصدر
- البحار 44: 261، ح 14.
وقال: "لعن الله قاتلك، ولعن الله سالبك، وأهلك الله المتوازرين عليك، وحكم الله بيني وبين من أعان عليك". قالت فاطمة الزهراء (ع) : يا أبت، أي شيء تقول؟ قال: "يا بنتاه، ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدك من الأذى والظلم والغدر والبغي، وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجوم السماء، يتهادون إلى القتل، وكأني أنظر إلى معسكرهم، وإلى موضع رحالهم وتربتهم". قالت: يا أبه، وأين هذا الموضع الذي تصف؟ قال: "موضع يقال له كربلا، وهي دار كرب وبلاء علينا وعلى الأُمة، ويخرج عليهم شرار أُمتّي، لو أن أحدهم شُفّع له في السموات والأرضين ما شفّعوا فيه، وهم المخلّدون في النار". قالت: يا أبه، فيقتل؟ قال: "نعم يا بنتاه، وما قُتل قتلته أحد كان قبله، ويبكيه السموات والأرضون، والملائكة، والوحش، والنباتات، والبحار، والجبال، ولو يؤذن لها ما بقي على الأرض متنفس، ويأتيه قوم من محبّينا ليس في الأرض أعلم بالله، ولا أقوم بحقّنا منهم، وليس على ظهر الأرض أحد يلتفت إليه غيرهم، أولئك مصابيح في ظلمات الجور، وهم الشفعاء، وهم واردون حوضي غداً، أعرفهم إذا وردوا عليَّ بسيماهم، وكل أهل دين يطلبون أئمتهم، وهم يطلبوننا لا يطلبون غيرنا، وهم قوّام الأرض، وبهم ينزل الغيث". فقالت الزهراء (س): يا أبه، إنا لله، وبكت، فقال لها: "يا بنتاه، إن أفضل أهل الجنان هم الشهداء في الدنيا، بذلوا أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنّة، يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً، فما عند الله خير من الدنيا وما فيها، قتله أهون من ميتة، ومن كتب عليه القتل، خرج إلى مضجعه، ومن لم يقتل فسوف يموت. يا فاطمة بنت محمّد، أما تحبّين أن تأمرين غداً بأمر فتُطاعين في هذا الخلق عند الحساب؟ أما ترضين أن يكون ابنك من حملة العرش؟ أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة؟ أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض فيسقي منه أولياءه ويذود عنه أعداءه؟ أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار، يأمر النار فتطيعه، يخرج منها ما يشاء؟ ويترك من يشاء. أما ترضين أن تنظرين إلى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون إليك وإلى ما تأمرين به، وينظرون إلى بعلك قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله؟ فما ترين الله صانع بقاتل ولدك وقاتليك وقاتل بعلك إذا أفلجت حجّته على الخلائق، وأُمرت النار أن تطيعه؟. أما ترضين أن يكون الملائكة تبكي لابنك، وتأسف عليه كل شيء؟ أما ترضين أن يكون من أتاه زائراً في ضمان الله، ويكون من أتاه بمنزلة من حج إلى بيت الله واعتمر، ولم يخلُ من الرحمة طرفة عين، وإذا مات مات شهيداً، وإن بقي لم تزل الحفظة تدعو له ما بقي، ولم يزل في حفظ الله وأمنه حتى يفارق الدنيا"؟ قالت: يا أبه، سلّمت، ورضيت، وتوكلت على الله، فمسح على قلبها ومسح عينيها، وقال: "إني وبعلك وأنت واب************ في مكان تقرُّ عيناك، ويفرح قلبك".
المصدر
1 - البحار 44: 264 و 265، ح 22.