الوقفة الرابعة
الكتابات المنصفة
لم تعدم تعليقات الشيعة من آراء منصفة تناولت الكتاب ولكنها ليست هي الأكثر ، والملاحظ فيها أن أكثرها – وليس كلها - من العنصر النسائي ، وليس معنى ذلك أنه لا توجد تعليقات منصفة لدى الرجال ؛ ولكن هذا ما لاحظته من خلال تتبعي لأثر الكتاب وهذه تدلنا على أمرين :
الأول : أن هناك بعض الشيعة يفكرون ويتأملون في بعض الظواهر المنتشرة في المجتمع الشيعي التي يرون أنها بحاجة لمراجعة ، أو يعتقدون أنها مخالفة للعقل ، وربما البعض منهم وليس الأكثر يرون أنها مخالفة لنهج آل البيت الذي يزعمون الانتماء إليه.
الثاني : أن الخطاب العقلي والمنطقي الوارد في الكتاب وربطه بحياة الأئمة من آل البيت وتطبيقه على الواقع الآن الذي يعيشه الشيعة أدى إلى بروز هذه الكتابات المنصفة ، نظراً للبون الشاسع بين الحالين ، ولهذا ينبغي على من ألف أو صنف رسالة أو كتاب متعلق بالشيعة مراعاة هذا الأمر.
ونذكر مثالين على هذه التعليقات المنصفة :
الأول : كتبت الشيعية حياة فجر فقالت : (السلام عليكم ، قرأت الكتاب وتتلخص ملاحظاتي عليه في التالي:
* صدق الكاتب فيما كتب من ناحية المواقف التي حصلت له خصوصا وأنه يستشهد بالأماكن وأصحاب المجالس وأوصاف مجالسهم ..
وواقعية ما تكلم عنه , لما نلمسه يوميا أو نسمعه أو نشاهده , وإن كان فيه بعض الشدة والقسوة في طرح بعض المواضيع , ولكن القصد هو الفكرة.
* بالنسبة لي شخصيا فقد لامس الكاتب أمورا كثيرة لطالما ناقشتها مع زميلاتي في الجامعة , ولم أناقشها مع بنات السنة بطبيعة الحال , ولكنها مواضيع تم التطرق لها.
* كما أعجبني التجاءه للحوار العقلي المنطقي والآيات القرآنية , وهي التي من المفترض أن نحكمها في تلك المسائل , لأننا في مجال حوار ونقاش , والإنصاف يتطلب منا أن نلجأ إلى ما اتفق عليه , في مثل تلك المسائل .
* جرأة الكاتب وتطرقه لطرحه لذكر ابن تيمية (في سياق الدفاع عنه) , ولي هنا وقفة مع هذه المسألة...
إن الكلام الذي ذكره عن ابن تيمية , لم أستطع تقبله إلا بعد أن قمت بالتجرد وإبعاد كل التصورات السابقة عن ابن تيمية , وعندها فقط استطعت أن أتقبل من الكاتب ما قاله : وقد شوقني لأن أرجع لكتاب ابن تيمية الذي ذكره , وسأتأكد مما قاله عنه , وهل فعلا تم الافتراء عليه أم لا!!وليس في ذلك عيب.
* ساءني من الكاتب أنه وضع اسم مستعار ( على ما أظن ) ولكنني التمست له قليل عذر , حيث أن هناك في مجتمعنا وللأسف من لا يقبل الرأي والرأي الآخر ولا يحب أن يطرح مثل هذه المسائل للبحث مع أن هذا الأسلوب هو أسلوب الوهابية الإقصائية أحادية التفكير(1) ودائما ما ننتقدهم عليه.
ولكن يخرج من بيننا من ينهج نهجهم ويترك نهج آل البيت في التريث والإنصاف والحث على استعمال العقل وتفعيله .
هذا رأيي القاصر في الكتاب وأرجو منكم مشاركتي في إبداء آراءكم , في الكتاب كفكر وليس رأيكم في الكاتب كشخص فكما قال الإمام علي : اعرف الحق تعرف أهله) (2).
الثاني : كتب الشيعي مهدي عامل فقال : ( قرأت الكتاب ليلة أمس وإني أرجح الكفة التي تقول أن الكاتب من القطيف ليس لأنه ذكر أسماء شخوص قطيفية فمجرد متابعة بسيطة لشبكة راصد الإخبارية كفيلة بأن تعرفك على كتاب قطيفيين. طريقة الكتابة تدل على عقلية شيعية تعيد حساباتها من جديد مع الاحتفاظ بجوهر المذهب.
لي أصدقاء من العوامية وسيهات والقطيف يؤمنون بهذه الأفكار زيادة ولذلك ليس غريبا أن يكون صاحبه شيعيا.
وأظن أن ولادة كتيب نقدي بهذا الحجم من رحم ثقافتنا دلالة على أننا على موعد مع انقلاب كبير جداً وبشكل جذري في الفكر الشيعي. ومع ذلك وجوده - ككتاب خرج من رحم الثقافة الشيعية - خير من عدمه بالرغم من أن 60% مما في الكتاب لا أؤمن به. وكوني لا أؤمن به لا يعني أنه كتاب سيئ.
وفي النهاية أنصح بقبول الكتاب على اعتباره أنه رأي لصاحبه الحق في البوح به ، وإن كان سنياً مخادعاً. فإذا نادينا بالحرية علينا أن نتحمل عواقبها، إذ أن الرياح لا تأتي دائما بما يتوافق مع أمزجتنا.
وأنصح أيضا بأن يناقش هذا الكتاب بشكل موضوعي، دون الاهتمام بشخصية الكاتب) (3).
الهامش :
(1) - هذا من الافتراء على الوهابية ، والكاتبة عندما انتقدت من لم يقبل آراء الآخرين في مجتمعها الشيعي مارست نفس الشيء مع من سمتهم بالوهابية فلو قرأت كتبهم بتأمل وتفكر لما قالت هذا الكلام ، ولعل هذا الأمر – اتهام الوهابية – من ثقافة المجتمع الشيعي التي تربى عليها أفراده.
(2) - تعليق بعنوان : (رأيي في الكتاب) للكاتبة الشيعية حياة فجر نشر بتاريخ 31 / 10 / 2009م في منتديات الطاهرة على الرابط :http://www.altahara.com/vb/showthread.php?t=39685
(3) - تعليق للكاتب الشيعي مهدي عامل نشر بتاريخ 2 / 11 / 2009م في منتدى الديوانيات على الرابط:http://www.dewaniyat.com/forum/showthread.php?t=153781
يتبع الوقفة الخامسة