هذه الايتين التين يستند عليها الشيعة في
عقيدتهم في الاستعانة بغير الله . وهما مرتبطتان مع بعض ولذلك اوردتها في النقاش
والرد :
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ
عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً ، اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة
ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محذورا )
الان سوف اناقش ما جاء به الشيخ الرافضي على الكوراني حول رده لتفسير
اهل السنة وعلمائهم لايتين الكريمتين حيث يقول :
يلاحظ على تفسيرهم للايات:
أولا: أنهم ابتعدوا عن سياق الآية ومصبها ، وهو المقابلة بين المشركين الذين يدعون من يزعمون ، وبين المؤمنين الذين يدعون ربهم ويبتغون إليه الوسيلة.. فقد قال سبحانه لرسوله (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً. ) .
ثم مدح الذين يقابلونهم فقال (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَ يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَ يَخَافُونَ عَذَابَهُ )...
اقول :هنا الله سبحانه وتعالى يتكلم عن فئتين هما الذين يدعون من دون الله وفئة اخرى مدعوة من قبل هؤلاء المشركين .
وكلامي هو في الاية الاولى طبعا ؟.
وفي الاية الثانية يتكلم الله سبحانه وتعالى عن هذه الفئة المدعوة من دون الله . فقد اشتركت كلمة الدعوة بين الايتين والاولى هي ادعوا والثانية هي يدعون اي يطلبون بفتح اللام .
فالسياق هو تحدي المشركين بأن آلهتهم المزعومة لا تستطيع أن تكشف الضر عنهم ، وأنهم بالحقيقة لا يدعون من دون الله شيئاً ، بل أوهاماً .. ثم قابلهم بالذين يدعون الله تعالى ويتوسلون إليه ، فهؤلاء الذين يدعون الحق بحق ، وعبر عنهم بأولئك تعظيما لهم. أما غيرهم فلا يدعون شيئا .
اقول : كلامه هنا صحيح وابتغاء الوسيلة المرجوة لله من قبل هؤلاء لا من قبل الذين يدعونهم .
وبذلك تتم المقابلة وتكون ( أولئك ) استئنافاً جديداً تاماً ، والضمير فيها للشأن ، ولا ربط له بالآية السابقة حتى يعود على شئ منها !!
أما تفسيرهم فقد جعل التقابل بين المشركين وبين بعض من يعبدونهم من الأنبياء . . وهو تقابل ضعيف بعيد لو سلم من الإشكالات فلا يتبادر إلى الذهن .
اقول : هنا بدأ الكوراني يناقض نفسه فهو قد قال ان الاية الثانية مقابلة للاية الاولى اي هي مقارنة بين فئتين .
ولكنه يتكلم عن استأناف جديد تام ّ ! ويقول لاربط به بالاية السابقة . فكيف يكون الكلام عن مقابلة بين فئتين في ايتين والكلام المستأنف لا علاقة له بالاية الاولى ؟
ثم اي شأن يرتبط به الضمير الذي يتكلم عنه الكوراني ؟ والضمير هنا الكاف في كلمة أوائك .
وقول الجبائي ان المقصود بـ ( أولئك ) هم الأنبياء المذكورون في الآية السابقة ، أقرب من أقوالهم إلى الصحة ، ولكن لفظ ( أولئك ) مطلق شامل لكل العابدين لله ، ولا دليل على حصره بالأنبياء (عليهم السلام) ، وان كانوا سادتهم .
ثانيا: ارجاعهم ضمير ( أولئك ) إلى المعبودين المزعومين من دون الله خلاف الظاهر ، لأن ضمير هؤلاء المزعومين خفي ، والضمير البارز فيها ضمير العابدين المخاطبين، فلو كان يريد المزعومين لقال (أولئك الذين تدعونهم أو تزعمونهم) أو ذكر اشارة تدل على قصدهم ، وعدم قصد العابدين المخاطبين !
اقول : لم يبين هنا ايضا الكوراني ما هو هذا الشأن وجعله عاما مبهما . فهو ان تكلم عنه واوضحه وقع في المشكل والتناقض .
الامر الاخر : ان الفعل المضارع الذي هو يدعون واضح من المراد به فهو يعود على اولئك فبمجرد تغير الفعل باحتمال المفروض من الكوراني اصبح (تدعونهم ) وكان الكلام هو للمخاطبين .
ولكن الحقيقة ان الكوراني يتخبط في قوله لعدم استطاعته تفصيل الاية الاولى والاية التي يشرحها وفق هواه .
فهو يقول ان الاية المشروحة هو كلام مستأنف جديد لا علاقة به بالاية الكريمة الاولى !
ثم حاول ربطها بالاية وقال انه لو كان الكلام في الاية الثانية تعني الانبياء لجاء الفعل يدعون بالصيغة تدعونهم .
ولكن الحقيقة لكل مطلع على اللغة العربية يعرف ان الكلام في الاية الاولى هو للنبي صلى الله عليه واله وسلم بصيغة الامر : قل :
والاية الثانية استأناف متصل لا منقطع وجديد ببيان بطلان ما يذهب اليه هؤلاء في الاية الاولى . فقال الله : اولئك . فمن هؤلاء الاولئك ؟
هم الذين يدعون اي يدعونهم .
ثالثا: أن المعبودين المزعومين فيهم الصالح والطالح والجماد ، ففيهم الأنبياء مثل عزير وعيسى ، وفيهم الملائكة والجن ، والشمس والقمر والنجوم والأصنام ، وبقية المعبودات . . وصفات المدح لـ ( أولئك ) تمنع رجوع الضمير إلى المعبودين جميعا ! وكيف يصح عود الضمير على بعض العام المعهود بدون قرينة ؟!
ولعمري ان هذا الضعف في ارجاع الضمائر لا وجود له في القرآن؟!! وهو كاف لتضعيف ما روي عن ابن مسعود وغيره !
اقول : الكلام كما قال الجبائي فهو يخص العاقل في الدعوة فالكلام عن الانبياء او الجن او البشر . وعمومه هو بالقياس لا بالتفصيل .
والمعروف في اللغة العربية انه لو اشترك العاقل والغير عاقل في الجملة تغلب العاقل في الذكر على غير العاقل ويغلب حتى الكلام عن المختلط اذا كان فيه المؤنث بغلبة العاقل المذكر .
رابعاً: ما رووه عن ابن مسعود وغيره من أن قوما من العرب كانوا يعبدون الجن فآمن الجن وبقي عبادهم مشركين . . الخ . . فنزلت الآية . .
هذه الوجوه ليست حديثا بل هي أقوال لو تم سندها لبقي تعارضها !
ولو سلمنا ارتفاع تعارضها ،فهي سبب لنزول الآية لا أكثر ، والسبب الخاص لا يخصص الوارد العام ، وصيغة الآية عامة (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ . . ) وهو يشمل كل الذين زعموا فلا مبرر لتخصيصها ببعضهم !
اقول : هل هذا كلام وبيان ؟؟ّ!!
دائما تؤخذ الاية بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . وهذا يعرفه الكوراني ومن مثله .
طبعا الا اذا جاء التخصيص في الايات وهي معروفة كمثل الاحكام الخاصة بالنبي صلى الله الله عليه واله وسلم لا تتعدى غيره .
وكذلك السبب في خصوص اي اية اذا كان احتمال استنباط ما علاه او اسفله من جنس المتكلم فيه قبل هذا القياس .
كمثل تحريم نكاح الام والجدة للمرأة فدخلت العمة والخالة للتماثل .
وهنا عموم الاية هو ما دعي من دون الله بكل اجناسه وان كان السبب في نزولها هو الانبياء او الجن . فهذا لايؤثر .
خامسا: أن ضمير العاقل في (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) ينقض تفسيرهم ، فقد جعلوا أيهم بدل جزء من كل من الفاعل ، ليبعدوه عن المتوسل بهم ويجعلوه صفة للمتوسلين ، فصار المعنى عندهم: يبتغي الوسيلة منهم من كان أقرب وسيلة إلى ربه ، فكيف بالأبعد وسيلة !!
وذلك كمن يقول ( أولئك يقاتلون عدوهم حقاً أيهم أشجع من غيره ! ) ويقصد القائل أن الأشجع منهم يقاتل ، فكيف بالأضعف !!
وهو كلام بعيد عن البلاغة بل عن الفصاحة حتى في كلام المخلوقين ، فلا يصح أن ينسبوه إلى كلام الخالق سبحانه ؟!!
ولعل هذا هو السبب في أن بعض مفسريهم كالفخر الرازي هرب من من تفسير ( أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) ومر عنها كأنها لا وجود لها !!
اقول : ضاعت على الكوراني هنا وتخبط تخبطا لم يستطع ان يخرج منه الا بان ينفي الكلام عن الله ومراده وانه ليس ببليغ !!
فانتم ترون انه لم يربط ولم يفسر الوسيلة بـ ايهم اقرب . هنا ابدا .!
لا بل انه حتى نهاية المقال لن يتكلم عن الوسيلة هذه ابدأ . وسيتركها كما زعم ان الفخر الرازي ترك عبارة ايهم اقرب !!
اما مثاله الذي ضربه وهو هذا : يقول ( أولئك يقاتلون عدوهم حقاً أيهم أشجع من غيره ! )
فاقول ان الكوراني وضع عبارته بما يريده هو فاختلف عليه المعنى . وذلك انه قال يقاتلون عدوهم حقا .
وهنا حذف كلمة (الذين ) وحذف الابتغاء من قتالهم !!
ونعطيه عبارة قريبة من الاية ونبينها له لعله يفهم :
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَقاتلون َعدوهم حقا يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْشهادة َ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ؟
فهنا لم تكن هذه العبارة منقوصة كما فعل هذا الكوراني .
وقريبة من مثاله وهذه العبارة قريبة من معنى الاية الكريمة .
وهنا كلمة اولئك تعود على يقاتلون كما ان اولئك تعود على يدعون في الاية الكريمة .
ولكن احب ان انبه على شئ : فكلمة يقاتلون في المثال لا تأخذ معه ضمير مستتر كما هو الفعل يدعون . فيدعون تعود على اولئك اي : يدعون اؤلئك الذين يبتغون الى ربهم الوسيلة . والضمير المستتر في من يدعونهم هم المشركين .
فلهذا جائت المقارنة في عبارة ايهم اقرب بين فئتين .
سادسا: أن ضمير (أَيُّهُمْ) يعود على ( أولئك ) وما داموا أرجعوا ضمير أولئك على المعبودين المزعومين ، فيجب أن يرجعوا ضمير أيهم اليهم ! فيكون المعنى عندهم: أن المتوسل بهم الممدوحين هم من بين المعبودين المزعومين ، فيكون التوسل بالأشخاص ممدوحا، ويكون منحصراً بالأنبياء المعبودين كعيسى وعزير! وهذا خلاف مذهبهم !!
اقول : ايهم اقرب . مرتبط باولئك ولا ريب . وهي عبارة استفسارية استنكارية يسبق الضمير بـ أي الاستفهامية . وهي صيغة مقارنة ولا ريب : ايهم اقرب وتعود على العاقل . والوسيلة ليست عاقل كما هو معروف .
فايهم اقرب تعود بالمقارنة بين اولئك وبين الضمير المستتر الذي يأخذه الفعل يدعون .
اما مدحهم فهو صحيح لانه يرجون ربهم الوسيلة في العبادة ويرجون رحمته ويخافون عذابه .
والا واضح لكل ذي عقل انه لا يمكن ان يكون المتوسل به من الانبياء او الاولياء او الملائكة او الجن لا يرجون رحمته ولا يخافون عذاب ربهم .!!
سابعا: أن فعل ( يَبْتَغُونَ ) ينقض تفسيرهم ، لأنه يدل على البحث والتحري ، ويطلب مفعولا ! و( أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) أقرب مفعول إليه ، فحق أي أن تكون منصوبة على المفعولية ، لا مرفوعة بدلاً عن الفاعل بدل جزء من كل كما زعموا !
ولكنهم أغمضوا عيونهم عن يبتغي وتركوه بلا مفعول ، ليحصروا التوسل بالأعمال دون الذوات !!
وهكذا . . يتضح لك أن التفسير الذي قدمناه هو الوحيد الخالي عن الإشكال.. وهو نص في مشروعية التوسل بالأشخاص الأقرب وسيلة إلى الله ، وأنه من صفات المؤمنين عبر التاريخ وسيرتهم .
وهو يتفق مع أحاديثنا الصحيحة التي تنص على أن الله تعالى جعل الوسيلة إليه في هذه الأمة بل قبلها ، محمدا وآله صلى الله عليهم .
اقول :
1 - المفعول به للفعل يبتغون هو الوسيلة . اي : الى ربهم يبتغون الوسيلة
فهي فعل وفاعل ومفعول به
وايهم اقرب جملة منفصلة تفضيلية . فاين ما وضعتها لا يفرق في المعنى ان كانت في بداية الاية او في اخرها او في وسطها كما هو في الاية الكريمة . فهي لا تعود على الفعل يبتغون
2 - القرب هنا غايته هو الله سبحانه وتعالى
3 - قول الكوراني هذا :ولكنهم أغمضوا عيونهم عن يبتغي وتركوه بلا مفعول ، ليحصروا التوسل بالأعمال دون الذوات !!
3 اقول : نحن قلنا ان مفعول يبتغي هو الوسيلة اي بتغي الوسيلة . فكيف ترك الفعل بدون مفعول ؟
كما اننا لا نتوسل بالاعمال من اجل ان نصل الى الله دون الذوات .
فهذا لم نقله .
بل نتوسل بالله سبحانه وتعالى عن طريق اعمالنا وهي العبادة الخالصة له .
وليس التوسل بالذوات من اجل الوصول الى الله .!
4- لم يبين الكوراني لماذا ذكر الله فعلين مضارعين متقاربين في الموضوع فقال : الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ؟
فهو ترك هذا الامر لكونه لا يستطيع ان يرجع الفعلين لفاعليها . فالاول يعود على المشركين اي الذين دعوهم والثاني وكذلك الثالث وهو هنا يرجون يعود على الانبياء والرسل او الجن الذين امنوا كما تذكر تفاسيرنا .
واليكم اية تبين للكوراني ومن ايده ان المدعوين يمكن ان يكونوا عباد وليس جماد او حيوان:
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
وهذا رابط الكتاب الذي يفسر شيخ الرافضة الكوراني للايتين الكريمتين :