إيران خطر.. وإسرائيل أخطر
إيران خطر.. وإسرائيل أخطر
بقلم علي السيد ٢٩/ ٩/ ٢٠٠٨
لماذا يتهم الشيخ يوسف القرضاوي بأنه ضد وحدة المسلمين ولا تُتهم إيران، أليست الوحدة والتضامن والدعم واجب الجميع؟ لماذا ثارت إيران، ومن والاها، ثورة عاصفة ضد ما قاله القرضاوي في حواره مع (المصري اليوم) عن محاولات إيران نشر المذهب الشيعي في العالم العربي السني؟ ولماذا وجهت للشيخ تهم العمالة والخيانة؟
الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قال قبل أيام في نيويورك(ساعدنا أمريكا في العراق وأفغانستان والنتيجة أنها تريد ضربنا) ولم يعلق أحد، وفي اليوم نفسه كان إسماعيل هنية يبتهل إلي الله، في رسالة موجهة إلي قائد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي والرئيس الإيراني أحمدي نجاد أن يحفظهما الله وأن يصليا (وحدهما) صلاة الخلاص في القدس الشريف وأن ينصر إيران ناصرة الشعب الفلسطيني.
وقبل هذا كان الشيخ حسن نصرالله يبرر غزوه لبيروت بأنها خطوة ضرورية، مباهيا بأنه من أتباع ولاية الفقيه التي تحقق الانتصارات، واصفا قتلي حزب الله وحركة أمل والحزب القومي السوري بالشهداء أما غيرهم فهم ضحايا، وعلي الهامش كان كثير من القوميين العرب يهاجمون بضراوة كل من يقترب من إيران، وتوجيه تهم العمالة والخيانة لكل من يعتبر إيران عدواً، ومع ذلك لم يهاجمهم أحد مثلما هوجم الشيخ ولم يهنهم أحد مثلما أهين الشيخ، رغم أن ما قاله ينصب في إطار ما سبق أن طالب به من أن دخول مذهب علي مذهب سيسبب كارثة.
لكن إيران ومنذ وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتوجيه الاتهامات للمذهب السني واعتباره قائد العنف والتخلف، خطت خطوات محمومة للانتشار في العالم الإسلامي السني والإحلال محل الجمعيات الخيرية السعودية التي كانت تقدم خدماتها وأفكارها المتطرفة أيضا، ثم أغلقت بأوامر أمريكية.
فما كان من إيران إلا ملء هذا الفراغ في إطار مطامع دينية وسياسية، وبالفعل غزا كثير من هذه الجمعيات العالم العربي وليتها توقفت عند تقديم أعمال الخير، بل ذهبت إلي ما هو أبعد من ذلك في ظل الفراغ الذي حل بكل المؤسسات العربية، وفي مقدمتها المؤسسات الدينية التي كانت محكومة في السابق بشخصيات أصولية ثم آل الأمر للشخصيات الحكومية.
ولو لم تكن الأصولية السنية نخرت، كالسوس، في الجسد العربي ما تجاسرت إيران علي تقوية شوكة التشيع في البلدان العربية.
كان يمكن أن تمر مثل هذه الأمور، دون مشكلات، فالتشيع ليس أمرا بسيطا ولا يمكن نشره بسهولة في العالم السني حتي في ظل تقديم المذهب الشيعي علي أنه مذهب النضال والجهاد في وجه الأمريكان والصهاينة.
ويكفي أن نلقي نظرة عابرة علي ما جري في العراق من عمليات إبادة وتطهير عرقي وانتقام بشع، قبل تفجير مرقدي الإمامين الهادي والعسكري، وتم ذلك بفرق إيرانية أو فرق تدربت ودعمت وجهزت في إيران التي كانت حريصة علي أن تلعب الدور الأول والرئيسي في العراق منذ لحظة سقوط بغداد، ورتبت لذلك بعناية فائقة، خصوصا أن العالم العربي ارتكب جريمة كبري بتركه العراق في يد أمريكا وإيران،
ويكفي أن نعلم أن جل من يحكمون العراق الآن هم مدينون لإيران التي فتحت لهم ذراعيها وخزائنها في عصر صدام حسين.
وهل ينكر أحد أن حزب الدعوة العراقي كان مواليا لإيران أثناء حربها مع العراق، وهل ينكر أحد أن نوري المالكي ومن قبله إبراهيم الجعفري هما قادة هذا الحزب، وهل ينكر أحد أن عبد العزيز الحكيم أقوي رجل في العراق عاش حياته كلها في إيران، وهل ينكر أحد أن فرق الموت التي تكونت داخل جيش وشرطة العراق كانت فرقا إيرانية بمعرفة حكام العراق؟
العراق كان فرصة ذهبية لإيران أن تثبت حسن نواياها لجيرانها العرب ولا يأخذها غرور النصر وشهوة الانتقام إلي حد العمل علي تهجير السنة أو إبادتهم بشكل علني ومفضوح، والعمل مع النظام الجديد علي الغرق في زهو الثأر من النظام السابق وإعدام قائده صبيحة عيد الأضحي بتهمة مرتبطة بحزب الدعوة وإيران المتوحدين في الشر وتحمل السنة جميعا أوزار النظام السابق.
ومع هذا لا يجب أن نقارن بين ما فعلته أمريكا في العراق وما فعلته إيران فالجريمة الأكبر تقع علي عاتق الأمريكان، مثلما لا يجب أن نقارن الخطر الإيراني بالخطر الصهيوني لأن الأخير خطر دائما وعوامل استمراره أكثر بكثير من عوامل توقفه،
أما الخطر الإيراني فيمكن أن يزول نظرا لوجود عوامل تقريب وتقارب كثيرة وبعضها يرتبط بمصلحة الشعوب، فضلا عن أن تغيير نظام ولاية الفقيه في أي وقت يحل كثيراً من هذه الإشكاليات، لكن في إسرائيل تتبدل الحكومات ولا تتبدل الأفكار والسياسات.إيران خطر الآن، وإسرائيل خطر الآن ومستقبلا.