اخينا ابو زرعه الرازي تفضل شكورا

[أسد من أسود السنة]

الكلام على حـــــال مرويـــات المدلسين في صحيحي البخاري ومسلم

قال ابن حجر العسقلاني في كتابه "النكت على كتاب ابن الصلاح" ج2 / 634 - 636 في كلامه على روايات المدلسين المخرجة في الصحيحين ، ما نصه بالحرف الواحد :
( 96- قوله (ص) : (( وفي الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة من حديث هذا الضرب كثير جداً … )) إلى آخره .

أورد المصنف - يعني ابن الصلاح - هذا محتجاً به على قبول رواية المدلس إذا صرح ، وهو يوهم أن الذي في الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة من حديث المدلسين مصرح في جميعه وليس كذلك ، بل في الصحيحين (وغيرهما) جملة كثيرة من أحاديث المدلسين بالعنعنة ، وقد جزم المصنف في موضع آخر وتبعه النووي ( و غيره بأن ما كان في الصحيحين وغيرهما ) من الكتب الصحيحة عن المدلسين ، فهو محمول على ثبوت سماعه من جهة أخرى ،

وتوقف في ذلك من المتأخرين الإمام صدر الدين ابن المرحل ، وقال في (( كتاب الأنصاف )) : (( إن في النفس من هذا الاستثناء غـُصّة !! ، لأنها دعوى لا دليل عليها !! ، ولا سيما أنا قد وجدنا كثيراً من الحفاظ يعللون أحاديث وقعت في الصحيحين أو أحدهما بتدليس رواتها !! )) .

وكذلك استشكل !! ذلك قبله العلامة ابن دقيق العيد فقال : (( لا بد من الثبات على طريقة واحدة ، إما القبول مطلقاً في كل كتاب أو الرد مطلقاً في كل كتاب .

اتمنى اخي الكريم الرد على هذا الكلام وشكرا

وأما التفرقة بين ما في الصحيح من ذلك وما خرج عنه ، فغاية ما يوجه به أحد أمرين :
- إما أن يدعي أن تلك الأحاديث عرف صاحب الصحيح صحة السماع فيها ،
قال : وهذا إحالة على جهالة !! ، وإثبات أمر بمجرد الاحتمال ،

- وإما أن يدعي أن الإجماع على صحة ما في الكتابين دليل على وقوع السماع في هذه الأحاديث ، وإلا لكان أهل الإجماع مجمعين على الخطأ وهو ممتنع .

قال : لكن هذا يحتاج إلى إثبات الإجماع الذي يمتنع أن يقع في نفس الأمر خلاف مقتضاه !!.

قال : وهذا فيه عسر!! .

قال : ويلزم على هذا أن لا يُستدل بما جاء من رواية المدلس خارج الصحيح ولا يقال : هذا على شرط مسلم مثلاً لأن الإجماع الذي يدعي ليس موجوداً في الخارج )) ، انتهى ملخصاً .

وفي أسئلة الإمام تقي الدين السبكي للحافظ أبي الحجاج المزي :
(( وسألته عن ما وقع في الصحيحين من حديث المدلس معنعناً هل نقول : انهما اطلعا على اتصالها ؟!
فقال : كذا يقولون ، وما فيه إلا تحسين الظن بهما !!.
وإلا ففيهما أحاديث من رواية المدلسين ما توجد من غير تلك الطريق التي في الصحيح )) .

قلت : وليست الأحاديث التي في الصحيحين بالعنعنة عن المدلسين كلها في الاحتجاج ، فيحمل كلامهم هنا على ما كان منها في الاحتجاج فقط .
أما ما كان في المتابعات فيحتمل أن يكون حصل التسامح في تخريجها كغيرها .) انتهى المراد من كلام ابن حجر بنصه .


فارفعوا الغـُصّة والاستشكال عن هذا الأمر المُشكل يا أصحاب الصحاح !

وهيهات إلا بالظنون والاحتمالات ..

[أبو زرعة الرازي]

الإشكال في مسألة التدليس والإرسال إشكال يطرحه الروافض لأنه مبحث من مباحث علوم الحديث فيه دقة، وهم أبعد الناس عن أصول علم الحديث ناهيك عن دقائقه.

والكلام عن هذه المسألة بالتفصيل يطول ونقل النقول كثير، ولكن سوف أجمل القول في المسألة ثم أحيلك على ما يفيدك إن أردت التفصيل.

الحفاظ الكبار كالبخاري ومسلم والترمذي وأبي داود وأحمد وأبي حاتم وغيرهم حينما ينظرون إلى حديث فلان عن علان، فإن المحصلة النهائية لنظرهم في الحديث تكون: هل قال علان الحديث كما رواه فلان أم لا؟
ولهذا قد تجدهم يضعفون حديثا رواه فلان عن علان وإن كان فلان حافظا، لأنه أخطأ في هذا الحديث بعينه، ويقبلون بقية أحاديث فلان عن علان، فما الذي جعلهم ردوا هذا الحديث بعينه؟
إنها قرائن وأدلة تحتف بالحديث وبالرواة تجعل الحكم مختصا بكل حديث دون غيره.
وليست هذه هي قضيتنا، ولكن سقتها لأنها تشبه قضيتنا ولها تعلق بها، فالكلام الآن على الرواة.

فأقول: الحكم على الرواة إنما يكون قرينة يستدل بها على صحة الحديث، وليس الحكم على راو بقضية مطردة في الحكم على الحدث، فالكذاب إن وافق الثقة في حديث فالحديث صحيح، ولا يقول عاقل بأن الحديث سيكون ضعيفا برواية الكذاب.
والحكم على الراوي بالتدليس هو فرع من هذه القضية، فإنما قولهم بأن فلانا مدلس إنما هو قرينة سيستدل بها في الحكم على الحديث، وليست هي الحكم على الحديث، فالحكم على كل حديث قضية مستقلة من ضمن قرائن الحكم على هذا الحديث تدليس الراوي وعنعنته، وليست عنعنة الراوي هي الحكم النهائي في الحديث.
ولهذا الحكم على الراوي بالتدليس دوما يكون أمرا نسبيا وليس قطعيا، فالمدلسون بين الإكثار من التدليس وبين التدليس النادر وبين التدليس عن الثقات والتدليس عن الضعفاء وبين التدليس عن رواة بعينهم دون غيرهم.

فالناتج من كل ما تقدم أن الراوي إذا وصف بالتدليس وروى حديثا بالعنعنة فينظر في قرائن كثيرة كدرجة الراوي وكثرة تدليسه أو قلته و حاله في التدليس مع شيخه هذا بالذات وبقية طرق الحديث إلى آخر هذه القرائن وفي النهاية يحصل الحكم على الحديث بمجموع هذه القرائن.
وعلى هذا يحكم البخاري ومسلم وغيرهما من الحفاظ على الحديث، لا بمجرد النظرة القاصرة إلى عنعنة المدلس.
وقد يخالفهما في الحكم النهائي أحد الحفاظ الكبار وهذا واقع في عدد قليل من أحاديث الصحيحين، وما وقع فيه مثل هذا فهو محل اجتهاد وما لم يقع فيه هذا الخلاف فهو إجماع من الأمة بصحة الحديث.

هذا السابق كلام عام و النقد الصحيح إنما يكون على مل حديث بعينه لأن كل حديث له قرائن تختلف عن الحديث الآخر.

وإن أردت التفصيل فعليك بهذا الكتاب:
منهج المتقدمين في التدليس.

ففيه نقول كثيرة جيدة تبين الإشكال الواقع والفارق بين الكلام النظري الذي نقع نحن الصغار فيه وبين تعامل الأئمة الكبار مع المسألة من الناحية العملية التطبيقية.

[أسد من أسود السنة]

بارك الله فيك اخي الحبيب ابو زرعه فعلا الحديث يحتاج له دقه كبيره جدا