العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-03-07, 01:21 AM   رقم المشاركة : 1
محمد السيد الشربينى
عضو فضي





محمد السيد الشربينى غير متصل

محمد السيد الشربينى is on a distinguished road


احبتى اسود السنه شوائب التفسير فى القرن الرابع عشر الهجرى(هام جدا للجميع)

شوائــــب التفسيـــر
فـي القرن الرابع عشر الهجري
عبد الرحيم فارس أبو علبة

مقدمة


الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، وأخرجنا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
الحمد لله الذي جعل القرآن طريقة عيش لنا، ومنهجاً لحياتنا، وسراجاً منيراً لعقولنا، وهادياً لقلوبنا، ومقياساً لما يرد إلينا من أفكار ومفاهيم، الحمد لله الذي تكفل بحفظ هذا الدين من التحريف والتبديل والتزييف، ومنع الباطل من دخول حصنه المنيع  ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾(1 ).
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه بإحسان إلى يوم الدين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أرسل رسوله بالهدى ودين الحق لينسخ الشرائع السابقة كلها، وليظهره على الدين كله واقعاً وتطبيقاً ولو كره الكافرون والمنافقون جميعاً. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله جعل الأنظمة الوضعية أنظمة كفر يحاسب الداعي إليها بالخلود في النار. وجعل الولاء للمؤمنين، والبراءة من الكافرين عقيدة تلتزم بها الأمة فتعز وتعلو، وتتركها فتذل وتكبو. أما بعد:


فإن كثيراً من المسلمين ينظرون إلى كتب التفسير نظرة تقديس لأنها تبيان لمعاني كلام رب العالمين. ويغيب عن بالهم أن القائمين عليها بشر غير معصومين. وأن الشوائب قد تدخلها من باب واسع بدافع الجهل، وبدافع الهوى، وربما بدافع الحقد الدفين على الإسلام. وسأحاول في هذا البحث – إن شاء الله تعالى- جمع كثير من الشوائب التي اختلطت بالتفسير في القرن الرابع عشر الهجري، الموافق للقرن العشرين قدر الطاقة، مبيناً إن كان لهذه الشوائب جذور قديمة أو لا، وهذا يقتضي تحديد ضوابط واضحة للتفسير لمزايلة الدخيل عن الأصيل، وتصفية التفسير وتنقيته من الشوائب التي علقت به عبر العصور بعامة، وفي القرن العشرين بخاصة.
وللشوائب بصمات ومعالم واضحة الدلالة لا تخفى على البصير بالإسلام أهمها:


أولاً: إعلاء شأن العقل وتحكيمه في كل شيء، حتى في نصوص الشرع مما يمكّن له السيادة المطلقة. وهو ما عرف بالعقل الحر، ويمكن إدراك هذه البصمة من الدعوة للإيمان بالحسيّات واستبعاد المغيبات. وفي جعل العقل مصدراً من مصادر التشريع على قدم المساواة بنصوص الوحي. بل وبتأويل ما يتعارض معه.
ثانياً: مساواة القرآن بالتوراة والإنجيل وبالعقائد الوضعية. وطمس فكرة هيمنة القرآن على الأديان السماوية ونسخه لها. ويمكن إدراك هذا المَعْلَم من الاستشهاد بنصوص التوراة والإنجيل، واستبعاد السنة النبوية الشريفة، ومن الدعوة للتقريب بين الأديان.
ثالثاً: تغيير مفهوم الدين عند المسلمين ليتساوى مع النصرانية بفصله عن شؤون الحياة واقتصاره على العلاقة بين الخالق والمخلوق فقط. ويمكن إدراك هذا المَعْلَم في الشوائب المتعلقة بالتشريعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعقوبات. وسواء زعم أنها حق للبشر في اختيار طريقة عيشهم في الحياة، أو زعم أن الله – تعالى- فوّض الأمر للإنسان في هذه الشؤون.
ولهذا فقد خلّفت الشوائب في التفسير عقبات في فهم الإسلام، وألقت بظلال مظلمة على مفاهيم الإسلام. ويمكن إجمال هذه العقبات بثلاثة أمور:
الأول: سيطرة الأفكار والمفاهيم والمقاييس الغربية على أذهان المسلمين حتى غدا الإسلام في قفص الاتهام ويحتاج إلى مَنْ يدافع عنه، ويبطل دعوى عجزه، فينبري العلماء للدفاع عنه فيقعوا في شَرَكٍ نُصِبَ لهم وهو مهادنة أفكار الكفر، ومحاولة التوفيق بينها وبين الإسلام. وهذا يستدعي تحريف الإسلام وتزييفه لنوال رضوان الكافر المستعمر.
الثاني: تحويل الأذهان المفتونة بالثقافة الغربية إلى عقليات إسلامية، لأن بعض الناشئة تقيس الإسلام بمقاييس غيره. وتقيّمه بقيم غيره. فكأن الأصل هو الإيمان بمذاهب خارج الإسلام، ثم ينظر إلى الإسلام من خلالها، فالإسلام يمدح إذا كان ديمقراطياً، أو إذا كان يدعو للحريات العامة، أو إذا كان يدعو للاشتراكية ونحو ذلك.
الثالث: صار بعض المسلمين يفهمون المبادئ الوافدة الدخيلة على أنها إسلام، وصاروا بحاجة إلى حجج وبراهين لإثبات عكس ذلك. فالعقبة الكأداء هي إقناع عقول من استسلموا للواقع بأفكار الإسلام الصافية النقيّة من الشوائب.
وهذا يقتضينا أن نبيّن كيف نزيل العقبات التي خلّفتها الشوائب.
إن نقطة الابتداء في العمل لإزالة هذه الشوائب تتجلى في تبني المسلمين أفراداً وجماعات لهذا الأمر، وأن يجعلوه معركة في الحياة عامة. ويكون القائد لهذه المعركة الفكرية من شرح الله صدورهم من العلماء من أساتذة الجامعات في كافة الدراسات الإسلامية لهذا الأمر. كلٌ ضمن اختصاصه بنشر الوعي على الشوائب. ويكلفون الطلاب عمل أبحاث تعرّي الشوائب وتكشفها على حقيقتها، وتبيّن عظمة أفكار الإسلام. وتبرز تميّزها عن جميع المعالجات البشرية في شؤون العقيدة والأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعقوبات، وفي سائر شؤون الحياة. ثم ينتقل الوعي على الشوائب إلى بقية شرائح المجتمع حتى يحدث انقلاب فكري في الأمة فتعود إلى إسلامها صافياً نقياً من أي شائبة. ونكون بذلك قد رددنا الكرَّة على أصحاب الشوائب، وحاربناهم بسلاحهم نفسه. ويكون العلماء قد استردّوا هيبتهم وفضلهم في وراثة الأنبياء، قال عبد الله بن عمرو بن العاص(2 ): (سمعت رسول الله  يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه
من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) (3 ).
وأما حكم الشوائب فيؤخذ من قول الرسول : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ( 4). ولما كانت الشوائب دخيلة على ديننا، وهي إحداث في أمر ديننا، وهي تناقضه وتعارضه فهي مردودة، والحكم الشرعي فيها، فيه تفصيل: فمن يحملها معتقداً بها، وينشرها ابتغاء الفتنة وابتغاء تحريف الإسلام فإن صاحبها يخرج من الملة – والعياذ بالله -، ويزداد عذاباً يوم القيامة بقدر حقده وعداوته لدين الله.
وأما تعلمها للأخذ بها فهو حرام لأنه أخذ لما هو مردود من الإسلام. وأما تعلمها لردها وبيان خطرها، والتحذير منها فهو مندوب يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه. وأما تعليمها فإن كان بقصد بيان زيفها وهدمها فهو من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه ثواب عظيم، يتضاعف ثوابه بقدر ما يهدي من الناس، وبقدر ما ينقذهم من الضلال. وأما تعليمها بقصد الترويج لها وبيان صحتها والدفاع عنها فهو كمن تولى كبره – والعياذ بالله -.
وأما السكوت عليها فإن كان قادراً على الإنكار والتغيير وصمت فيكون قد شارك الشيطان الأخرس في مهمته. وإن كان سكوته عن ضعف أمام جائر متجبر، وأنكر بقلبه، وأبلغ إنكاره لمن يستطيع، فنسأل الله له القوة والغفران، ولعله يكون قد أصاب أضعف الإيمان، ولا نزكي على الله أحداً. والموعد الله في كل غاية، وفوق كل ذي علم عليم.
.................................................. .......... .................................................. .......... ..............................................
(1 ) سورة الحجر، آية 9.
( 2) أحد الصحابة المكثرين من الرواية، وأحد العبادلة الفقهاء، مات قبل المائة، روى له الستة. (تقريب التهذيب ترجمة 3499).
(3 ) رواه البخاري في كتاب العلم. باب كيف يقبض العلم، 1/36، طبعة الشعب. ورواه مسلم، العلم، 13، الترمذي 2652، سنن ابن ماجه 9، مسند أحمد 2/162، 190، الدارمي 1/77، فتح الباري، 1/194، 13/284.
( 4) رواه البخاري، 3/421، صحيح مسلم، الأقضية 17، سنن ابن ماجه 14، سنن أبي داود، السنة ب5، مسند أحمد، 6/240، 270، فتح الباري، 5/301، 13/53. وفي رواية: (من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو رد).

__________________

مسوغات البحث



تعالت صيحات في نهاية القرن الثالث عشر، وفي مطلع القرن الرابع عشر الهجري تنادي بالتوفيق بين الحضارة الغربية والإسلام، ومنها ما دعا إلى تجديد الفكر الإسلامي، ولاقت هذه الصيحات ترحيباً حاراً من الجهات الرسمية، وآذاناً صاغية من الغافلين والمضبوعين بالثقافة الغربية، فلوى بعض أصحاب هذه الصيحات عنق نصوص القرآن لتوافق ما يصبون إليه. فجاءت آراؤهم وأفكارهم متعارضة متناقضة مع التفكير الإسلامي فدخلت الشوائب إلى التفسير من هذا الباب الواسع.
وولع عدد لا بأس به ممن انخرطوا في سلك التفسير في القرن العشرين بكل غريب من الأفكار والأحكام والآراء، وتلقفوا جميع الروايات الصحيح منها والسقيم دون أن يعنّوا أنفسهم بالتحقيق. وربما اكتفى بعضهم بإسناد الرأي إلى مؤسسيه لينجو من العهدة، ويتخلص من التبعة، دون أن يصدر حكمه على كثير من نقوله فيقع في روع القارئ أن المفسر استملحها وارتضاها لأنها جاءت في سياق التقرير. فدخلت شوائب جمة في كتب التفسير.
واعتمد نفر ممن خاض غمار التفسير في القرن العشرين، من ذوي الأهواء، على اقتناص شوارد الآراء الشاذة السابقة، وضمنوها في كتبهم فجمعت الشوائب القديمة وجددتها فكانت ضغثاً على إبّالة.
ثم إن ضعف الخلافة، وتكالب الاستعمار عليها ساهم في إيجاد حركات وجمعيات وأحزاب هرعت إلى تفسير القرآن لتضفي على وجودها صبغة شرعية لتحقق ما تسعى إليه بإسناد آرائها وأفكارها ومشاريعها إلى الشرع الشريف فلجأت إلى تفسير القرآن كله أو بعضه لإحداث انقلاب فكري. وهذا دعاني لدراسة هذه التفاسير للوقوف على حقيقة هذه الحركات والجمعيات والأحزاب. ولمعرفة مدى تقيّدها بالإسلام بالوقوف على الشوائب التي أدخلوها للتفسير.
وكان اتصال الأمة الإسلامية في شتى أنحاء العالم بدول الغرب المتقدم مادياً أوجد إحساساً بالعجز، وشوقاً إلى نهضة جديدة مما دفع العلماء، وبخاصة المفسرين، إلى تلقف الثقافة الغربية، والطرق الغربية للنهضة فهرعوا إلى تفسير القرآن لعلهم يجدون ضالتهم المنشودة.
وغالى بعض من انبهر بالتقدم العلمي الذي توصل إليه الغرب فتبنى النظريات العلمية والاختراعات والصناعات. وأخذ يبحث لها عن دليل في القرآن الكريم، فأوّل النصوص حتى أظهر القرآن بأنه كتاب علوم دنيوية لا كتاب تشريع سماوي. وهذا استدعاني للتنقيب في هذه التفاسير للوقوف على الأفكار التي حوتها.
وقد ساهم انتشار المطابع في إيجاد كمٍّ هائل من التفاسير لتأييد كل فريق رأيه، كما ساهمت في إظهار التراث التفسيري السابق. فكان هذا مدعاة للموازنة بين التفاسير القديمة والمعاصرة، وإظهار وجه الحق فيها. وبيان مدى ارتباط الشوائب الراهنة بالقديمة.
ولقد نحا المفسرون منذ نهاية القرن الثالث عشر الهجري مناحي جديدة في تفسير القرآن، وسلكوا طرقاً لم تكن مألوفة سابقاً منها: الطريقة العصرية، والطريقة الأدبية، والطريقة العلمية، وطريقة التفسير الموضوعي، وتفسير القرآن حسب نزوله ، فظهرت تفاسير متعددة الاتجاهات والمناهج تطبيقاً لهذه الطرق. وكثر حولها اللغط، ولم تحظ هذه التفاسير بالدراسة الواعية الكافية مما حفزني لإلقاء الضوء فيها، وتحديد ما أدخلته على تراثنا التفسيري مما ليس من جنسه.
كما لوحظ أن هناك من تربع على أريكة التفسير وهو لا يملك عدته، ونادى بالاجتهاد بلا ضوابط ولا حدود. فتجرأ على تفسير كلام الله – تعالى – بما لا تحتمله نصوص الآيات من لا يرجون لدين الله وقاراً. وحرّفت بذلك المفاهيم الإسلامية، وتشوهت صورة الإسلام مما دعاني للبحث لمزايلة هذه الشوائب الدخيلة عن تفسير كلام رب العالمين.
وفي خريف عام 1986م شرعت في تحصيل ما يعرف بشهادة الماجستير في التفسير وعلوم القرآن، فكان التعليم مثيراً لحفيظة المسلم الواعي وبخاصة في مادة اتجاهات التفسير في العصر الحديث، عندما طالعتنا تعابير حُرِّف الإسلام تحتها منها:
الاتجاهات المنحرفة في التفسير، التفسيرات المريضة، التفاسير الخاطئة، بدع التفاسير، الاتجاه التغريبي في تفسير كذا، الدخيل في التفسير الفلاني.. الخ، فكانت شوائب لا صلة لها بالإسلام. ومع ذلك عُدَّ أصحابها مؤسسين لنهضة تفسيرية. وقد تهيأ لي أسباب الاطلاع على تفسير المنار لمحمد عبده ومحمد رشيد رضا، وتفسير الجواهر لطنطاوي جوهري، والتفسير الحديث لمحمد عزت دروزة، والتفسير القرآني للقرآن لعبد الكريم محمود الخطيب، وتفسير القرآن الكريم كما أفهمه لعلي نصوح الطاهر، وغيرها فراعني وهالني ما وقفت عليه، ففي العقيدة أظهروا الإيمان بالمحسوس وأوّلوا المغيبات، فقالوا عن الملائكة إنها قوى طبيعية، أو هي نزعات الخير في الإنسان، وقالوا عن الشياطين هي نزعات الشر في الإنسان، وقال بعضهم عن الجنة والنار بأنهما حالتان لا مكانان. وعن البعث بأنه استقلال الأمم والشعوب ونهضتها. وعن شجرة الخلد بأنها شجرة الجنس. وتأولوا معجزات الأنبياء المادية فراراً من الإيمان بالغيب. فقالوا عن عصا سيدنا موسى – عليه السلام – بأنها الحجج والبراهين.. الخ ومدح بعضهم عقيدة المجوس فقال إنها حلّت عقدة إله الخير وإله الشر. وقالوا دون حرج في القرآن أساطير الأولين، وأن القصص قد وردت على زعامات العرب وتخيلات السابقين لا على سبيل الحق والواقع. وجعل بعضهم سبب انحطاط المسلمين هو تمسكهم بالتوحيد والفقه ونصحهم إذا أرادوا الوحدة أن يتخلوا عنهما ويلتفوا حول العلوم التجريبية ليضموا غيرهم إليهم كذلك.
ومنهم من جعل الفطر في رمضان حلالاً مطلقاً مقابل إخراج الفدية. ومنهم من أحل القمار تحت اسم اليانصيب الخيري. ومنهم من أحل الميتة والخنزير إذا بولغ في طهيه وزال ضرره. ومنهم من أباح زواج المسلمة من الكتابي، ومنهم من نفى حكم رجم الزاني المحصن وقال بالجلد على من تعوّد الزنا لا على من زنا مرة أو مرتين. وكذلك عقوبة قطع يد السارق فجعلوها تعزيرية قد تصل إلى القطع في أعلى درجاتها لمن تعود السرقة لا من سرق مرة أو مرتين.. إلى غير ذلك مما تقشعر منه جلود الذين تسري في دمائهم حرارة الإيمان. فكان هذا حافزاً قوياً للدراسة والبحث والاستقصاء.
وخلاصة القول إن التفسير صار تكئة لبث أفكار التغريب وإدخال الدخيل، فكانت شوائب معتمة تحجب رؤية الإسلام صافياً نقياً. لو جمعناها لشكلت ديناً جديداً لا يمت إلى الإسلام بسبب ولا نسب.
وكثر اللغط حول أعلام التفسير في هذا القرن وتعارضت فيهم الآراء لحد التناقض فمنهم من عدّهم أئمة للتفسير والإصلاح. ومنهم من عدّهم عكس ذلك. فكان هذا حافزاً لي للوقوف على حقيقة الأمر لعلّي أستطيع أن أساهم في إسداء نصيحة تطبيقاً لقوله : (الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) (1 ).

ولما كان التفسير أشرف العلوم على الإطلاق لأن موضوعه نصوص الوحي ومضامينه، ولأن الحاجة إليه متجددة، فهو عماد دنيانا وآخرتنا، لما كان التفسير كذلك، وقد دخله وابل من الشوائب في القرن العشرين لذا فإنني أطمح إلى أن أضم للتفسير دراسة تساهم في تحريره وتنخيله من الدخيل، وتنقيه وتصفيه من الشوائب لعلها تحسب عند الله – تعالى – نصيحة لكتابه العزيز.
إن هذه الأمور مجتمعة أوجدت في نفسي الرغبة الملحة في إعداد هذا البحث والله المعين على هذه المهمة، وهو بحث شاق وشائك ولكنّه شيّق ورائق لأنه يرمي إلى استئصال ما وقر في بعض القلوب، بل ران عليها، واستقر في الأسماع، واستهوته بعض النفوس، واستعذبته بعض الألسن منذ قرن، وتناقلته الأجيال على أنه من الإسلام، وما هو من الإسلام في شيء.

.................................................. .......... .................................................. .......... ....................
( 1) رواه مسلم في صحيحه، عن تميم الداري ، 2/37، صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الإيمان باب 23، البخاري 1/22، الترمذي 1926، النسائي 7/157، مسند أحمد، 2/297، الدارمي، 2/311، فتح الباري 1/137، 138 .. وغيرها
اعتاد الباحثون الجامعيون أن يشيروا لبعض الكتابات السابقة لإظهار الريادة لأبحاثهم، أو لسد ثغرة خلّفها من كتب قبلهم، أو اعترافاً بجميل من حازوا قصب السبق، وها أنا منخرط في سلكهم، فأقول:
لما كان رب العزّة قد تعهد بحفظ كتابه المبين. وحفظه يعني: حفظ معانيه، وبيانه ولغته إلى جانب حفظ رسمه وترتيبه، فكان حتماً مقضياً أن أكون مسبوقاً بالفكرة على الأقل. فقد مسّ بعضهم الموضوع في ثنايا البحث عن مناهج واتجاهات التفسير، وتناول أحدهم بدع التفاسير عند بعض المفسرين كنماذج، وتطرق البعض إلى التفسيرات المنحرفة، أو المريضة، أو الخاطئة. وجعلها بعضهم اتجاهاً منحرفاً في التفسير، وبعضهم جعلها انحرافاً فحسب يؤجر صاحبه عليه لأنه اجتهاد رغم كثرته عندهم ورغم فظاعته. ومنهم من لامس الفكرة عند بحثه أثر الواقع الثقافي على التفسير أو عند بحث التيارات الفكرية الحديثة وأثرها في التفسير. ولكن بهذا الاسم "شوائب التفسير" لا أعلم أحداً كتب فيه، كما
لا أعلم أحداً خصص بحثه في الموضوع. وإليك أهم الدراسات الوثيقة الصلة السابقة لهذا البحث:

1- كتاب بدع التفاسير( 1) لأبي الفضل عبد الله محمد الصديق الغماري الحسيني الإدريسي(2 ).
يقع الكتاب في مائة وست وثمانين صفحة من القطع المتوسط. أشار فيه المؤلف إلى التفاسير الخاطئة التي يجب تجنبها في فهم كلام الله – تعالى -، والبعد به عن أن يكون من جملة معانيه لنبو لفظه عنها، أو مخالفتها لما تقتضيه القواعد المأخوذة من الكتاب والسنة. وقد حصر المؤلف هذه البدع بنوعين من التفاسير:
الأول: تفاسير المعتزلة كتفسير الجبائي(3 ) والرماني(4 ) وأبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني(5 ).
الثاني: تفاسير بعض المعاصرين وحددهم:
1- تفسير المصحف المفسر لمحمد فريد وجدي(6 ).
2- أوضح التفاسير لمحمد عبد اللطيف الخطيب(7 ).

3- تفسير أبي زيد الدمنهوري(8 ).
4- تفسير القرآن للقراءة والفهم المستقيم لعبد الجليل عيسى(9 ).
وألحق بها ما كتبه الشيخ محمود شلتوت(10 )، وعبد الوهاب النجار(11 ) في قصص الأنبياء.
وقد استعرض بعض التفاسير الخاطئة لآيات من ثمان وأربعين سورة من سور القرآن أبرز المواضيع التي حدث فيها بدع وإثم. وقد اختار عنوان الكتاب من تعبير الزمخشري في تفسيره كما قال. والرجل من مدرسة الشيخ محمد عبده، والحق أن عنوان الكتاب معبر عن الشرور الحادثة في بعض التفاسير المعاصرة. ومأخذي على الكتاب أنه تناول الفروع دون الأصول. وكلهم من المدرسة العقلية الحديثة، مدرسة محمد عبده، فلم يتطرق إلى المؤسسين، بل شايعهم، وألقى اللوم على التلاميذ والأتباع مع أن أقوال المؤسسين في تفسير المنار أوضح طلعة في قسمات البدع والشوائب. والمؤلف معاصر لمن كتب عنهم، خبير بحالهم. ويمكن أن نعد الكتاب نموذجاً فتح عيون من جاءوا بعده على البحث ليغطوا المواضيع الرئيسية في الشوائب مما فاته شرف بحثها والتنبيه إليها.

2- اتجاهات التفسير في العصر الحديث في مصر وسوريا:
رسالة أعدها فضل حسن عباس(12) من الأردن لنيل درجة الدكتوراة من الأزهر، بإشراف د. محمد سيد طنطاوي مفتي مصر حالياً. وقد نوقشت في عام 1392هـ - 1972م، وقاربت على الألف صفحة. ويبدو أن الباحث مقتنع باتجاهات التفسير في العصر الحديث في مصر وسوريا.
وقد دافع المؤلف عن المؤسسين للتفسير في هذا القرن وهم محمد عبده(13 ) ومحمد رشيد رضا( 14) وعدهم روّاداً للنهضة التفسيرية – حسب تعبيره – لهذه الحقبة مع أنه أبرز انحرافهم بشكل فاضح تحت اسم (مآخذ) قلل من هيبة من عدّهم رموزاً في أعين الناظرين، وأنزلهم عن مرتبتهم عند أهل التقى والحجا. وقد تعقبهم في قضايا العقيدة، والقضايا السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والعلمية، والأدبية، وتطرق إلى الجانب التاريخي لإكمال حلقة الدراسة. فسجل موقف شيخ الإسلام مصطفى صبري( 15) من الشيخ محمد عبده وحركته حيث قال: "أما النهضة الإصلاحية المنسوبة إلى الشيخ محمد عبده، فخلاصتها أنه زعزع الأزهر عن جموده على الدين فقرب كثيراً من الأزهريين إلى اللادينيين خطوات، ولم يقرب اللادينيين إلى الدين خطوة وهو الذي أدخل الماسونية في الأزهر بواسطة شيخه جمال الدين الأفغاني(16 )، كما أنه شجع قاسم أمين( 17) على ترويج السفور في مصر"( 18).
كما سجل الشيخ فضل ما أورده د. محمد محمد حسين(19 ) في كتابه الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر عن الشيخ محمد عبده حيث قال: "فبينما ينزله رشيد رضا ومعه كل أتباع الشيخ محمد عبده الذين ازداد عددهم على الأيام منزلة الاجتهاد في الدين، ويرفعونه إلى أعلى درجات البطولة والإخلاص الذي
لا تشوبه شائبة كان كثير من علماء الشريعة المعاصرين له يتهمونه بالمروق من الدين والانحراف وبتسخيره لخدمة العدو"( ).
ثم أثبت انتماء الأفغاني ومحمد عبده للإخوان الماسون، وأثبت تعاونهما مع الإنجليز، ورأى أن تأويلاتهما في تفسير المنار كانت أسوأ من الإسرائيليات، وأثبت عملهما في التوفيق بين الحضارة الغربية والإسلام. ومع هذا كله فقد اعترف بإمامتهما لقيادة نهضة تفسيرية إسلامية في العصر الحديث.
وقد برر الشيخ فضل عمالة الشيخ محمد عبده للإنجليز بقوله: " ولكن الشيخ رأى في هذا التعاون مع الإنجليز الذي كان يظهر أنه سينقلب خيراً على الأمة ، فإن لم تكن النتائج كما ظن فإن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ في الاجتهاد"(20 ).
وبرر انتماءه للإخوان الماسون بعد أن أثبت نيله وسام مرتبة البلح والصدف في محفل لبنان من المندوب الأمريكي في بيروت فقال: "أما المحفل الماسوني الذي كان عضواً من أعضائه، فلا ريب أن الشيخ خدع وغرر به ذلك أن الماسونية لم تكن لها صورة واضحة في ذلك الزمن كما هي الآن. ففي وقتنا هذا لا يشك أحد في غايات الماسونية وأهدافها وبأن الانتساب إليها محاربة لله ورسوله"( ).
كما برر عمله في التوفيق بين الإسلام والحضارة الغربية بقوله: "أما محاولاته للتوفيق بين الإسلام والحضارة الغربية فلعل وضع المسلمين في ذلك الوقت الفكري والسياسي .. الخ إذا قورن بأوضاع الأوروبيين، لعل ذلك من جهة، وثقافة الشيخ ورحلاته إلى أوروبا، وحرصه على نهوض أمته من جهة ثانية كان دافعاً لهذه المحاولات ... إن جمود المسلمين في ذلك الوقت، ورفضهم العودة حتى إلى مصادر دينهم جعل الشيخ يجتهد فيما دعا إليه، ولا محذور في تصوره مادامت مصادر هذا الدين ستحتفظ للمسلمين بشخصيتهم، ولن تذوب وتتلاشى هذه الشخصية أمام الحضارة الأخرى، وعلى كل حال، فلقد اجتهد الشيخ وللمجتهد أجر واحد إن أخطأ"( 21).
وقال: "وسيبقى إماماً لمدرسة من مدارس الوعي الإسلامي".
وأما عن الانحراف في التفسير فكتب الشيخ فضل تحت عنوان: "هل لمدرسة الإمام أثر في هذا الانحراف": "هذه أفكار مسمومة خرج أصحابها بهذه المطاعن ولكنها لم تأخذ شكل التفسير( 22) إذا استثنينا كتاب أبي زيد الدمنهوري. وهناك كتب أراد أصحابها أن يلبسوها صبغة التفسير. وقبل أن أتعرض لها لا بدّ من الإشارة إلى أثر مدرسة الأستاذ الإمام في هذا النمط من التفسير .. إلى أن يقول: "فلقد كانت لهذه المدرسة هفوات وكبوات، خرجت بالنص القرآني من معناه الظاهر، إلى تأويلات بعيدة، وتفسيرات غريبة وذلك كتأويل الملائكة بالقوى الطبيعية. وحتى مجرد التسمية بهذا الاسم يعد غريباً عن معنى الآية ومضمونها. وكتأويل سجود الملائكة لآدم بتسخير القوى، وكتأويل مولد عيسى عليه السلام بأنه تأثير حصل لمريم نتيجة اعتقاد خاص. ومن هذا القبيل تأويل الرجوم بالحجج عند المراغي الأكبر( 23)، وتأويل الخطفة والشهاب الثاقب، والشهاب الرصد عند المراغي الأصغر(24 ). وتأويل الدابة عند الشيخ عبد الجليل عيسى . ولا تنس تأويل قصة البقرة الذي ذهب إليه الأستاذ الإمام وصاحب المنار. وقد استند صاحب الفن القصصي فيما ذهب إليه إلى بعض عباراتهما. كل هذا يجعلني أخلص إلى النتيجة التالية: وهي أن لهذه المدرسة أثراً فيما حصل من انحراف في التفسير فيما بعد". وقال: والحق إن مدرسة الأستاذ الإمام مع ما لها من فضل إلا أنها شجعت الكثيرين ممن نشك في دوافعهم وأهدافهم على أن يذهبوا هذه المذاهب الشاذة في تفسير القرآن"(25 ).
وقد عد الشيخ فضل هذه الانحرافات في التفسير، والمذاهب الشاذة مجرد انحرافات وليست اتجاهاً منحرفاً في التفسير. ومهما يكن من أمر فإنني أعده ممن لهم قصب السبق في بحث شوائب التفسير. وإن لم يكن عنوان رسالته يدل على ذلك، وإن لم تكن وجهته جمع المثالب والشوائب والانحرافات، بل كانت دراسته في اتجاهات التفسير في العصر الحديث. وهنا أسطر اعترافي بالجميل لهذه الرسالة ولصاحبها حيث أضاءت لي طريق البحث والدراسة. وكانت من الحوافز لي على البحث في شوائب التفسير في القرن الرابع عشر الهجري.
ومن المآخذ على الرسالة أنها نافحت عن المؤسسين للانحراف في التفسير في هذا القرن رغم تزييفهم للإسلام، وعدتهم أصحاب نهضة تفسيرية في العصر الحديث عجز الأوائل عن تحصيلها. فكانت الدراسة متناقضة، وأحكامها متعارضة. فقد جمعت المتناقضات في الشيخ الواحد في وقت واحد. لذا فإنني أعدها دراسة سطحية غير موفقة في تبريرات أعمال رموزها. ومن المآخذ عليها أنها لم تتعرض للجانب الأسود من تاريخ الشيخ محمد رشيد رضا لأنه ربما كان لا يراه مما يعاب، أو لحاجة في نفسه كشأن دفاعه عن الأفغاني ومحمد عبده.

اخوانى اسود السنه المصدر وباقى الكتاب على هذا الرابطhttp://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=7389







التوقيع :
اللهم صلى وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا رسولك محمد وعلى آله الكرام الأطهار وصحابته الذين ارتضيتهم لصحبة نبيك ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهد الشيعة إلى صراطك المستقيم وأرجعهم إليك منيبين مخبتين اللهم من علمته منهم مريدا للحق راغبا بالهداية فألن قلبه للحق ويسر له معرفته ...آمين
(ابو جهاد المصرى)
من مواضيعي في المنتدى
»» فرحه كبيره لنائب الرئيس الامريكى واعوانه المجوس والخونه
»» دعوه لمقاطعة الدوله الصفويه المارقه
»» ثمانه اعجبتنى احببت نقلها لكم احبابى
»» خبر عاجل السيستانى يجيز الصلاه امام المراحيض
»» شرطيه مسلمه تثير موجه من الغضب فى بريطانيا لرفضها مصافحة قائدها لاسباب دينيه
 
قديم 01-03-07, 10:27 AM   رقم المشاركة : 2
المهدي بوصالح
موقوف







المهدي بوصالح غير متصل

المهدي بوصالح is on a distinguished road


جزاك الله خيرا ، موضوع هام جدا







 
قديم 01-03-07, 12:40 PM   رقم المشاركة : 3
محمد السيد الشربينى
عضو فضي





محمد السيد الشربينى غير متصل

محمد السيد الشربينى is on a distinguished road


بارك الله فيك اخى بوصالح







التوقيع :
اللهم صلى وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا رسولك محمد وعلى آله الكرام الأطهار وصحابته الذين ارتضيتهم لصحبة نبيك ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهد الشيعة إلى صراطك المستقيم وأرجعهم إليك منيبين مخبتين اللهم من علمته منهم مريدا للحق راغبا بالهداية فألن قلبه للحق ويسر له معرفته ...آمين
(ابو جهاد المصرى)
من مواضيعي في المنتدى
»» خبر عاجل السيستانى يجيز الصلاه امام المراحيض
»» الاسلام بكل اللغات انشر تؤجر
»» هذه القصة حدثت لفتاه والله تعالى اعلى واعلم
»» هبوا فموسم النحر حان
»» العنوان: شارع حيفا ومناطق الشيخ علي والمشاهدة والفحامة يشهدان حملة إبادة وتصفية أمريك
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:03 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "