في كتاب الإبريز وهو السيرة الذاتية لشيخهم عبد العزيز الدباغ يقول ابن المبارك مريده الذي ألـّف الكتاب :
إني قلت للشيخ - يقصد الدباغ - رضي الله عنه إن التخصيص في آية : { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً } الآية يخرج الولي فالمعارضة باقية ، فقال رضي الله عنه : إنما يخرج غير الرسول ، وأما الولي فإنه داخل في الآية مع الرسول....
ثم يقول ابن المبارك بعدها بأسطر قليلة :
ثم قلت للشيخ رضي الله عنه فإن علماء الظاهر من المحدثين وغيرهم - يقصد أهل السنة - اختلفوا في النبي صلى الله عليه وسلم ، هل يعلم الخمس المذكورات في قوله : { إن الله عنده علم الساعة ، وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً ، وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير }.
فقال رضي الله عنه وعن سادتنا العلماء : وكيف يخفى أمر الخمس عليه صلى الله عليه وسلم والواحد من أهل التصرف من أمته الشريفة لا يمكنه التصرف إلا بمعرفة هذه الخمس.
ثم يقول ابن المبارك ، وكذا سألته عن قول العلماء في معرفة ليلة القدر أنها رفعت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولذا قال : " أطلبوها في التاسعة في السابعة في الخامسة " ولو بقيت معرفتها عنده عليه السلام لعينها لهم ، فقال رضي الله عنه سبحان الله وغضب.
ثم قال : والله لو جاءت ليلة القدر وأنا ميت وقد انتفخت جيفتي وارتفعت رجلي كما تنتفخ جيفة الحمار لعلمتها وأنا على تلك الحالة فكيف تخفى على سيد الوجود صلى الله عليه وسلم .
ثم ذكر أسراراً عرفانية في معرفة الخمس السابقة وفي معرفة ليلة القدر لا ينطق بها إلا عارف مثله وفقنا الله لذكر شيء منها في هذا الكتاب .
وهنا دعوني أقول لأتباع العارف الدباغ :
يقول الله عز وجل في كتابه : { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً ، إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً } الجن : 26 - 27
ففي تفسير القرطبي :
قوله تعالى : عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : عالم الغيب (( عالم)) رفعاً نعتاً لقوله ((ربي)). وقيل : أي هو عالم الغيب والغيب ما غاب عن العباد. وقد تقدم بيانه في أول سورة (( البقرة)) فلا يظهر على غيبه أحدا فإنه يظهره على ما يشاء من غيبه، لأن الرسل مؤيدون بالمعجزات، ومنها الإخبار عن بعض الغائبات، وفي التنزيل : وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم [ آل عمران: 49].
قوله تعالى : إلا من ارتضى من رسول قال ابن جبير : (( إلا من ارتضى من رسول)) هو جبريل عليه السلام. وفيه بعد، والأولى أن يكون المعنى : أي لا يظهر على غيبه إلا من ارتضى أي اصطفى للنبوة، فإنه يطلعه على ما يشاء من غيبه : ليكون ذلك دالاً على نبوته.
الثانية : قال العلماء رحمة الله عليهم : لما تمدح سبحانه بعلم الغيب واستأثر به دون خلقه، كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل، فأودعهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم، وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم.
فهل الدباغ وأمثاله من الصوفية يضعون أنفسهم في مقام الأنبياء ..؟؟
ما أعرفه غير الدباغ ممن قال بذلك هو أن ابن عربي الذي ادعى النبوة ، وهو من ادعى أن القرآن تنزّل عليه في مدينة حلب ..!!
وكذلك أبو بكر بن سالم الحضرمي الذي ادعى أنه لولا شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم للخلق لشفع هو نفسه لهم.!!.
ولكي لا نخرج عن الموضوع بتبيان شيوخ الصوفية الذين ساووا أنفسهم بالرسل لنكمل مع الدباغ وعلمه بالغيب..!!
يقول الله عز وجل مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم : { قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضَراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون } الأعراف : 188
فكيف يدّعي الدباغ أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيوب الخمسة بل أنه يدّعي أنه هو نفسه وبقية شيوخ الصوفية يعلمون ما اختص الله به نفسه ..؟؟
فعن أبي هريرة قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بارزا للناس فأتاه رجل فقال :
يا رسول الله ما الإيمان ؟
قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث الآخر .
قال : يا رسول الله ما الإسلام ؟
قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان.
قال : يا رسول الله ما الإحسان؟
قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك.
قال : يا رسول الله متى الساعة ؟
قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربها فذاك من أشراطها وإذا كانت العراة الحفاة رءوس الناس فذاك من أشراطها وإذا تطاول رعاء البهم في البنيان فذاك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله .
ثم تلا صلى الله عليه وسلم إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير قال ثم أدبر الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا علي الرجل فأخذوا ليردوه فلم يروا شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم" .
( رواه البخاري ومسلم والنسائي ومسند أحمد وابن ماجه وصحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة )
وفي الحديث الآخر : حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن مجالد عن الشعبي قال لقي بن عباس كعبا بعرفة فسأله عن شيء فكبر حتى جاوبته الجبال فقال بن عباس : " إنا بنو هاشم فقال كعب إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى فكلم موسى مرتين ورآه محمد مرتين قال مسروق :فدخلت على عائشة فقلت هل رأى محمد ربه فقالت : لقد تكلمت بشيء قف له شعري قلت رويدا ثم قرأت لقد رأى من آيات ربه الكبرى
قالت : أين يذهب بك إنما هو جبريل من أخبرك إن محمدا رأى ربه أو كتم شيئا مما أمر به أو يعلم الخمس التي قال الله تعالى إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث فقد أعظم الفرية ولكنه رأى جبريل لم يره في صورته إلا مرتين مرة عند سدرة المنتهى ومرة في جياد له ستمائة جناح قد سد الأفق قال أبو عيسى وقد روى داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق عن عائشة النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث وحديث داود أقصر من حديث مجالد.
( سنن الترمذي )
أما خرافة معرفة الدباغ وغيره لليلة القدر فيكيفكم هذه الرواية من صحيح البخاري :
حدثنا معاذ بن فضالة حدثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة قال سألت أبا سعيد وكان لي صديقا فقال : " اعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها أو نسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر وإني رأيت أني أسجد في ماء وطين فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع فرجعنا وما نرى في السماء قزعة فجاءت سحابة فمطرت حتى سأل سقف المسجد وكان من جريد النخل وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته" .
فهل لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم ليلة القدر يقول أنه أنسيها ..؟؟
هذا ما في القرآن والصحاح فمن سيصدق الصوفية ..؟؟
الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم أم كذبة الصوفية ..؟؟
وفي الجزء التالي بإذن الله سآتيكم بما قاله الدباغ ليعلم الصوفية بأنه لا يتنزل على شيوخهم إلا الشياطين ..!!
وليعلموا بأنه مهما زين شيوخهم كذبهم على الله وعلى رسوله إلا أن كذبهم واضح وضوح الشمس لمن له قلب وبصيرة ..!!
[ أعتذر للأخوة عن إنزال الوثائق حيث أن مشكلتي مع التحميل لم تنته بعد ]
للموضوع بقية ..!!