هـــام جدا ... في شرعيّة استخدام الألفاظ الحادّة والشديدة في حقّ الخصوم
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام
في هذا المنتدى منتدى الدفاع عن السنة انتهجنا منهجا في التعامل مع الأعضاء من الشيعة يختلف باختلاف طبيعة المحاور وهدفه من هذا النقاش :
أولا : هناك من الشيعة من يأتي إلى هذا المنتدى بوازع الدفاع عن دينه والانتصار لمذهبه لما يراه من تعدٍ واضح على ثوابته ومسلماته .. فيهب منقذا محاولا إثبات صحة أقواله وفساد تلك الحقائق الباهرة والحقائق الساطعة ..
فما يلبث أن يُصاب بخيبة أمل فيتحول من منافح عن دينه إلى شاتم وساب يرغب بأن يطرد من هذا المنتدى ليقول( هم طردوني بعد أن أعيتهم الحيلة ) .. وهاك ( حفيد الإمام الخميني ) أنموذجا
ثانيا : هناك من يأتي إلى هذا المنتدى والحقد يملئ قلبه وهم كثر يرفض هذا التعدي السافر على دينه .. لكنه يتناسى ما يفعله أقرانه في منتدياتهم من أفعال شنيعة بحق ديننا .. فيتهمنا بسوء الأخلاق والشتم والسباب ..
ثالثا : والقليل من يصدق في حواره ملتمسا العذر لخصومه بسبب شناعة وفداحة ما يكتبه علمائه وما تعج به منتديات الرافضة مما لا يخفى على مرتادي منتديات الحوار عبر الشبكة العنكبوتية ..
وقضية محاورة الشيعة تختلف من شخص لآخر باختلاف نظرته واطلاعه ونفسيته..
ولعي أنقل كلاما أعجبني يناسب موضوعنا هذا في شرعيّة استخدام الألفاظ الحادّة والشديدة في حقّ الخصوم :
إنّه من المؤسف حقّاً أن يظنّ بعض الأحبّة أنّ العبارة الشّديدة لا ينبغي استخدامها بحالٍ من الأحوال، ولعلّهم يفسّرون معنى الحِكمة على وجهٍ واحدٍ من البيان، وهو رقّة العبارة وعدم شدّتها، وهذا الظنّ هو كظنّ بعض المسلمين أنّ استخدام العصا يجانب الحكمة، وهذا ظنّ مخطئ ولا شك، لأنّ الحكمة هي استخدام الوسيلة الحق (الموافقة للواقع) للبلوغ إلى الهدف بأقلّ كلفة وخسارة، وعلى هذا فلا بدّ من تحديد الهدف، لنعلم هل هذه الوسيلة تحقّق الهدف أو لا تحقّقه؟.
والهدف مع المخالف قد يكون واحداً، وهو بيان خطأ المخالف ومجانبته الصّواب، فلو انفرد هذا الهدف كمطلوب للمتكلّم والكاتب، فحيـنئذٍ يقتصر الرّاد على المسائل العلميّة فقط دون تشديد عبارة، أو قسوة لفظ، لكن إن كان هناك مراد آخر غير بيان الخطأ، وهذا المراد هو زجر المخالف ليرتدع، ثم تنفير الناس عنه، فحينئذٍ لابدّ من استخدام العبارات التي تؤدّي هذا الغرض، وهناك تكون العبارات الشّديدة، والألفاظ الغليظة، لأنّه لا يمكن بلوغ هذا الهدف إلا بهذه الطّريقة، وحينها تكون الحكمة في استخدامها، والإعراض عنها هو مجانبة الحكمة، وضدّ قواعدها.
هذا الذي قُلتُه، شَرَحَتْهُ السنّة النّبوية، وبيّنته أفضل بيان، ثمّ سار على هديه السّلف الصّالح من غير نكير ولا حرج.
فلو عاد طالبُ العلم إلى ما أمر به النّبي صلّى الله عليه وسلّم في تبكيتة الداعي بدعوى الجاهليّة، والمفتخر بأصول آبائه وأجداده على أصول آباء وأجداد الآخرين، لوجد عبارات هي في قمّة التّنفير في شدّتها وغلظتِها، فقد روى الإمام البخاري في الأدب أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: ((من تعزّى بعزاء الجاهليّة فأعُضّوهُ بهن أبيه ولا تكنوا)). والهن ههنا هو ذَكَرُ الرجل، فهذا اللفظ الشديد ما هو إلا لزجر هذا الجاهليّ، وتنفير النّاس من قوله وفعله، والسنّة مليئة بهذا، وإنّما اخترت هذا المثال لوضوحه، وعدم إمكانية دخول التأويل عليه، ولأنّ هذه اللفظة هي أقسى ما تخطر على بال الرّجل حين يريد أن يشتم أحداً، إذ لا يُتصوّر أنّ هناك عبارة أقسى منها وأغلظ.
وقد استخدم الصحابة أمثال هذه العبارات مع وفرة عقلهم، ورجاحة فهمهم، وقيلت أمام النبي صلى الله عليه وسلّم، ولم يُنكرها أو ينبِّه إلى خطئها، لأنّها حين قيلت كانت تعبّر عن تمام الحكمة والعقل، ولو نُزعت من موطنها لتستبدل بغيرها لما قام لها بديلاً، فهذا أبو بكر يُجيب أحد المشركين بقوله: "يا ماصّ بظر اللات"، وهي عبارة تدلّ على نفسها، وتبينُ عما تحتها بنفسها، دون شرحٍ أو إسهاب.
ولا يقول قائل هذه عبارة قيلت في حق مشرك، لأنّ الكلام ههنا عن ضرورة هذه الكلمات في بعـض المواطن، لأنّها هي دون غيرها توصل للمراد والهدف، والذين يتصنّعون الأدب البارد لا بدّ لهم من استخدام هذه العبارات يوماً ولا شكّ، وما من إنسانٍ كائناً من كان إلا وهو مضطر أن تشتد عبارته، وتغلظ لما يقدّر لها أنّها تناسب هذا المقام أو تليق بهذا الحال، ولو راجع المرء نفسه، لوجد ما قلته حقّاً، لأنّ هذه العبارات هي عباراتٌ موجودة كامنة في النّفس، وتشغل حيِّزاً في ذهن الإنسان، فلا بدّ أن يستخدمها، شاء أم أبى، والحكيم هو من يضعها مواضعها.
فالذين يدعون إلى إزالة الألفاظ الشديدة الغليظة من معجم الحياة، هؤلاء واقعهم يكذِّبهم، وهم كمن يدعو إلى كسر العصا في التأديب والتّربية.