العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-01-05, 01:01 AM   رقم المشاركة : 1
مسلم غيور
لا إله إلا الله






مسلم غيور غير متصل

مسلم غيور is on a distinguished road


حكم التحاكم إلى القوانين الوضعية

فضيلة شيخنا الشيخ حمود بن عبدالله بن عقلاء الشعيبي حفظه الله تعالى ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد :

فقد كثر في هذا العصر اعتماد الحكام في العالم الإسلامي والعربي وغيرهم على تحكيم القوانين الوضعية بدلا من تحكيم شرع الله فما هو الحكم على هؤلاء الحكام ؟

نرجوا أن يكون الجواب مدعما بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال العلماء .


الجواب :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد على آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فإن الله سبحانه وتعالى عندما بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الدين القويم الذي أخرج البشرية من الظلمات إلى النور ، وكان الناس إذ ذاك يهيمون في ظلمات الجهل والضلال ، غارقين في بحر الخرافات والتقاليد البالية ، التي ورثوها عن آبائهم وأسلافهم في جميع أمورهم ، في المعتقدات والعبادات والتقاضي والمحاكمات ، فكانت معتقداتهم وعباداتهم قائمة على الشرك بالله سبحانه وتعالى ، فيجعلون له شركاء وأندادا من شجر وحجر وملائكة وجن وبشر وغير ذلك ، يتقربون إليهم بشتى أنواع القرب التي لا يجوز صرفها لغير الله ، كالذبح والنذر وغير ذلك .

أما التقاضي والمحاكمات فهي لا تقل ضلالا وفسادا عن طريقتهم في العبادة ، إذ كانوا ينصبون الطواغيت والكهان وعرافين ، يتولون القضاء بين الناس في جميع ما ينشأ بينهم من خلاف وخصومة في الأموال والدماء والفروج وغير ذلك ، يقيمون في كل حي واحدا من هؤلاء الطواغيت ، وإذا صدر الحكم فهو نافذ لا يقبل النقض ولا التعقيب ، على الرغم من كونه جائرا ظالما ، فلما بعث الله محمدا صلى لله عليه وسلم بهذه الشريعة المطهرة أبطل هذه العادات ، والتقاليد وقضى عليها ، وقصر العبادة على الله سبحانه وتعالى ، وقصر التقاضي والتحاكم على شرع الله ، قال تعالى ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ) الآية ، وقوله ( إن الحكم إلا لله ) قصر الحكم على شرع الله ، و ( ألا تعبدوا إلا إياه ) : قصر العبادة لله سبحانه وتعالى على عبادته سبحانه وتعالى بطريقة هي أبلغ طرق القصر وهي النفي والاستثناء .

ثم إن المستقرئ لكتاب الله يجد في الآيات الكثيرة التي تنص على وجوب التحاكم إلى ما أنزله الله من الشرع المطهر على نبيه صلى الله عليه وسلم :

1 - قال تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، فهذه الآية الكريمة نص في كفر من عدل عن حكم الله ورسوله إلى غيره .

وقد حاول الجهلة من مرجئة العصر أن يصرفوا دلالة هذه الآية عن كفر الحاكم بغير ما أنزل الله فقالوا : الآية نزلت في اليهود ، فلا يشملنا حكمها .

وهذا يدل على مدى جهلهم بالقواعد الأصولية التي وضعها علماء التفسير والحديث وأصول الفقه ، وهي أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فإذا نزل حكم على سبب معين فإنه لا يقتصر على سببه ، بل يتعداه ، فيشمل كل من يدخل تحت اللفظ ، و ( مَنْ ) في الآية صيغة عموم ، فلا يكون الحكم مقصورا على سببه إلا إذا اقترن به نص من الشرع يقصر الحكم على سببه ، كقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله أحد الصحابة رضي الله عنه : يا رسول الله إنه كانت لي عناق أحب إلىّ من شاة فضحيت بها فهل تجزئني ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : تجزئك ولا تجزئ أحدا بعدك .

وقالوا أيضا (أي المرجئة ) قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن تفسير هذه الآية ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) فقال ابن عباس : كفر دون كفر ، وفي رواية : ليس الكفر الذي يذهبون إليه .

والجواب عن هذا أن نقول : هشام بن حجير راوي هذا الأثر عن طاووس عن ابن عباس متكلم فيه من قبل أئمة الحديث كالإمام أحمد و يحي بن معين وغيرهما ، وقد خالفه في هذه الرواية عن طاووس من هو أوثق منه وهو عبدالله بن طاووس ، وقد روى عن أبيه أن ابن عباس لما سئل عن تفسير هذه الآية قال : هي به كفر .

2 – قال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) .

هذه الآية نص في انتفاء الإيمان عمن لم يحكّم شرع الله ، لأن الله أقسم فيها على انتفاء الإيمان عن المرء حتى توجد منه غايات ثلاث :

أ – التحاكم إلى شرع الله .

ب – إلا يجد في نفسه حرجا في ذلك ، بل يرضى به .

ج _ أن يسلم لحكم الله ويرض به .


وكما حاول المرجئة صرف دلالة الآية السابقة عن كفر الحاكم بغير ما أنزل الله ، فقد حاولوا أيضا صرف دلالة الآية عن انتفاء الإيمان ، فقالوا : إن النفي لكمال الإيمان ، لا لنفي حقيقته ، وما علم هؤلاء الجهلة أن الأصل في الكلام العربي الحقيقة ، ولا يصار إلى المجاز إلا إذا اقترن به قرينة توجب صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح ، فأي دليل وأي قرينة توجب صرف هذه الآية عن نفي حقيقة الإيمان إلى نفي كماله .

3 – قال تعالى ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ) ، هذه الآية الكريمة نص في أن من يتحاكم إلى الطاغوت أو يحكمه فقد انتفى عنه الإيمان بدليل قوله تعالى (يزعمون أنهم آمنوا ) ، إذ لو كانوا مؤمنين حقا لما عبر عن ادعائهم الإيمان بالزعم ، فلما عبر بالزعم دل على انتفاء حقيقة الإيمان بالله ، كما أن في قوله تعالى ( وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) دليل أيضا على انتفاء حقيقة الإيمان عنهم ، ويتضح كفر من تحاكم إلى الطاغوت أو حكّمه بمعرفة سبب نزول هذه الآية ، وقد ذكر المفسرون أن سبب نزول الآية أنها كانت بين رجل من اليهود وآخر من غير اليهود خصومة ، فقال اليهودي : نترافع إلى رسول الله ، وقال الآخر : بل نترافع إلى كعب بن الأشرف اليهودي ، فنزلت هذه الآية ، وقال الشعبي : كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة ، فقال اليهودي : نترافع إلى محمد ، عرف أنه لا يأخذ الرشوة ، وقال المنافق : نتحاكم إلى اليهود ، لعلمه أنهم يأخذون الرشوة ، فاتفقا أن يأتيا كاهنا في جهينة ، ويتحاكما إليه ، فنزلت ( ألم تر إلى الذين يزعمون .. ) الآية ، وهذا الأثر المروي عن الشعبي وإن كان فيه ضعف إلا أن له شواهد متعددة تعضده وتقوية ، ووجه الاستشهاد بسبب نزول هذه الآية على كفر وردة من ذكروا فيها : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل الرجل الذي لم يرض بحكم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو لم يكن مرتدا لما قتله .

كما روي عن عروة بن الزبير أنه قال : اختصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان فقضى لأحدهما ، فقال الذي قضى عليه : ردنا إلى عمر رضي الله عنه ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : نعم انطلقوا إلى عمر ، فانطلقا ، فلما آتيا عمر ، قال الذي قضى له : يا ابن الخطاب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى لي ، وإن هذا قال : ردنا إلى عمر فردنا إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : أكذلك ؟ للذي قضى عليه ، فقال نعم ، فقال عمر : مكانك حتى أخرج فأقضي بينكما ، فخرج مشتملا على سيفه فضرب الذي قال ردنا إلى عمر فقتله .

وهذا الاختلاف الحاصل في سياق القصة لا يقدح في ثبوتها لاحتمال التعدد ، كما أن في قوله تعالى : ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ) دلالة على أن من صد عن حكم الله ورسوله وأعرض عنه فحكّم غيره أنه منافق ، والمنافق كافر .

وكما أن المحكم للقوانين الوضعية كافر كما تقدم ، فإن المشرع للقوانين والواضع لها كافر أيضا ، لأنه بتشريعه للناس هذه القوانين صار شريكا لله سبحانه وتعالى في التشريع قال تعالى ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) وقال تعالى ( ولا يشرك في حكمه أحدا ) وقال عز وجل ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) ، ولهذا لما سمع عدي بن حاتم هذه الآية قال يا رسول الله : إنا لسنا نعبدهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه ، قال : بلى ، قال : فتلك عبادتهم .

فتبين من الآية الكريمة من حديث عدي بن حاتم أن التحليل والتحريم والتشريع من خصائصه سبحانه وتعالى ، فمن حلل أو حرم أو شرع ما يخالف شرع الله فهو شريك لله في خصائصه .

ومما تقدم من الآيات الكريمة وتعليقنا عليها يتبين أن من حكم بغير ما أنزل الله وأعرض عن شرع الله وحكمه أنه كافر بالله العظيم خارج من الإسلام ، وكذلك مثله من وضع للناس تشريعات وضعية ، لأنه لو لم يرض بها لما حكم بها ، فإن الواقع يكذبه ، فالكثير من الحكام لديه من الصلاحيات في تأجيل الحكم ، وتغيير الدستور والحذف وغيرها .

وإن تنـّزلنا وقلنا إنهم لم يضعوها ويشرعوها لشعوبهم فمن الذي ألزم الرعية بالعمل بها ومعاقبة من خالفها ؟

وما حالهم وحال التتار الذي نقل ابن تيمية وابن كثير رحمهما الله الإجماع على كفرهم ببعيد ، فإن التتار لم يضعوا ولم يشرعوا ( الياسق ) ، بل الذي وضعه أحد حكامهم الأوائل ويسمى ( جنكز خان ) ، فصورة هؤلاء كحال أولئك .

وبذلك يتبين أن الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى يقع في الكفر من جهة أو جهتين :

الأولى : من جهة التشريع إن شرع .

الثانية : من جهة الحكم إن حكم .


وحيث قد فرغت من ذكر النصوص الدالة على كفر من يحكّم القوانين الوضعية فسأذكر الآن أقوال العلماء والأئمة على كفر محكّمي القوانين :

أولا : قال شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية كما في الفتاوى ( 3 / 267 ) :

والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافرا باتفاق الفقهاء .

وقال في الفتاوى ( 35 / 372 ) :

ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدا كافرا ، يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة .

ثانيا : قال ابن كثير في البداية والنهاية ( 13 / 119 ) :

من ترك الشرع المحكّم المنـّزل على محمد خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر ، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه ، ومن فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين .

ثالثا : قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله بعد أن ذكر النصوص الدالة على كفر محكّمي القوانين :

وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم ، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم .

رابعا : شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في تعليقه على قوله تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون .. ) الآية ، قال : وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن من لم يحكموا النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم ، نفيا مؤكدا بتكرار أداة النفي بالقسم . هذا ما قاله رحمه الله في تعليقه على هذه الآية .

وحيث إنني لازمت حلقته رحمه الله سنوات عدة فقد سمعته أكثر من مرة يشدد في هذه المسألة ويصرح بكفر من حكم غير شرع الله ، كما أوضح ذلك في رسالة تحكيم القوانين .

خامسا : شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في رسالته ( نقد القومية العربية ص 39 ) قال عمن اتخذ أحكاما وضعية تخالف القرآن : وهذا هو الفساد العظيم والكفر المستبين والردة السافرة كما قال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) وقال تعالى ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) .. إلى أن قال الشيخ رحمه الله : وكل دولة لا تحكم بشرع الله ولا تنصاع لحكم الله فهي دولة جاهلية كافرة ظالمة فاسقة بنص هذه الآيات المحكمات ، يجب على أهل الإسلام بغضها ومعاداتها في الله ، وتحرم عليهم مودتها وموالاتها حتى تؤمن بالله وحده وتحكم شريعته . اهـ

وما ذكرته من نصوص وأقوال للعلماء كاف في بيان أن تحكيم القوانين الوضعية كفر ، وأن المحكم لها كافر بالله العظيم ، ولو نقلت ما قاله علماء الأمة وأئمتها في هذا الباب لطال الكلام ، وبما ذكرته كفاية لإجابة السائل على سؤاله وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


أملاه فضيلة الشيخ
أ. حمود بن عقلاء الشعيبي
10 / 2 / 1422 هـ


المصدر : http://saaid.net/Warathah/hmood/h31.htm







التوقيع :
أخرج ابن النجار عن الحسن أنه قال: « إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دينكم، فكفوا أيديكم عن دماء المسلمين، وكفوا بطونكم عن أموالهم، وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم ولا تجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك فيلبسوا عليكم دينكم » [ ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين ]
من مواضيعي في المنتدى
»» ضابط العذر بالجهل في العقيدة
»» سؤال بخصوص إيميل ياهو
»» معنى قول ابن عباس رضي الله عنه لا توبة لقاتل
»» الحكم بغير ما أنزل الله للشيخ ابن عثيمين
»» هل يمكن أن ينكث الصحابة بيعة الرضوان
 
قديم 26-01-05, 01:21 AM   رقم المشاركة : 2
مسلم غيور
لا إله إلا الله






مسلم غيور غير متصل

مسلم غيور is on a distinguished road


بعض حكومات الدول الإسلامية تقول لو طبقنا الشريعة نخشى أن نقتل أو نقاتل فهل هذا عذر في ترك تطبيق الشريعة واستبدالها بالقوانين ؟؟

قال الله تعالى : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ " فهم أعتذروا فقالوا : " نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ " ، فلو أن الحكومات وقفوا مع الله وصدقوا مع الله وتركوا دول الكفر ونبذوا معاملتهم وعلاقاتهم معهم واستعانوا بالله وبما أعطاهم من القوة في المال والبلدان والرجال لانتصروا على أعداء الله الكَفَرة ولنا مثال يبين لنا هذا : فهذا الإتحاد السوفيتي قاتل أفغانستان والذين قارعوهم أناس قليلو المال والسلاح ومع هذا أخرجوهم أذلاء حقراء بل تسببوا في تفكك دولتهم فأصبحت أثرا بعد عين ، فهل الأفغان أكثر وأقوى من دول الإسلام مجتمعه ؟؟ لا ، ولكن الجبن والخور وحب الدينا وملذاتها هو الذي يجعلهم يحكّمون القوانين ويتركون تحكيم الشريعة .

ما حكم ترك تحكيم الشريعة ؟

من حكم القوانين وأعتمد عليها وأبعد الشريعة وأزاحها عن مجال الحكم فهذا كافر لقوله تعالى : "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ " جاء المتحذلقون من مرجئة العصر بل من مرجئة الجهمية قبلهم وقالوا : إن هذه الأية لا تدل على كفر من أبعد الشريعة عن التحكيم لأنها نزلت في اليهود ولسنا مخاطبين فيما خوطب به اليهود ، وما عرف هؤلاء القاعدة الأصولية التي تقول إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والآية هنا عامة فلفظ " مَنْ " عام لأنه من صيغ العموم فهو عام لليهود وغيرهم .

وقالوا : إن ابن عباس قال كفر دون كفر وهذا ليس ثابت عن ابن عباس فهذا من رواية هشيم بن حجير عن ابن عباس وهشيم معلوم أنه متكلم فيه ومطعون فيه ، وأيضا أن طاوس روى عنه ابنه عبدالله ـ وهو ثقة وهو أعرف بأبيه من هشيم أن ابن عباس رضي الله عنه قال : هي به كفر ، والمهم أن رواية هشيم عن ابن عباس كفر دون كفر ساقطة لا يحتج بها بمقتضى هذا .

ثم قوله سبحانه وتعالى : " فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " هذه الآية صريحة أصرح من التي قبلها أقسم سبحانه أنه لا يحصل الإيمان من هؤلاء حتى تحصل ثلاث غايات :

أولا : التحكيم .

ثانيا : التسليم لهذا الحكم .

ثالثا : الرضى به وقبوله .

فهل هذه الثلاثة موجوة في القوانين التي وضعها البشر الكفرة الفجار ؟؟

إذن الذي يحكم القوانين ويزيح الشريعة كافر لا شك في كفره بكلام الله وكلام رسوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وكلام السلف الصالح .

الله سبحانه أرسل رسوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بأمور أولها وأهمها الدعوة إلى عبادته سبحانه وترك الإشراك به ، ثانيا الدعوة إلى شريعته وتحكيمها والحكم بمقتضاها ، فالذي يعبد معه غيره فهذا مشرك بالله في عبادته ، والذي يحكّم غيره مشرك بالله في حكمه قال تعالى : " .. وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا .. " الآية ، وهذا نص ظاهر وقال تعالى : " إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" وهذا حصر ومن أبلغ طرق الحصر النفي والإستثناء هذه أمور ظاهرة وقد قال تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا(60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا "

فالذين يحكمون القوانين ثم يقولون نحن مسلمون فهؤلاء يزعمون مثل زعم المنافقين ، فالحاصل أن الرجل الذي يرفع حكم الله ورسوله عن محاكمة ودوائره ثم يحل محلها القوانين الوضعية التي وضعها الكفار بدلا من حكم الله ورسوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ فهذا كافر لا شك في كفره ، كافر مهما كان ومهما قال المرجئة وأذنابهم الذين يريدون ارضاء الطغاة من الحكام الذين يحكمون القوانين ، يريدون أن يرضوهم بأن فعلهم هذا ليس كفرا ، الذي يحكم القانون كيف يكون مسلما هذا دينه دين من وضع له القوانين وشرعه شرع من وضع له القوانين وقد نقل ابن كثير ـ رحمه الله ـ الإجماع على كفر من حكم غير الشريعة .



راجع : http://saaid.net/Warathah/hmood/h34.htm







التوقيع :
أخرج ابن النجار عن الحسن أنه قال: « إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دينكم، فكفوا أيديكم عن دماء المسلمين، وكفوا بطونكم عن أموالهم، وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم ولا تجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك فيلبسوا عليكم دينكم » [ ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين ]
من مواضيعي في المنتدى
»» عليكم بالأمر بالمعروف ولو غضب من تأمرونه
»» صفحة صوتية للشيخ عثمان الخميس
»» فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية بكفر طائفة النصيرية
»» اللص أعرف الناس باللص الرجوب يصف دحلان بأنه عميل
»» عاجل / نداء من المجاهدين الشيشان إلى المسلمين
 
قديم 01-02-05, 12:14 AM   رقم المشاركة : 3
مسلم غيور
لا إله إلا الله






مسلم غيور غير متصل

مسلم غيور is on a distinguished road


بسم الله الرحمن الرحيم ،الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد إمام المجاهدين وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:

فإن الحملة الصليبية بقيادة الولايات المتحدة تهدف إلى فرض النظام الديمقراطي العلماني الكافر على العراق وعلى المنطقة.

النظام الديمقراطي نظام كفري:

وهذا النظام الديمقراطي الذي يعطي الحاكمية للناس يعني الكفر بحاكمية الله تعالى وبالإسلام كنظام للحياة ،ويعني أن يتخذ بعض الناس بعضا أربابا من دون الله يشرعون لهم ويحرمون لهم ويحلون لهم. ولا فرق بين النظام المستبد وبين النظام العلماني الديمقراطي في تعبيد الناس لغير الله تعالى، فالنظام المستبد يختص الحاكم ومن حوله بالتشريع للناس .وفي النظام الديمقراطي تختص فئة بالتشريع وهي البرلمان. فيصبح البرلمان ربا للناس يعبدونه من دون الله فالحلال ما أحله والحرام ما حرمه والتشريع ما شرعه.

فلا يتحرر الناس من عبودية العبيد في النظام المستبد، ولا في النظام الديمقراطي ،ولا ينالون حريتهم من عبادة العبيد وعبادة الهوى إلا بعبادة الله وحده لا شريك له. فالإسلام هو دين الحرية من عبادة غير الله تعالى، فلا يسجد المسلم إلا لله، ولا يرجو إلا الله، ولا يخاف إلا منه، ولا يتحاكم إلا إليه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يذل إلا له، فلا يذل للأمريكان واليهود المحتلين، ولا يتحاكم إلى كفرهم وقوانينهم، ولا يخاف من قوتهم وإجرامهم، ولا يركن إليهم. فإذا تخلص المسلم من الذل للأمريكان واليهود ومن حكمهم والتبعية لهم فقد نال حريته من عبوديتهم، وأخلص الدين لله تعالى الذي خلقنا لعبادته والتحرر من عبودية الخلق.

وأما حرية الغرب المتمردة على الدين والأخلاق والآداب والعفاف، والمنفلتة من القيم، واللاهثة وراء كل متعة وشهوة دون ضابط من دين وخلق ،فهي حرية من شبههم الله تعالى في كتابه بالأنعام فقال تعالى{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ }محمد/12.

واليهود والنصارى من صفاتهم القديمة أن يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله في التشريع والحاكمية التي يختص بها فئة منهم. فقد اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله يشرعون لهم. واخترعوا في زماننا ربا جديدا يشرع لهم وهو البرلمان.

فإذاً هذا الكفر والشرك في الحاكمية والتشريع هو من صفات الأمم الكافرة بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم.وليس من صفات الأمة المسلمة التي أثنى الله عليها بأنها خير أمة أخرجت للناس، التي من الشرك في دينها أن تشرك في الحكم والتشريع مع الله أحداً من خلقه. وقد أمر الله تعالى بقتال أهل الكتاب وحرض على قتالهم بصفات الكفر التي فيهم، ومنها اتخاذ بعضهم بعضاً أربابا من دون الله

فقال الله تعالى{ قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }التوبة/29

{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون. اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }التوبة/30-31

{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }التوبة/32

فوصفهم أنهم لا يؤمنون بالله ولا اليوم الآخر، وأنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق، وأن اليهود قالت عزيرٌ ابن الله وأن النصارى قالت المسيح ابن الله وأنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله واتخذوا المسيح رباً فهم مشركون. ووصفهم بأنهم كافرون يسعون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويصدوا عن الإسلام إلى الديمقراطية الكافرة. وما تقوم به وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية في محاربة الإسلام والترويج للديمقراطية والمشاركة في الحرب الإعلامية والنفسية لاحتلال العرق هو جزء من هذا السعي.

وفي قوله تعالى{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }التوبة/31 بين الله تعالى أنهم اتخذوهم أربابا يشرعون لهم وهم لم يؤمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً فالحلال ما أحلّه والحرام ما حرّمه والأمر ما أمر به لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون وروى الإمام أحمد والترمذي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنق عدي صليب من فضة

فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} قال: فقلت إنهم لم يعبدوهم فقالبلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم) فبين له أنهم عبدوهم عندما اتخذوهم أربابا مشرعين لهم من دون الله. قال ابن عباس رضي الله عنه: (لم يأمروهم أن يسجدوا لهم لكن أمروهم بمعصية الله فأطاعوهم فسماهم الله بذلك أربابا) وقال حذيفة رضي الله عنه: ( إنهم لم يكونوا يصومون لهم ولا يصلون لهم لكنهم كانوا إذا أحلّوا لهم شيئاً استحلّوه و إذا حرّموا عليهم شيئاً أحله الله لهم حرّموه فتلك كانت ربوبيتهم ).

وقال أبو العالية: ( قالوا ما أمرونا به ائتمرنا وما نهونا عنه انتهينا لقولهم وهم يجدون في كتاب الله ما أمروا وما نهوا عنه فاستنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ).

وقد سوّى الله تعالى بين اتخاذ الأحبار والرهبان مشرّعين وبين عبادة المسيح في جعل الربوبية لغير الله تعالى فكما أن من عبد المسيح فقد اتخذه ربا فكذلك من تحاكم لغير الله كالقوانين الوضعية والبرلمان وغيره فقد اتخذها أربابا وخرج من الإسلام.

وقال تبارك وتعالى{ ُقلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}آل عمران /64 قال الإمام ابن كثير هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمه}والكلمة تطلق على الجملة المفيدة ثم وصفها بقوله{سواء بيننا وبينكم} أي عدل ونصَفٍ نستوي نحن وأنتم فيها، ثم فسرها بقوله{أن لا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا}لا وثنا ولا صليبا ولا صنما ولا طاغوتا ولا نارا ولا شيئا بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له وهذه دعوة جميع الرسل قال الله تعالى{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}الأنبياء/25.

وقال تعالى{ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}النحل/136.

ثم قال تعالى{ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله} قال ابن جريج: يعني يطيع بعضنا بعضا في معصية الله وقال عكرمة يسجد بعضنا لبعض {فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} حيث إن تولوا عن هذا النصف وهذه الدعوة فأشهدوهم أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرعه الله لكم انتهى كلامه.

وقد أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم رسالة دعاه وقومه فيها إلى الإسلام وذكر فيها هذه الآية التي تدعو اليهود والنصارى إلى كلمة العدل والحق وهي التوحيد وإخلاص العبادة لله وأن لا تصرف العبادة لغير الله وأن لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله في التشريع والحكم أو في غيره من العبادات فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون.

وهذا هو الواجب على المسلمين: أن يدعو زعماء النصارى وأقوامهم إلى الإسلام والتوحيد، وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله يشرعون لهم في البرلمان وفي غيرها، فإن تولوا عن دعوة التوحيد فنقول: اشهدوا بأنا مسلمون. ولكن انعكس الأمر في هذا الوقت، وأصبح اليهود والنصارى هم الذين يدعون المسلمين إلى شركهم وكفرهم وديمقراطيتهم، وأصبح البعض في ضلال عظيم في أمر دينهم .فبدلاً من أن يفرِّوا من الطاغوت الاستبدادي إلى دين الإسلام لجئوا إلى طاغوتٍ آخرَ وهو طاغوت الديمقراطية.

فبقوا يخبطون في تيه الظلمات وأحكام الجاهلية. فيفرِّون من ظلمةٍ جائرةٍ مستبدةٍ ليتيهوا في ظلمةٍ صليبيةٍ ظالمةٍ كافرةٍ. فالحكم والتشريع من خصائص الألوهية فمن تحاكم إلى غير الله كالقوانين الوضعية أو البرلمان أو هيئة الأمم المتحدة أو غيرها فقد أشرك لقوله تبارك تعالى {ولا يشرك في حكمه أحدا}الكهف/26.

أي الحكم له وحده تبارك وتعالى ولا يشرك غيره في حكمه وفي قراءة{ولا تشرك في حكمه أحدا} بصيغة النهي عن الشرك به تبارك وتعالى في الحكم والتشريع وهذه الآية كقوله تعالى { ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}فتحاكموا إلى غير الله شرك كعبادة غيره.

وقال تعالى{إن الحكم إلا لله}أمر أن لا تعبدوا إلا إياه فبين أن الحكم لله تعالى وأمر أن لا تصرف العبادة ومنها التحاكم إلى غير الله.

وقال تعالى{ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}الأنعام/121.

أي إذا أطعتم المشركين في مسألة حل الميتة إنكم لمشركون . فدل على أن من تحاكم إلى غير الله فهو مشرك ، وأن الحاكم المبدل لشرع الله بالقوانين الوضعية ولو في مسألة واحدة قد ارتكب شركاً. ودلّ على أنّ من اتّبع أحكام الكفار من ديمقراطية وغيرها وأعرض عن الإسلام أنّه مشرك. ودل على أن الأمريكان والأوربيين والمرتدين الذين يدعون إلى الديمقراطية الكافرة وترك الإسلام أنهم جند للشيطان وأن الشياطين يوحون إليهم ويأمرونهم بدعوة المسلمين إلى الديمقراطية.

وقال تعالى{ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ}النحل/100.

فدلت الآية على أن توليهم للشيطان بطاعته هو عبادة له وشرك بالله تعالى كما قال الله تعالى{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ . وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ}يس /60-61.
وأخبر الله تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال لأبيه يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا فعبادة الشيطان هي طاعته في معصية الله.

وقال تعالى{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}إبراهيم /22. فتبرأ الشيطان منهم ومن شركهم وقال إني كفرت بما أشركتمون من قبل وبين أن عبادتهم له وشركهم كان بطاعته لقوله{ وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي}.

وقال تعالى{ َجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ}الأنعام/100.

فأشرك المشركون الجن مع الله في العبادة وكان عبادتهم للجن بطاعتهم والله تعالى هو الذي خلقهم فكيف يشرك معه غيره من الخلق في الطاعة والتشريع وقال تبارك وتعالى{إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا}النساء/117.

أي إن يعبدون إلا شيطاناً مريدا؛ لأنهم إذا عبدوا الأوثان التي يسمونها بتسمية الإناث فقد عبدوا الشيطان في نفس الأمر الذي حسن لهم هذا الشرك وأمر به. فعبادتهم للشيطان هي بطاعته . فدل على أن من اتخذ غير الله مشرعا وحكماً فقد عبده من دون الله.

وقال تعالى{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ 40 قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ}سبأ/41.

فنزه الله تعالى عن الشريك وتبرأ من شرك المشركين، ومن موالاتهم. وذكر أن المشركين كانوا يعبدون الجن أي الشياطين الذين يأمرونهم بعبادة الملائكة وغيرهم ، فكانت طاعتهم للشياطين في الشرك هي عبادتهم، فهم مؤمنون بالشياطين ومصدقون ومنقادون لتشريعهم لقوله تعالى{أكثرهم بهم مؤمنون}وهكذا من اتخذ البرلمان أو القوانين أو هيئة الأمم المتحدة أو غيرها سلطة مشرعة وحاكمة فقد عبدها من دون الله وآمن بها وهذا يقتضي ردته وخروجه من الإسلام، فلا فرق بين من يتخذ الشيطان مشرعاً، وبين من يتخذ البرلمان أو الحاكم مشرعاً فالجميع قد صرفوا العبادة لغير الله فهم مشركون.

ومن الأدلة قوله تعالى { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ }الشورى /21.

فسمى بارك وتعالى المشرعين شركاء وقال تبارك وتعالى{ وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ}الأنعام /137. فسماهم شركاء لأنهم أطاعوهم في قتل أولادهم. ومن الأدلة قوله تعالى{ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ}التوبة/37. فبين تبارك وتعالى أن الكفار الذين يحلون ما حرم الله قد ازدادوا كفرا بتشريعهم على كفرهم الأصلي.

وقال تبارك وتعالى{ فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}المائدة/44.
فحرم وحذر من مانعين يمنعان من الحكم بما أنزل الله أولهما خشية الناس والثاني الطمع في الدنيا والرغبة فيها ثم بين تعالى بحكم صارم واضح أن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون. وقال تعالى{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}المائدة/45 . وقال تعالى{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}المائدة/47.

والكفر والظلم والفسق تذكر في القران والسنة ويراد بها في مواطن الكفر الأكبر المخرج من الملة والظلم الأكبر المخرج من الملة كقوله تعالى{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}لقمان /13. والفسق الأكبر المخرج من الملة قوله تعالى{ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}السجدة/20. وتأتي كلمات الكفر والظلم والفسق في مواطن ويراد بها المعصية

تحكيم القوانين الوضعية على وجه التشريع كفر أكبر مخرج من الملة:

فإذا كان الحاكم مبدلا لشرع الله تعالى ومحكماً للقوانين الوضعية في عموم الحياة أو في بعضها فهذا كفره وظلمه وفسقه مما يخرج من الملة. فإن التشريع من خصائص الألوهية. فمن ادعى الألوهية أو دعا الناس إلى عبادة غير الله في الحكم والتشريع وألزمهم بها فهو طاغوت كافرٌ محاربٌ لله ورسوله صلى الله عليه وسلم. فإذا كان من حكم بالتوراة المحرفة المنسوخة بدلاً من القران يَكْفُرُ ويخرجُ من الإسلام فكُفْرُ من حكم بالقوانين الوضعية من الحكام في العالم الإسلامي من باب أولى.

قال الإمام ابن كثير: ومن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه ومن فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ا.هـ.

وأما الكفر دون كفر الذي لا يخرج من الملة فهو أن يكون الإسلام هو الحاكم في البلاد ولكن الحاكم ظلم ولم يحكم بما أنزل الله في قضية محددة معينة ولم يشرّع قانونا لمثل هذه القضية أو غيرها.

ومن الأدلة على أن التحاكم لغير الله من الكفر والنفاق الأكبر قوله تعالى{ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً 59 أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا 60 وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا 61 فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا}النساء/59-62.

فجعل الرد إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عند التنازع شرطا في الإيمان وذكر كلمة شيء في قوله{فإن تنازعتم في شيء} وهي نكرة في سياق الشرط فتقتضي العموم .فكل شيء تنازع فيه المتنازعون من سياسة أو قضاء أو اقتصاد أو غيرها من شؤون الحياة فالرد فيها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم بين أن الرد إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم هو الخير في الدنيا والآخرة، والأحسن عاقبة في الدنيا والآخرة.

ثم جاء بصيغة التعجب من تناقض المنافقين في زعمهم أنهم آمنوا بما أنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله ثم يخالفون هذا الزعم ويريدون التحاكم إلى الطاغوت، فهذا تناقض ونقض لما يدعون، فإن ادعاء الإيمان يقتضي التحاكمَ إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والكفرَ بالطاغوت، وعدمَ التحاكم إليه كما قال تعالى {وقد أمروا أن يكفروا به}.

فالواجب الكفر بالطاغوت.وليس التحاكم إليه كحال من يدعي أنه مسلم ثم يريد التحاكم إلى طاغوت الديمقراطية الكافرة. والطاغوت اشتقاقه من الطغيان،وهو مجاوزة الحد.

قال الإمام ابن القيم: الطاغوت كل ما تجاوز به الحد من معبود،أو متبوع، أو مطاع. فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة الله.فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول إلى التحاكم الطاغوت وعن طاعته ومتابعته رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته .انتهى كلامه

فالإيمان بالله لا يتحقق إلا بالكفر بالطاغوت كما قال تعالى{ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ}البقرة/256.
والعروة الوثقى:هي الإسلام، وشهادة أن لا إله إلا الله. والشهادة: نفي، وإثبات : نفي الألوهية عن غير الله، وهو الكفر بالطاغوت. وإثبات الألوهية لله ،وهو الإيمان بالله. فدل على أن من آمن بالطاغوت لم يحقق لا إله إلا الله.

ثم بين تعالى أن هؤلاء الذين يدّعون الإيمان ثم يريدون التحاكم إلى الطاغوت كالبرلمان وغيره قد أضلهم الشيطان ضلالاً بعيداً.ولقد ضلوا هذا الضلال البعيد لإشراكهم مع الله غيره في التشريع كما قال تعالى{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا}وبين أنهم إذا دُعُوا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم للحكم بينهم صدّوا وأعرضوا عن التحاكم إلى الإسلام.

ثم قال تعالى{فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم }أي فكيف إذا حلت بهم مصيبة بسبب ذنوبهم وإعراضهم عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم {ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا}أي إن أردنا إلا الإحسان والتوفيق بين الإسلام والأنظمة التي تخالفه كالديمقراطية والشيوعية وغيرها. والإيمان يقتضي الكفر بالأنظمة المخالفة للإسلام، وليس التوفيق والجمع بينها وبين الإسلام ،كمن يرفع شعار الديمقراطية الإسلامية وغيرها من شعارات أهل النفاق. والمنافقون يتصفون بسوء الظن بشرع الله تعالى، ويظنون أن الشريعة لا تناسب هذه المرحلة، أو هذا الزمان ،وأن أنظمة إخوانهم من النصارى أو اليهود كالديمقراطية هي التي تصلح لهذا الزمان، وتناسب تعدّد الطوائف والأديان والقوميات في العراق.

ولقد قال الله تعالى في مثل هؤلاء من المنافقين{ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ . وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ . وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ . أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ .إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }النور /47-51.

فنفى عنهم الإيمان الذي يتظاهرون به لتولّيهم عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في قوله{وما أولئك بالمؤمنين}وبين أنهم يعرضون عن التحاكم للإسلام إذا دعوا إليه ويرغبون بالتحاكم إلى طواغيتهم كالقوانين وغيرها وأنهم لا يقبلون من شرع الله إلا ما وافق أهواءهم فإذا وافق الحكم أهوائهم انقادوا إليه. ثم ذكر تعالى سبب إعراضهم عن شرع الله فقال { أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }النور / 50 أي أفي قلوبهم مرض النفاق والكفر؟ أم ارتابوا أي شكّوا في الإسلام ؟ أم خافوا أن يظلمهم الله ورسوله في الحكم ؟ بل أولئك المنافقون هم الظالمون المائلون عن الحق والعدل .

ثم بين حال المؤمنين في مقابل حال المنافقين فقال{ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}النور / 51 . فدلت الآيات على أن سوء الظن بشرع الله تعالى وإحسان الظن بأحكام الجاهلية هو من صفات أهل النفاق من دعاة الديمقراطية الكافرة وغيرها. وقد قال تعالى{ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ 49 أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }المائدة / 49 – 50 .

فليس هناك إلا حكمان : حكم الله تعالى، وحكم الجاهلية، وهو ما خالف الإسلام من الأنظمة والأحكام.ولا يعلم حسن الإسلام إلا من عمر الله قلبه باليقين والإيمان. وأما من حجب فطرته وقلبه بالكفر والنفاق فلا يؤمن برسالة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان.


صفات المستحقّ للحكم والتشريع:

وقد قال الله تبارك وتعالى مبيناً صفات من له الحكم والتشريع { إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }الأعراف / 54 فمن له الأمر والحكم والتشريع هو المتصف بهذه الصفات العظيمة، الذي خلق السماوات والأرض ومن فيهما، فمن نازعه التشريع والحكم فقد طغى وتجاوز العبودية وطلب العبودية فهو طاغوت.

وقال تعالى في صفات من له الحكم والتشريع{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ . فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ. لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }الشورى / 10 - 11.

قال العلامة الشنقيطي: اعلم أن الله جل وعلا بيّن في آياتٍ كثيرةٍ صفاتِ مَنْ يستحق أن يكون الحكم له. فعلى كل عاقلٍ أن يتأمل الصفات المذكورة التي سنوضحها الآن - إن شاء الله - ويقابلها مع صفات البشر المشرعين للقوانين الوضعية، فينظر هل تنطبق عليهم صفات من له التشريع سبحان الله وتعالى عن ذلك ؟ فإن كانت تنطبق عليهم ولن تكون فليتبع تشريعهم، وإن ظهر يقيناً أنهم أحقر وأخس وأذل وأصغر من ذلك فليقف به عند حدهم ولا يجاوزه بهم إلى مقام الربوبية. فمن الآيات القرآنية التي أوضح بها تعالى صفات من له الحكم والتشريع قوله{فما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله}

ثم قال مبيناً صفات من له الحكم{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ . فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ . لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}الشورى / 10- 11 .

فهل في الكفرة الفجرة المشرعين للنظم الشيطانية من يستحق أن يوصف بأنه الرب الذي تفوض إليه الأمور ويتوكل عليه؟ وأنه فاطر السموات والأرض؟ أي خالقهما ومخترعهما على غير مثال سابق ؟ وأنه هو الذي خلق للبشر أزواجا؟ وخلق لهم أزواج الأنعام الثمانية ؟ وأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ؟ وأن له مقاليد السماوات والأرض ؟ وأنه هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أي يضيقه على من يشاء وهو بكل شيء عليم ؟ فعليكم أيها المسلمون أن تتفهموا صفات من يستحق أن يشرع ويحلل ويحرم ولا تقبلوا تشريعا من كافرٍ خسيسٍ حقير ٍجاهلٍ.

ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى{لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا } الكهف / 26 فهل في الكفرة الفجرة المشرعين من يستحق أن يوصف بأن له غيب السموات والأرض؟ وأن يبالَغ في سمعه وبصره لإحاطة سمعه بكل المسموعات وبصره بكل المبصَرات وأنه ليس لأحد دونه من ولي؟

ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى{ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} القصص / 88 فهل في الكفرة الفجرة المشرعين من يستحق بأن يوصف بأنه الإله الواحد؟ وأن كل شيء هالك إلا وجهه وأن الخلائق يرجعون إليه؟

ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى{وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ . قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ . وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} القصص / 70- 73 فهل في مشرعي القوانين الوضعية من يستحق أن يوصف بأن له الحمد في الأولى والآخرة؟ وأنه هو الذي يصرف الليل والنهار؟

ومن الآيات على ذلك قوله تعالى{ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}يوسف / 40فهل في أولئك من يستحق أن يوصف بأنه هو الإله المعبود وحده؟ وأنّ عبادته وحده هي الدين القيم؟ ومنها قوله تعالى{إنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}يوسف /67 فهل فيهم من يستحق أن يُتوكل عليه وتفوض الأمور إليه ؟

ومنها قوله تعالى { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ 49 أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}المائدة/49- 50فهل في أولئك المشرعين من يستحق أن يوصف بأن حكمه بما أنزل الله؟ وأنه مخالف لاتباع الهوى؟ وأن من تولى عنه أصابه الله ببعض ذنوبه -لأن الذنوب لا يؤاخذ بجميعها إلا في الآخرة-؟ وأنه لا حكم أحسن من حكمه لقوم يوقنون؟

ومنها قوله تعالى{ قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ }يونس /59فهل في أولئك المذكورين من يستحق أن يوصف بأنه هو الذي ينزل الرزق للخلائق؟ وأنه لا يمكن أن يكون تحليل ولا تحريم إلا بإذنه ؛ لأن من الضروري أن من خلق الرزق وأنزله هو الذي له التصرف فيه بالتحليل والتحريم؟.

ومنها قوله تعالى{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ }النحل /116 فقد أوضحت الآية أن المشرّعين غيرَ ما شرعه الله إنما تصف ألسنتهم الكذب لأجل أن يفتروه على الله، وأنهم لا يفلحون، وأنهم يمتعون قليلا ثم يعذبون العذاب الأليم، وذلك واضح في بعد صفاتهم مِنْ صفات مَنْ له أن يحلّل ويحرّم.

ولما كان التشريع وجميع الأحكام - شرعيةً كانت أو كونيةً قدريةً - من خصائص الربوبية كما دلت عليه الآيات المذكورة كان كل من اتبع تشريعاً غير تشريع الله قد اتخذ ذلك المشرع رباً وأشركه مع الله" انتهى كلامه.

فاليهود والنصارى لن يرضوا عن المسلمين حتى يخرجوهم من الإسلام إلى الكفر كالديمقراطية وغيرها. وقد بين الله تعالى حرصهم على إخراج المسلمين من دينهم في قوله تعالى {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة/120.

وقال تعالى{ مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }البقرة/105.

وقال تعالى{ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم }البقرة/109.

وقال تعالى{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيل. وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا } النساء/44-45 .

فإنّ تَمَكُّنَ الأمريكان من إقامة نظامهم الديمقراطي الكافر على المسلمين في العراق يعني أنهم قد حققوا أهدافهم، ومنها صرف عبودية المسلمين لله في الحكم والتشريع إلى غيره من الناس، ويقع المسلمون في نفس الخطأ السابق والانحراف الكبير، عندما تمكن الاستعمار في العالم الإسلامي من إزالة الإسلام وفرض أنظمة وقوانين النصارى على المسلمين، ثم تنصيب المرتدين حكاما لحماية أنظمةِ وقوانينِ ومحاكمِ النصارى. فالواجب على المسلمين في العراق أن يجاهدوا الأمريكان لتكون كلمة الله هي العليا، ولِيـَحكُم الإسلام في العراق، وليطهروا العراق من الصليبين، ومن أنظمتهم ورجسهم وفسادهم.

كما يجب أن ينفر المجاهدون من خارج العراق إلى العراق حتى تحصل الكفاية وينصروا إخوانهم ويدفعوا المعتدين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قالــه : الشيخ محمد بن عبدالله السيف ( من تلاميذ العلامـة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وهو من طلبة العلم القلة الذين نفروا للجهاد في سبيل الله ، وهو رئيس المحاكم الشرعية في الششان بعد الحرب الأولى هناك )

المصدر : سلسلة دروس للشيخ أبو عمر محمد بن عبدالله السيف تحت عنوان " العراق وغزو الصليب "







التوقيع :
أخرج ابن النجار عن الحسن أنه قال: « إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دينكم، فكفوا أيديكم عن دماء المسلمين، وكفوا بطونكم عن أموالهم، وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم ولا تجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك فيلبسوا عليكم دينكم » [ ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين ]
من مواضيعي في المنتدى
»» ثواب حفظ القرآن
»» فهل أنتم تاركوا لي صاحبي
»» هل صحيح ما كتب عن منصور المنهالي في الإمارات
»» موقع : من هم الإباضيــة
»» إنتشار زواج المتعة في المناطق الرافضية في العراق
 
قديم 02-02-05, 11:34 AM   رقم المشاركة : 4
مسلم غيور
لا إله إلا الله






مسلم غيور غير متصل

مسلم غيور is on a distinguished road


السؤال : يقول في هذا السؤال هل يعتبر التحاكم إلى غير شرع الله كفر مع العلم بأنه يعتقد اعتقاداً منافياً للشك بأن أحكام الشريعة الإسلامية هي أفضل من الأحكام الوضعية نرجو بهذا التوجيه مأجورين؟

الجواب لفضيلة الشيخ العلامــة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين الجواب على هذا السؤال يتبين بالآتي :

أولاً : أن الله سبحانه وتعالى إنما خلق الخلق لعبادته خلق الجن والإنس ليعبدوه كما قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وعبادة الله سبحانه وتعالى هي التذلل له حباً وتعظيماً بإقامة شرائعه القلبية واللفظية والعملية.

ثانياً : يقول الله عز وجل : ( وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله) فلا حاكم بين العباد إلا الله سبحانه وتعالى ولا يحل لأحد أن يفصل هذه القضية عما وجهنا الله فيه نحوها وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله لا إلى غيره.

ثالثاً : يقول الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) فتأمل هذه الآية الكريمة تجد أن طاعة ولاة الأمور تابعٌ لطاعة الله ورسوله وليس مستقلاً ولهذا قال : ( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله ) ولهذا قال : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) ولم يقل أطيعوا أولي الأمر وهذا يدل دلالة ظاهرة على أن طاعة ولاة الأمور تابعٌ لطاعة الله ولا يمكن أن يكون مستقلاً كما إن الله تعالى يقول : ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) لم يقل ردوه إلى القانون الفلاني أو القانون الفلاني أو الرأي الفلاني أو النظرية الفلانية أو ما أشبه ذلك بل لا مرد إلا إلى الله ورسوله إلى الله إلى كتابه وإلى رسوله إلى سنته صلى الله عليه وسلم فإن كان حياً فإليه نفسه وإن كان ميتاً فإلى ما حفظ من سنته صلى الله عليه وسلم.

رابعاً : قال تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجٌ مما قضيت ويسلموا تسليما) فأقسم الله سبحانه وتعالى بربوبيته لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهي ربوبيةٌ خاصة لا تساويها أي ربوبية بالنسبة للعباد لأنه كلما كان الإنسان أعبد لله كانت ربوبيته لله له أخص ومن المعلوم أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعبد الناس لله وعلى هذا فإن الله أقسم بهذه الربوبية الخاصة المضافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يؤمن أحد إلا بهذه الشروط :

الشرط الأول : حتى يحكموك فيما شجر بينهم لا يحكموا غيرك.

الشرط الثاني : ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجٌ مما قضيت بل تتسع صدورهم لذلك وتنشرح صدورهم به فلا يجدوا حرجاً وضيقاً مما قضيت.

والثالث : ويسلموا تسليماً ينقادوا انقياداً تاماً وبهذا أكد الفعل بالمصدر بقوله : ( ويسلموا تسليما) .

إذا عرفت هذه الأمور الأربعة تبين لك أن خروج الإنسان عن التحاكم إلى الله ورسوله خلاف ما خلق الله العبد العباد من أجله وخلاف ما أرشد الله أن يكون التحاكم إليه وخلاف ما جعل الله تعالى لولاة الأمور من الطاعة وخلاف تحكيم الرسول عليه الصلاة والسلام ولهذا قال الله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فاؤلئك هم الكافرون)


المصـدر : http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_991.shtml







التوقيع :
أخرج ابن النجار عن الحسن أنه قال: « إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دينكم، فكفوا أيديكم عن دماء المسلمين، وكفوا بطونكم عن أموالهم، وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم ولا تجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك فيلبسوا عليكم دينكم » [ ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين ]
من مواضيعي في المنتدى
»» بعد انتشار الدعارة تحت اسم زواج المتعة.. اقتراح جديد لتقنينه
»» مناظرة بين خارجي ومرجىء
»» ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة
»» الصدع بالحقّ المبين في الردّ على بعض الكويتييّن المبيحين إعانة الكفار على غزو بلاد ال
»» فضيحة الوزير الرافضي الكويتي الزلزلة
 
قديم 01-04-05, 12:26 PM   رقم المشاركة : 5
مسلم غيور
لا إله إلا الله






مسلم غيور غير متصل

مسلم غيور is on a distinguished road


السؤال السادس عشر: ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي البريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية ؟

الجواب : لفضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانها القانون فهذا دليل على أنه يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانون إلا لأنه يرى أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاح الشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل .

أما من نص على أن قضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يعني يحكّم الشريعة في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعة لا يتجزأ، فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها .

المصدر: أسئلة أجوبة في مسائل الإيمان والكفر / راجع موقع صيد الفوائد.







التوقيع :
أخرج ابن النجار عن الحسن أنه قال: « إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دينكم، فكفوا أيديكم عن دماء المسلمين، وكفوا بطونكم عن أموالهم، وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم ولا تجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك فيلبسوا عليكم دينكم » [ ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين ]
من مواضيعي في المنتدى
»» عودة الرهان في سباق الخيول في إيران
»» إهداء إلى الرافضة ( قبحهم الله ) فتوى للشيخ حامد العلي
»» هيئة خدام إبليس
»» لفظ الامامة في القرآن ذكر 12 مرة
»» برنامج Ad-aware 6.0
 
قديم 01-04-05, 06:17 PM   رقم المشاركة : 6
القعقاع بن عمرو
( من حرّاس العقيدة )







القعقاع بن عمرو غير متصل

القعقاع بن عمرو is on a distinguished road


جزاك الله خيراً على هذه النقول من أهل العلم .. ونحن في حاجة شديدة لمثل هذه النقول الطيبة خاصة في زمننا هذا ..الذي كثرت فيه المنكرات والفتن .. نسأل الله السلامة من الفتن .. عاجلها وآجلها .!!

بارك الله فيك ..







من مواضيعي في المنتدى
»» رد موجز .. وبيان .. على موضوعين !!!
»» فتوى بن جبرين .. وكذب" أحمد الكاتب " عليه
»» وما زال التحدي مستمراً :: إثبات اليدين لله عز وجل .
»» من هو أبو علــي ؟
»» أسمعوا يارافضه ... أنــــا وهــابي
 
قديم 07-04-05, 05:16 AM   رقم المشاركة : 7
مسلم غيور
لا إله إلا الله






مسلم غيور غير متصل

مسلم غيور is on a distinguished road


السؤال:هذه رسالة من المستمع على المغربي من جمهورية مصر العربية بعث بعدة أسئلة يقول في سؤاله الأول أريد تفسيراً لهذه الآية الكريمة قال تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)

الجواب لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

يبين الله تعالى في هذه الآية أن الإنسان الذي لا يحكم بما أنزل الله فإنه يكون كافراً وذلك لأنه أعرض عن كتاب الله وعما أنزله على رسله إلى حكم طاغوت مخالفٌ لشريعة الله ولكن هذا حسب النصوص مقيد بما إذا كان الحاكم بغير ما أنزل الله يعتقد أن الحكم أفضل من حكم الله عز وجل وأنفع للعباد وأولى بهم وأن حكم الله غير صالحٌ بأن يحكم به بين العباد فإذا كان على هذا الوجه صار كافراً كفراً مخرجاً عن الملة،

أما إذا حكم بغير ما حكم الله إتباعاً لهواه أو قصداً للإضرار بالمحكوم عليه أو محاباةً للمحكوم له ونحو ذلك فإنه فإن كفره يكون كفراً دون كفر ولا يخرج بذلك من الملة لأنه لم يستبدل بحكم الله غيره زهداً في حكم الله ورغبةً عنه واعتقاداً أن غيره أصلح وإنما فعل هذا لأمرٍ في نفسه إما لمحاباة قريب أو لمضارة عدو أو ما أشبه ذلك المهم أن هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل.

المصدر: http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_6467.shtml







التوقيع :
أخرج ابن النجار عن الحسن أنه قال: « إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دينكم، فكفوا أيديكم عن دماء المسلمين، وكفوا بطونكم عن أموالهم، وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم ولا تجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك فيلبسوا عليكم دينكم » [ ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين ]
من مواضيعي في المنتدى
»» مصيبة الروافض والصوفية في تلفزيون الكويت
»» أيتها الفتاة الطيبة الرافضيــة هل ترضين بهذا
»» لاحول ولا قوة إلا بالله زواج المتعة أحد أسباب الإيدز
»» من بدع الصوفية المنكرة
»» موقف أهل السنة من يزيد بن معاوية
 
قديم 16-04-05, 11:34 PM   رقم المشاركة : 8
مسلم غيور
لا إله إلا الله






مسلم غيور غير متصل

مسلم غيور is on a distinguished road


قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في كتابه " الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد " :

اعلموا- وفقني الله وإياكم- أن من الشرك طاعة العلماء والأمراء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله‏:‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏

وفي الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية على عدي بن حاتم الطائي، فقال يا رسول الله‏!‏ لسنا نعبدهم قال أليس يحلون لكم ما حرم الله فتحلونه، ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه قال بلى قال النبى صلى الله عليه وسلم فتلك عبادتهم‏)‏ ‏.‏ رواه الترمذي وغيره‏.‏

وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم فيه اتخاذ الأحبار والرهبان أربابا من دون الله بأنه ليس معناه الركوع والسجود لهم، وإنما معناه طاعتهم في تغيير أحكام الله وتبديل شريعته بتحليلهم الحرام، وتحريمهم الحلال، وأن ذلك يعتبر عبادة لهم من دون الله؛ حيث نصبوا أنفسهم شركاء لله في التشريع، فمن أطاعهم في ذلك؛ فقد اتخذهم شركاء لله في التشريع والتحليل والتحريم، وهذا من الشرك الأكبر، لقوله تعالى في الآية‏:‏ ‏{‏وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏

ومثل هذه الآية قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ‏}‏

ومن هذا طاعة الحكام والرؤساء في تحكيم القوانين الوضعية المخالفة للأحكام الشرعية في تحليل الحرام؛ كإباحة الربا والزنى وشرب الخمر ومساواة المرأة للرجل في الميراث وإباحة السفور والاختلاط، أو تحريم الحلال؛ كمنع تعدد الزوجات، وما أشبه ذلك من تغيير أحكام الله واستبدالها بالقوانين الشيطانية؛ فمن وافقهم على ذلك ورضي به واستحسنه، فهو مشرك كافر والعياذ بالله‏.‏

ومن ذلك تقليد الفقهاء باتباع أقوالهم المخالفة للأدلة إذا كانت توافق أهواء بعض الناس وما يشتهونه؛ كما يفعل بعض أنصاف المتعلمين من تلمس الرخص، والواجب أن يؤخذ من قول المجتهد ما وافق الدليل ويطرح ما خالفه‏.‏

قال الأئمة رحمهم الله‏:‏ ‏"‏كل يؤخذ من قوله ويترك؛ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏‏.‏

قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله‏:‏ ‏"‏إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن الصحابة رضي الله عنهم، فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن التابعين؛ فهم رجال ونحن رجال ‏"‏؛ يريد رحمه الله أمثاله وأمثال الأئمة الكبار‏.‏

وقد استغل هذه الكلمة بعض أنصاف المتعلمين، الذين جعلوا أنفسهم في مصاف الأئمة المجتهدين، وهم لا يزالون جهالا، ولا شك أن الإمام أبا حنيفة لا يقصد مساواة العلماء بالجهال‏.‏

وقال مالك رحمه الله‏:‏ ‏"‏كلنا راد ومردود عليه؛ إلا صاحب هذا القبر -يعني‏:‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم-‏"‏‏.‏

وقال الإمام الشافعي رحمه الله‏:‏ ‏"‏إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي‏"‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏"‏إذا خالف قولي قول رسول الله؛ فاضربوا بقولي عرض الحائط‏"‏‏.‏

وقال الإمام أحمد رحمه الله‏:‏ ‏"‏عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏

ويقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما‏:‏ ‏"‏يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء‏!‏ أقول‏:‏ قال رسول الله‏!‏ وتقولون‏:‏ قال أبو بكر وعمر‏"‏‏.‏

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في ‏"‏فتح المجيد‏"‏‏:‏ ‏"‏فالواجب على كل مكلف إذا بلغه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله وفهم معنى ذلك أن ينتهي إليه ويعمل به، وإن خالفه من خالفه‏.‏‏.‏‏.‏ ‏"‏‏.‏

إلى أن قال‏:‏ ‏"‏فيجب على من نصح نفسه إذا قرأ كتب العلماء ونظر فيها وعرف أقوالهم أن يعرضها على ما في الكتاب والسنة؛ فإن كل مجتهد من العلماء ومن تبعه وانتسب إليه يذكر دليله، والحق في المسألة واحد، والأئمة مثابون على اجتهادهم؛ فالمنصف يجعل النظر في كلامهم وتأمله طريقا إلى معرفة المسائل واستحضارها، وتمييز الصواب من الخطأ بالأدلة التي يذكرها المستدلون، ويعرف بذلك من هو أسعد بالدليل من العلماء فيتبعه‏"‏‏.‏

وقال رحمه الله على قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ‏}‏ ‏:‏ ‏"‏وهذا وقع فيه كثير من الناس مع من قلدوهم، لعدم اعتبارهم الدليل إذا خالف المقلد- وهو من هذا الشرك‏(1)‏، ومنهم من يغلو في ذلك ويعتقد أن الأخذ بالدليل والحالة هذه يكره أو يحرم فعظمت الفتنة‏!‏ ويقول‏:‏ هو أعلم منا بالأدلة‏.‏‏.‏‏.‏ ‏"‏انتهى‏.‏

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‏:‏ ‏"‏المسألة الخامسة‏:‏ تغير الأحوال إلى هذه الغاية، حتى صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال، وتسمى الولاية، وعبادة الأحبار هي العلم والفقه، ثم تغيرت الحال إلى أن عبد من دون من ليس من الصالحين، وعبد بالمعنى الثاني من هو من الجاهلين‏.‏‏.‏‏.‏ ‏"‏انتهى‏.‏

ومن اتخاذ الأحبار والرهبان أربابا طاعة علماء الضلال فيما أحدثوه في دين الله من البدع والخرافات والضلالات؛ كإحياء أعياد الموالد والطرق الصوفية والتوسل بالأموات ودعائهم من دون الله، حتى إن هؤلاء العلماء الضالين شرعوا ما لم يأذن به الله، وقلدهم فيه الجهال السذج، واعتبروه هو الدين، ومن أنكره ودعا إلى اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم اعتبروه خارجا من الدين‏!‏ أو أنه يبغض العلماء والصالحين‏!‏‏!‏ فعاد المعروف منكرا والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، حتى شب على ذلك الصغير وهرم عليه الكبير، وهذا من غربة الدين وقلة الدعاة المصلحين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏

وإذا كان لا يجوز اتباع أئمة الفقه المجتهدين فيما أخطئوا فيه من الاجتهاد مع أنهم معذورون ومأجورون فيما أخطئوا فيه من غير قصد- إلا أنه يحرم اتباعهم على الخطأ-‏؟‏ فكيف لا يحرم تقليد هؤلاء المضللين والدجالين الذين أخطئوا فيما لا يجوز الاجتهاد فيه- وهو أمر العقيدة-؛ لأن العقيدة توقيفية، تتوقف على النصوص‏؟‏‏!‏ ولكن الأمر كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ‏}‏

وإلى جانب هؤلاء المغرقين في التقليد الأعمى في الأصول والفروع، إلى جانبهم جماعة أخرى على النقيض منهم، ترى وجوب الاجتهاد على كل أحد، ولو كان جاهلا لا يحسن قراءة القرآن ولا يعرف شيئا عن العلم، ويحرمون النظر في كتب الفقه، ويريدون من الجهال أن يستنبطوا الأحكام من الكتاب والسنة‏!‏‏!‏ وهذا تطرف شنيع، وخطر هؤلاء على الأمة الإسلامية لا يقل عن خطر الفريق الأول إن لم يزد عليه، وخير الأمور الوسط والاعتدال؛ بأن لا نقلد الفقهاء تقليدا أعمى، ولا نزهد بعلمهم ونترك أقوالهم الموافقة للكتاب والسنة، بل ننتفع بها ونستعين بها على فهم الكتاب والسنة؛ لأنها ثروة علمية ورصيد فقهي عظيم يؤخذ منه ما وافق الدليل ويترك ما خالف الدليل؛ كما كان السلف الصالح يفعلون ذلك، خصوصا في هذا الزمان، الذي تقاصرت فيه الهمم، وفشا فيه الجهل؛ فالواجب الاعتدال بلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تساهل، ونسأل الله عز وجل أن يهدي ضال المسلمين ويثبت أئمتهم وقادتهم على الحق‏.‏‏.‏‏.‏ إنه سميع مجيب‏.‏

وكما لا تجوز طاعة العلماء في تحليل الحرام وتحريم الحلال، فكذلك لا تجوز طاعة الأمراء والرؤساء في الحكم بين الناس بغير الشريعة الإسلامية؛ لأنه يجب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله في جميع المنازعات والخصومات وشئون الحياة؛ لأن هذا هو مقتضى العبودية والتوحيدة لأن التشريع حق لله وحده؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ‏}‏ ؛ أي‏:‏ هو الحكم وله الحكم‏.‏

قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ‏}‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا‏}‏

فالتحاكم إلى شرع الله ليس لطلب العدل فقط، وإنما هو في الدرجة الأولى تعبد لله وحق لله وحده وعقيدة؛ فمن احتكم إلى غير شرع الله من سائر الأنظمة والقوانين البشرية؛ فقد اتخذ واضعي تلك القوانين والحاكمين بها شركاء لله في تشريعه‏:‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ‏}‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ‏}‏

وقد نفى الله الإيمان عمن تحاكم إلى غير شرعه، قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ‏}‏ ‏.‏‏.‏‏.‏ إلى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا‏}‏

فمن دعا إلى تحكيم القوانين البشرية؛ فقد جعل لله شريكا في الطاعة والتشريع، ومن حكم بغير ما أنزل الله؛ يرى أنه أحسن أو مساو لما أنزله الله وشرعه أو أنه يجوز الحكم بهذا؛ فهو كافر بالله، وإن زعم أنه مؤمن؛ لأن الله أنكر على من يريد التحاكم إلى غير شرعه وكذبهم في زعمهم الإيمان؛ لأن قوله‏:‏ ‏{‏يَزْعُمُونَ‏}‏ متضمن لنفي إيمانهم؛ لأن هذه الكلمة تقال غالبا لمن يدعي دعوى هو فيها كاذب، ولأن تحكيم القوانين تحكيم للطاغوت، والله قد أمر بالكفر بالطاغوت، وجعل الكفر بالطاغوت ركن التوحيد؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى‏}‏ ؛ فمن حكم القوانين البشرية؛ لم يكن موحدا؛ لأنه اتخذ شريكا في التشريع والطاعة، ولم يكفر بالطاغوت الذي أمر أن يكفر به، وأطاع الشيطان؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا‏}‏

وقد أخبر الله أن المنافقين حينما يدعون إلى التحاكم إلى شرع الله يأبون ويعرضون، فقال سبحانه‏:‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا‏}‏

كما أخبر أنهم يرون الفساد صلاحا؛ لانتكاس فطرهم وفساد قلوبهم، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ‏}‏

فالتحاكم إلى غير الله من أعمال المنافقين، وهو من أعظم الفساد في الأرض‏.‏‏.‏‏.‏

قال الإمام ابن القيم رحمه الله على هذه الآية‏:‏ ‏"‏قال أكثر المفسرين‏:‏ ولا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى طاعة غير الله بعد إصلاح الله لها ببعثة الرسل وبيان الشريعة والدعاء إلى طاعة الله؛ فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره والشرك به هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو بالشرك ومخالفة أمره؛ فالشرك والدعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره ومطاع متبع غير الرسول صلى الله عليه وسلم هو أعظم فساد في الأرض، ولا صلاح لها ولأهلها إلا بأن يكون الله وحده هو المعبود المطاع والدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباع للرسول ليس إلا، وغيره إنما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته؛ فلا سمع ولا طاعة، ومن تدبر أحوال العالم؛ وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله، وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله‏"‏‏.‏

وقد سمى الله كل حكم يخالف حكمه بأنه حكم الجاهلية؛ قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ‏}‏

قال ابن كثير رحمه الله‏:‏ ‏"‏ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله تعالى المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله؛ كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الجهالات والضلالات، وكما تحكم به التتار من السياسات، المأخوذ عن جنكيز خان، الذي وضع لهم ‏"‏الياسق‏"‏، وهو عبارة عن كتاب أحكام اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها عن مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعا، يقدمونها على الحكم بالكتاب والسنة؛ فمن فعل ذلك؛ فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله؛ فلا يحكم بسواه في قليل أو كثير‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏‏.‏ انتهى كلامه رحمه الله‏.‏

ومثل قانون التتار هذا القوانين الوضعية التي جعلت اليوم في كثير من الدول هي مصادر الأحكام وألغيت من أجلها الشريعة الإسلامية إلا فيما يسمونه بالأحوال الشخصية‏. والدليل على كفر من فعل ذلك آيات كثيرة؛ منها‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ‏}‏ ، وقوله‏:‏ ‏{‏فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ‏}‏ ، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏}‏

وكما قلنا قريبا إنه يجب تحكيم الشريعة عقيدة ودينا يدان الله به لا من أجل طلب العدالة فقط‏.‏

هذا ولابد للعبد من قبول حكم الله، سواء كان له أم عليه، وسواء وافق هواه أم لا‏:‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا‏}‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ‏}‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ‏}‏

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به‏)‏ ‏.‏

قال ابن رجب رحمه الله‏:‏ ‏"‏معنى الحديث‏:‏ أن الإنسان لا يكون مؤمنا كامل الإيمان الواجب حتى تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأوامر والنواهي وغيرها، فيحب ما أمر به، ويكره ما نهى عنه، وقد ورد القرآن بمثل هذا المعنى في غير موضع، وذم سبحانه من كره ما أحبه الله أو أحب ما كرهه الله؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ‏}‏

إلى أن قال‏:‏ ‏"‏وقد وصف المشركين باتباع الهوى في مواضع من كتابه، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ‏}‏ ، وكذلك البدع إنما تنشأ من تقديم الهوى على الشرع، ولهذا سمي أهلها أهل الأهواء، وكذلك المعاصي إنما تنشأ من تقديم الهوى على محبة الله ومحبة ما يحبه، وكذلك حب الأشخاص الواجب فيه أن يكون تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيجب على المؤمن محبة من يحبه الله من الملائكة والرسل والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين عموما‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏‏.‏ انتهى كلامه رحمه الله‏.‏

المصدر : http://www.alfuzan.net/islamLib/view...=336&CID=3#s11







التوقيع :
أخرج ابن النجار عن الحسن أنه قال: « إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دينكم، فكفوا أيديكم عن دماء المسلمين، وكفوا بطونكم عن أموالهم، وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم ولا تجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك فيلبسوا عليكم دينكم » [ ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين ]
من مواضيعي في المنتدى
»» فن التدليس وحرفة التزييف في مسلسل «خالد بن الوليد»
»» الفرق بين نكاح المسيار والمتعة
»» أين الأخ راحل البحريني !!
»» ثواب حفظ القرآن
»» الكفر ملة واحدة
 
قديم 19-04-05, 12:56 PM   رقم المشاركة : 9
مسلم غيور
لا إله إلا الله






مسلم غيور غير متصل

مسلم غيور is on a distinguished road


[align=center]رسالة تحكيم القوانين للعلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله : [/align]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:

إنّ من الكفر الأكبر المستبين، تنزيل القانون اللعين، منزلة ما نزل به الروح الأمين، على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، في الحكم به بين العالمين، والرّدِّ إليه عند تنازع المتنازعين، مناقضة ومعاندة لقول الله عزّ وجلّ : {فإنْ تنازعتُم في شيءٍ فرُدّوه إلى اللهِ والرسولِ إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً}.

وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عمن لم يُحَكِّموا النبي صلى الله عليه وسلم، فيما شجر بينهم، نفيا مؤكدا بتكرار أداة النفي وبالقسم، قال تعالى: {فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يُحكِّموك فيما شَجَر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيتَ ويُسَلِّموا تسليمًا}.

ولم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في نفوسهم، بقوله جل شأنه: {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا ممّا قضيت}. والحرج: الضيق. بل لا بدّ من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب.

ولم يكتف تعالى أيضا هنا بهذين الأمرين، حتى يضموا إليهما التسليم: وهو كمال الانقياد لحكمه صلى الله عليه وسلم، بحيث يتخلّون ها هنا من أي تعلق للنفس بهذا الشيء، ويسلموا ذلك إلى الحكم الحق أتمّ تسليم، ولهذا أكّد ذلك بالمصدر المؤكّد، وهو قوله جلّ شأنه: "تسليمًا" المبيّن أنه لا يُكتفى ها هنا بالتسليم.. بل لا بدّ من التسليم المطلق.

وتأمل ما في الآية الأولى، وهي قوله تعالى: {فإنْ تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً..} كيف ذكر النّكِرة، وهي قوله: "شيء" في سياق الشرط، وهو قوله جلّ شأنه: "فإنْ تنازعتم" المفيد العمومَ فيما يُتصوّر التنازع فيه جنسا وقدرًا.

ثم تأمل كيف جعل ذلك شرطا في حصول الإيمان بالله واليوم الآخر، بقوله: {إنْ كُنتُم تؤمنون بالله واليوم الآخر}، ثم قال جل شأنه: {ذلك خيرٌ}. فشيء يُطلقِ اللهُ عليه أنه خير، لا يتطرّق إليه شرّ أبدا، بل هو خيرٌ محضٌ عاجلا وآجلاً.

ثم قال: وأحسن تأويلاً. أي: عاقبةً في الدنيا والآخرة، فيفيد أنّ الردَّ إلى غير الرسول صلى الله عليه وسلم، عند التنازع شرٌّ محضٌ، وأسوأ عاقبة في الدنيا والآخرة عكس ما يقوله المنافقون: {إنْ أَرَدْنا إلآَّ إحْسانًا وتَوْفيقًا}. وقولهم: إنّما نحنُ مُصلِحون. ولهذا ردّ اللهُ عليهم قائلا: {ألاَ إنّهم هُمُ المُفْسِدون ولكن لا يَشْعُرون}.

وعكس ما عليه القانونيون من حكمهم على القانون بحاجة العالم (بل ضرورتهم) إلى التحاكم إليه، وهذا سوء ظن صِرْفٍ بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحضُ استنقاص لبيان الله ورسوله، والحكم عليه بعدم الكفاية للناس عند التنازع، وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة إن هذا لازمٌ لهم.

وتأمّل أيضا ما في الآية الثانية من العموم، وذلك في قوله تعالى: {فيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم}. فإنّ اسم الموصول مع صِلته مع صيغ العموم عند الأصوليين وغيرهم، وذلك العمومُ والشمولُ هو من ناحية الأجناس والأنواع، كما أنه من ناحية القدْر، فلا فرقَ هنا بين نوع ونوع، كما أنّه لا فرق بين القليل والكثير، وقد نفى اللهُ الإيمانَ عن مَن أراد التحاكم إلى غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، من المنافقين، كما قال تعالى: {أَلمْ تَرَ إلى الذينَ يَزْعُمونَ أنّهم آمنوا بما أُنْزِلَ إليكَ وما أُنزلَ مِنْ قَبْلِكَ يُريدونَ أنْ .يَتَحاكَموا إلى الطاغوتِ وقدْ أُمِروا أنْ يكفُروا به ويُريدُ الشيطانُ أنْ يُضلّهم ضلالا بعيدًا}.

فإنّ قوله عز وجل: "يَزْعُمون" تكذيب لهم فيما ادّعوه من الإيمان، فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مع الإيمان في قلب عبدٍ أصلاً، بل أحدهما ينافي الآخر، والطاغوت مشتق من الطغيان، وهو: مجاوزة الحدّ.

فكلُّ مَن حَكَمَ بغير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو حاكَمَ إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حَكَمَ بالطاغوت وحاكم إليه.

وذلك أنّه مِن حقِّ كل أحدٍ أن يكون حاكمًا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فقط لا بخلافه ، كما أنّ من حقِّ كل أحدٍ أن يُحاكِمَ إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.. فمَن حَكَمَ بخلافه أو حاكم إلى خلافه فقد طغى، وجاوز حدّه، حُكْمًا أو تحكيما، فصار بذلك طاغوتا لتجاوزه حده.

وتأمل قوله عز وجل: "وقدْ أُمِروا أنْ يكفُروا به" تعرف منه معاندة القانونيين، وإرادتهم خلاف مراد الله منهم حول هذا الصدد، فالمراد منهم شرعًا والذي تعبّدوا به هو: الكفر بالطاغوت لا تحكيمه.. {فبدَّل الذينَ ظَلموا قولاَ غيرَ الذي قيلَ لهُم}.

ثم تأمل قوله: "ويُريدُ الشيطانُ أنْ يُضلّهُم" كيف دلَّ على أنّ ذلك ضلالٌ، وهؤلاء القانونيون يرونه من الهدى، كما دلّت الآية على أنّه من إرادة الشيطان، عكس ما يتصور القانونيون من بُعدهم من الشيطان، وأنّ فيه مصلحة الإنسان، فتكون على زعمهم مرادات الشيطان هي صلاح الإنسان، ومراد الرحمن وما بُعث به سيدُ ولد عدنان معزولا من هذا الوصف، ومُنحىً عن هذا الشأن وقد قال تعالى منكرا على هذا الضرب من الناس، ومقررا ابتغاءهم أحكام الجاهلية، وموضحا أنه لا حُكم أحسن من حُكمه: {أَفَحُكمَ الجاهليةِ يَبْغونَ ومَنْ أحسنُ مِن اللهِ حُكمًا لِقومٍ يُوقِنون}.

فتأمل هذه الآية الكريمة وكيف دلّت على أنّ قِسمة الحكم ثنائية، وأنّه ليس بعد حكم الله تعالى إلاّ حُكم الجاهلية، شاءوا أمْ أبوا، بل هم أسوأ منهم حالاً، وأكذب منهم مقالاً، ذلك أنّ أهل الجاهلية لا تناقُضَ لديهم حول هذا الصدد.

وأما القانونيون فمتناقضون، حيث يزعمون الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ويناقضون ويريدون أنْ يتّخذوا بين ذلك سبيلاً، وقد قال الله تعالى في أمثال هؤلاء: {أُولئكَ هُمُ الكافرونَ حَقَّا وأَعْتدنا للكافرينَ عذابًا مُهينًا}.

ثم انظر كيف ردّت هذه الآية الكريمة على القانونيين ما زعموه من حُسن زبالة أذهانهم، ونحاتة أفكارهم، بقوله عزّ وجلّ: {ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقوْمٍ يُوقِنون}.

قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: ينكر اللهُ على من خرج من حكم الله المُحْكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شرّ، وعَدَلَ إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهكم وأهوائهم، وكما يحكم به التتارُ من السياسات الملكية المأخوذة عن مَلِكهم "جنكيز خان" الذي وضع لهم كتابًا مجموعًا من أحكامٍ قد اقتبسها من شرائع شتى، من اليهودية، والنصرانية، والملة الإسلامية، وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بَنيهِ شرعا مُتّبعا يقدِّمونها على الحكم بكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك فهو كافرٌ يجب قتاله حتى يرجعَ إلى حكم الله ورسوله، فلا يُحَكِّم سواه في قليل ولا كثير. قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الجاهليةِ يَبْغون}. أي: يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون. {ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يوقِنونَ}. أي: ومن أعدل من الله في حكمه، لِمَن عَقَل عن الله شرعه وآمن به وأيقن، وعلِم أنّ الله أحكمُ الحاكمين، وأرحمُ بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء القادر على كل شيء، العادل في كل شيء. [انتهى قول الحافظ ابن كثير].

وقد قال عزّ شأنه قبل ذلك مخاطبا نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم: {وأَنِ احْكُمْ بَيْنهُم بما أنزل اللهُ ولا تَتَّبِعْ أهْواءهُم عَمّا جاءَك مِن الحقّ}.
وقال تعالى: {وأنِ احْكُمْ بَيْنهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ولا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ واحْذَرْهُم أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إليك}.

وقال تعالى مُخيرا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، بين الحُكم بين اليهود والإعراض عنهم إنْ جاءُوه لذلك: {فَإنْ جاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُم أوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وإنْ تَعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وإنْ حَكَمْتَ فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطينَ}. والقسط هو: العدل ولا عدل حقا إلاّ حُكم الله ورسوله، والحكم بخلافه هو الجور، والظلم، والضلال، والكفر، والفسوق، ولهذا قال تعالى بعد ذلك: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرون} {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظالِمُون} {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقون}.

فانظر كيف سجّل تعالى على الحاكمين بغير ما أنزل اللهُ الكفرَ والظلمَ والفسوقَ، ومِن الممتنع أنْ يُسمِّي اللهُ سبحانه الحاكمَ بغير ما أنزل اللهُ كافرًا ولا يكون كافرًا، بل كافرٌ مطلقًا، إمّا كفر عمل وإما كفر اعتقاد، وما جاء عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في تفسير هذه الآية من رواية طاووس وغيره يدلُّ أنّ الحاكم بغير ما أنزل اللهُ كافرٌ إمّا كفرُ اعتقادٍ ناقلٌ عن الملّة، وإمّا كفرُ عملٍ لا ينقلُ عن الملّة.

أمّا الأول: وهو كفر الاعتقاد فهو أنواع:

أحدها:
أن يجحد الحاكمُ بغير ما أنزل الله أحقيّة حُكمِ الله ورسوله وهو معنى ما رُوي عن ابن عباس، واختاره ابن جرير أنّ ذلك هو جحودُ ما أنزل اللهُ من الحُكم الشرعي، وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم، فإنّ الأصول المتقررة المتّفق عليها بينهم أنّ مَنْ جَحَدَ أصلاً من أصول الدين أو فرعًا مُجمعًا عليه، أو أنكر حرفًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، قطعيًّا، فإنّه كافرًا الكفرَ الناقل عن الملّة .

الثاني:
أنْ لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كونَ حُكم اللهِ ورسولِهِ حقًّا. لكن اعتقد أنّ حُكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسنُ من حُكمه، وأتمّ وأشمل... لما يحتاجه الناسُ من الحُكم بينهم عند التنازع، إمّا مُطلقا أو بالنسبة إلى ما استجدّ من الحوادث، التي نشأت عن تطوّر الزمان وتغير الأحوال، وهذا أيضًا لا ريب أنه كافرٌ، لتفضيله أحكامَ المخلوقين التي هي محضُ زبالةِ الأذهان، وصرْفُ حُثالة الأفكار، على حُكم الحكيم الحميد.

وحُكمُ اللهِ ورسولِه لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان، وتطور الأحوال، وتجدّد الحوادث، فإنّه ما من قضية كائنة ما كانت إلاّ وحُكمها في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، نصًّا أو ظاهرًا أو استنباطًا أو غير ذلك، عَلِمَ ذلك مَن علمه، وجَهِلَه مَن جهله.
وليس معنى ما ذكره العلماء من تغيّر الفتوى بتغير الأحوال ما ظنّه مَن قلَّ نصيبُه أو عدم من معرفة مدارك الأحكام وعِلَلها، حيث ظنّوا أنّ معنى ذلك بحسب ما يُلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية، وأغراضهم الدنيوية وتصوّراتهم الخاطئة الوبية.

ولهذا تجدُهم يحامون عليها، ويجعلون النصوص تابعة لها منقادة إليها، مهما أمكنهم فيحرفون لذلك الكَلِم عن مواضعه.

وحينئذٍ معنى تغيُّر الفتوى بتغير الأحوال والأزمان مراد العلماء منه: "ما كان مُستصحبه فيه الأصول الشرعية، والعلل المرعية، والمصالح التي جِنْسُها مرادٌ لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن المعلوم أنّ أرباب القوانين الوضعية عن ذلك بمعزل، وأنهم لا يقولون إلاّ على ما يلائم مراداتهم، كائنة ما كانت، والواقع أصدقُ شاهدٍ.

الثالث:
أنْ لا يعتقد كونَه أحسن من حُكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله، فهذا كالنوعين الذين قبله، في كونه كافرًا الكفرَ الناقل عن الملّة، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق والمناقضة والمعاندة لقوله عزّ وجلّ: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء". ونحوها من الآيات الكريمة، الدالّة على تفرُّدِ الربّ بالكمال، وتنزيهه عن ممثالة المخلوقين، في الذات والصفات والأفعال والحُكم بين الناس فيما يتنازعون فيه.

الرابع:
أنْ لا يعتقد كون حُكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلاً لحكم الله ورسوله، فضلاً عن أنْ يعتقدَ كونه أحسن منه، لكن اعتقد جواز الحُكم بما يخالف حُكم الله ورسوله، فهذا كالذي قبله يصدُقُ عليه ما يصدق عليه، لاعتقاده جوازَ ما علم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه.

الخامس:
وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقّة لله ورسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا، وتفريعا وتشكيلا وتنويعا وحكما وإلزاما، ومراجع ومستندات.

فكما أنّ للمحاكم الشرعية مراجعَ مستمدّات، مرجعها كلُّها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فلهذه المحاكم مراجعٌ، هي: القانون المُلفّق من شرائعَ شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك.

فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناس إليها أسرابٌ إثْر أسراب، يحكُمُ حُكّامُها بينهم بما يخالف حُكم السُنّة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتُلزمهم به، وتُقِرُّهم عليه، وتُحتِّمُه عليهم.. فأيُّ كُفر فوق هذا الكفر، وأيُّ مناقضة للشهادة بأنّ محمدًا رسولُ اللهِ بعد هذه المناقضة.

وذِكْرُ أدلّة جميع ما قدّمنا على وجه البسْطِ معلومةٌ معروفة، لا يحتمل ذكرها هذا الموضوع.

فيا معشر العُقلاء! ويا جماعات الأذكياء وأولي النُها!

كيف ترضون أنْ تجري عليكم أحكامُ أمثالكم، وأفكارُ أشباهكم، أو مَن هم دونكم، مِمّن يجوز عليهم الخطأ، بل خطأهم أكثرُ من صوابهم بكثير، بل لا صواب في حُكمهم إلاّ ما هو مُستمدٌّ من حُكم اللهِ ورسولهِ، نصًّا أو استنباطًا؟!!

تَدَعونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم، وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم، وفي أموالكم وسائر حقوقكم!! ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحُكم الله ورسوله، الذي لا يتطرّق إليه الخطأ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد! !
وخُضوع الناس ورضوخهم لحكم ربِّهم خضوعٌ ورضوخٌ لِحُكم مَنْ خلقهم تعالى ليعبدوه.. فكما لا يسجدُ الخلقُ إلاّ للهِ، ولا يعبدونَ إلاّ إياه ولا يعبدون المخلوق، فكذلك يجب أن لا يرضخوا ولا يخضعوا أو ينقادوا إلاّ لحُكم الحكيم العليم الحميد، الرءوف الرحيم، دون حُكم المخلوق، الظلوم الجهول، الذي أهلكته الشكوكُ والشهواتُ والشبهات، واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات.

فيجب على العُقلاء أن يربأوا بنفوسهم عنه، لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط والأخطاء، فضلاً عن كونه كفرًا بنصِّ قوله تعالى: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فأُولئكَ هُمُ الكافِرونَ}.

السادس:
ما يحكُم به كثيرٌ من رؤساء العشائر، والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم، وعاداتهم التي يسمُّونها "سلومهم"، يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ويحُضُّون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاءاً على أحكام الجاهلية، وإعراضًا ورغبةً عن حُكم الله ورسوله، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله.

وأمّا القسم الثاني: من قسمي كُفر الحاكم بما انزل الله، وهو الذي لا يُخرجُ من الملة.

فقد تقدّم أنّ تفسير ابن عباس ـ رضي الله عنهما ت لقول الله عزّ وجلّ: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أنْزَلَ اللهُ فَاُولئكَ هُمُ الكافِرونَ}. قد شمل ذلك القسم، وذلك في قوله ـ رضي الله عنه ـ في الآية: "كُفر دون كفر"، وقوله أيضًا: "ليس بالكفر الذي تذهبون إليه".

وذلك أنْ تَحْمِلَهُ شهوتُه وهواهُ على الحُكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أنّ حُكم الله ورسوله هو الحقّ، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى.

وهذا وإنْ لم يُخرِجْه كُفْرُه عن الملّة، فإنه معصية عُظمى أكبرُ من الكبائر، كالزنا وشُرب الخمر، والسّرِقة واليمين الغموس، وغيرها..

إنّ معصية ً سمّاها اللهُ في كتابه كفرًا، أعظمُ من معصية لم يُسمِّها كُفرًا.

نسأل الله أنْ يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه، انقيادا ورضاءً، إنّه وليُّ ذلك والقادر عليه.


تمّت ولله الحمد







التوقيع :
أخرج ابن النجار عن الحسن أنه قال: « إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دينكم، فكفوا أيديكم عن دماء المسلمين، وكفوا بطونكم عن أموالهم، وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم ولا تجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك فيلبسوا عليكم دينكم » [ ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين ]
من مواضيعي في المنتدى
»» فتاوى الإمام ابن عثيمين في الثناء على المجاهدين / صوتياً
»» حكم طاعة الحاكم الذي لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله
»» حكم الطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
»» كيف تتم دعارة ( المتعة ) عند الرافضة .؟؟ تقرير فتاة إيرانية ! [ صورة ]
»» طريقة أهل السنة والجماعة في حق الصحابة رضي الله عنهم
 
قديم 03-05-05, 06:31 PM   رقم المشاركة : 10
مسلم غيور
لا إله إلا الله






مسلم غيور غير متصل

مسلم غيور is on a distinguished road


السؤال: تارك الحكم بما أنزل الله إذا جعل القضاء عامة بالقوانين الوضعية هل يكفر ؟ وهل يفرق بينه وبين من يقضي بالشرع ثم يحكـم في بعض القضايا بما يخالف الشرع لهوى أو رشوة ونحو ذلك ؟.

الجواب:

الحمد لله

أي نعم، التفرقة واجبة، فرق بين من نبذ حكم الله جل وعلا واطرحه واستعاض به حكم القوانين وحكم الرجال, فإن هذا يكون كفراً مخرجاً من الملة الإسلامية، وأما من كان ملتزماً بالدين الإسلامي إلا أنه عاص ظالم بحيث أنه يتبع هواه في بعض الأحكام ويتبع مصلحة دنيوية مع إقراره بأنه ظالم في هذا، فإن هذا لا يكون كفراً مخرجاً من الملة.

ومن يرى أن الحكم بالقوانين مثل الحكم في الشرع ويستحله فإنه يكفر أيضاً كفراً مخرجاً من الملة، ولو في قضية واحدة.



الشيخ عبد الله الغنيمان. (www.islam-qa.com)

راجــع : http://63.175.194.25/index.php?ln=ar...QR=11309&dgn=4







التوقيع :
أخرج ابن النجار عن الحسن أنه قال: « إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دينكم، فكفوا أيديكم عن دماء المسلمين، وكفوا بطونكم عن أموالهم، وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم ولا تجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك فيلبسوا عليكم دينكم » [ ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين ]
من مواضيعي في المنتدى
»» أين الأخ راحل البحريني !!
»» معنى لا إله إلا الله
»» عاجل : اكتشاف سبب زلزال إيران !!!
»» صوتيات أهل الســنة في شبكة الدفاع عن السنـة
»» كتب رائعة عن الحج للشيخين ابن عثيمين وابن باز رحمهم الله
 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:06 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "