قال الله تعالى
( الله نَزَّلَ احْسَنَ الحَديثِ كِتَابًا مُتًشَابِهًا مَثَانِىَ تَقْشَعِرُّ منْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَونَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ إلَى ذِكْرِ الله ذَلِك هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ومَنْ يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) " الزمر:23"
أخى المؤمن.. أختى المؤمنة..
هل أنت من الذين تقشعر جلودهم عند سماع القرآن؟ هل أنت من الذين يبكون من خشية الله؟ هل تتدبر معانى القرآن الكريم؟ هل تحب ان تستمع إلى القرآن الكريم، ،ويطمئن به فؤادك، وتشعر في نفسك بأرتياح وسعادة وأطمئنان وسكينة ووجل في قلبك عند الأستماع إليه؟ وهل إن مر عليك يوم لم تسمع إلى القرآن تشعر بعدم الأرتياح وأنك تفتقر إليه وتشتاق لسماعه؟
إذا كانت الإجابة على هذه الأسئلة لا، فأنت غالباً ممن أبتلوا بالاستماع إلى الأغانى والموسيقى.
ولعلك تتسائل ما العلاقة بين تدبر القرآن و الاستماع إلى الأغانى؟
إن الأغانى والموسيقى من أكبر العقبات التى تمنع القلب من التأثر بكلام الله وتدبره؛ لأن الغناء هو قرآن الشيطان، وقلب الإنسان لا يجتمع فيه قرآن الرحمان مع قرآن الشيطان.
قال الإمام ابـن القيم:"ومن مكايد عدو الله- الشيطان- ومصايده التي كاد بها من قَلَّ نصيبه من العلم والعقل والدين، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين: سماع المكاء والتصدية- أى التصفير والتصفيق- والغناء بالآلات المحرمة التي يصدّ بها القلوب عن القرآن؛ ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان فهو قرآن الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن" [إغاثة اللهفان (1/224)].
ولعلك تتساءل مرة أخرى فتقول: وما الدليل على أن الغناء هو قرآن الشيطان؟ وما الدليل على أن الاستماع إلى الأغاني والموسيقى حرام شرعاَ؟
إن الأدلة على ذلك كثيرة جداً، ومنها:
1- قول الله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَديثِ لِيُضِلْ عَنْ سَبِيلِ الله بِغَيْرعِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) " لقمن:6"
سُئل ابن مسعود رضي الله عنه عن معنى " لهو الحديث " فقال: والله الذي لا إله إلا هو إنه :الغناء.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الغناء وأشباهه.
وقال مجاهد: لهو الحديث هو الاستماع إلى الغناء وإلى مثله من الباطل.
وهذا هو قول أئمة المفسرين مثل: عكرمة والحسن سعيد بن جبير وقتادة وإبراهيم النخعي وغيرهم.
2- قول الله تعالى ( قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِك) "الإسراء 64,63"
فما المقصود بصوت الشيطان في الآية؟
قال ابن عباس رضي الله عنهما و مجاهد: صوت الشيطان هو الغناء والمزامير واللهو.
وقال الضاحك والحسن البصري: هو المزمار والدف.
وقال القرطبي وابن كثير: هو الغناء.
3- قول الله تعالى ؛
( أفَمِنْ هَذَا الْحَديثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأنْتُمْ سَاِمدُونَ) "النجم:59-61"
فما معنى "سامدون"؟
قال ابن عباس رضي الله عنهما وأبو عبيدة والطبري والقرطبي وابن كثير واللألوسي: سامدون أي مغنون؛ لأن معنى السمود هو الغناء بلغة حِمـيَر وهي إحدى القبائل العربية.
4- قول الله تعالى ( وَالَّذينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) "الفرقان:72"
فما معنى "اللغو" فى هذه الآية؟
قال العلماء والمفسرون كمجاهد ومحمد بن الحنيفة وابن رجب: اللغو هو الغناء.
و قال القرطبي: " اللغو هو كل سقط من قول أو فعل فيدخل فيه الغناء واللهو وغير ذلك".
5- قول الله تعالى ( ومَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) "الأنفال:35"
فما معنى "المكاء والتصدية "؟
قال ابن عمرو وابن عباس ومجاهد وعطية والضحك والحسن وقتادة: المكاء: هو الصفير, والتصدية: التصفيق.
قال القرطبي: " وذلك كله منكر يتنزه عن مثله العقلاء، و يتشّبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت".
[راجع تفسير الآيت السابقه]
6- ما روي عن أبى مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والمعازف" (حديث صحيح رواه البخاري)
فما معنى "المعلزف "؟
قال الجوهري-وهو من أ~مة اللغة-:"المعازف هي الغناء وآلات اللهو، ويطلق على الغناء عزف، وعلى كل لعب عزف".
ومعنى يستحلون: أى يفعلون ذلك وكأنه حلال رغم أنه حرام، فهم يستحلون العزف والاستماع إلى الغناء والموسيقى رغم أنه محرم.
7- ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن في هذه الأمة خسف ومسخ و ذلك إذا شربوا الخمور و اتخذوا القينات و ضربوا بالمعازف" (حديث صحيح أخرجه الترميذي وصححه الألباني)
-والقينات:جمع القينة وهي المغنية.
قال الإمام ابن القيم: "هذا وعيد من الله بأن يحسف بمستحلي المعازف الأرض، ويمسخهم قردة وخنازير".
8- ما روي عن أبى مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها, ويضرب على رؤوسهم بالمعازف و القينات, يخسف الله بهم الأرض و يجعل منهم قردة و خنازير" (حديث صحيح أخرجه ابن ماجه و الطبراني وصححه الألباني)
قال الإمام ابن القيم: "الحديث فيه تحريم آلة اللهو-أي العزف- فإنه صلى الله عليه وسلم قد توعّد مستحلي المعازف فيه بأن يخسف بهم الأرض، يمسخهم قردة وخنازير، وإن كان الوعيد على جميع الأفعال فلكل واحد قسط من الذم والوعيد. [إغاثة اللهفان (1/261)].
9- ما روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله حرّم على أمتي الخمور والميسر والكوبة والغبيراء" (حديث صحيح أخرجه الطبراني و البيهقي وصححه الألباني)
معنى "الكوبة: الطبل، وقيل العود، وهما من الآلات الموسيقة.
ولقد أجمع العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم على أن الغناء والموسيقى حرام شرعاً، ومن أقوالهم في ذلك:
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: الغناء والعزف مزمار الشيطان.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق في القلب.
وقال القاسم بن محمد: الغناء باطل، والباطل في النار.
وقال عمر بن عبد العزيز: الغناء بدايته من الشيطان ونهايته غضب الرحمن.
وقال الأمام أبو حنيفة: الغناء من الذنوب التي يجب تركها فوراً.
وقال الإمام مالك: الغناء إنما يفعله عندنا الفساق، وهل من عاقل يقول إن الغناء حق؟
وقال الإمام الشافعي: الغناء لهو مكروه باطل، ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته.
وقال الإمام أحمد بن حنبل: الغناء ينبت النفاق في القلب.
وقد نقل الإمام أبو عمرو بن الصالح إجماع العلماء على تحريم الغناء والموسيقى فقال: الغناء مع آلة- موسيقية- الإجماع على تحريمه.
ومما سبق يظهر بوضوح لا يقبل الك أن الغناء والاستماع إليه حرام رعاً بالقرآن والسنة والإجماع.
فالاستماع إلى الموسيقى حرام سواء كانت موسيقى ساخبة أو هادئة؛ وسواء صاحَبَ هذه الموسيقى غناء أو لم يصاحبها.
أما الجائز فهو الأنشاد بدون موسيقى، ويترط في ذلك أن تكون كلمات النيد عفيفة طيبة تدعو إلى المعاني الصحيحة المقبولة شرعاً، ويشترطكذلك ألا يصاحب هذا الأنشاد أي نوع من أنواع الموسيقى، ويدخل في هذا التحريم الضرب بالطبل أو الدف. والتصفيق والتصفير.. فكل ذلك لا يجوز.
وإنما يجوز أستخدام الدف فقط للنساء في الأعياد والأفراح؛ لما ثبت في الصحيحين أن أبا بكر رضي الله عنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها، فوجد جاريتين- أى بنتين صغيرتين- تضربان الدف لعائة رضي الله عنها، فانتهرهما أبو بكر وقال: مزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد" [حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم].
والعجيب أن يستدلون بهذا الحديث على إباحة الموسيقى، رغم أن أبو بكر سمى الضرب بالدف: مزمار الشيطان، وأقرّه الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأوضح له سبب تركهما هو أن ذلك اليوم كان في يوم عيد الذي يشرع فيه إظهار الفرحة.
قال الإمام ابن القيم: " إن الصديق الأكبر سمى ذلك: مزموراً من مزامير الشياطين، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية، ورخّص فيه لجاريتين صغيرتين غير مكلفتين، ولا مفسدة في أنسشادهما ولا استماعهما، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه تعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى؟! فيا سبحان الله، كيف ضَلَّت العقول والأفهام؟!" [مدارج السالكين(1/493)].
ولذلك قال العلماء: إن الضرب بالدف فقط جائز للنساء دون الرجال، على أن يكون ذلك في أيام الأعياد والأفراح.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "الاستماع إلى الأغاني حرام ومنكر، ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها وصدّها عن ذكر الله.. أما الزواج فيشرع فيه ضرب الدف مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوة إلي محرَّم للنساء خاصة.. وأما الطبل فلا يجوز ضربه في العٌرس ولا في غيره، بل يكتفى بالدف خاصة في العرس فقط، وللنساء دون الرجال".
وأخيراً يا مؤمن ويا مؤمنة..
إياك أن تكون من الذين خدعهم الشيطان فزين له الغناء والموسيقى فاتخذوا لأجل ذلك القرآن مهجوراً، الذين إذا أبصرتهم عند سماعهم للغناء لرأيتهم وقد خشعت منهم الأصوات، وهدأت منهم الحركات، وعكفت قلوبهم عليه فتمايلوا كتمايل السكران، وتراقصوا كالمخنثين وأرذل النسوان.
فيا حسرتاه على شباب قضوا حـياتهم لذة وطرباً، واتخذوا دينهم لهواً ولعباً، وغرهم بالله الغرور، فمزامير الشيطان أحب إليهم من استماع سور القرآن، حتى إن أحدهم لو سمع القرآن من أوله إلا آخره ما حرّك له ساكنًا ولا أثار فيه وجداً، وإذا سمع قرآن الشيطان تفجرت ينابيع الوجد من قلبه فرقصت أقدامه، وصفقت يداه، واهتزت أعضاؤه، وردّد لسانه، وتحركت أحاسيسه وماعره، فيا الله أيهما أحب إلى قلبه؟
ويا حسرتاه على أوقات تضيع في غير ذكر الله، وأموال تنفق في غير طاعة الله، وقلوب تسكنها الشياطين، وشباب قد أضاعوا الدين..
وماتة أعداء الإسلام ويا فرحتهم بشباب قد سلب الغناء رجولته، وأذهبت الموسيقى حميته، وقتلت أشعار العشق غيرته، وأضاع الرقص بقيَّتَه، وإخوانهم في كل وادٍ يقتلون وبسكين منثلم يذبحون ويمثل بالرجال والنساء على أيدى شواذ أخوان القردة والخنازير.. فبالله متى يفيقون؟!!
إن لله وإن إليه راجعون في أمة باعت شرفها و تمست هويتها ودنست مقدساتها وأنتهكت حرماتها على أيدى يهود ملاعين شواذ وبمعاونت مجرمين محترفين منافقين يدعوا مسلمين..
فيا الله.. متى تفيقي يا أمتي يا أمت محمد يا أمة الإسلام..!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
-قال الله تعالى
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَري لَهْوَ الْحَدِيثِ ليُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله بِغَيْرِعِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهينٌ* وَإذَا تُتلَى عَليْهِِ آيَاتُنَا ولَّى مُسْتَكْبِراً كأنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِِِعَذَابٍ ألِيمٍ) " لقمن:6،7"
منقول مع التعديل: سلسلة عوائق تدبر القرآن- 1-الغناء قرآن الشيطان- الأندلس للبحوث الأسلامية
14-06-04, 12:40 AM
العرض العادي
