[ALIGN=CENTER][الكاتب: ابن أبي عاصم]
قال الإمام أبو بكر عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني رحمه الله في كتاب " السنة " :
سألت عن السنة ، ما هي ؟
والسنة ؛ اسم جامع لمعان كثيرة في الأحكام وغير ذلك .
ومما اتفق أهل العلم على أن نسبوه إلى السنة :
القول بإثبات القدر ؛ وإن الاستطاعة مع الفعل للفعل ، والايمان بالقدر خيره وشره وحلوه ومره ، وكل طاعة مع مطيع فبتوفيق الله له ، وكل معصية من عاص فبخذلان الله السابق منه وله ، والسعيد من سبقت له السعادة ، والشقي من سبقت له الشقاوة ، والأشياء غير خارجة من مشيئة الله وإرادته ، وأفعال العباد من الخير والشر فعل لهم ، خلق لخالقهم .
والقرآن ؛ كلام الله تبارك وتعالى ، تكلم الله به ، ليس بمخلوق ، ومن قال مخلوق ممن قامت عليه الحجة فكافر بالله العظيم ، ومن قال من قبل أن تقوم عليه الحجة فلا شيء عليه .
والايمان ؛ قول وعمل ، يزيد وينقص .
وإثبات رؤية الله عز وجل ؛ يراه أولياؤه في الآخرة نظر عيان ، كما جاءت الأخبار .
وأبو بكر الصديق ؛ أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده ، وهو الخليفة خلافة النبوة ، بويع - يوم بويع - وهو أفضلهم ، وهو أحقهم بها .
ثم عمر بن الخطاب بعده على مثل ذلك ، ثم عثمان بن عفان بعده على مثل ذلك ، ثم علي بعده على مثل ذلك ، رحمه الله عليهم جميعا.
وأبو بكر الصديق ؛ أعلمهم عندي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأفضلهم ، وأزهدهم ، وأشجعهم ، وأسخاهم .
ومن الدليل على ذلك قوله في أهل الردة ، وقد نازله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أن يقبل منهم بعضا ، فأبى إلا كل ما أوجب الله عليهم ، أو يقاتلهم ، ورأى أن الكفر ببعض التنزيل يحل دماءهم ، فعزم على قتالهم ، فعلم أن الحق .
ومن شجاعته كونه مع النبي عليه السلام في الغار ، وهجرته معه معرضا نفسه لقريش وسائر العرب مع قصد المشركين وطلبهم به وما بذلوا فيه من الرغائب .
ثم ما ظهر في رأيه ونبله وسخائه أن كان ماله في الجاهلية اربعين ألف أوقية ففرق كله في الإسلام .
ومن زهده أن النبي صلى الله عليه وسلم ندب إلى الصدقة فجاء أبو بكر بجميع ماله الى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله وسلم : (( ما أبقيت لأهلك ؟ ))قال : الله ورسوله ، ولم يفعل هذا أحد منهم .
وقال في قصة الكتاب الذي أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب لهم بأبي الله ويدفع بالمؤمنين ، وسماه الله من السماء الصديق ، وبويع واتفق المسلمون على بيعته ، وعلموا أن الصلاح فيها ، فسموه خليفة رسول الله وخاطبوه بها .
ثم عمر بن الخطاب رحمه الله عليه ، مثل سبيل أبي بكر ، وما وصفنا به ، مع شدته واستقامته وسياسته ، ومن ذلك قوله لعيينة والأقرع : " إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألفكما والاسلام قليل وقد أغنى الله عنكما " ، وذكر سير عمر وسياسته كثر .
ثم عثمان بن عفان من أعلمهم وأشجعهم وأسخاهم وأججودهم جودا ، ومن علمه أن عليا وعبد الرحمن رحمه الله عليهما أشارا في إقامة الحد على أمة حاطب ، فرأى عمر ذلك معهم قال : " يا أبا عمرو ما تقول ؟ " قال : " لا أرى عليها حدا لأنها تستهل تستحل نسخة به وإنما الحد على من عمله " ، فقال عمر - بعد أن فهم ذلك عنه - : " صدقت والله إنما الحد على من عمله " ، وتزوج ابنتي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجتمع ذلك لأحد قط ، ثم أذهنهم ذهنا وأظهرهم عبادة ، حفظ القرآن على كبر سنه في قلة مدة ، فكان يقوم به في ليلة واحدة ، ومن سخائه أن النبي صلى الله عليه وسلم ندب إلى جيش العسرة فجاء بألف دينار ثم ألف ثم ألف ثم جهز جيش العسرة بأجمع جهازهم.
ثم على رحمه الله عليه مثل ذلك في كماله وزهده وعلمه وسخائه ، ومن زهده أنه اشتغل في سنة أربيعن ألف دينار ففرقها وقميص كرابيس سنبلاني ، قال محمد بن كعب القرظي سمعت عليا يقول : " بلغت صدقة مالي أربعين ألف دينار " ، ومن فضائله التي أبانه الله بها تزويجه بفاطمة ، وولده الحسن والحسين رحمه الله عليهما ، وحمله باب خيبر ، وقتله مرحبا ، وأشياء يكثر ذكرها .
ثم لكل واحد من أهل الشورى فضائل يكثر ذكرها.
ومما قد ينسب الى السنة ، وذلك عندي إيمان ؛
نحو عذاب القبر .
ومنكر ونكير .
والشفاعة .
والحوض .
والميزان .
وحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة فضائلهم ، وترك سبهم ، والطعن عليهم ، وولايتهم .
والصلاة على من مات من أهل التوحيد ، والترحم على من أصاب ذنبا ، والرجاء للمذنبين ، وترك الوعيد ، ورد العباد إلى مشيئة الله .
والخروج من النار ، يخرج الله من يشاء منها برحمته .
والصلاة خلف كل أمير جائر ، والصلاة في جماعة ، والغزو مع كل أمير .
والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والتعاون.[/ALIGN]