حكم
تخصيص علي رضي الله عنه بقول
"كرم الله وجهه"
فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان . أشهد الله على حبكم ، وعندي سؤال مشكل أكتب به إليكم :
قرأت في كثير من الكتب النهي عن تخصيص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمثل كرم الله وجهه ، فلم أفهم وجه المنع ولا دليله ؟ وأنتم أهل علم ونطمئن إلى جوابكم فنريد توضيح ذلك ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
أحبكم الله الذي أحببتموني فيه .
وقولي في سؤالكم - أدام الله فضلكم - :
أن تخصيص أمـير المؤمنين عـلي بن أبي طالب رضي الله عنـه بـوصف " كرم الله وجهه " ليس لـه مسَوَّغ شرعي ، ولا جرى به عمل أئمة الهدى ، وأهل العلم المعنيين بالسنة وحراستها .
وقد شاع هذا اللفظ في المتأخرين ، وغلب في عبارات الرافضة والجهّال .
ومعنى ذلك : أنه ما سجد لصنم قط ، وهذا لا يختص به علي رضي الله عنه دون غيره ، فزيد بن عمرو بن نفيل ، حنيفي موحد ، لم يثبت عنه أنه سجد لوثن قط ، وقد مات قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقصته مشهورة في البخاري (3826) وغيره ، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : (( يأتي يوم القيامة أمة وحده )) [رواه أبو يعلى 2 / 260] من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد وإسناده جيّد .
وجماعة ممن أسلم من الصحابة ، لم يثبت عنهم أنهم سجدوا للأصنام ، والصحابة الذين ولدوا في الإسلام ، كابن الزبير ، والنعمان بن بشير ، وجماعة ، لم يسجدوا إلى صنم قط .
فتخصيص علي رضي الله عنه بذلك دون غيره من الصحابة ، لغو من القول وابتداع في الدين .
وأعتقد أن هذا التخصيص من همزات الرافضة ، كيداً للخلفاء الراشدين الثلاثة ، فهم في نظرهم ، عبدة أوثان وأصنام ، لا يُعَدّون في عداد المسلمين !! .
قال الرضوي الرافضي : ( إنّ مما لا يختلف فيه اثنان ممن على وجه الأرض ، أن الثلاثة الذين هم في طليعة الصحابة - يعني أبا بكر وعمر وعثمان - كانوا عبدة أوثان ، حتى لفظوا آخر أنفاسهم في الحياة ) [كتاب كذبوا على الشيعة ص 223]
وقالوا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه : ( كان يصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والصنم معلق في عنقه يسجد له ) .
وقالوا عن الفاروق عمر رضي الله عنه: ( إنّ كفره مساو لكفر إبليس إن لم يكن أشد ) .
وقالوا عن عثمان رضي الله عنه : ( كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ممن أظهر الإسلام ، وأبطن النفاق ).
وهذا شيء يسير من اعتقاد الرافضة في أئمة الصحابة ، وطليعة الأكابر ، وحينها تدرك السر في تخصيصهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بـ " كرم الله وجهه " .
وتعلم دأب أهـل الأهواء والضلال ، على ترويج بدعهم ، وضلالاتهم ، وبث الشبه والبليات بين أهل السنة ، فقد جعلت الرافضة مِنْ مدح أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، سُلَّماً لنبز الخلفاء الراشدين ، والأئمة المهديين .
وقد تضخّمت هذه البدعة فيما بعد ، وسرت في كثير من التآليف . والأصل : تسوية الصحابة في ذلك ، وعدم تخصيص بعضهم دون بعض . وكلُ وصفٍ يُشعر بتعظيم على رضي الله عنه ، فأبو بكر وعمر وعثمان أولى بذلك منه ، فهم أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا أجمع أهل السنة .
وقد روى البخاري في صحيحه (3655) من طريق يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كنا نُخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، نخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم ) .
ورواه (3697) بلفظ آخر من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم ) .
وقد تواتر النقل عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، بأن أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر [انظر صحيح البخاري -3671- وفضائل الصحابة للإمام أحمد ص 300 إلى ص 313] .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في كتابه فتح الباري [7 / 34] : ( قد سبق بيان الاختلاف في أيّ الرجلين أفضل بعد أبي بكر وعمر : عثمان أو علي ، وأن الإجماع انعقد بآخره بين أهل السنة ، أنّ ترتيبهم في الفضل ، كترتيبهم في الخلافة رضي الله عنهم أجمعين ) .
والله سبحانه وتعالى أعلم ،،،
كتبه/ سليمان بن ناصر العلوان
25/3/1421هـ